ابن الأعلم

اِبنُ الأَعلَم، الشریف أبوالقاسم علي بن أبي الحسن علي (القفطي، 157: علي بن الحسن؛ ابن العبري، 174: علي بن الحسین) ابن أبي المجیب علي بن جعفر بن محمد الأعلم العلوي الحسیني الکوفي البغدادي (324- 8 محرم 375هـ/ 936-31 أیار 985م)، فیلسوف و منجم شیعي.
یعتقد بعض الکتّاب أنه من نسل جعفر بن أبي طالب (البیهقي، 90؛ الشهرزوري، 2/33). و نقلاً عن ریاض العلماء، ذکر آقا بزرگ له اسماً أکمل (… محمد الأعلم بن عیسی بن یحیی) و عدّه من أحفاد زید الشهید و أخا حمزة المعدل بالأهواز (طبقات، 178). و یبدو أن خطأ قد وقع في هذا النقل، حیث لم یلاحظ أي حدیث في ریاض العلماء عن ابن الأعلم.
والثابت تقریباً أن ابن الأعلم ینتسب إلی العلویین، و قد أیّدت المصادر الأخری التي ذکرت أنه علوي (القفطي، ابن العبري، ن. ص) أو علوي حسیني (ابن طاووس، 125) روایة التنوخي الذي کان معاصراً له و علی صلة به القائلة بأنه «سید فاطمي و علوي» (4/170، 172). و هناک اختلاف حول محل ولادته، فالبعض یعتقد بأنه بغداد (البیهقي، ن.ص)، والبعض الآخر الکوفة (ابن طاووس، 125-126). والروایة الأخیرة یؤیدها التنوخي (4/170) الذي لقّبه بالکوفي.
ویعتقد القفطي (ن. ص) أنه توفي عام 375 هـ في منزل عُسَیلة أثناء عودته من الحج، إلا أن بعض الکتّاب من المتأخرین یعتقد أنه قد توفي عام 374 هـ في منزل الثعلبیة (آقابزرگ، الذریعة، 12/81؛ نامۀ دانشوران، 2/612).
وکان ابن الأعلم خلال فترة تلقّیه العلم في بغداد یقصد الکوفة أحیاناً فواجه في إحدی المرّات أسداً، إلا أنه نجا منه و ظلّ طوال حیاته یصوم الثلاثاء شکراً للّه (التنوخي، 4/170-173). و قد قورنت هذه الحادثة – کما یبدو آنذاک – بقصة زینب الکذابة و الإمام الرضا (ع) ونتیجتها القائلة بأن السباع لاتفترس ولد فاطمة (ع) (ن. ص). واصل ابن الأعلم دراسته في بغداد حتی أصبح أستاذاً في الریاضیات و علم الهیئة وفروعه و عارفاً بالقانون الفیثاغوري من الموسیقی (البیهقي، القفطي، ن. ص؛ GAS, VI/215). وقد عاصر ثلاثة خلفاء عباسیین هم المستکفي والمطیع و الطائع، لکن لیست هناک معلومات عن طبیعة علاقته بهم. وحظي بمکانة عند عضدالدولة الدیلمي (324-372هـ/ 936-982م)، بحیث لایقوم الأخیر بأي عمل مالم یرجع إلی تنبؤاته الفلکیة، واعتبره أستاذاً في حل الجداول الفلکیة. وبعد وفاة عضدالدولة تردّی حاله وتأخر أمره عند ابنه صمصام‌الدولة فانقطع عنهم وقصد الحج في 374 هـ (ابن العبري، القفطي، ن. ص).
ولایستبعد أن یکون عضدالدولة قدأمره بإنشاء مرصد في بغداد (مدرّس، 7/388؛ نامۀ دانشوران، 6/240، دون أن یذکر أي منهما المصدر المعتمد)، لأن زیج ابن الأعلم الذي یعتقد أنه ناسخ للزیجات القدیمة مثل زیج یحیی بن أبي منصور، لابد أنه کان نتیجة دراساته الفلکیة في مثل هذا المرصد. و لقب ابن الأعلم بـ «صاحب الزیج» بسبب تألیفه هذا الکتاب الذي عوّل علیه المنجّمون منذ عصر المؤلف و بعد عصره بقرون (القفطي، ابن طاووس، ن. ص).
وقد أیّد عدد من العلماء کالبیروني و ابن یونس و کوشیار بن لبّان الجیلي صحة أرصاد ابن الأعلم من خلال استخدامهم لها، و نقلوا آراءه في آثارهم (GAS, V/ 309, V/215)، حتی إن البیهقي (ن. ص) أشار إلی أن تقویم المریخ من زیج ابن الأعلم أصحّ و أقرب إلی التحقیق باتفاق المهندسین بأسرهم (قا: البیروني، 30، 54؛ سوتر، 84-83, 62).
وممّا لاشک فیه أن من عوامل نجاح زیج ابن الأعلم الباهر أنه کان یصنع بنفسه أدوات الرصد أو یقوم بتصلیحها عند الحاجة (سوتر، GAS, VI/215; 62). و یدلّ ما نقل عنه في کتاب الزیج المأموني الممتحن المنسوب لابن أبي منصور  (ص 163، 207) علی سعة نفوذ ابن الأعلم، و إن کان یلقي بظلال من الشک علی صحة انتساب الکتاب لابن أبي منصور (ن. ع)، و بهذا فهو دون شک من روّاد صناعة الزیج في تاریخ الفلک الإسلامي، و مع‌ذلک لایمکن عدّه أول من عمل الزیج (قا: الأمین، 8/151؛ آقابزرگ، طبقات، ن. ص).
وذکر البیهقي (ن.ص) و من بعده الشهرزوري (2/34) أن ابن الأعلم ألقی الزیج الذي له في الماء، ولاتوجد منه إلا نسخة سقیمة، کما قالا إنه کان في أخلافه کالمجانین، و ربّما کان هذا هو السبب الذي دفعه للقیام بمثل ذلک العمل. و نفهم منقول البیروني (ن. ص) و القفطي (ن. ص) أن ذلک الزیج کان موجوداً آنذاک و کان یعمل به. کما ورد في نامۀ دانشوران «أن من مؤلفاته أولاً زیج مفصل لاتزال نسخته موجودة» (6/241)، ولم یذکر مکان وجودها. و یبدو أن الجداول الخمسة لـ زیج کوشیار الموجودة في مکتبة برلین مأخوذة من مصنف ابن الأعلم و هي: جدول تعدیل الشمس، و جدول تعدیل مرکز زحل، و جدول تعدیل مرکز المشتري، و جدول تعدیل مرکز عطارد، و جدول تعدیل حصة عطارد (آلوارت، رقم 5751).
وذکرت المصادر المتأخرة مؤلفات أخری لابن الأعلم غیر الزیج، لم یذکر أي منها في المصادر المتقدمة، ولایعرف کیف نسبت هذه المؤلفات له، و هي: أحکام النجوم؛ رسالة في النجوم (البغدادي، 1/682)؛ «أحوال المنجّمین في العصر الإسلامي»؛ «الأعداد الفلکیة»؛ «استخراج مواضیع فلکیة»؛ «عمل الأسطرلاب»؛ «فوائد علم الفلک»؛ «مشکلات علم الفلک»؛ «مسألة المعاد» (مدرس، 7/388؛ نامۀ دانشوران، ن. ص)؛ «کتاب في علم الدحکام» باسم عضدالدولة الدیلمي والإشادة بمؤلفات علي بن عیسی المجوسي صاحب کامل الصناعة الذي عاصره؛ «رسالة في بعض أحکام النجوم تنفع الأطباء»؛ «رسالة في الرد علیأسئلة أبي ماهر الطبیب»؛ «رسالة في کیفیة استخراج الأحکام»؛ «رسالة عن حیاته و طریقة الرصد و إعداد معداته»؛ «رسالة في أقوال المنجّمین»؛ «رسالة في تصحیح زیج یحیی بن أبي منصور»؛ «رسالة في أقاویل أهل النجوم»؛ «رسالة في الرد علی بعض أقوال الفلکیین»؛ «رسالة في حرکة کواکب البروج»؛ «رسالة في بقاع الأرض»؛ «رسالة في القبلة»؛ «رسالة في البحار و الجبال»؛ «رسالة في تصحیح کلمات بطلمیوس» (نامۀ دانشوران، ن. ص).

المصادر

آقابزرگ، الذریعة؛ م. ن، طبقات أعلام الشیعة، القرن 4، بیروت، 1390هـ/ 1971م؛ ابن أبي منصور، یحیی، الزیج المأموني الممتحن، تقـ: فؤاد سزگین، فرانکفورت، 1406هـ/ 1986م؛ ابن طاووس، علي بن موسی، فرج المهوم، قم، 1363ش؛ ابن العبري، غریغوریوس، تاریخ مختصر الدول، بیروت، 1958م؛ الأمین، محسن، أعیان الشیعة، بیروت، 1403هـ/1983م؛ البغدادي، هدیة؛ البیروني، أبوریحان، «رسالة تمهید المستقر»، رسائل، حیدرآباد الدکن، 1367هـ/1948م؛ البیهقي، علي بن زید، تاریخ حکماء الإسلام، تقـ: محمد کردعلي، دمشق، 1365هـ/1946م؛ التنوخي، مُحَسن بن علي، الفرج بعد الشدة، تقـ: عبود الشالجي، بیروت، 1398هـ/1978م؛ الشهرزوري، محمدبن محمود، نزهة الأرواح و روضة الأفراح، تقـ: خورشید أحمد، حیدرآبادالدکن 1396هـ/ 1976م؛ القفطي، علي بن یوسف، أخبار الحکماء، القاهرة، 1326هـ/ 1908م؛ مدرّس، محمدعلي، ریحانة الأدب، تبریز، 1346ش؛ نامۀ دانشوران، قم، 1379هـ؛ و أیضاً:

Ahlwardt; GAS; Suter, Heinrich, Die Mathematiker und Astronomen der Araber und ihre Werke, Leipzig, 1900.
غلام‌رضا جمشیدنژاد