الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الادب العربی / ابن الدمینة /

فهرس الموضوعات

ابن الدمینة

ابن الدمینة

تاریخ آخر التحدیث : 1442/11/8 ۲۲:۲۰:۳۲ تاریخ تألیف المقالة

اِبْنُ الدُّمَینَة، أبو السَّريّ عبد الله بن عبید الله، شاعر بدوي في أوائل العصر العباسي. كان من قبیلة بني عامر بن تيم الله (بني خَثعَم). أمه الدمينة بنت حذيفة من قبيلة سَلول (أبو الفرج، 15/151). أورد ابن قتیبة (2/617) وابن عبد ربه (6/80) اسمه عبید الله بن عبد الله، غیر أن الزبیر بن بكار وهو أقدم منهما قلیلاً ذكر أنه عبد الله بن عبید الله (ظ: ابن الدمینة، 5؛ قا: أبو تمام، 2/101)، وهو ما ورد أیضاً في شعر مزاحم بن عمرو الذي كان معاصراً له (أبو الفرج، 15/151-152). وذكر سزكین (GAS, II/445) اسم جدّه عمراً تبعاً للخالدیین علی الظاهر (ظ: النفاخ، 11)، وذكر بعض المتأخرین (EI2؛ الزركلي، 4/102) أنه أحمد. ویبدو أن هذا الاسم الأخیر تصحیف لـ «أحد» التي وردت في بعض المصادر (مثلاً أبو الفرج، 15/151: «عبد الله بن عبید الله أحد بني عامر…»). وما یلفت النظر في حیاة ابن الدمینة، هو أن قارئ آثاره وترجمته یلاحظ فیهما أنه جمع في كیانه كشاعر مسلم عاش بعد مائة سنة ونیف من انتشار الإسلام في العالم، جمیع تقالید الجاهلیة وأعرافها، ولغتها وأسلوب كلامها وأجوائها وروحها، فقد ولد وعاش في قلب الجزیرة العربیة كأنها قد توقف فیها الزمن عن الحركة منذ عدة قرون: فلا یزال الناس علی عصبیاتهم القبلیة كسالف عهدهم، والشعراء اعتادوا الحب علی أسلوب امرئ القیس؛ ویقتصون بأنفسهم وبقرار منهم أو علی أساس التقالید القبلیة ویأخذون بثأر قتلاهم، ولایألون بالاً بالشریعة الإسلامیة حتی وإن وعوها، ولم یسمعوا عن نفوذ الثقافات الأجنبیة والمیول الجدیدة في البلاطین الأموي والعباسي غیر أساطیر.

ولهذا السبب أصبح صعباً علی الباحثین أن یحدّدوا الفترة الزمنیة للشاعر، فاعتبره أحدهم بدون تروٍ جاهلیاً (زیدان، 1/178) واعتبره آخر من شعراء عهد هارون الرشید (النفاخ، 40) وعده البعض من المتقدمین شاعراً «إسلامیاً» (البكري، سمط، 1/136؛ السیوطي، 1/425). ویعتقد المتأخرون في الغالب أنه عاش في العصر الأموي أو نهایته وبدایة العصر العباسي (EI2). غیر أن ابن شاكر وحده بین المتقدمین حدد تاریخ وفاته 143 هـ (ظ: النفاخ، 35-36). وأما المتأخرون فقد رجح كل من البستاني (البستاني، 3/71) وكحالة (6/81) والزركلي (4/102) سنة 130هـ، غیر أن التفاخ (ص 34-40) أرخ وفاته بین سنتي 180 و183 هـ (ورجح 180 هـ)، مستنداً إلی ما نقله أبو الفرج عن مصعب (تـ 236هـ/851م) الذي كان أبوه عبد الله والیاً علی الیمن (أبو الفرج، 15/154، «إنّي بها یومئذ وال» في طبعة بولاق، وصُحِّحت في طبعة دار الكتب: «أبي بها…»، 17/99). وكما سنری فیما بعد فإن قاتل ابن الدمینة هرب من السجن ولجأ إلی كاتب لعبد الله (تـ 184هـ/800م) والي الیمن. ولاتتضح فترة ولایة عبد الله علی الیمن، غیر أن مصحح دیوان ابن الدمینة أرخ استناداً لبعض الأدلة ولایته وبالتالي مقتل ابن الدمینة بین سنتي 180-183هـ (النفاخ، 35). والإشكال الذي یظهر في هذه الفرضیة هو أن ابن الدمینة سجن من قبل أحمد بن إسماعیل لارتكابه القتل (أبو الفرج، 15/153). ویبدو أن أحمد هذا هو نفسه الذي حكم الیمن مدة من قبل هارون (ظ: الیعقوبي، 2/412) ومكة مدة (ابن الأثیر، 6/214)، ویظهر من قائمة ولاة مكة (ظ: ابن الأثیر، ن.ص)، أن الفضل ابن العباس تولی مكة في 191هـ ومن بعده أحمد ابن إسماعیل. وبما أن ابن الدمینة كان یعیش في منطقة ولایة أحمد بن إسماعیل فلابد أنه سجن علی یده وفي عهده (191-193هـ). ونعلم أیضاً أن ابن الدمینة عاش طویلاً بعد ذلك (أبو الفرج، ن.ص) ولایستبعد أنه أدرك نهایة خلافة هارون أیضاً. والأمر الآخر الذي یؤید هذا الرأي هو أن الزبیر بن بكار وكان راویاً لقصائد ابن الدمینة، والمتوفی في 256هـ، نقل تلك القصائد عن أبي مسلمة موهوب بن رشید، وكان أبو مسلمة هذا قد عاصر ابن الدمینة ورآه. بالإضافة إلی ذلك نعلم أیضاً علاقة الشاعر بالضحاك بن عثمان الحزامي الذي توفي في 180هـ (ابن الدمینة، 5؛ قا: النفاخ، 37). وإذا صحت استنباطاتنا فلایمكن إذن اعتبار ابن الدمینة شاعراً أمویاً.

ذكر ابن عبد ربه (6/33، 80) أن ابن الدمینة من أهل المدینة، إلا أننا نعلم أن قبیلة ابن الدمینة (خثعم) وكذلك قبیلة أمه (سَلول) كانتا حین ظهور الإسلام في تُرَبة وبیشة وتبالة من أرض الحجاز (البكري، معجم، 1/90). وتقع هذه المناطق بالقرب من الطائف وعلی طریق مكة إلی الیمن (البكري، ن.م، 1/301؛ ابن خرداذبه، 134).

قتل ابن الدمینة أثناء عودته من الحج، في تبالة أو العبلاء التابعة لتبالة وهي لخثعم (ظ: یاقوت، 3/607-608؛ البكري، ن.م، 3/918)، ولهذا یمكن القول إنه كان یعیش في هذه المناطق وبین قبیلته.

لم یدون المؤلفون الأوائل ترجمة كاملة لابن الدمینة، فوصفه الزبیر نقلاً عن أبي مسلمة «رجلاً جمیلاً فصیحاً شاعراً» (ابن الدمینة، ن.ص). وتتحدث حبیبته أمیمة عن جماله وشجاعته أیضاً ( ظ: م.ن، 197)، وكان فارساً شجاعاً یفتخر هو بشجاعته وشهامته (م.ن، 146).

وهناك في الحقیقة أمران یتضحان من حیاة ابن الدمینة، أشبه بالأسطورة، الروایة الأولی، قصة خیانة زوجته حَمّاء أو حَمّادة التي انتهت إلی مقتل عدة أشخاص منهم الشاعر نفسه. والروایة هي أن شخصاً اسمه مزاحم بن عمرو من قبیلة أم الشاعر (سلول) كانت له علاقة غیر مشروعة مع حمادة، ونظراً لانكشاف سرهما، حاك ابن الدمینة مؤامرة وأرغم زوجته بعد تهدیدها بالقتل علی التعاون معه فقتل مزاحماً؛ ثم قتل زوجته وابنته الصغیرة. وعندما عثرت قبیلة مزاحم علی جسده وعلموا أن قاتله لیس إلا ابن الدمینة (ابن الدمینة، 6-8؛ أبو الفرج، 15/151-153)، قرروا الأخذ بالثأر، فخرج جناح أخو المقتول إلی أحمد ابن إسماعیل فاستعداده علی ابن الدمینة. فسجن أحمدُ الشاعرّ مدة طویلة، فلما طال حبسه ولم یجد علیه سبیلاً، خلاه. وفي هذه الأثناء أخذت كل من القبیلتین ثأرها علی الطریقة الجاهلیة وعندما بلغ مصعب أخو المقتول سن الرشد طالب بالثأر بتحریض من أمه وهاجم الشاعرّ وقتله في محاولته الأولی، أو في الثانیة بسوق العبلاء أثناء إنشاده الشعر. وهرب القاتل في بدایة الأمر من قبضة الناس، ثم سلم نفسه وسجن في تبالة. وبعد مدة وحین علم أن قبیلة ابن الدمینة یریدون مهاجمة السجن وقتله، هرب إلی صنعاء كما أشرنا ولجأ إلی كاتب لدی عبد الله (أبو الفرج، 15/153-154).

تتفق قصة أبي الفرج مع ما رواه ثعلب عن ابن الأعرابي (ابن الدمینة، 9-12)، غیر أنها تختلف عن روایته الأخری التي نُقلت عن أبي مسلمة (قا: م.ن، 6-9)، وإن كانت الخطوط العریضة للقصتین واحدة. ولایمكن بأي وجه معرفة مدی اتفاق هذه الروایات مع الواقع ومدی كونها مختلقة وأسطوریة، لاسیما وأنها كلها –كالروایات الجاهلیة– ممزوجة بمقطوعات شعریة: یهجو مطاحمُ ابنَ الدمینة بسبب منعه إیاه من ملاقاة زوجته، ویهتك الستر، فینهض ابن الدمینة للدفاع عن نفسه. وعندما قُتل مزاحم، هجت أمه ابن الدمینة وقبیلته بمقطوعة شعریة، عند ذلك أخذ شعراء كل قبیلة یثیرون أفرادها ضد أفراد القبیلة الأخری (م.ن، 5-12؛ أبو الفرج، 15/152-154).

كان ابن الدمینة شاعر الحب والغزل، ولذلك لابد أنه ذكر أسماء كثیرات من معشوقات العرب المعروفات أمثال سلمی ولیلی وهند وخاصة أمیمة في شعره أو ما نسب إلیه، ولابد أن یلتاع كمجنون بني عامر وجمیل في حب واحدة ویضج من جفائها ویعاتبها حین الوصل. وكانت أمیمة هذه سبب حرقته وآلامه وكانت من قبیلته، وربما كانت –مثل كثیر من العشاق العرب– ابنة عمه (ظ: أبو تمام، 2/138-140؛ یاقوت، 4/879-880). لقد عشقته أمیمة أولا، ثم انقطع عنها الشاعر متهماً إیاها بالجفاء، فاعتبته بأبیات، وردّ الشاعر علیها، وأخیراً تزوجها (ابن الدمینة، 41-42؛ النفاخ، 24-27). وشعر ابن الدمینة كله غزل یفیض باللوعة والألم، وهو كالمجنون وأضرابه في طلیعة العشاق الذین أضناهم الحب (ظ: الوشّاء، 133-134؛ ابن فضل الله، 9/87)، كما لقبه ابن خلكان «نائحة العرب» (3/382-383).

وأدی التشابه بینه وبین سائر شعراء الجد من العرب السابقین إلی مزج عجیب بین آثار هم: فیبدو شعره أحیاناً كأشعار المجنون وینسب إلیه (ابن الدمینة، 39-49)، وأحیاناً یشبه شعر عوف (م.ن، 47) وجمیل (م.ن، 28)، وربما كان لهما، وقد تبرز فیه روح عمر بن أبي ربیعة أحیاناً (م.ن، 35)، غیر أن ما نظمه في الوصف كوصفه للسیف (م.ن، 34) یبدو غریباً إلی حد ما. وعلی كل حال فإن ما هو واضح في شعر ابن الدمینة هو نفس لغة البادیة وطریقة عشق أهلها، ونعلم أن مثل هذه الأشعار قد أثارت الاهتمام دائماً، ولهذا السبب فإن ما نظمه ابن الدمینة انتشر منذ أیامه وشاع بین الناس ولحّن المطربون والموسیقیون الكبار في العصر العباسي أمثال إبراهیم وإسحاق بعضه، فوضعوا له ألحاناً بدیعة وغنوها، وكانت أحیاناً تبعث علی إعجاب الخلفاء كهارون (ظ: ابن عبد ربه، 6/33؛ قا: أبو الفرج، 15/154). ونقل كتّاب العهود التالیة أیضاً كثیراً من أشعاره أو الأشعار المنسوبة إلیه (ظ: البحتري، 367؛ أبو تمام، 2/62، 101، مخـ؛ ابن قتیبة، 2/617-618، 762؛ المبرد، 23؛ ابن عبد ربه، 6/33، 80؛ الزجّاج، 99-101؛ القالي، 1/77-78، مخـ، 2/24-25، 32؛ الآمدي، 89-90؛ ابن منقذ، 295، 348—349).

بالإضافة إلی ذلك فقد سعت جماعة من رواة القرن 3هـ لجمع آثاره وأخباره: فللزبیر بن بكار وابن أبي طاهر طیفور (ن.ع) كتاباً باسم أخبار ابن الدمینة (ابن الندیم 111، 147)، وما لدینا الآن هو جزء منه رواه ثعلب (تـ 291هـ/904م) وجزء مما رواه محمد بن حبیب (تـ 245هـ/860م) عن الزبیر بن بكار.

طبع أحمد راتب النفاخ هذه النسخة في 1379هـ/1960م في القاهرة مع مقدمة مسهبة وفهارس متنوعة، بالإضافة إلی ما تختلف به مع المصادر الأخری ومقطوعات وأبیات متعددة نسبیاً وجدها في الكتب الأخری. وقد تناول حمد الجاسر ذلك بالنقد والتحلیل في مقالة له (ظ: الجاسر، 101 وما بعدها).

 

المصادر

الآمدي، الحسن، المؤتلف والمختلف، تقـ: عبد الستار أحمد فراج، القاهرة، 1381هـ/1961م؛ ابن الأثیر، الكامل؛ ابن خرداذبه، عبید الله، المسالك والممالك، تقـ: دي خویه، لیدن، 1889م؛ ابن خلكان، وفیات؛ ابن الدمینة، عبد الله، دیوان، تقـ: أحمد راتب التفاخ، القاهرة، 1379هـ/1960م؛ ابن عبد ربه، أحمد، العقد الفرید، تقـ: أحمد أمین وآخرون، بیروت، 1402هـ/1982م؛ ابن فضل الله العمري، أحمد، مسالك الأبصار في ممالك الأمصار، مخطوطة أحمد الثالث، رقم 9/2797؛ ابن قتیبة، عبد الله، الشعر والشعراء، تقـ: دي خویه وآخرون، بیروت، 1964م؛ ابن منقذ، أسامة، المنازل والدیار، تقـ: أنس خالدوف، موسكو، 1961م؛ ابن الندیم، الفهرست؛ أبو تمام، حبیب، دیوان الحماسة، دمشق، 1331هـ؛ أبو الفرج الأصفهاني، الأغاني، بیروت، 1390هـ/1970م؛ البحتري، ولید، الحماسة، تقـ: كمال مصطفی، القاهرة، 1929م؛ البستاني؛ البكري، عبد الله، سمط اللآلي، تقـ: عبدالعزیز المیمني، القاهرة، 1354هـ/1936م؛ م.ن، معجم ما استعجم، تقـ: مصطفی السقا، بیروت، 1403هـ/1983م؛ الجاسر، حمد، «من شعر ابن الدمینة»، مجلة المجمع العلمي العربي بدمشق، دمشق، 1381هـ/1962م، ج 37، عد 1؛ الزجاج، عبد الرحمن، الأمالي، بیروت، 1403هـ/1983م؛ الزركلي، الأعلام؛ زیدان، جرجي، تاریخ آداب اللغة العربیة، تقـ: شوقي ضیف، القاهرة، 1975م؛ السیوطي، شرح شواهد المغني، دمشق، 1386هـ/1966م؛ القالي، إسماعیل، الأمالي، القاهرة، 1373هـ/1953م؛ كحالة، عمررضا، معجم المؤلفین، بیروت، 1957م؛ المبرد، محمد، الفاضل، تقـ: عبد العزیز المیمني، القاهرة، 1375هـ/1956م؛ النفاخ، أحمد راتب، مقدمة دیوان (ظ: همـ، ابن الدمینة)؛ الوشاء، محمد، الظرف والظرفاء، تقـ: فهمي سعد، بیروت، 1405هـ/1985م؛ یاقوت، البلدان؛ الیعقوبي، أحمد، تاریخ، بیروت، دار صادر؛ وأیضاً:

EI2; GAS.

قسم الأدب العربي/ ج.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: