ابن حوط الله

اِبنُ حَوطِ اللَّه، أبومحمد عبدالله بن سلیمان الأنصاري الحارثي الأُندي (549-612هـ/1154-1215م)، قاض وفقیه و محدث وأدیب و شاعر في أواخر عصر الموحدّین بالأندلس. ویبدو بناءً علی روایةٍ (السیوطي، 2/44) أن اسمه یترکب خلافاً لظاهره من الکلمة العربیة حوت و علامة التصغیر «ol» التي تلحق بالاسم في اللغة الرومانیة. ویذکر أستاذ السیوطي الذي کان یعلم ذلک جیداً، أن أهالي شرق الأندلس یتلفظون هذه الکلمة حَوط و عند ترکیبها مع علامة التصغیر یلفظونها حَوطَلة (المؤنث) و حَوطِلُّة (المذکر). ثم استبدل هذا الترکیب إثر کثرة الاستعمال بحوط الله (قا: الخوانساري، 5/128).
وکان من أهالي أندة من أعمال بلنسیة، ودرس في البدایة بتلک المدینة علی والده (المنذري، 2/357-358؛ ابن الأبار، 2/883). ثم سافر منها إلی جمیع أنحاء الأندلس و درس في المدن الکبیرة علی العدید من مشاهیر العلم والأدب وأخذ عنهم العلوم خاصة القراءة والحدیث و حصل من بعضهم علی إجازة الروایة (م.ن، 2/883-884؛ الذهبي، تذکرة، 4/1397-1398). وتولّی منصب القضاء في المدن الکبیرة مثل قرطبة وإشبیلیة و مرسیة و میورقة و سبتة وسَلا و غیرها (ابن الأبار، 2/885؛ النباهي، 112؛ ابن فرحون، 1/447). ولیس لدینا علم عن تاریخ رحلاته هذه، وکل مانعلمه هو دخوله مدینة میورقة لتولي منصب القضاء في 600هـ/1204م بعد أن فتحها ناصر الموحدي (ابن القاضي، 206).
وکان ابن حوط الله من فقهاء المالکیة (مخلوف، 1/173) و من فحول عصره في الحدیث والرجال و کان متبحراً في الفقه والأصول والنحو والشعر و کتابة الرسائل و الخطابة (ابن الأبار، 2/884؛ النباهي، ن.ص). ورغم کتابته بالیسری لتعذر الیمنی فقد کان بارع الخط (السیوطي، ن.ص). ویبدو مع کل هذا أن رحلاته المتعددة لم تسمح له بتألیف الآثار العلمیة، کما فقدت بعض هذه الآثار خلال رحلاته هذه کما یقول ابن الأبار (ن.ص) وذکر أن له کتاباً لم یتم في «ذکر أسماء شیوخ البخاري و مسلم و أبي داود و النسائي والترمذي»، حذا فیه حذو الکلاباذي و أسلوبه (ابن الأبار، ن.ص؛ قا: الذهبي، تذکرة، 4/1398).
وبما أنه «کان من العلماء العاملین سُنّیاً مجانباً لأهل البدع والأهواء» (ابن فرحون، ن.ص)، وکان إضافة إلی ذلک «حمید السیرة محبّباً في الناس» (ابن الأبار، 2/885)، استأدبه المنصور حاکم المغرب لأبنائه في مراکش ونال دنیا عریضة (ظ: الذهبي، سیر، 22/42؛ قا: العامري، 495؛ ابن العماد، 5/50). وکان له تلامذة کثیرون (النباهي، ن.ص). ویذکر ابن الأبار (2/884) أنه لم یکن في زمانه أکثر مسموعاً منه و من أخیه ابي سلیمان. ولم تبق من أشعاره سوی بضعة أبیات (النباهي، ن.ص؛ الحمیري، 518). وقد توفي بغرناطة في منتصف ربیع الأول عندما کان متوجهاً إلی مرسیة لیتولی قضاءها ثانیة و دفن بعد نقله إلی مالقة علی مقربة من مسجد الغُبار (ابن الأبار، 2/885؛ الذهبي، تذکرة، ن.ص).

المصادر

ابن الأبار، محمد، التکلمة، تقـ: عزت العطار الحسیني، القاهرة، 1375هـ/ 1956م؛ ابن العماد، عبدالحيف شذرات الذهب، القاهرة، 1351هـ/1932م؛ ابن فرحون، ابراهیم، الدیباج المذهب، تقـ: محمد الأحمدي أبوالنور، القاهرة، 1974م؛ ابن القاضي، أحمد، جذوة الاقتباس، الرباط، 1973م؛ الحمیري، محمد، الروض المعطار، تقـ: إحسان عباس، بیروت، 1980م؛ الخوانساري، محمد، روضات الجنات، طهران، 1382هـ/1962م؛ الذهبي، محمد، تذکرة الحفاظ، حیدرآبادالدکن، 1333-1334هـ؛ م.ن، سیر أعلام النبلاء، تقـ: بشار عواد معروف و آخرون، بیروت، 1405هـ/1985م؛ السیوطي، بغیة الوعاة، تقـ: محمد أبوالفضل إبراهیم، القاهرة، 1384هـ/1964م؛ العامري، یحیی، غربال الزمان، تقـ: محمد ناجي زعبي العمر، دمشق، 1405هـ/1985م؛ مخلوف، محمد، شجرة النورالزکیة، القاهرة، 1349هـ/1930م؛ المنذري، عبدالعظیم، التکملة لوفیات النقلة. تقـ: بشار عواد معروف، بیروت، 1405هـ/1984م؛ النباهي، أبوالحسن بن عبدالله، تاریخ قضاة الأندلس، تقت: لیفي بروفنسال، القاهرة، 1948م.

رضا محمدزاده