ابن ذکوان
cgietitle
1442/11/9 ۲۲:۱۹:۳۴
https://cgie.org.ir/ar/article/233368
1446/10/20 ۰۲:۰۵:۴۹
نشرت
3
اِبْنُ ذَكوان، لقب عدد من أفراد أسرة بربریة تُعرف ببني ذكوان وتنسب إلی بني سلیم من موالي بني أمیة (ابن سعید، 1/210؛ قا: بلّا، 64). أصلهم من برابرة فحص البلوط (قرب قرطبة) (القاضي عیاض، 4/662)، وعشوا في قرطبة، وتولوا القضاء والوزارة والدیوان لبعض الوقت، علی أبواب انهیار الخلافة الأمویة في إسبانیا وأشهرهم:
فقیه وأدیب مالكي المذهب. سمع الحدیث من الحسن بن سعد وقاسم بن أصبغ وأحمد بن عبادة وغیرهم (ابن الفرضي، 1/275-276). أصبح صاحب الرد (وهو قاض یحكم فیما استرابه الحكام وردّوه عن أنفسهم، ظ: النباهي، 5) بقرطبة في 368هـ بعد عبد الملك بن المنذر (لیفي بروفنسال، III/145)، إلی أن توفي خلال غزاة الصائفة مع المسیحیین الإسبان ودفن بقرطبة (ابن الفرضي، ن.ص). وكانت له فیها مكانة لدی المنصور محمد بن أبي عامر حاجب هشام الثاني المشهور (القاضي عیاض، ن.ص). وأشاد ابن الفرضي بعلمه ومروءنه الوافرة (1/276).
تعلم علی أبیه وقاسم بن أصبغ ابن لبابة وآخرین (مخلوف، 99، 102). وكان من جلّة أصحاب ابن زرب فقیه الأندلس وقاضیها الشهیر، وهو الذي قدم ابن ذكوان للشوری (شوری القضاة؟) بعد أن أقام الأخیر الصلاة علی جنازة الحكم الأموي الثاني (تـ 366هـ/976م) (القاضي عیاض، ن.ص). وهذا یدل علی أن ابن ذكوان كان مشهوراً منذ شبابه بالعلم والفقه. ویبدو أن أول عمل رسمي زاوله هو القضاء بفحص البلوط (ابن بشكوال، 1/37). وبعد وفاة والده، ولاه المنصور خطة الرد (القاضي عیاض، ن.ص)، وشغل سنین هذا المنصب، حتی عُزل محمد بن یحیی بن زكریا، المعروف بابن برطال في منتصف محرم 392 عن القضاء، فولاه المنصور منصب قاضي قضاة قرطبة (ابن بشكوال، القاضي عیاض، ن.ص؛ لیفي بروفنسال، III/120). وعنوان «قاضي الجماعة» الذي أطلقه علیه البعض، یعني «قاضي القضاة». وهو أول من حمل هذا العنوان في الأندلس (القاضي عیاض، 4/663-664؛ النباهي، 5، 21). وقرّبه المنصور إلیه خلال هذه الفترة، حتی قیل إن محله من حاجب قرطبة المستبد (المنصور) كان فوق محل الوزراء، وكان له بداخل القصر بیت خاص به یأتیه آخر النهار فیجلس فیه إلی أن یخرج إلیه المنصور فيفاوضه في جمیع مایحتاج إلیه (القاضي عیاض، 4/663؛ النباهي، 85). ولم یتخلف ابن ذكوان عنه في غزوة من غزواته (القاضي عیاض، ن.ص). وكذلك كان حاله مع ولده وخلیفته المظفر عبد الملك بن محمد، ففضلاً عن إبقائه في منصب القضاء، قلده أیضاً خطة الصلاة (إمامة الصلاة) في جمادی الأولی 394 مكان إبراهیم بن الشرقي الذي ألم به المرض (ن.ص؛ قا: ابن بشكوال، 1/38). وبعد فترة فسد ما بین القاضي وبین وزیر المظفر، عیسی بن سعید، بسبب فسخ ابن ذكوان شراء ضیعة اشتراها الوزیر عیسی من سفیه. وأدت سعایة الوزیر واتهامه ابن ذكوان بالخیانة إلی صرفه عن القضاء، وعزل أخیه أبي حاتم عن دیوان المظالم في 3 ذي الحجة 394هـ/21 أیلول 1004م (القاضي عیاض، 4/663، 664؛ ابن بكشوال، ن.ص). ولم یستمر هذا العزل طویلاً فأعید بعد 9 أشهر إلی منصبه، ولم یجر المظفر شیئاً من أمور المملكة إلا عن مشورة ابن ذكوان (القاضي عیاض، 4/664). وأبقی عبد الرحمن الناصر المعروف بسانتشوئلو (سانتشوالصغیر) –شقیق وخلیفة المظفر– ابن ذكوان علی منصب القضاء وولاه الوزارة أیضاً، ولم یجتمعا قبل لأحد بالأندلس. وحظي عبد الرحمن أیضاً بدعم تام من ابن ذكوان، حتی إنه عندما أراد أن یجعل نفسه ولي عهد هشام الأموي، كان ابن ذكوان القاضي وابن بُرد الكاتب، أول من أیداه في ذلك، ثم أذعن له كل القضاة الذین كانوا تحت إمرة ابن ذكوان الذي كان أول من وقّع علی كتاب ولایة العهد الذي كتبه ابن برد في ربیع الأول 399 (ابن عذاري، 3/43-46 ونص ولایة العهد في ن.ص؛ لیفي بروفنسال، II/295؛ دوزي، II/282). وقد أثارت هذه الحادثة استیاء أولئك الذین كانوا یعتقدون بأن دولة الإسلام في الأندلس قائمة علی أكتاف الأمویین، واعتبروها بدعة. علی هذا الأساس حمل البعض بشدة علی ابن ذكوان واعتبروه ناقضاً ومعانداً للحق (ابن الأبار، 1/271-272). ولم تدم ولایة عهد الناصر، وسرعان ما انقرضت دولة بني عامر علی ید محمد بن هشام بن عبد الجبار، والملقب بالمهدي وابن عم هشام المؤید، الخلیفة الأموي الضعیف.
وكان محمد بن هشام أحقد الناس علی ابن ذكوان، إلا أنه لم یستطع أن یفعل شیئاً سوی أن أزال عنه اسم قاضي القضاة لما لابن ذكوان من شهرة ومكانة (القاضي عیاض، ن.ص)، ولكن عندما أعلن المهدي كذباً وفاة هشام المؤید، لیستقیم له الأمر، بادر ابن ذكوان إلی تأیید تلك الشائعة، وصلّی علی جنازة شخص آخر. وعندما ثار البربر علی المهدي، أوفده للتفاوض معهم فأخبرهم أن هشاماً حي والمهدي یحكم نیابة عنه، إلا أن ذلك لم یهدئ الموقف واستمرت ثورتهم (لیفي بروفنسال، II/311؛ دوزي، II/296؛ قا: ابن عذاري، 3/87).
وعندما تولی سلیمان المستعین الخلافة (ربیع الأول 400)، أبقی ابن ذكوان علی منصب القضاء (ابن عذاري، 3/92)، وظل في هذا المنصب أثناء خلافة المهدي الثانیة (شوال 400). وعندما قُتل المهدي وعاد هشام المؤید إلی الخلافة (ذو الحجة 400)، هب البربر في قرطبة بقیادة سلیمان المستعین معارضین ذلك. ویبدو أن ابن ذكوان مال إلیهم (ابن سعید، 1/210)، فسعی واضح الصقلبي حاجب هشام علی ابن ذكوان –بعدما شعر أنه یعارضه– واتهمه لدی الخلیفة بالانحیاز إلی المستعین، مما دفع به إلی إخراجه مع أخویه أبي حاتم وأبي عمر في 5 جمادی الأولی 401 من الأندلس إلی ألمریّة ووهران (القاضي عیاض، 4/665-666؛ ابن بشكوال، 1/38). وعاد ابن ذكوان إلی الأندلس بعد مقتل واضح، إلا أنه امتنع عن قبول منصب القضا (ابن بشكوال، ن.ص؛ ابن سعید، 1/211). وحینما هاجم المستعین والبربر قرطبة في شوال 403 وعجز أهلها عن المقاومة، خرج ابن ذكوان إلی المستعین وحصل منه علی الأمان للناس (ابن عذاري، 3/112). ومع هذا فقد أبي ابن ذكوان تقلد القضاء في خلافة المستعین الثانیة، ولم یقلد الخلیفة أحداً هذا المنصب حتی وفاته احتراماً له (النباهي، 89). وأخیراً توفي ابن ذكوان وصلی علیه أخوه أبو حاتم ودُفن في مقبرة بني العباس بقرطبة (ابن بشكوال، ن.ص).
كان ابن ذكوان عظیماً وأعلی الناس محلاً وأوقرهم جاهاً، ذا عفاف ونزاهة، فاضلاً، حازماً في القضاء (القاضي عیاض، 4/662-666؛ ابن بشكوال، ن.ص). وقد رثاه الشاعر المعروف أبو الولید ابن زیدون فیما بعد وتحدث عن نكبته وحادثة نفیه (جنثالث پالنثیا، 80؛ عبد العزیز، 61). وأورد ابن خاقان (ص19) أبیاتاً عن أبي عامر ابن شُهید في رثاء ابن ذكوان، وأشار إلی أن هذا الشاعر كان من أقرب أصحابه، كما نقل القاضي عیاض (4/667) أبیاتاً أخری عن أبي عامر في رثائه، غیر أن شارل بلّا (ص 41، 65) یشكك في أن یكون قصد الشاعر أحمد بن عبد الله بن ذكوان، وإنما ابن ذكوان آخر، ولكن عزائه في تلك الأبیات لأبي حاتم محمد بن عبد الله وشقیق أحمد یدعو إلی الظن أن یكون مراده أحمد بن عبد الله بن ذكوان.
وهو أیضاً تفقه كأخیه أحمد، علی أبیه وأبي بكر ابن زرب، ومن أولی المناصب الرسمیة التي تولاها، قضاء فرّیش وغیرها (ابن بشكوال، 2/477). فقد ولاه المظفر العامري رئاسة دیوان المظالم، وكان یخلف أخاه أحمد علی القضاء بقرطبة مدة مغیبه في المغازي مع المظفر (القاضي عیاض، 4/667). وعندما أقال الأمیر العامري أحمد بن ذكوان عن القضاء بسعایة الوزیر عیسی بن سعید، صرف أبا حاتم أیضاً عن دیوان المظالم (م.ن، 4/664)، ومع ذلك فإن أبا حاتم لم یكن عامداً في إیصال خبر خیانة هذا الوزیر للمظفر والذي أدی إلی قتله (ابن عذاري، 3/32؛ قا: دوزي، III/209). وفي 401هـ أبعد هو الآخر مع بني ذكوان إلی ألمریة ووهران، لكنه عاد فیما بعد إلی الأندلس، وامتنع كأخیه عن قبول أي منصب حكومي. ولما توفي أبو حاتم صلی علیه القاضي عبد الرحمن بن بشر، ودفُن بقرطبة (ابن بشكوال، ن.ص).
ابن أبي العباس أحمد الذي تحدثنا عنه. تعلم علی أبي المطرف القنازعي والقاضي یونس بن عبد الله وآخرین (م.ن، 2/497). وتولی الوزارة بمالقة في عهد يحيی بن علي الحمودي (412-427هـ/1021-1036م) (ابن بسام، 2(1)/15). ویبدو إنه لم یكن راغباً في الوظائف الحكومیة، حتی إنه رفض قبول دعوة أهل قرطبة له بتولي قضائها إلی أن كثروا علیه فقبل ذلك، فأمضی له أبو الحزم بن جَهور حاكم قرطبة الولایة (429هـ)، فأظهر الحق ونصر المظلوم حتی حمد الناس أحكامه وشكروا أفعاله (ابن سعید، 1/70؛ ابن بشكوال، ن.ص)، وعده القاضي عیاض (4/666) خیر خلف لأبیه. ومع هذا لم يظل في هذا المنصب أكثر من عام واحد، فاعتزل في شعبان 430، ومات إثر ولایة صدیقه أبي الولید بن جهور، عن أربعین سنة تنقص أربعة أشهر دفن بقرطبة عند قبر أبیه (ابن سعید، ابن بشكوال، ن.ص).
ابن أبي حاتم محمد الذي تحدثنا عنه. ولي الحسبة بقرطبة في أیام صراع ملوك الطوائف (القاضي عیاض، 4/667)، ثم ولاه أبو الولید بن جهور القضاء بعد أبي محمد عبد الله المكوي (435هـ/1044م)، ولم یكن عنده كبیر علم، إلا أنه ظل في هذا المنصب مایقرب من 5 سنوات إلی أن عُزل (440هـ/1048م)، وبقي كذلك معطلاً في داره حتی آخر حیاته لایخرج إلا إلی المسجد. توفي بقرطبة عن بضع وثمانین سنة (ابن بشكوال، 1/136؛ ابن سعید، 1/160-161). وأشار ابن بسام (1(4)/28) إلی شخص یُدعی ابن ذكوان، أنشد الشاعر ابن شُهید شعراً بمجلسه، ویری بلّا أنه أبو علي حسن (EI2). ووصفه ابن سعید (1/161) بأنه عار عن العلم وعاطل عن الأدب ضارب بأوفر الحظ في شكاسة الخلق وخشونة الطبع.
ابن أبي حاتم محمد. لاتتوفر معلومات عن حیاته، ویبدو أنه رُشح لوزارة یحیی بن علي الحمودي. واستناداً إلی ذلك، اعتبره ابن بسام (2(1)/15) شقیق أبي بكر محمد، وابن أبي العباس أحمد خطأً.
ابن الأبار، محمد، الحلة السیراء، تقـ: حسین مؤنس، القاهرة، 1963م؛ ابن بسام، علي، الذخیرة، القاهرة، 1361هـ/1942م؛ ابن بشكوال، خلف، الصلة، تقـ: عزت العطار الحسیني، القاهرة، 1374هـ/1955م؛ ابن خاقان، الفتح، مطمح الأنفس، القسطنطنیة، 1302 هـ؛ ابن سعید الأندلسي، علي، المغرب، تقـ: شوقي ضیف، القاهرة، 1953م؛ ابن عذاري، محمد، البیان المغرب، تقـ: ج. س. كولان ولیفي بروفنسال، بیروت، 1929م؛ ابن الفرضي، عبد الله، تاریخ العلماء والرواة للعلم بالأندلس، تقـ: عزت العطار الحسیني، القاهرة، 1373هـ/1954م؛ بلّا، شارل، ابن شُهید الأندلسي، حیاته وآثاره، عمان، 1965م؛ جنثالث پالنثیا، آنخل، تاریخ الفكر الأندلسي، تجـ: حسین مؤنس، القاهرة، 1949م؛ عبد العزیز، ضحی، ابن زیدون حیاته وشعره، دمشق، داركرم؛ القاضي عیاض، ترتیب المدارك، تقـ: أحمد بكیر محمود، بیروت، 1387هـ/1967م؛ مخلوف، محمد، شجرة النور الزكیة، بیروت، 1350هـ؛ النباهي المالقي، علي، تاریخ قضاة الأندلس، تقـ: لیفي بروفنسال، القاهرة، 1948م؛ وأیضاً:
Dozy, R., Histoire des Musulmans d’Espagne, ed. E.Lévi-Provençal, Leiden, 1932; EI2; Lévi-Provençal, E., Histoire de l’Espagne musulmane, Paris, 1950-1953.
صادق سجادي/ت.
عزيزي المستخدم ، يرجى التسجيل لنشر التعليقات.
مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع
هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر
تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول
استبدال الرمز
الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:
هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول
الضغط علی زر التسجیل یفسر بأنک تقبل جمیع الضوابط و القوانین المختصة بموقع الویب
enterverifycode