الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الادب العربی / ابن حمدیس /

فهرس الموضوعات

ابن حمدیس


تاریخ آخر التحدیث : 1443/8/11 ۱۳:۴۰:۱۱ تاریخ تألیف المقالة

اِبنُ حَمدیس، أبو محمد عبدالجبار بن أبي بکر بن محمد بن حمدیس الأزدي (تـ رمضان 527/ تموز 1133)، من شعراء صقلیة المشهورین. ولد في مدینة سرقوسة وأمضی شبابه فیها وفي نوطس أیضاً (ابن حمدیس، 33، البیت 2). لم یحدد المؤرخون المتقدمون عام ولادته، ولکنه أشار في مواضع عدیدة من دیوان إلی بلوغه الثمانین من عمره (ص 124، البیت 4، ص 482، البیت 2)، مما دعا المؤرخون المتأخرین إلی ضبط سنة لادته في 447هـ/1055م (عباس، مقدمة دیوان، 3).
ولاتتوفر معلومات عن فترة طفولته، ویبدو أنه أمضی شبابه باللهو والترف (ظ: ن.م، 4؛ م.ن، العرب، 235). وکان لایزال في ریعان الشباب حین هاجم النورمان صقلیة، واستولوا بالتدریج علی مدنها وحصونها، غیر أنه في 471هـ/1078م، قرّر ابن حمدیس الهجرة کأکثر مسلمي جزیرة سرقوسة قبل أن تسقط الجزیرة بید النورمان، فتوجه أولاً إلی إفریقیة (ابن حمدیس، 167؛ قا: ابن الأبار، 3/638)، غیر أن هذه الرحلة لم تستغرق طویلاً. والإشارة الوحیدة لهذه المرحلة في دیوانه أو في المصادر الموجودة هي اتصاله بعرب تلک البلاد وسماع أشعارهم، حیث یذکرها فیما بعد بحزن ولوعة (ابن حمدیس، ن.ص)، ولکنه لیس بعیداً أن تکون القصیدة التي جاءت في دیوان (ص 28) و مدح بها تمیم الزیري أمیر المهدیة و تألم من احتلال «الروم» لصقلیة، قد نظمت في هذه الرحلة نفسها.و یبدو أن الأندلس و خاصة بلاط المعتمد بن عباد الفاخر کان یراوده منذ البدایة، ولهذا ربما توجه إلی بإشبیلیة في هذه السنة (ن.ص؛ ابن الأبار، ن.ص؛ قا: عباس، مقدمة دیوان، 6؛ م.ن، العرب، 226) والتحق بالأمیر ابن عباد. ویقول هو نفسه: أقمت بإشبیلیة لما قدمتها علی المعتمد بن عباد مدة لایلتفت إليّ، حتی قنطت لخیبتي وهممت بالنکوص علی عقبي حتی جاء رسول ابن عباد وقادني إلی الأمیر. وهناک تمّ امتحان ابن حمدیس ثم لازم البلاط (ص 543؛ المقري، 3/616؛ نیکل، 169-168).
وعلی کل حال حظي الشاع في بلاط ابن عباد و أخذ یصف جمال الأندلس ویمتدح الجیوش المنتصرة العائدة من قتال المسیحیین (ابن حمدیس، 75)، أو یشارک في مجالس الشاعر ابن وهبون خارج إشبیلیة ویساجل بقیة الشعراء (م.ن، 168؛ ابن ظاهر، 71-72؛ المقري، 3/606) ونظم عشر قصائد علی الأقل في مدح ابن عباد (ظ: ابن حمدیس، فهرست دیوان) وقصیدة واحدة في مدح ابنه الرشید (م.ن، 89). ویمکن العثور أحیاناً علی إشارات تاریخیة قیمة في هذه القصائد، منها انتصار ابن عباد علی آلفونس في الزلاقة (ص 172، 424، 435) وانتصاره قرب المریة (ص 194). غیر أن الشاعر لم ینس أبداً موطنه صقلیة و نظم من هناک قصائد مخاطباً أهلها بشجعهم فیها علی المقاومة والجهاد (ص 416؛ قا: ابن خلکان، 3/214). واستمرت فترة الاستقرار هذه والتي لم تکن خالیة أیضاً من اللهو و الترف حوالي 12 عاماً. غیر أن حکومة ابن عباد سقطت في 484هـ/1091م علی ید المرابطین و حبس أمیرها في أغمات بالمغرب (عباس، مقدمة دیوان، 6-11). وهکذا بقي الشاعر مهموماً وحیداً، وفي هذه الظروف سقطت سرقوسة علی مایبدو وتوفي والده أیضاً (ابن حمدیس، 522) مما زاد في محنته، لکن الصداقة بین الشاعر و ممدوحه ابن عباد ظلت قائمة، وکان الأمیر یراسله من حبسه شعراً فیجیبه الشاعر أیضاً شعراً ویواسي الأمیر (م.ن، 267-268).
وفي نهایة الأمر ترک الأندلس بحثاً عن ممدوح فتوجه إلی المغرب. ولم تکن هذه الرحلة – فیما یبدو – سهلة علی الشاعر الذي کان یخاف البحر والسفر فیه، خاصة وأن أمواج البحر قد هاجت و ماتت فیها جاریته المحبوبة جوهرة (ظ: م.ن، 212؛ قا: عتیق، 205). ویظهر أنه سارع هناک إلی لقاء ابن عباد أولاً. في إحدی هذه اللقاءات حالوا بینه و بین الأمیر. ولکنه لما علم ذلک أرسل شعراً إلی ابن حمدیس، فأجابه الشاعر بدوره أیضاً (ابن حمدیس، 270-271)، ویبدو أنه لم یتخل عنه حتی نهایة عمر ابن عباد (تـ 488هـ/1095م).
وأخذ یبحث عن مکان آمن في أوساط عدة عوائل مهمة نسبیاً في إفریقیة والتي کان السلام یسودها أحیاناً والحرب أحیاناً أخری، غیر أنه لم یلتحق بالمرابطین الذین أسقطوا حکومة ابن عباد، ولابتمیم الزیري، بل اتجه أولاً نحو المنصور بن علناس (تـ 498هـ/1105م) من أسرة بني حماد الصغیرة (أبناء عمومة بني الزیري) (م.ن، 439، 494) ووصف القصر الذي بناه في بجایظ (م.ن، 545؛ قا: المقري، 1/491). بعد ذلک توجه إثر وفاة تمیم الزیري إلی بلاط ابنه یحیی في تونس. وتوجد في دیوانه 12 قصیدة في مدح هذا الأمیر. وفي نفس هذه السنة توفي یحیی وحل محله ابنه علي، فهنأ الشاعر الابن في قصیدة ضمنها رثاء الأب (ابن حمدیس، 221). وتوجد في دیوان ابن حمدیس 25 قصیدة في مدح هذا الأمیر. وهکذا یلاحظ أن معظم أشعاره هي في مدح بني الزیري ولیس في ابن عباد خلافاً لرأي معظم الکتّاب القدماء. وقد نظمت بعض هذه القصائد حینما کان علي حاکماً علی صفاقس من قبل أبیه (مثلاً قصیدة، ص 391). وتولی الإمارظ بعد علي، ابنه الحسن الذي لم یکن أکثر من طفل، فعاش ابن حمدیس 12 سنة في بلاطه و مدحه في 5 قصائد. وکان یتشفع في إحدی هذه القصائد (ص 249) لأهل صفاقس. ویبدو أن علاقته بصفاقس تعود إلی وجود بعض أهله فیها (م.ن، 34). ومال إلی مدح الأمراء الصغار الذین کانوا یحکمون إفریقیة و توابعها بعد اضطراب أوضاع الحسن، فمدح ناصرالدولة صاحب میورقة الذي أهدی له فرساً (م.ن، 330)، وقاضي سلا (م.ن، 557)؛ ودخل بعد أن شاخ و کفّ بصره علی کرامة بن المنصور صاحب بونة فنال صلة (السفلي، 86). وأخیراً دخل في خدمة بني حمدون في بجایة. وجالس هناک شاعراً اسمه أحمد الخراط وجرت بینهما مساجلات شعریة (ابن حمدیس، 481). توفي هناک عن 80 عاماًف غیر أن ابن خلکان تصور أنه توفي في میورقة، رغم أنه لم یستبع بجایة أیضاً (3/215). کما کان ابنه شاعراً وقال البعض إنه کان أشعر من أبیه (عمادالدین، 2/207).
یعتبر شعر ابن حمدیس کله رصیناً و جذاباً، بحیث یمکن اعتباره بجرأة أعظم شعراء صقلیة وأحد ألمع وجوه الأندلس والمغرب؛ وأثني علی شعره معظم الکتّاب القدماء (ظ: ابن دحیة، 54؛ ابن الأبار، 3/637؛ ابن خلکان، 3/212؛ ابن فضل الله، 139). واعتبر الصفدي الذي یعبر دائماً عن آراء انتقادیة قاطعة، أشعاره من أفضل الأشعار (ص 225-231)؛ نقل المقري (1/494) إحدی قصائده قائلاً: لاتوجد مثلها في أي مکان، ولاشک أن شعره تجاوز حدود المغرب والأندلس، إذ أنشدت بعض قصائده مثلاً لعمادالدین في بغداد (عمادالدین، 2/196).
إن رصانة الألفاظ والابتعاد عن الهجاء من جهة، وصدق المشاعر والوفاء من جهة أخری، جعلت شعر ابن حمدیس محبباً للقلب وعذباً. وإذا تجاوزنا عدة قصائد في فترة شبابه، أو القصائد الصقلیة، فإنه یظهر الشوق في بقیة أشعاره لزیارة صقلیة وأقاربه وأصدقاء شبابه بأسالیب متنوعة (ظ: ص 3، 274، 412، 416). ولعل لوعة الفراق هذه هي التي دعت ابن حمدیس أکثر من غیره للنزوع إلی الرثاء (قا: عتیق، 203)، وبالإضافة إلی المراثي الرسمیة الکثیرة، فإنه رثی أباه الذي توفي في صقلیة (ص 522)، ونظم علی لسان ابنه رثاء في زوجته (ص 477). غیر أن أکثر أشعاره لوعة جاءت في قصیدتین أنشدهما في موت جاریته جوهرة المؤلم. إذ إن غرق جوهرة في البحر والحزن العمیق الذي طغی علی قلب الشاعر نتیجة ذلک، ألهم الشاعر تشبیهات و معاني جذابة قویة لایمکن العثور علی أمثال بعضها في أي مکان، والذي یضیف إلی التأثیر القوي لهذه الأشعار هو الرصانة والسهولة والابتعاد عن کل أنواع التصنع واللفظیة (حول مراثیه، ظ: عتیق، 203-224). ولم یکن وصف الطبیعة والعمارات والأزهار والفواکه والحیوانات و حتی وصف الراقصات قلیلاً في دیوانه (ابن حمدیس، 133)، ویلاحظ فیه أحیاناً الشعر الحکمي أیضاً، غیر أن شعر الهجاء لم یرد أبداً في آثاره؛ ویفتخر هو نفسه بهذا الأمر (ص 520). ولاشک أن شعره لم یکن بعیداً عن تأثیر بقیة الشعراء وخاصة شعراء المشرق علیه؛ وجاء نوع من هذا التأثر في الکتب القدیمة بعنوان «السرقات». غیر أن الجمیع اعتبروه موفقاً في هذه السرقات، وذلک لأنه استخدم المعاني التقلیدیة بطریقة أفضل مما لدی السابقین (مثلاً ظ: عمادالدین، 2/196-207؛ ابن دحیة، 54-57).
وکان دیوان ابن حمدیس الذي ربما کان قد جمعه بنفسه متداولاً منذ أمد، و کان موجوداً بعد 100 عام من وفاتته عند ابن الأبار (3/637) وابن سعید (ص 149). حتی اختار آماري القسم المتعلق بصقلیة وطبعه في لایبزیک (1857م). وانتشر هذا القسم في 1893م في پالرمو بالاعتماد علی نسخة الفاتیکان. ثم طبع اسکیاپارلي جمیع الدیوان في روما (1898م)، وذلک علی أساس نسخ الفاتیکان ولینینغراد و بعض المصادر الأخری. ونشر في بیروت (1960م) آخر طبعة لهذا الدیوان بتصحیح منقح نوعاً مالإحسان عباس مع مقدمة مفصلة في ترجمة الشاعر.
ولم یبق أثر من کتاب تاریخ الجزیرة الخضراء الذي نسبه إلیه حاجي خلیفة (1/290) ولانعلم ما إذا کان مثل هذا الکتاب له حقاً أم لا.

المصادر

ابن الأبار، محمد، التکملة، تقـ: فرنسشکه قداره، مدرید، 1882م؛ ابن حمدیس، عبدالجبار، دیوان، تقـ: إحسان عباس، بیروت، 1960م؛ ابن خلکان، وفیات؛ ابن دحیة، عمر، المطرب، تقـ: إبراهیم الأبیاري وآخرون، القاهرة، 1374هـ/1955م؛ ابن سعید، علي، رایات المبرزین، تقـ: نعمان عبدالمتعال القاضي، القاهرة، 1393هـ/1973م؛ ابن ظافر الأزدي، علي، بدائع البدائه، تقـ: محمد أبوالفضل إبراهیم، القاهرة، 1970م؛ ابن فضل الله العمري، أحمد، مسالک الأبصار، تقـ: فؤاد سزگین، فرانکفورت، 1408هـ/ 1988م؛ حاجي خلیفة، کشف؛ السلفي، أحمد، أخبار و تراجم أندلسیة، تقـ: إحسان عباس، بیروت، 1963م؛ الصفدي، خلیل، نصرة الثائر علی المثل السائر، تقـ: محمد سلطاني، دمشق، 1391هـ/1971م؛ عباس، إحسان، العرب في صقلیة، بیروت، 1975م؛ م.ن، مقدمة دیوان (ظ: همـ ابن حمدیس)؛ عتیق، عبدالعزیز، الأدب العربي في الأندلس، بیروت، 1976م؛ عمادالدین الکاتب، محمد، خریدة القصر، تقـ: آذرتاش آذرنوش، تونس، 1971م؛ المقري، أحمد، نفح الطیب، تقـ: إحسان عباس، بیروت، 1968م؛ وأیضاً:

Nykl, A. R., Hispano-Arabic Poetry, Baltimore, 1946.
عبدالأمیر سلیم

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: