الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / التاریخ / ابن جهیر /

فهرس الموضوعات

ابن جهیر


المؤلف :
تاریخ آخر التحدیث : 1443/7/28 ۱۱:۲۶:۱۵ تاریخ تألیف المقالة

اِبنُ جَهیر، اسم عدد من أفراد أسرة بني جَهیر، تسنم بعضهم الوزارة و الإمارة في دارالخلافة ببغداد و في بلاط أعاظم السلاجقة:

1. أبونصر محمد بن محمد بن جهیر الموصلي الثعلبي

(398-483هـ/1008-1090م)، الملقب بفخر الدولة و مؤید‌الدین (ابن خلکان، 5/125)، و شرف الوزراء (ابن الجوزي، یوسف، 250). ولد في الموصل (قا: ابن الفوطي، 4/)3)/364) و شبّ فیها. و خدم في بدایة نشاطه السیاسي برکة بن مقلد من بني عقیل الشیعة في الموصل و أخاه قرواش ابن مقلد حاکم تلک المنطقة. و یقال إنه ذهب سفیراً إلی بلاد الروم بعد إلقاء القبض علی قرواش و سجنه 0أغلب الظن أنه کان في 442هـ/1050موانتهی بإمارة برکة). وعند رجوعه إلی الموصل غضب علیه الأمیر الجدید قریش بن بدران، و بعد أن استجار بأبي الشدّاد – شیخ بني عقیل – سار إلی حلب وتولی الوزارة (وفي قول آخر ناظر دیوان حلب، ظ: الذهبي، 19/609) لمعزالدولة أبي ثمال أمیر بني مرداش الشیعي (ابن الأثیر، 10/182)، ولکنه لم یمکث طویلاً حتی توجه إلی بني مروان، أمراء میافارقین و آمد الذین هم من أصل کردي (یحتمل في 446هـ/ 1054م، ظ: EI2, II/384). و خدم نصرالدولة المرواني فوزر له. و علی الرغم من أن ابن جهیر حظي بقوة و مکانة عظیمتین لدی نصر الدولة وابنه نظام‌الدین (ابن خلکان، ن.ص؛ البنداري، 25) و حصل علی ثروة عظیمة (ابن الطقطقی، 395) ولکن ذلک لم یقف حائلاً أمام طموحه، حیث واصل محاولاته للاتصال بدار الخلافة. و لهذا فقد کان یرسل الهدایا و الأموال إلی الخلیفة العباسي القائم و یتحدث عن أمله في لقاء الخلیفة و تولیة الوزارة عنده (البنداريف ن.ص). و أخیراً أوفد الخلیفة، نقیب النقباء أبا الفوارس طراد بن محمد الزینبي إلی أبي نصر لیتحدث معه في هذا المجال. و لما عزم نقیب النقباء علی العودة إلی بغداد غادر أبونصر مدینته لتودیعه (454هـ/1062م) و کان قد أخرج أمواله قبل ذلک من منطقة نفوذ بني مروان و نقلها إلی بغداد و المدن الأخری (ابن الطقطقی، ن.ص) واتجه إلی بغداد خلافاً لرغبة الأمیر المرواني الذي لاحقه (البنداري، ن.ص) ودخلها في أوائل ذي الحجة 454 (ابن الجوزي، یوسف، 249) و ذهب في یوم عرفة من تلک السنة إلی دار الخلافة ببغداد و تسلم الخلعة و الأمر بالوزارة من الخلیفة العباسي (البنداريف 25، 26).
وأظهر أبونصر في هذه الفترة من وزارته التي استمرت 6 سنوات کفاءة وأخضع أمراء نواحي العراق الذین کانوا قد شقّوا عصا الطاعة (ابن الطقطقی، 395-396) و یقال إنه أقام علاقات أیضاً مع إمبراطور الروم قسطنطین (ابن الجوزي، یوسف، 122). ولابد لمعرفة سبب قوته و قدرته في الوزارة، من البحث عنها في تقربه من بلاط ألب أرسلان السلجوقي ووزیره نظام الملک. کما أن طلبه الخلعة من ألب أرسلان وارتدائها دون إجازة من الخلیفة کان من أسباب عزله عن الوزارة (360هـ، ظ: ابن الفوطي، 4(3)/363). و جاء في توقیع عزل الخلیفة ابن جهیر عن الوزارة سبع اتهامات منها عدم اهتمام الوزیر بأوامر الخلیفة وتوقیعاته و التقرب من ألب أرسلان عن طریق إرسال ولده إلی السلطان (ابن الجوزي، یوسف، 250-252) و مع ذلک فقد نوّه الخلیفة في توقیعه إلی أن فخرالدولة لم یرتکب خیانة مالیة و سیاسیة وأنه بإمکانه التصرف بأمواله (مون، 253). و غادر فخرالدولة بعد ذلک و بأمر من الخلیفة (ابن الفوطي، ن.ص) بغداد وسط هیاج الناس الذین کانوا یبکون لعزله. و ذهب إلی الفلوجة عند نور الدولة دُبَیس أمیر بني مزید (ابن الأثیر، 10/57). و کما جاء في مرآة الزمان (ابن الجوزي، یوسف، 254-255) أن الخلیفة بعد عزل ابن جهیر کان یرید استیزار ابن عبدالرحیم علي الرغم من توصیة ألب أرسلان بتوزیر أبي یعلی حسین بن محمد الهمداني الروذراوري، إلا أن معارضة الناس لذلک و معارضة زوجته أرسلان خاتون الذین أعادوا إلی الأذهان تعاون ابن عبدالرحیم مع البساسیري في قتل الناس و نهب بغداد جعلت الخلیفة یعدل عن قراره و یأخذ برأي مشاوریه حیث أشاروا علیه بأنه یثیر غضب ألب ارسلان إن استوزر أيّ شخص آخر، لذلک استدعی الخلیفة فخرالدولة إلی بغداد (12 صر 461) و استوزره ثانیة (3 ربیع الأول 461)، ولکن ابن الأثیر (10/57-58) یری أن الخلیفة اختار أبا یعلی للوزارة وأنه اتجه إلی بغداد ولکنه مات في الطریق فعیّن فخرالدولة وزیراً بشفاعة نورالدولة دبیس.
واتسمت علاقات ابن جهیر بنظام الملک في أواسط هذه الفترة من وزارته باتوتر ولکن نار الاختلاف خمدت في 466هـ/1074م بوساطة من عمیدالدولة بن جهیر صهر نظام الملک و طلبه العذر من الوزیر السلجوقي، وحدث أن قُلت جوهر خاتون عمة ملکشاه بإیعاز نظام الملک الذي ذمه أهالي بغداد و دعوه بالسفاک فنسب نظام الملک ردود فعل الأهالي هذه إلی خفرالدولة و أضمر الحقد له (ابن الجوزي، یوسف، 168، 176). و في هذه الأثناء توفي الخلیفة القائم و أوصی خلیفته المقتدط أن یبقي فخرالدولة وزیراً (ابن الأثیر، 10/97؛ قا: ابن العمراني، 201، الذي قال إن فخرالدولة کان في هذه الفترة بدیار بکر و إن المقتدي استدعاه للوزارة). وظل فخرالدولة في منصبه حتی أوائل 468هـ/1075م حیث وصل سعدالدولة گوهر آئین إلی بغداد و أظهر أنه یحمل حکم عزل ابن جهیر. و غضب فخرالدولة عند سماعه هذا النبأ أعلن أنه ذاهب إلی ملکشاه. ولکن گوهرآئین کان قد سلّم الخلیفة الرسالة التي لم تکن تتضمن عزله و إنما تضمنت بعض النصائح (ابن الجوزي، یوسف، 168، 176، 177). و في شوال 469، بعدما ثار الحنابلة ببغداد ضد الشافعیة و ضد أبي نصر بن عبدالکریم القشیري الذي قام بالوعظ وفقاً للمذهب الأشعري و ضد الحنابلظ في المدرسة النظامیة، و اشتدت الفتنة (م.ن، 186-189) و نسب أعوان و رجال نظام الملک هذه الحادثة أیضاً إلی فخرالدولة، أعاد الوزیر السلجوقي سعدالدولة گوهر آئین إلی شحنکیة بغداد و حمّله رسالة إلی بغداد تتضمن عزل فخرالدولة عن الوزارة (471هـ/1078م) وأمر گوهرآئین بأخذ أصحاب بني جهیر وإیذائهم مع حواشیهم (ابن الأثیر، 10/110). فسار عمیدالدولة بن فخر الدولة إلی معسکر نظام الملک لیستعطفه. و من جهة أخری فقد أصرّ گوهرآئین علی أن یلزم فخرالدولة منزله و قام بأعمال سیئة. و یقول سبط ابن الجوزي في مرآة (ص 195-197) إن الخلیفة المقتدي أعلن أن الوزیر هو عمیدالدولة الموجود في معسکر السلطان و أن فخرالدولة نائب عنه و بهذه الوسیلة استطاع أن ینقذ فخرالدولة من السجن. ومع ذلک فق استقال فخرالدولة نفسه لخوفه و ذعره من فظاظة تصرف گوهرآئین مع الخلیفة (البنداري، 55)، ولکن و کما یقول ابن الأثیر (101/110) فإن الخلیفة عزل فخرالدولة بعد استلامه رسالة نظام الملک وأصدر أمره بلزوم داره، حتی عاد عمیدالدولة في جمادی الأولی من نفس السنة إلی بغداد بعد أن کان قد استطاع إخماد نیران حقد نظام الملک ولکن الخلیفة لم یرجع فخرالدولة إلی الوزارة هذه المرة وأصدر أمره بملازمة عمید الدولة داره مثل أبیه. ولم یتولَّ فخرالدولة الوزارة بعد ذلک علی الرغم من أنه تخلص من لاسجن بعد تسنم ابنه عمیدالدولة الوزارة (م.ن، 10/111).
ولکن علاقات فخرالدولة مع جهاز الخلافة لم تنقطع حتی أنه سافر إلی أصفهان في 474هـ و ذلک لیخطب ابنة ملکشاه للخلیفة المقتدي و کان یحمل هدایا کثیرة ثم عاد إلی بغداد (البنداري، 72-73). وبعد سنة عزل عمیدالدولة عن الوزارة و تمت هجرة جمیع أفراد عائلة جهیر إلی أصفهان بناء علی طلب من ملکشاه و نظام الملک (ابن الأثیر، 10/129). وقد تولی فخرالدولة الذي حظي باستقبال نظام الملک و ملکشاه و محبتهما، مهمة طرد بني مروان عن دیار بکر في جمادی الأولی من نفس السنة، و تولی الحکم هناک مقابل المال الذي یرسله للسلطان و أن یضرب النقود و یخطب باسمه (ابن الأثیر، ن.ص؛ ابن الجوزي، یوسف، 223). و علیهذا فقد هاجم فخرالدولة دیاربکر و التحق به أرتق السلجوقي في 477هـ أیضاً بأمر من ملکشاه (ابن الأثیر، 10/134؛ قا: ابن الجوزي، یوسف، 227)،  وعسکر کل منهما في ضواحي آمد.  لما علم فخرالدولة باتحاد أمیر حلب العقیلي، شرف الدولة مسلم ابن قریش، مع أبي المظفر منصور المرواني، و قیل إنه لم یکن راغباً في أن یطال العرب ضرر، لذلک فقد جنح للسلم غیر أن الجنود الترکمان الذین کانوا یطالبون بالحروب و الغارات، هاجموا لیلاً دون علم فخرالدولة و أرتق، معسکر شرف‌الدولظ و هرموه إلی آمد. ثم حاصر کل من فخرالدولة و أرتق آمد أیضاً. ولکن شرف‌الدولة استطاع أن یخرج من المدینة بسلام بعد رشوة دفعها إلی أرتق (ابن الأثیر، 10/134-135).
وفي هذه الأثناء انفصل أرتق عن فخرالدولة بسبب الاختلاف الناشب بینهما حول الأسری، ثم هاجم فخرالدولة میافارقین بعد ذلک؛ ولما یئس م فتحها ذهب إلی خلاط و منها إلی العراق.  في هذه الأثناء التحق به ابنه زعیم الرؤساء و حاصر الاثنان مدینة آمد و انتهی الحال إلی فرضهما حصاراض علی طرفی آمد وأخیراً تم فتح المدینة ثانیة بشکل غیر متوقع في 478هـ/1085م (م.ن، 10/135، 143)؛ و عین فخرالدولة هناک زعیم الروساء واتجه بنفسه إلی حصار میافارقین (ابن الجوزي، یوسف، 235) واستطاع في جمادی الآخرة من تلک السنة فتح میافارقین بمساعدة سعد الدولة گوهرآئین و ذهب بمعیّته إلی بغداد. ثم أرسل بعد فترة جیشاً لاحتلال جزیرة ابن عمر (ن.ع)، فقضی بسیطرته علیها علی دولة بني مروان في جمیع أنحاء المنطقة (ابن الأثیر، 10/144) و تولی الحکم بنفسه. ویقال إن ملکشاه کان قد أرسل أبا الفتح علي العمید البلخي في هذا التاریخ إلی فخرالدولة لمحاسبة أموال دیاربکر. و عندما رجع العمید إلی السلطان أخبره بأن فخرالدولة سعی لتقدیم رشوة له ولکنه لم یجده مجرماً. فغضب ملکشاه من ذلک و عزل فخرالدولة عن الحکم (477هـ/1084م) و عین العمید علی دیار بکر (ابن الفوطي، 4(2)/932-933). و مع کل ذلک فقد عین من قبل ملکشاه حاکماً علی دیار ربیعة في 482هـ و تربع علی سدة الحکم بعد سیطرته علی نصیبین والموصل وسنجار والرحبة والخابور و جعل الخطبة باسمه (ابن خلکان، 5/131). ولکن حکمه لم یدم طویلاً فقد توفي بالموصل (ن.ص).
وکان أبو نصر فخرالدولة یعد من الوزراء الأقویاء نسبیاً، حیث استطاع خلال فترة ضعف الخلافة ببغداد أن یوسّع إلی حدما نفوذ الخلیفة وذلک بکفاءته و تدبیره. و کان علی الرغم من علاقاته الوثیقة ببلاط سلاطین السلاجقة یحظی باهتمام الخلیفة والناس و حبهم له  حیث ودعه الناس باکین عندما غادر بغداد بعد عزله عن الوزارة في 460هـ (ابن الجوزي، یوسف، 253) وأقاموا مظاهر الفرح و السرور ووزعوا الدراهم الدنانیر عند عودته إلی الوزارة بعد مدة (البنداري، 36، 37؛ ابن الطقطقی، 396)، ولکن قیل أیضاً إنه أمر رئیس الشرطة أبا الغنائم بن إسماعیل بهدم دور الکثیرین من الأهالي لإنشاء دار له ببغداد (ابن الجوزي، یوسف، 8(1)/18). وفي الوقت الذي نری فیه البعض یشیر إلی علمله و عقله و کرمه و کفاءته (ابن الطقطقی، 394؛ الحسیني، 62؛ الذهبي، 18/609)، نری ابن العمراني (ص 201)، یصفه بأنه رجل عدیم الکفاءة قد غطی نقصه هذا بکرمه الکثیر و أمواله العظیمة. ولعل کرمه و هدایاه هذه هي التي دفعت بعض الشعراء کأبي منصور علي بن الحسن، المعروف بصُرَّدُرَّ والفضل بن منصور الشریف الفارقي (ابن خلکان، 5/128-131) إلی الإشارة به و مدحه.

2. أبومنصور محمد بن محمد بن محمد بن جَهیر

(435-493هـ/1043-1100م)، الملقب بعمید الدولة، ابن فخرالدولة. وأکبر الظن أنه ولد بالموصل عندما کان والده یعیش بها في خدمة بني عقیل (ابن الأثیر، 10/299) و ذهب مع عائلته في 454هـ إلی بغداد (عمادالدین، 1/88). ولاتتوفر معلومات عن صباه أکثر من هذه. ولکن یبدو أنه کان یعد من المقربین للخلیفة القائم، فقد أرسله في 462هـ إلی ألب أرسلان السلجوقي و تزوج هناک من ابنة الوزیر نظام الملک. و عندما عاد إلی بغداد خلع الخلیف علیه و جعل إلیه الإنهاء و المطالعة و مراعاة الإقطاع (البنداري، 37). وفي 464هـ أوفد ممثلاً للخلیفة إلی السلطان السلجوقي للاعتراف الرسمي بولایة عهد ملکشاه و خطبة ابنة ألب أرسلان للمقتدي ولي عهد الخلیفة (ابن الأثیر، 10/70-71)، کما کلف في 467هـ بأخذ البیعة من ملکشاه للمقتدي (م. ن، 10/97). وقد أدت هذه الرحلات المستمرة، والتدبیر و الکفاءة اللتان أظهرهما عمیدالدولة عندما کان یستشیره السلطان و الوزیر في الشؤون السیاسیة آنذاک (مثلاً ظ: ابن الجوزي، یوسف، 172؛ عمادالدین؛ 1/92)، إلی إیجاد علاقات وثیقة بینه و بین بلاط السلاجقة و نظام الملک نفسه الذي استفاد منه دائماً کأهم ظهیر سیاسي له. وفي 471هـ جاء گوهرآئین إلی بغداد حاملاً معه حکم عزل فخرالدولة عن الوزارة، فأسرع عمیدالدولة (الذي اعتبره عمادالدین، 1/89، معاوناً لأبیه في الوزارة في هذه السنین) إلی أصفهان واستطاع أن یحصل علی رضی السلطان و وزیرة عن والده. وقد عاد إلی بغداد في جمادی الأولی 471بعد زواجه م سبطة نظام الملک (حیث کانت زوجته بنت نظام الملک قد توفیت) ولکنه التزم بیته بناء علی أمر الخلیفة (ابن الأثیر، 10/110)؛ حتی أواخر 471هـ حیث کتب نظام الملک إلی الخلیفة بزوال کل الخلافات بینه و بین بني جهیر و بضرورة إعادة عمید الدولة إلی الوزارة. فاضطر الخلیفة إلی عزل ظهیرالدین الروذراوري و تعیین عمید الدولة وزیراً في صفر 472 (ابن الجوزي، یوسف، 199؛ ابن الأثیر، 10/111). وکان عمیدالدولة منذ هذا التاریخ و حتی عزله عن الوزارة (476هـ/1083م) مشغولاً بهذا المنصب ومستفیداً من الهدوء السیاسي في العراق، ولم یتحدث المؤرخون عن وقوع حادثة مهمة في تلک الأیام کما لم یتحدثوا عن سبب عزله. و علی کل حال فقد کتب ملکشاه إلی الخلیفة بعد عزل عمیدالدولة رسالة یخیره فیها إما بإعادة بني جهیر إلی العمل وأداء حقهم في الخدمة أو بإرسالهم جمیعاً إلی بلاطه؛ کما کتب إلی عمیدالدولة ووالده فخرالدولة رسالة دعاهما فیها إلیه (ابن الجوزي، یوسف، 219-220، بروایة عمیدالدولة نفسه) و هکذا غادربنو جهیر بغداد و استقبلوا بحفاوة بالغة في أصفهان و عینت لهم رواتب هناک (م. ن، 223؛ ابن الأثیر، 10/129).
وفي 477 هـ کان فخر الدولة منهمکاً في السیطرة علی دیار بکر فولی ملکشاه عمیدالدولة حکم حلب و الرحبة والجزیرة وإلقاء القبض علی شرف‌الدولة مسلم بن قریش، ویقول ابن الأثیر (10/136) إن السلطان سیر قسیم الدولة آق سنقر (ن.ع) جد أتابکة الشام معه، ولکنه عندما سمع وهو في الطریق نبأ فرار شرف‌الدولة من آمد، أخبر السلطان بذلک واتجه نحو الموصل مرکز حکم شرف‌الدولة و التحق به من سنجار أرتق بیک. وطلب عمیدالدولة من أهالي الموصل الطاعة والتسلیم له فوافقوا علی ذلک شرط مجيء السلطان بنفسه. وعندما جاء السلطان خضع أهالي الموصل له و أطاعوه (ابن الجوزي، یوسف، 228). ویقال إن السلطان أوکل إمارة ذلک المکان إلی عمید الدولة أیضاً (ابن الأثیر، 10/294). و لاتتوفر معلومات عن عمیدالدولة منذ هذا التاریخ و حتی 484هـ حیث عزل الخلیفة في هذه السنة وزیره ظهیرالدین الروذراوري وطلب من السلطان إرسال عمیدالدولة إلی بغداد لیتولی الوزارة (ابن الأثیر، 10/186-187). و هکذا جاء إلی بغداد و تسنم الوزارة في ذي القعدة 484.
و لاتتوفر معلومات عن فترة وزارته الثانیة التي استغرقت حوالي 9 سنوات و شملت قسماً من فترة خلافة المستظهر. و بالطبع فقد کان بإمکان أحداث مهمة، کقتل نظام الملک و موت ملکشاه والصراع بین خلفائه، أن تغطی علی التیارات والأحداث السیاسیة ببغداد في نظر المؤرخین، و مع کل ذلک فقد ذکر أن برکیارق السلجوقي قبض علی عمیدالدولة في أوائل 493هـ و طالبه بالأموال الحاصلة من دیار بکر والموصل في الفترة التي تولی هو وأبوه حکومة تلک الدیار من قبل ملکشاه (ابن الأثیر، 10/294). و أخیراً وبعد اتفاق الجانبین دفع عمید الدولة 160,000 دینار إلی برکیارق ونجا بنفسه (ن.ص)، ولم تدم وزارته بعد ذلک طویلاً لأن برکیارق انهزم أمام أخیه محمد السلجوقي وأسر زیره أبوالمحاسن الأعز. وقد أطلق مؤید الملک وزیر السلطان محمد، سراحه بشرط أن یذهب إلی بغداد و یجبر  الخلیفة علی عزل عمیدالدولة الذي کان قد اعترف في البدایة ببرکیارق کخلیفة لملک شاه و أخذ منه البیعة للمنستظهر (ابن الأثیر 10/231)، ولکن جهود عمیدالدولة لقتل أبي المحاسن قبل وصوله بغداد لم تثمر، فقد وصل أبوالمحاسن بغداد و طلب عزل عمیدالدولة فعزله الخلیفة في رمضان 493 و حبسه مع أخیه بعد أن صادر من أمواله 25,000 دینار و بقي في السجن حتی شوال من تلک السنة حیث أخرجت جثته من السجن (م.ن، 10/298-299؛ قا: ابن خلکان، 5/133)؛ ویروي ابن العمراني (ص 206-207) أنه قتل في الحمام.
وعلی الرغم من أن عمیدالدولة کان رجلاً نزیهاً لبیباً کفوءاً إلی درجة دعت نظام الملک لیقول إنه یحسد أباه (ابن الجوزي، یوسف، 199) وکان یستفید من استشارته دائماً (ابن خلکان، 5/131؛ عمادالدین، 1/92)، إلا أنه کان متکبراً جداً (ابن الجوزي، عبدالرحمن، 9/118) و لعل هذا الأمر کان السبب في إثارة العداء بینه و بین أمراء البلاط السلجوقي و الخلیفة ببغداد. و مع ذلک فقد ورد الحدیث عن کرمه وصبره وحبه للناس وقد ذُکر أنه سعی بنفسه في الحریق العظیم الذي حدث ببغداد (485هـ/1092م) لإحضار السقائین لاخماده (ابن الأثیر، 10/218، 299). وقد أشاد به  مدحه بعض الشعراء المعاصرین له کأبي منصور صرّدرّ (ابن خلکان، 5/132-133). و کان عمیدالدولة عالماً درس الحدیث عند مشایخ عصره (ابن الجوزي، عبدالرحمن، ن.ص).

3. أبوالقاسم علي بن محمد بن محمد بن جهیر

(تـ 508هـ/ 1114م)، ابن فخرالدولة وأخو عمیدالدولة. ورد ذکره لأول مرة في أحداث 460هـ. فقد عین في هذه السنة قبل عزل والده عن وزارة القائم، رئیساً لدیوان الزمام و لقب بعمید الرؤساء (ذکرت بقیة المصادر لقبه زعیم الرؤساء) (البنداري، 36). وبقي في هذا المنصب بضعة أعوام بعد خلافة المقتدي (ابن الجوزي، عبدالرحمن، 9/182)، ولما هاجر بنو جهیر إلی ملکشاه في أصفهان عام 476هـ ذهب کما یبدو إلی بلاط السلطان أیضاً، لأن فخرالدولة عندما کان في 478هـ مکلفاً بالسیطرة علی دیار بکر أرسل أبالقاسم إلی آمد، حیث سبب القحط و المجاعة للناس وذلک بتدمیره البساتین و المزارع المحیطة بالمدینة فأدی ذلک فجاءة إلی فتح المدینة (ابن الأثیر، 10/143)، ویقال إن فخرالدولة عیّن أبالاقاسم أیضاً لجمع أموال بني مروان هناک، لأن أبا القاسم جاء في رمضان تلک السنة بأموال بني مروان إلی بغداد لیتوجه من هناک إلی أصفهان عند ملکشاه (ابن الجوزي، یوسف، 235، 237).
ولاتتوفر معلومات عن النشاطات السیاسیة و العسکریة لأبي القاسم بعد ذلک، ولکن من المحتمل جداً أنه دخل بغداد بمعیة عمیدالدولة في بدایة فترة وزارة الأخیر الثانیة وبقي هناک حتی سجن حین عزل عمید الدولة (العقیلي، 142). وأطلق سراح أبي القاسم في 494هـ من السجن، ولکن یبدو أنه کان محظور الخرج من بغداد، حیث قیل إنه هرب منها بحیلة وذهب عند سیف الدولة صدقة بن مزید في الحلة (ابن الأثیر، 10/325-326). وبقي ابن جهیر هناک حتی استدعاه الخلیفة المستظهر في 496 هـ إلی بغداد و عیّنه وزیراً بعد أن منحه لقب قوام‌الدین (نظام الدین؟ ظ: ابن خلکان، 5/134) (ابن الأثیر، 10/366)، ولکن ابن العمراني (ص 207) ذکر أن الخلیفة قد أبدل لقب أبي القاسم إلی مجیر‌الدین (مجدالدین ؟ ظ: عقیليف 142)، لأن السلطان محمد السلجوقي لقب وزیره أحمد بن نظام الملک بقوام الدین. و عزل أبوالقاسم بعد 5/3 سنوات من الوزارة في صفر 500 ولجأ إلی منزل سیف‌الدولة صدقة ببغداد، حیث هدّمت داره الواقعة بباب العامة بأمر الخلیفة، و مع کل هذا فقد عاد أبوالقاسم إلی الوزارة ثانیة في 503هـ بعد عزل أبي المعالي بن مطلب عن الوزارة (ابن الأثیر، 10/438، 478). و خدم في المناصب الحکومیة 50 عاماً (ابن الجوزي، عبدالرحمن، ن. ص).

4. أبونصر المظفر بن علي بن محمد بن محمد بن جهیر

(ت 549هـ/ 1155م)، الملقب بنظام‌الدین (ابن الأثیر، 11/79) والوزیر الأکمل (الذهبي، 20/283)، ولاتتوفر عنه معلومات تذکر، و کان أستاذ الدار للخلیفة أیام الخلیفتین العباسیین المسترشد و الراشد (ابن الجوزي، عبدالرحمن، 10/160؛ الذهبي، ن.ص). صار وزیراً للمقتفي في 535 هـ (ابن الأثیر، ن. ص) و عزل في 542هـ (الذهبي، ن. ص). و ذکر اسمه ضمن علماء الحدیث، فقد أخذ الحدیث عن الحسین بن بُسري و غیره، و أخذ عنه الحدیث آخرون کابن السمعاني و محمد بن علي الدوري (الذهبي، ن.ص).

المصادر

ابن الأثیر، الکامل؛ ابن الجوزي، عبدالرحمن، المنتظم، حیدرآبادالدکن، 1359هـ؛ ابن الجوزي، یوسف، مرآة الزمان، تقـ: علي سویم، أنقرة  1968م؛ م.ن، ن.م، حیدرآبادالدکن، 1951م؛ ابن خلکان، وفیات؛ ابن الطقطقي، محمد، الفخري، تقـ: هارتویک درنبورغ، باریس، 1894م؛ ابن العمراني، محمد، الإنباء في تاریخ الخلفاء، تقـ: قاسم السامرائي، لیدن، 1973م؛ ابن الفوطي، عبدالرزاق، تلخیص مجمع الآداب في معجم‌الألقاب، تقـ: مصطفی جواد، بغداد، 1965م؛ البنداري الأصفهاني، الفتح، تاریخ دولة آل سلجوق، بیروت، 1400هـ/1980م؛ الحسیني، صدرالدین علي، زیدة التواریخ، أخبار الأمراء والملوک السلجوقیة، تقـ: محمد نورالدین، بیروت، 1405هـ/1985م؛ الذهبي، محمد، سیرأعلام النبلاء، تقـ: شعیب الأرنؤوط و محمد نعیم العرقسوسي، بیروت، 1405هـ/ 1984م؛ عقیلي، سیف‌الدین بن نظام، آثار الوزراء، تقـ: جلال‌الدین محدث أرموي، طهران، 1337ش؛ عمادالدین الکاتب، محمد، خریدة القصر، تقـ: محمد بهجة الأثري، بغداد، 1375هـ/1955م؛ وأیضاً:

EI2.

صادق سجادي
 

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: