الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / التاریخ / ابن الأشعث، عبدالرحمن /

فهرس الموضوعات

ابن الأشعث، عبدالرحمن


تاریخ آخر التحدیث : 1443/4/3 ۱۱:۴۷:۲۷ تاریخ تألیف المقالة

وکان قد وصل في هذا الحین عبدالرحمن مع قُرّاء العراق وأشرافه و جمیع الجیش إلی فارس، و تظهر المسکوکات التي ضربها هناک (عبد دیکسون، 185؛ سید 260، 201) مکوثه الطویل نسبیاً في هذه المنطقة وکذلک استعداده النهائي لمقابلة الحجاج. وما قیل من أن الثوار في فارس قد تنبّهوا في البدایة إلی أن خلع الحجاج یستلزم خلع الخلیفة و … ، و عملوا علی هذا الأساس (دانشنامه)، لیس سوی استناد إلی قول أبي مخنف الذي رواه أبو الصلت التیمي (الطبري، 2/1057-1058)، إذ أعلن خبر عزل الخلیفة في فارس عن قصد ولغرض خاص (سید، 216)، وکلامه هذا لاأساس له من الصحة بدلیل أن اقتراح عزل الخلیفة عنونه الثوار في أواخر الثورة وذلک أولاً لأن اصطلاحات «خلع أئمة الضلالة» و «جهاد المُحِلّین» و «المحدثون» و «المبتدعون»، و «التجبر في‌الدین» و «إماتة الصلاة» کانت من القرارات في «دیر الجماجم» (82هـ)، حیث کانت آراء القُراء و عقائدهم تقود الثورة باتجاه فکري أیضاً؛ و ثانیاً، لقیام رؤساء الثورة بدراسة مقترحات عبدالملک في ربیع الثاني 82 هـ (الطبري، 2/1074). إذن کیف یمکنهم خلعه من الخلافة سابقاً، ثم یقومون بالتفاوض مع ابنه و أخیه؛ (سید، 343-342، 217-214).
وما أن وصلت أخبار تستر (شوشتر) و تحرکات جیش الحجاج حوالي کارون إلی ابن الأشعث في فارس حتی أمر اثنین من قواده المحنّکین الشجعان: عبدالله بن أبان الحارثي من قبیلة حارث بن کعب في الجنوب المقیمة في الکوفة، وعطیة بن عمرو العنبري من قبیلة تمیم الشمالیة، المقیمة في البصرة، بتحطیم الخط الدفاعي للعدو و مهاجمة البصرة، وقد منیت دفاعات الحجاج في 10 ذي الحجة 81 بخسائر فادحة واستطاع بعد مدة من خلال انسحاب منظم أن یجمع شتات أفراده الشامیین. وقد قسّم جیش ابن الأشعث الغنائم عند نهر دجیل باستثناء جماعة دفعتها نشوة الانتصار إلی ملاحقة العدو. فأغتنم الحجاج هذه الفرصة، وأوصل نفسه إلی البصرة بسرعة، لتأمین ماینقصه من المؤونة، وصادر مخازن غلات وأطعمة التجّار لتوفیر مؤونة الجیش لمدة (الطبري، 2/1060-1061) ثم خرج من المدینة وعسکر بجوار «الزاویة»، وصمّم علی الدفاع في هذا الموضع فیما طلب المعونة العسکریة من الشام. وقد دخل ابن الأشعث البصرة في أواخر ذي الحجة، وطمأنه سکانها ولاسیما القرّاء والموالي بدعمه من خلال تجدید البیعة له، وقد سبب هذا الدخول الموفّق لابن الأشعث في هذه الأیام إنقاذ وتخلیص الآلاف من الموالي المعارضین للحکم الأموي الذین کانوا قد جمعوا بأمر أمیر العراق في معسکر خارج البصرة لیرحلوا إلی المناطق الریفیة في السواد (سید، 204، 143)، و بذلک ازداد أنصار هذه الثورة، و یذکر الجاحظ أن بعض هؤلاء الموالي لجأوا إلی الحکم بن أیوب الثقفي، حاکم البصرة الذي کان في منصبه حتی دخول ابن الأشعث العراق (نهایة 82هـ) (ن. ص). والمؤکد هو أن الموالي اشترکوا في ثورة ابن الأشعث وفي کل ثورة کانت تقوم ضد الحکم الأموي في هذا القرن بشکل فعّال، والنتیجة الأخری لانتصار عبدالرحمن في حرب دجیل هي أن بعض رؤساء القبائل العراقیة اضطروا لاتخاذ موقف معادٍ للحجّاج والتحالف مع القبائل الأخری، وکان یدور في خلد عبدالرحمن مع وجود هذه الأواء الإیجابیة والدعم المعنوي والعدة الکافیة فتح ما بین النهرین، ولکن خططه انهارت بظهور بعض الحقائق في المجتمع، إذ أن الکثیر من عامة الجند المرتزقة وأفراد الجیش القرویین السذّج الذین عادوا بعد زمن طویل من البعید والغربة إلی أهالیهم، أبوا العودة إلی معسکراتهم کمالم یبق مبرر لکثیر ممّن کانوا یحاربون من أجل رفع «التجمیر» للحرب ضد إخوانهم المؤمنین، ولم تثمر دعوة منادي ابن الأشعث «أین الذین بایعوا بالرخج» (خلیفة بن خیاط، 1/363) في التحالقهم ثانیة بمعکسراتهم (سید، 205-204)، وقد بدأت حرب البصرة في بدایة محرم 82 واستمرت حوالي الشهر. ولم یکن الحجاج لیطمئن إلی الجنود العراقیین، کما لم یتوقّع منهم الکثیر. ولم یکن جیش الشام قادراً علی الهجوم أیضاً رغم وصوله علی المعونات المتلاحقة، وقد ضاعفت من مشاکل الأمیر والخلیفة قلة المؤونة والقحط و فقدان المیزانیة وتحمّل نفقات الحرب و تغییر مواقع المعسکرات، هذا من جهة، و من جهة أخری فقد تخلی عبدالرحمن الذي کان مضطراً لخوض الحرب بدعم من الجنود الکوفیین، عن الهجوم واکتفی بالدفاع کالحجّاج. واستمر الالتحام والهجمات الصغیر والکبیرة والمواجهة الفردیة إلی منتصف محرم، و کان جیش ابن الأشعث یبدأ أکثر الهجمات و یزداد الضغط شیئاً فشیئاً علی الخط الدفاعي للحجاج، و کانت مدینة الکوفة، التي یتوقع جیش ابن الأشعث الکوفي فتحها، بید قبائل عرب الجنوب عملیاً و إن کانت تابعة لأمیر العراق اسمیاً.
وقد استغل حاکم المدائن مطر بن ناجیة الریاحي الوضع المضطرب في العراق وانشغال الحجاج بمحاربة ابن الأشعث فدخل الکوفة مع جماعة من خواص جیشه و أقاربه و سجن حاکمها. وانتشرت أخبار اضطراب الکوفة في البصرة، وأدی حکم أحد أفراد قبیلة تمیم، عرب الجنوب إلی الفتنة، فقرّر ابن الأشعث الاستیلاء علی الکوفة بأیة صورة کانت، و ولّی عبدالرحمن بن عباس بن ربیعة بن الحارث قیاده الجیش، واتجه لیلاً بمعیة ألف جندي سالکاً طریقاً غیرمألوف إلی الکوفة، ورغم تستر ابن الأشعث فقد انتشر خبر توجّهه إلی الکوفة، وازداد قلق الکوفیین وقلّ حماسهم في الدفاع عن البصرة، ومع ذلک فقد حارب عبدالرحمن ابن عباس بضراوة فترة، فهاجم جیش الحجاج نظراً لضعف معنویات الکوفیین و وصول أفواج جدیدة من الشام و شجاعة سفیان بن أبرد الشامي و بسالته و غیّر مجری الحرب لصالحه، واندحر جیش عبدالرحمن في أواخر محرم 82و هرب جمع کثیر منهم نحو الکوفة، وأفلت زمان الأمور من ید ممثّله، عبدالرحمن بن عباس، وقد وصل مع أفراده إلی الکوفة أیضاً، وقتل آلاف من أهالي البصرة الذین کانوا یسعون للحیلولة دون سقوط مدینتهم، و کان بینهم عدد من القرّاء والموالي.
کما قتل الذین حصولا علی الأمان في البصرة بأمر الأمیر (دانشنامه). وقد أظهر اندحار البصرة أکثر من أي شيء أن ثورة العراقیین المکونة من ائتلاف رؤساء القبائل في سیستان، کانت انتفاضة لعرب الجنوب و أن حرب «الزاویة» کان یقودها الکوفیون من قبیلة ابن الأشعث و کان یدعم الثورة في الکوفة أکثر قبائل عرب الجنوب مثل کندة و همدان و مذحج الذین کانوا یعتقدون جمیعاً ضرورة الثورة ضد الحجاج، و بینما أدت الحجاج و عبدالملک قبیلة قیس برئاسة قتیبة بن مسلم الباهلي (49-96هـ/669-715م)، وکثیر من قبائل تمیم والأزد في البصرة فیما رفضوا التعاون مع ابن الأشعث حیث نری الفرزدق شاعر قبیلة تمیم الکبیر في البصرة یثني علی الحجاج في قصائده لانتصاره هذا (سید، 244).
وقد استقبل أهالي الکوفي ابن الأشعث استقبال الأبطال، وأبدت القبائل العربیة الجنوبیة القاطنة في المدینة استیاءها من بني أمیة أثناء تجدید بیتعتها له، وقد نجا مطربن ناجیة القائد العربي المغامر الذي لم یستطع أن یفعل شیئاً أمام السیل الهائج لأعوان ابن الأشعث من السجن بعد التحاقه بابن الأشعث. ولم تمض مدة حتی توجّه المعارضون و الناقمون علی بني أمیة، من کل حدب وصوب نحو الکوفة، وقد خمّن أبو زبیر الأرحبي الهمداني ساهد العیان و رواوي أبي مخنف (سزگین، 190) عدد أنصار ابن الأشعث بـ 200,000، وکان نصف هذا العدد من العرب والنصف الآخر من الموالي (الطبري، 2/1072). وبعد أن بلغ الحجاج في الکوفة خبر تجمع أعداء الأمیر والخلافة تحت لواء ابن الأشعث واستنجد بالشام ثانیة وکان بلاط عبدالملک قد تحمل نفقات طائلة لإرسال الجیش و المعدّات الحربیة لهذه الحرب، و لم یظهر عبدالملک رغبة في استمرار الحرب، لأن خزانة بیت المال کانت خاویة، کما أن مستقبل الحرب کان مظلماً وغامضاً کما کان یزید من قلق الخلیفة مع وجود هذا العدد الکبیر من الضحایا و فقدان الأفراد إمکانیة عزله وانفصال العراق، و کان مستشاروه من قبائل قریش و رؤساء الشام جمیعاً یعتقدون بأن فتنة ابن الأشعث لاتنتهي إلا عن طریق الصلح والتفاوض، ولم یطلب الثوار حتی ذلک الوقت سوی أمرین: 1. عزل الحجاج؛ 2. المساواة بین العراق و الشام ولاسیما في الأمور المالیة و العسکریة، فوافق عبدالملک علی هذا الاقتراح وأرسل ابنه عبدالله مع أخیه محمد بن مروان، حاکم الجزیرة – رغم مخالفة الحجاج – المفاوضات الصلح إلی العراق، وفوّض حکم إحدی لایات العراق لعبدالرحمن، کما أرسل 40،000 جندي مع هذا الوفد، لتنصیب الممثلین الجدد بدلاً من الحجاج إذا ما قبل الثوار اقتراح الصلح وإلّا تستمر الحرب بین العراق و الشام حتی انتصار أحد الطرفین (سید، 210-209). وکان الحجاج قد عسکر في دیر قرّة بضواحي مدینة الأنبار التي کانت تبعد عن الکوفه مسافة، و تقررأن تجبر القری المحیطة بالفلوجة بتوفیر المواد الغذائیة التي یحتاج الجیش إلیها (الطبري، 2/1071-1072).
وقد عسکر ابن الأشعث أیضاً قرب دیر قرّة ودیر الجماجم في صفر 82 (ولایعلم موضوع هذا المکان الیوم، ولتحدید موضعه التقریبي، ظ: العلي، 21/241-242، 253). وقد بدأت معرکة دیر الجماجم في بدایة ربیع الأول 82. واتّخذ الحجّاج – الذي کان ینتظر النجدة من الشام – موقعاً دفاعیاً وبدأ بحفر خندق، ومع أن قوّات ابن الأشعث کانت تفوق کثیراً جیش أمیر العراق بالسلاح و العتاد و کان یستطیع دحر هجمات الجیش المحارب المتوالیة، و لکنه اتخذ بنفس الموقف الدفاعي أیضاً (الطبري، 2/1072-1073؛ ابن أعثم، 7/136؛ سید، 212-211)، ولکن مبادرة الهجوم کانت بید الکوفیین فتعرضت طلائع جیش الحجاج إلی ضغوط شدیدة في الأسابیع الأولی من الحرب، و جدیر بالذکر أن ظهور الجیش الشامي بمظهر المحق في الحرب باعتبارهم مجاهدي الإسلام أمام أعداء الإسلام و المدافعین عن خلیفة رسول الله (ص) بوجه معارضیه کان من عوامل النصر والصمود لجیش الحجاج، حیث کانوا یتّخذون من ذلک موضوعاً للدعایة دائماً. و من الطبیعي أن یضاف إلی ذلک انضباط الجیش الشامي ودمویة الأمیر. کما إن حضور القرّاء – الذین کانوا یشکلّون أکثریة قرّاء البصرة والکوفة تقر(م. ن، 348) و قد عدّهم أبو عبیدة في دیر الجماجم بالآلاف (1/412-413)- في جیش ابن الأشعث أضفی علی الثورة معنویة وجاذبیة خاصة (سید، 212)، وکان أغلب هؤلاء القرّاء من الموالي (م. ن، 349) الذین تحمّلوا أکثر الخسائر في هذه الحرب، هم أنفسهم الذین کانوا یشرحون أخطاء وانحرافات و بدع الخلیفة لأفراد الجیش، کما کان یوجد بین القرّاء جماعات متطرفة و متعصّبة، ترتبط بشکل خفي بشیعة الإمام علي (ع) وأتباعه في الکوفة، الذین کانوا یدعون إلی عزل الخلیفه و إنهاء الأمویین وإسقاطهم، کما کان أشراف الکوفة – الذین یرون حیاتهم في خطر أمام سیاسة التمییز التي کان یمارسها عمّال بني أمیه – یدافعون عن هذه الأفکار الجدیدة المنسجمة مع الفطرة، وقد أصبح أولئک الأشراف الذین کانوا حلفاء للمروانیین و متعاونین معهم أثناء ثورة المختار وحرکة آل الزبیر یرون في الخلیفة الأموي الیوم عدواً لهم یوعتبرون العمل بفتاوي مئات القرّاء – الذین أجازوا الجهاد ضد الحجاج ممثّل الخلیفة وعامله وأفتوا جمیعهم بجواز الجهاد (خلیفة بن خیاط، 1/373؛ قا: سید، 350-348) – واجباً شرعیاً (م. ن، 213). حتی إن أفراداً من فرقة المرجئة ممّن کانوا یدعمون بني أمیة قدائتلفوا مع ابن الأشعث وحاربوا الحجاج في دیر الجماجم (رضازاده، 66-69). وعندما دخل ممثلوا الخلیفة العراق (ربیع الثاني 82) سعی الحجاج إلی تأخیر لقائهم بقادة الثورة أو صرفهم عن دعوة الصلح والسلام وإرسال الرسائل في هذه الفترة لتشویش أفکار عبدالملک، حیث أشار في رسالته للخلیفة عثمان إلی مطالبة الکوفیین إیاه في 34هـ/ 654 م بعزل سعید بن العاص حاکم الکوفة آنذاک. بید أنهم قتلوا الخلیفة بعد سنة في المدینة رغم استجابته لطلبهم (سید، 214).
وکان ابن الأشعث موافقاً لاقتراح الخلیفة و عقد الصلح و ترک الحرب من موقع القوة نسبیاً، أما القرّاء و الأشراف فقد حملوا رغبة عبدالملک في الصلح علی عجز الخلافة و کانوا یرون النصر النهائي منوطاً باستمرار الحرب و أنهم کانوا مصیبین في اعتقادهم بأن أهل العراق سیر ضخون لحکم بني أمیة مادام قائماً (الطبري، 2/1074-1075). و کما ذکر ابن الأعثم الکوفي (7/137) أن أهل العراق أظهروا رغبتهم بقبول اقتراح عبدالملک في البدایة، ولکنهم لمّا تأکدوا أن الحجاج سیبقي في منصب إمارة جیش الشام، لم یطمئنوا لعزله رفضوا اقتراح الخلیفة. واتّخذوا القرار النهائي أخیراً بعزل الخلیفة والحجاج واستمرار القتال و رضوا جمیعهم بقیادة ابن الأشعث حتی نهایة الثورة وأقسموا له بالوفاء (الطبري، ن. ص). وقد اتخذت الثورة في هذا الوقت طابعها العقائدي، وتولّی القرّاء – الذین کانوا أکثر طوائف الثوار تعصباً وألدّ أعداء الحجاج و بني أمیة – قیادة الثورة الفکریة. وکانوا یقاتلون ببسالة و عندها قُتل رئیسهم جبلة بن زَحربن قیس الجُعفي نصبوا لقیادتهم بسطام بن مصقلة وهو أحد کبار القراء أیضاً، ولایکترثون بهزیمتهم الظاهریة لأنهم کانوا یجاهدن في سبیل العقیدة، وذکر أبو زید السکسکي شاهد العیان وراوي أبي مخنف (سزگین، 190-189, 110) أن انتهاء الحرب کان في أواسط جمادي الثانیة 82، وسرت الهزیمة إلی صفوف العراقیین، وقد هرب ابن الأشعث – الذي کان یحارب ببسالة إلی آخر لحظة – مع عدد من قوّاده و مقربیه نحو الکوفة. ویذکر محمدبن السائب الکلبي (ح 66-146هـ/685-763م)، المفسّر والنسّابة والجغرافي وأقدم مؤرخ شیعي والذي کان بنفسه في دیر الجماجم (سزگین، GAS, I/313; 212) أن الحجاج أمر بعدم ملاحقة الهاربین، ولذل فقد استطاع الکثیر من أفراد الجیش العودة إلی أهالیهم بدون أي مانع (الطبري، 2/1096)، وتفرّق الجیش بشکل لایمکن جمعه ثانیة. ودخل الحجاج الکوفة فاتحاً، فارتکب مجزرة بحق الشیعة والقرّاء والموالي والمعارضین الآخرین، لما یکنّه من عداء دائم لأهل هذه المدینة (م. ن، 2/1096 و مابعدها؛ ابن أعثم 7/141 و مابعدها؛ سید، 222-219).

خاتمة المطاف

لازالت أمامنا سلسلة من الحوادث منذ حرب دیر الجماجم إلی وفاة ابن الأشعث، کالصراعات ي المدائن  البصرة (دجیل)، الانسحابات غیر المدروسة واللاهادفة نحو سیستان وخراسان، والاستماتة من أجل العقیدة والمقاومة الموضعیة في مدن العراق، حیث تظهر لنا بصورة عامة في أواخر أیام زعماء الثورة في أوقاتها الحالکة، وقد تأثرت هذه الحوادث فیما بعد بمیول المؤرخین ومقاصدهم فمثلاً لایمکننا أن نجد حادثة بعد وقعة دیر الجماجم تتفق مع سلسلة أسنادها إلّا نادراً (م. ن، 222)، و من المؤکد أن ثورة ابن الأشعث – التي کانت من أشمل الثورات السیاسیة –‌الدینیة ضد الأمویین في القرن الأول الهجري وأطولها أمداً – قد خمدت في أواخر شعبان 82، وکانت هذه آخر أزمة سیاسیة تغلب علیها الحجاج، و نتیجة لذلک لم یجرؤ أحد أو طائفة علی معارضته حتی وفاته في 95 هـ/ 714.
وقد تمیّزت سیاسة الحجاج الخارجیة بعد قمع ثورة ابن الأشعث بتوسیع أراضي الخلافة الإسلامیة إلی آسیا الوسطی، وإن لم یکن موفّقاً في سیاسته الداخلیة التي اتسمت بالقوة والعنف خاصة.
عاد ابن الأشعث إلی سیستان من نفس الطریق الذي سلکه الی العراق، ومع أن بعض الحکام والأمراء لم یفتحوا أبواب المدن أمامه – مثل عبدالله بن عمر النعار التمیمي رغم کونه قد عزل عن الولایة والحکم في بدایة الثورة، أو نظیر عیاض بن همیان السدوسي الذي کان ممّن أخذوا یساومون أمیر العراق علی حیاة أسیادهم – إلا أن رتبیل أسرع إلی مساعدته بناء علی معاهدة الصلح، فمکث ابن الأشعث مدة في بلاده. ویُعتقد أن هدف ابن الأشعث من عقد معاهدة الصلح مع رتبیل ومواجهة الحجاج هو تأمین ملجأ له علی الأقل إذا مامُني بهزیمة کي یقیم هناک بانتظار ماستؤول إلیه الأمور.
ولقد وردت روایات و أخبار و قصص مفصلة و متنوعة عن نهایة ابن الأشعث التي لاتخلو من عبرة، ومایتفق علیه الجمیع أنه لم یقع حیاً بید الحجاج وقد أجبرت رسائل أمیر العراق و کتبه المبرة أو المنذرة رتبیل علی تسلیمه ابن الأشعث، فاختار الأخیر الانتحار ورمی بنفسه من أعلی قصر في الطریق و مات.

المصادر

ابن الأثیر، الکامل؛ ابن أعثم، أحمد، الفتوح، حیدرآبادالدکن، 1394هـ/ 1974م؛ ابن خلّکان، وفیات؛ ابن کثیر، البدایة؛ أبوعبیدة، معمر، نقائض جریر  والفرزدق، تقـ: بیڤان، لیدن، 1908م؛ أبوالفرج الأصفهاني، الأغاني، القاهرة، 1953-1975م؛ أبوهلال العسکري، الحسن، الأوائل، تقت: محمد المصري وولید القصاب، دمشق، 1975م؛ البلاذري، أحمد، فتوح البلدان، تقـ: رضوان محمد رضوان، بیروت، 1398هـ/ 1978م؛ الجاحظ، عمرو، الحیوان، تقـ: عبدالسلام محمد هارون، القاهرة، 1937-1945م؛ خلیفة ابن خیاط، تاریخ، تقت: سهیل زکّار، بغداد، 1967م؛ دانشنامه؛ رضازاده لنگرودي، رضا، جنبش سیاسي، مذهبي مرجئة، رسالة ماجستیر، جامعة طهران، کلیة الآداب والعلوم الإنسانیة، رسالة مطبوعة علی الآلة الکتابة، 1364ش؛ الطبري، تاریخ، تقـ: دي خویه، لیدن، 1879-1881م؛ العلي، صالح أحمد، «منطقة الکوفة»، مجلة سومر، بغداد، عد 21، 1965م؛ نصربن مزاحم، وقعة صفین، تقـ: عبدالسلام محمد هارون، قم، 1382هـ؛ یاقوت، البلدان؛ وأیضاً:

‘Abd Dixon, ‘A., The Umayyad Caliphate (A Political Stuy), London, 1971; EI2; GAS; Sayed, R., Die Revolte des Ibn al- Aš’aƁ und die Koranleser, Freiburg, 1977; Sezgin, U., Abū Mihnaf. Ein Beitrag zur Historiographie der umaiyadischen Zeit, Leiden, 1971.
عبدالکریم گلشني

الصفحة 1 من2

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: