اِبْنُ خَروف، اسم أُطلق علی رجلین أندلسیین، الأول نحوي والآخر شاعر، عاشا في القرن 7هـ/13م، وقد خلطت بعض الصادر كالصفدي (22/90-94) وابن شاكر (3/85، 86) وابن القاضي (2/485) والمقري (2/640-642) بین حیاتیهما وآثارهما مما أوجد تعقیداً وغموضاً.

1. أبو الحسن علي بن محمد الحضرمي الإشبیلي (524- ح 609هـ/1130-1212م)

نحوي مالكي له باع في علم الكلام أیضاً. وهو من أهل رَندة من نواحي إشبیلیة (القفطي، 4/186). أخذ النحو، عن ابن طاهر الأنصاري النحوي، المعروف بالخِدَت وإسحاق بن ملكون (الیماني، 18، 295)، والقراءات عن أبي محمد بن الزقاق (ابن الزبیر، 122) وأبي بكر ابن صاف (الذهبي، 304). كما سمع من أساتذة آخرین كداود بن عبد الله السعدي وأبي عبد الله المجاهد وأبي بكر ابن خیر (الیماني، 117؛ الذهبي، ن.ص). ویبدو أنه قد أخذ علم الكلام عن محمد بن عبد الرحمن الرعیني السرقطسي الذي كان یناظر علیه [الكلام] في الإرشاد لعبد الملك الجویني، ولهذا السبب عني بالرد علی الجویني فیما بعد، وإن قیل إنه لم یصب في ردّه وردّ الناس علیه ما قاله (الیماني، 228؛ ابن الزبیر، ن.ص؛ شكیب أرسلان، 2/150).

ولم یختر مكاناً خاصً یقیم فیه، فكان ینتقل بین إشبیلیة وقرطبة وفاس وسبتة، ویمارس التدریس والتجارة ویقصده الطلبة من أهل كل بلدة یدخلها، ودرس الكثیر علیه الكتاب لسیبویه. ومن بین تلامذته أبو الخطاب بن خلیل وأبو الحسن الغافقي وأبو القاسم بن رحمون وأبو عبد الله الصدفي وأبو القاسم بن ربیع وأبو القاسم النحوي الورقي. وقیل إنه كان یناظر نحوي زمانه ویغلبهم (القفطي، ن.ص؛ ابن الزبیر، 123؛ ابن أبي زرع، 43). وكان یرتزق أحیاناً كأستاذه الخِدَبّ، من الخیاطة. وإذا اكتسب منها شیئاً أعطی نصفه لأستاذه. انتُقد لحدة طبعه وسوء خلقه، وقیل إنه لم یتزوج قط وكان یسكن في الخانات. وتغیّر عقله في أواخر حیاته حتی مشی في الأسواق مكشوف الرأس والعورة (الیماني، 295؛ یاقوت، 15/75، 76؛ ابن الأبار، 3/478). ویدل اهتمامه بـ الكتاب لسیبویه علی أنه كان ینزع نحو المدرسة البصریة، وقد تطرق كل من أبي حیان (ص 6، 215، مخـ) والسیوطي (1/158، 187، مخـ) إلی بعض آرائه النحویة.

آثاره

1. تنقیح الألباب في شرح غوامض الكتاب، شرح علی الكتاب لسیبویه، أثنی علیه القفطي (ن.ص) كثیراً، وعوّل فیه ابن خروف علی طرز شیخه الخدب (الیماني، 228؛ ابن أبي زرع، 47). وقد أهداه إلی صاحب المغرب فأعطاه ألّف دینار (یاقوت، 15/76؛ الصفدي، 22/89). توجد نسخة منه في برلین (آلوارت، VI/4). وأخری في مصر (سید، 1/382)؛ 2. شرح الجمل للزجاجي، وتوجد نسخة منه في برلین (آلوارت، IV/7). ولابن خروف آثار أخری لم یبق منها سوی أسمائها مثل: تنزیه أئمة النحو عما نُسب إلیهم من الخطأ والسهو، وهو ردّ علی كتاب تنزیه القرآن عمّا لایلیق بالبیان لابن مضّاء القرطبي (الیماني، 33؛ حاجي خلیفة، 1/494-495)؛ شرح علی كتاب الإیضاح وكتاب في الفرائض (الیماني، 228؛ ابن الزبر، 123).

2. أبو الحسن نظام الدین أبو الحسن علي بن محمد القیسي

من شعراء القرن 7هـ/13م. ولد في قرطبة وترعرع فیها وتعلم علی شیوخها (ابن الأبار، 3/482). ومن شیوخه علي بن أحمد التجیبي، وأبوجعفر أحمد بن محمد الحمیري (شكیب أرسلان، 3/497). وقد هجا ابن خروف أبا جعفر الحمیري هذا لمیله إلی أحد طلبته، فأنهی الأستاذ خبره إلی القاضي أبي الولید ابن رشد، فعزّره وأبعده الأستاذ عنه بعد هذا الحادث؛ وقیل إن ابن خروف لم یحص بعدها علی شيء من العلم، وأولی جلّ اهتمامه الشعر (المراكشي، 300، 303، 304). وقبل أن یصبح شاعراً مشهوراً، سافر إلی سبتة ومراكش، فمدح بسبتة ملكها إدریس بن یوسف، وبمراكش وزیرها أبا سعید ابن جامع بقصائد (ابن سعید، المغرب، 1/136، 137، الغصون، 138). ثم رحل إلی المشرق فزار مصر وحجّ البیت وكتب الحدیث وجاور بالقدس. كما لقي أبا الطاهر الخشرعي وتعلّم منه بعض مقامات الحریري كما ذكر ابن الأبار (3/482)، وأضاف أیضاً أن بعض أصحابه أخذ ذلك الكتاب عن ابن خروف بمكة. وهناك اضطراب في المصادر حول وفاته. فابن الزبیر (ص 115) یعتقد أنه توفي بمصر في أواخر القرن 6هـ (قا: ابن فضل الله، 385)، إلا أنه ینقل أن هناك من رآه بعد عام 610هـ خلال توجهه الثاني إلی المشرق. وهذه الروایة تتفق إلی حد ما مع ما ذكره ابن سعید (الغصون، 138-139) من أن الشاعر قد استقر في آخر عمره بحلب والتحق بأمیرها الملك الظاهر ومدحه، وأنه كان یتردد أحیاناً علی أرسلان شاه الزنكي صاحب الموصل (تـ 607هـ/1210م). وحضر ابن خروف مرة بدار العدل في حلب لیقدم للملك الظاهر قصیدته التي مدحه بها، لكن انتظاره له قد طال فخرج لیریق الماء فوقع في جبّ كان هناك فمات، فكانت صلة قصیدته تجهیزه إلی قبره، ویجب أن تكون هذه الحادثة قد وقعت قبل وفاة الملك الظاهر بقلیل، أي قبل 613هـ، وهذا یثبت عدم صحة ماقیل من أنه توفي عام 620هـ (ابن الأبار، 482) أو عام 604هـ (ابن سعید، ن.ص). وتدل مقطوعاته الشعریة التي وصلتنا علی رقة وجدانه ورهافة حسه (قا: التجیبي، 62-64). وله قصیدة لطیفة في وصف دمشق (ظ: ابن شداد، 362، 363). كما أن هجاءه ظریف وممتع رغم لسانه اللاذع (مثلاً ظ: هجوه لطبیب لدی ابن شاكر، 2/317، 318). وفضلاً عن ذلك كان له باع في النثر، نُقلت عنه رسالة مسجّعة كثیرة التكلف، یخاطب فیها بهاء الدین ابن شداد (ن.ع) قاضي حلب (ظ: ابن خلكان، 7/94، 95).

المصادر

ابن الأبار، محمد، التكملة، تقـ: فرنسشكه قداره، 1915م؛ ابن أبن رزع، علي، الذخیرة السنیة، الرباط، 1972م؛ ابن خلكان، وفیات؛ ابن الزبیر، أحمد، صلة الصلة، تقـ: لیفي بروفنسال، الرباط، 1356هـ/1937م؛ ابن سعید، علي، الغصون الیانعة، تقـ: إبراهیم الأبیاري، القاهرة، 1387هـ/1967م؛ م.ن؛ المغرب، تقـ: شوقي ضیف، القاهرة، 1373هـ/1953م؛ ابن شاكر الكتبي، محمد، فوات الوفیات، تقـ: إحسان عباس، بیروت، 1394هـ/1974م؛ ابن شداد، محمد، الأعلاق الخطیرة، تقـ: سامي الدهان، دمشق، 1375هـ/1956م؛ ابن فضل الله العمري، أحمد، مسالك الأبصار، النسخة المصدرة الموجودة في مكتبة المركز؛ ابن القاضي المكناسي، أحمد، جذوة الاقتباس، الرباط، 1394هـ/1974م؛ أبوحیان الغرناطي، محمد، تذكرة النحاة، تقـ: عفیف عبد الرحمن، بیروت، 1406هـ/1982م؛ التجیبي، صفوان بن إدریس، زاد المسافر، تقـ: عبد القادر محداد، بیروت، 1390هـ/1970م؛ حاجي خلیفة، كشف؛ الذهبي، محمد، تاریخ الإسلام، تقـ: بشار عوّاد معروف وآخرون، بیروت، 1408هـ/ 1988م؛ سید، المخطوطات؛ السیوطي، همع الهوامع، تقـ: محمد بدر الدین النعساني، بیروت، دار المعرفة؛ شكیب أرسلان، الحلل السندسیة، بیروت، 1355هـ/1936م؛ الصفدي، خلیل، الوافي بالوفیات، تقـ: رمزي البعلبكي، بیروت، 1404هـ/1983م؛ القفطي، علي، إنباه الرواة، تقـ: محمد أبو الفضل إبراهیم، القاهرة، 1393هـ/1973م؛ المراكشي، عبدالواحد، المعجب في تلخیص أخبار المغرب، تقـ: محمد سعید الرعیان ومحمد العربي العلمي، القاهرة، 1368هـ/1949م؛ المقري التلمساني، أحمد، نفح الطیب، تقـ: إحسان عباس، بیروت، 1388هـ/1968 م؛ یاقوت، الأدباء؛ الیماني، عبدالباقي، إشارة التعیین وتراجم النحاة واللغویین، تقـ: عبد المجید دیاب، الریاض، 1406هـ/1986م؛ وأیضاً:

Ahlwardt.

ناصر علي أفضل ‌نژاد – ناصر گذشته‌/ت.