اِبْنُ رُشد، أبو الولید محمد بن أحمد القرطبي (450-11 ذو القعدة 520هـ/1058-28 تشرین الثاني 1126م)، قاض وفقیه مالكي، عرف بابن رشد الجد وابن رشد الأكبر لتمییزه عن حفیده النابه الذكر. ولد بقرطبة ونشأ فیها وأخذ العلم عن علمائها. من أبرز أساتذته: أبو جعفر أحمد بن رزق فقیه قرطبة وكان له دور كبیر في تكوین شخصیته الفقهیة وطریقته العلمیة، وأبو مروان عبد الملك بن سراج وأبو عبد الله محمد بن فرج، المعروف بابن الطلاع وأبو عبد الله محمد بن خیرة، المعروف بابن أبي العافیة الجوهري وأبو علي الحسین بن محمد الغساني، المعروف بالجیّاني وأبو العباس أحمد بن عمر العذري، المعروف بالدلائي الذي أجازه أیضاً وروی ابن رشد تصانیفه (ابن رشد، البیان، 1/31؛ القاضي عیاض، الغنیة، 55، 228). وأهم تلامذته: أبو الحسن محمد بن عبد الرحمن، المعروف بابن الوزّان والقاضي عیاض وابن بشكوال وأبو مروان عبد الملك بن مسرة الیحصبي ومحمد بن یوسف، المعروف بابن سعادة وأبو الحسن علي بن عبد الله الأنصاري، المعروف بابن النعمة وأبو الولید ابن الدباغ (ابن رشد، فتاوی، 3/1521؛ القاضي عیاض، ن.م، 55؛ ابن بشكوال، 2/576؛ ابن الأبار، المعجم، 155، التكملة، 2/506؛ ابن الزبیر، 207). ولمزید الاطلاع علی أسماء تلامذته ورواته (ظ: ابن رشد، ن.م، 3/1525؛ ابن خیر، 200؛ ابن الأبار، التكملة، مخـ؛ الضبي، 51؛ ابن عبد الملك، 6/231؛ ابن الزبیر، 8، 13؛ ابن الخطیب، 1/364-365؛ مخلوف، 129).

عین الأمیر المرابطي أبو الحسن علي بن یوسف بن تاشفین، ابن رشد قاضیاً في جمادی الأولی 511/ أیلول 1117، ولكنه استقال بعد أن عمل في هذا المنصب أربع سنوات خشیة عدم تمكنه من إكمال كتابه البیان والتحصیل كما یقول. وذكر القاضي عیاض (الغنیة، 54) سبباً آخر لاستقالته وهو اضطراب الأوضاع آنذاك. واعتبر عنان في عصر المرابطین (ص 82) هذا الاضطراب ثورة ضد المرابطین كما ذكر أن لابن رشد یداً في هذا التوتر نقلاً عن إحدی مخطوطات البیان المغرب لابن عذاري. ذكر ابن سعید (1/105) أن ابن رشد كان قاضي القضاة أیضاً كما أن هناك شعراً یؤید ذلك لأبي محمد الكلاعي الجیاني نقله المقري في نفح الطیب (6/88) وإضافة إلی ذلك عده الذهبي (العبر، 2/414) مفتي قرطبة ویذكر ابن القاضي المكناسي (جذوة الاقتباس، 1/255) خبر ذهاب ابن رشد إلی فاس وتدریسه في تلك المدینة.

وإثر حملة ألفونسو في 519هـ/1125م والتي تمت بتشجیع وتعاون من المسیحیین الساكنین في الأندلس، تكاسل تمیم شقیق ابن تاشفین في مواجهته، فعزم ابن رشد في 3 ربیع الأول 520 علی الذهاب إلی المغرب (ابن رشد، فتاوی، 3/1521) لمقابلة الأمیر واطلاعه علی الأوضاع (ظ: ابن عذاري، 4/72؛ عنان، نهایة الأندلس، 68) وطلب من الأمیر خلال لقائه معاقبة المسیحیین من أهل الذمة وإبعادهم وعزل تمیم. وعمل الأمیر برأي ابن رشد فأبعد المسیحیین وعزل تیمم، أو أن تمیماً كان قد توفي آنذاك ولم ینته الأمر إلی عزله. واقترح ابن رشد في هذه السفرة تسویر مراكش للحفاظ علی أمنها إزاء هجمات الأعداء ومنهم ابن تومرت، ووافق الأمیر علی ذلك (ابن عذاري، 4/72-73؛ ابن الخطیب، 1/113-114؛ الحلل الموشیة، 90، 97-98). وعاد ابن رشد إلی قرطبة بعد أن حقق قصده من هذه السفرة، ولكنه رقد في فراش المرض بعد وصوله إلی قرطبة مباشرة وتوفي بعد 4 أشهر و19 یوماً، فصلّی علیه ابنه أبو القاسم أحمد ودفن في مقبرة عباس بشرقي قرطبة إلی جانب أسلافه (ابن الوزن، 3/1524-1525). ومن دراسة آثار ابن رشد المطبوعة وما قیل في وصفه یتضح لنا جلیاً أهمیته في الفقه المالكي. فقد ذكر المراكشي (2/357) أنه لم یؤلف كتاب في المذهب المالكي ككتابي البیان والتحصیل والمقدمات لابن رشد. ویضیف أن ابن الأثیر عدّ ابن رشد في جامع الأصول من المجددین في مطلع القرن الخامس بمراكش (قا: ابن الأثیر، 12/222-223، وهناك سقطات في النسخة). ویحظی كتاب فتاوی لابن رشد بأهمیة، خاصة وأنه یصور الأوضاع الاجتماعیة والاقتصادیة في المغرب الإسلامي (الأندلس والمغرب اللتان كانتا تحت نفوذ المرابطین). كما أن نظرته إلی الجهاد وفتواه بتفضیله علی الحج، واعتباره حكم الهجرة مستمراً ودائماً یوضحان مشاركته الجدیة والمباشرة في حوادث وأوضاع تلك الأیام الملیئة بالصراعات (ظ: ابن رشد، المقدمات، مخـ؛ السلاوي، 7/8).

آثاره

ألف- المطبوعة

1. البیان والتحصیل، واسمه الكامل كما ذكره حجي بعد تحقیقه (1/5-7) البیان والتحصیل والشرح والتوجیه والتعلیل في مسائل المستخرجة، وهو شرح مفصل لـ المستخرجة من الأسمعة، المعروف بـ العُتبیة لمحمد بن أحمد العُتبي القرطبي (تـ 255-هـ/869م). واستغرقت كتابة هذا الشرح 12 عاماً وتم في ربیع الثاني 517/ حزیران 1122. طبع البیان والتحصیل ببیروت في 20 مجلداً خلال السنوات 1404-1407هـ/1984-1987م، ویشتمل الجزءان الأخیران منه علی فهارس الكتاب. وأخبر القاضي المكناسي (درة الحجال، 3/208) عن تألیف برنامج لهذا الكتاب من قبل أبي عمرو عثمان بن علي ابن دعمون الغرناطي. كما لخص محمد بن أبي القاسم المشذالي مفتي بجایة وخطیبها هذا الكتاب (بابا التنبكتي، 314)؛ 2. المقدمات، واسمه الكامل كما ذكره ابن رشد (المقدمات، 1/10): كتاب المقدمات الممهدات لبناء ما اقتضته رسوم المدونة من الأحكام الشرعیات والتحصیلات المحكمات لأمهات مسائلها المشكلات، وقد تهیأت محتویات الكتاب من شرح المدونة في البدایة ومن المذاكرة والمناظرة التي قام بها ابن رشد مع المالكیین الآخرین (ن.م، 1/9)، ثم صار مقدمة للبیان بعد أن طلب منه أصحابه كتابة مقدمة في بدایة كل قسم من أقسام الكتاب الأخیر. وكما یقول ابن رشد فإنه اتبع في أسلوب الكتابین نهج أستاذه ابن رزق (البیان، 1/31-32). واختصر محمد بن سعید الرعیني هذا الكتاب (بابا التنبكتي، 272). وألف أبو عبد الله محمد بن خلف الأنصاري، المعروف بابن الإلبیري كتاباً اسمه الرد علی أبي الولید بن رشد في مسألة الاستواء الواقعة له في الجزء الأول من مقدماته (ابن عبد الملك، 6/194؛ قا: ابن رشد، المقدمات، 1/21). طبع كتاب المقدمات مرة في القاهرة سنة 1325هـ من دون كتاب الجامع. أما كتاب الجامع من المقدمات، فقد طبع مستقلاً بعمان في 1985م. ثم طبع هذا الكتاب كاملاً ببیروت في 1408هـ/1988م؛ 3. فتاوی، ویسمی أحیاناً المسائل أو النوازل (ظ: ابن بشكوال، 2/577؛ بابا التنبكتي، 165) وهو مجموعة فتاوی ابن رشد التي جمعها تلمیذه ابن الوزان. طبع هذا الكتاب ببیروت في 1407هـ/1987م.

ب- المخطوطة

1. شرح المدونة، أو مناهج التحصیل ونتائج لطائف التأویل علی كشف أسرار المدونة. توجد نسخة منه في مكتبة القرویین بفاس (GAL, S, I/300). ویجدر دراسة علاقة هذا الأثر بـ المقدمات؛ 2. مختصر شرح معاني الآثار للطحاوي (الخدیویة، 1/414؛ ظ: GAL, I/480). وقد نظم عبد الرحمن الرقعي هذا الأثر (GAL, S, I/662؛ وحول بقیة آثاره المخطوطة والمفقودة، ظ: ابن رشد، فتاوی، 1/461، 462؛ القاضي عیاض، ترتیب المدارك، 4/557؛ ابن خیر، 266؛ الونشریسي، 8/290، 10/316؛ الذهبي، سیر، 19/502؛ حاجي خلیفة، 2/1412؛ مخلوف، 129؛ GAL, S; GAL, I/479-480، ن.ص).

المصادر

ابن الأبار، محمد، التكملة، تقـ: عزت العطار الحسیني، القاهرة، 1375هـ/ 1956م؛ م.ن، المعجم في أصحاب القاضي أبي علي الصدفي، مدرید، 1885م؛ ابن الأثیر، مجد الدین، جامع الأصول، تقـ: محمد حامد الفقي، القاهرة، 1370هـ/ 1950م؛ ابن بشكوال، خلف، الصلة، القاهرة، 1966م؛ ابن الخطیب، محمد، الإحاطة، تقـ: محمد عبد الله عنان، القاهرة، مكتبة الخانجي؛ ابن خیر، محمد، الفهرسة، تقـ: فرانسشكه قداره، بغداد، 1963م؛ ابن رشد، محمد، البیان والتحصیل، تقـ: محمد حجي وآخرون، بیروت، 1407هـ/1987م؛ م.ن، فتاوی، تقـ: المختار بن الطاهر التلیلیي، بیروت، 1987م؛ م.ن، المقدمات الممهدات، تقـ: محمد حجي وسعید أحمد أعراب، بیروت، 1408هـ/1988م؛ ابن الزبیر، أحمد، صلة الصلة، القسم الأخیر، تقـ: لیفي بروفنسال، باریس، 1937م؛ ابن سعید الأندلسي، علي، المغرب، تقـ: شوقي ضیف، القاهرة، 1953م؛ ابن عبد الملك، محمد، الذیل والتكملة، تقـ: إحسان عباس، بیروت، 1972م؛ ابن عذاري المراكشي، أحمد، البیان المغرب، تقـ: إحسان عباس، بیروت، 1967م؛ ابن القاضي المكناسي، أحمد، جذوة الاقتباس، الرباط، 1972م؛ م.ن، درة الحجال، تقـ: محمد الأحمدي أبو النور، تونس/ القاهرة، 1391هـ/1971م؛ ابن الوزان، محمد، توضیحات علی فتاوی (ظ: همـ، ابن رشد)؛ بابا التنبكتي، أحمد، «نیل الابتهاج» في حاشیة الدیباج المذهب، القاهرة، 1351هـ؛ حاجي خلیفة، كشف؛ حجي، محمد، مقدمة البیان والتحصیل (ظ: همـ، ابن رشد)؛ الحلل الموشیة، تقـ: سهیل زكار وعبد القادر زمامة، الدار البیضاء 1979م؛ الخدیویة، الفهرست؛ الذهبي، محمد، سیر أعلام النبلاء، تقـ: شعیب الأرنؤوط، بیروت، 1405هـ/1985م؛ م.ن، العبر، تقـ: محمد السعید بن بسیوني زغلول، بیروت، 1405هـ/1985م؛ السلاوي، أحمد، الاستقصاء، تقـ: جعفر ومحمد الناصري، الدار البیضاء، 1956م؛ الضبي، أحمد، بغیة الملتمس، القاهرة، 1967م؛ عنان، محمد عبد الله، عصر المرابطين والموحدین، القاهرة، 1964م؛ م.ن، نهایة الأندلس، القاهرة، 1966م؛ القاضي عیاض، ترتیب المدارك، تقـ: أحمد بكیر محمود، بیروت/ طرابلس، 1387هـ/1967م؛ م.ن، الغُنیة، تقـ: ماهر زهیر جرار، بیروت، 1402هـ/1982م؛ مخلوف، محمد، شجرة النور الزكیة. بیروت، 1350هـ؛ المراكشي، عباس، الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام، فاس. 1355هـ/1936م؛ المقري، أحمد، نفح الطیب، تقـ: یوسف البقاعي، بیروت، 1406هـ/1986م؛ الونشریسي، أحمد، المعیار المعرب، تقـ: محمد حجي وآخرون، بیروت، 1401هـ/1981م؛ وأیضاً:

GAL; GAL, S.

محمد هادي مؤذن جامي/ص.