الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / التاریخ / ابراهیم حقي باشا /

فهرس الموضوعات

ابراهیم حقي باشا


تاریخ آخر التحدیث : 1443/2/3 ۱۳:۴۱:۲۰ تاریخ تألیف المقالة

إبراهیم حَقَيّ باشا (1280-1336هـ/ 1863-1918م)، سیاسي و حقوقي و مؤرخ والصدر الأعظم في عهد السلطان محمد الخامس (محمد رشاد) في الفترة الثانیة من النظام الدستوري (1908م). ولد في بشیک طاش أحد أحیاء استانبول، و کان أبوه محمد رمزي یتولّي في البدایة منصب منصرف في مدینة ساقِز (کیوس بالفارسیة، خیوس بالیونانیة) تم أصبح رئیساً للمجلس البلدي في إستانبول (کوتاي، XVI/9671). أنهی دراسته الابتدائیة والثانویة في المدرسة الرشدیة الواقعة في مسقط رأسه، ثم دخل المعهد العالي للخدمات المدنیة (المسقی بمکتب مُلکیة شاهانه) لمواصلة دراسته؛ وتخرّج منه في 1298هـ/1881م بدرجة ممتاز (أوزتونا، X/423-424) ثم عمل مدربّاً في دیوان وزارة الخارجیة، و أصبح في 1300هـ/1883م مترجماً في البلاط لتضلّعه بالفرنسیة والانجلیزیة. وقد ترجم وهو في منصبه هذا عدداً من القصص البولیسیة التي کان السلطان عبدالحمید مغرماً بها، ویوجد في مکتبة جامعة إستانبول الآن أربع روایات بخطه (IA)، کما کان بالإضافة إلی الترجمة یمارس تدریس التاریخ و الحقوق السیاسیة والقانون الدولي والقوانین الإداریة في المعهد العالي للقانون (مکتب حقوق). وکذلک قانون التجارة و علم الإقتصاد في المعهد التجاري (مکتب تجارت حمیدیة). و کان یدرّس التاریخ بأسلوب عصري یکشف الأوضاع السیاسیة لفترة استبداد السلطان عبدالحمید ممّا أدّی إلی حذف هذا الدرس من المنهج التعلیمي بمعهد القانون.
وحینما قام کل من فیلهلم الثاني امبراطور ألمانیا والملک السیامي (التایلندي) بزیارة رسمیة إلی استانبول عیّن مضیفاً و مرافقاً لهمّا. وکذلک مثل الحکومة العثمانیة في معرض شیکاغو الدولي عام 1311هـ/ 1893م (کوتاي، ن. ص؛ TA).
و في 1894 م عیّن عضواً في المجلس الصحي مع احتفاظه بمنصب الترجمة والتدریس. وفي نفس السنة صار مستشاراً قانونیاً للباب العالي بأمر مباشر من السلطان عبدالحمید. و رغم أن تعیینه في هذا المنصب مع صغر سنة أثار استغراب الآخرین، غیر أنه استطاع أن یطوي بسرعة مدارج التقدّم  والرقي بما یتمتّع به من جدارة  فطنة و ذکاء. وأصبح وهو في مطلع شبابه من کبار الموظفین في الجهاز الإداري للحکومة العثمانیة. وقد شارک في الفترة التي سبقت تولّیه الوزارة في 1326هـ/ 1908م، في أکثر من 30 لجنة و وفداً دبلوماسیاً بصفته مستشاراً قضائیاً أو ممثّلاً سیاسیاً. و کان من هذه المهمّات: عضویته في لجنة حل مشاکل البوسنة (في یوغسلافیا) و لجنة مد خط حدید روملي و لجنة إنشاء مرکز للشحن في بیروت و لجنة تسلیم المجرمین (في مدینة روما) و لجنة القضاء علی نشاطات الفوضویین، و الهیئة التحقیقیة في جبل الدروز ولجنة عقد المعاهدات التجاریة مع دول بلغاریا و الیونان و إیران (کوتاي، ن. ص؛ TA; IA). و حینما ذهب إلی بازیس لحل الإختلاف حول قضیة سکة الحدید في الشرق، أثبت أن «نظام الإمتیازات القضائیة للأجانب لاتتّفق مع سیادة الدول». وقد دعا إبداء هذا الرأي إلی حدوث مناقشات في جامعة السوربون بباریس (کوتاي، ن. ص). و بعد أن أعلن النظام الدستوري العثماني الثاني في 1326هـ/ 1908م، تولّی في البدء منصب وزارة المعارف ثم وزارة الداخلیة في حکومة کامل باشا (تورک غلدي، 3,5). و في نفس السنة عیّن سفیراً للدولة العثمانیة في إیطالیا، و بذلک اعتزل النشاط التعلیمي مؤقتاً. و بعد سیطرة جمعیة الإتحاد والترقّي مرّت‌الدولة العثمانیة في فترة من الإضطراب السیاسي الشدید، ممّا أدی إلی تشکیل و حل خمس وزارات في فترة قصیرة، و بعد استقالة وزارة حسین حلمي باشا بدأت جمعیة الإتحاد و الترقي بالبحث عن خلف لاعلاقة له بفترة استبداد عبدالحمید، و أخیراً عرّضت الصدارة العظمی علی حقي باشا و أصدر السلطان محمد الخامس (آخر ذي الحجة 1327/12 کانون الثاني 1910) مرسوماً کلّفه فیه بتشکیل الوزارة (دانشمند، IV/ 381؛ کوتاي، XVI/9628؛ فروز أحمد، 57؛ زامباور، 249). وقد استغرقت عودته من إیطالیا و استلامه المهمة عدة أیام. و کان الصدر الأعظم السابق في هذه الفترة یتولّی مسئولیة إدارة شؤون البلاد (دانشمند، ن.ص). وقد أثار انتخاب حقي باشا موجة من السرور لأنه کان شخصاً لاینتسب إلی اي حزب و کان سیاسیاً مجرّباً ومحافظاً (فروز أحمد، 68). فاستقبله أبناء الشعب و طلابه السابقون استقبالاً حافلاً لدی و صوله إلی محطة القطار في إستانبول (IA) و کان حقي باشا قد قبل هذه المسئولیة علی أن یکون حراً في انتخاب وزرائه فاستطاع السیطرة علی الجیش بمنح وزارة الحربیة لشوکت باشا قائد الجیش و الحاکم العسکري (فروز أحمد، ن. ص). وأعلن البرنامج الوزاري للحکومة أثناء تقدیمه أعضاء الوزارة إلی المجلس و التي تولّی فیها وزارة الخارجیة أیضا، و فیه: الغاء الأحکام العرفیة و توفیر الأمن و الراحة للشعب و إقامة العلاقات الخارجیة وفقاً لمبادئ السلام و الهدوء و الإحترام المتبادل و إلغاء القوانین الباقیة من عهد الاستبداد و استبدالها بالقوانی الجدیدة القائمة علی النظام الدستوري و تأمین حریة الفرد و القیام بإصلاحات اقتصادیة و تنظیم میزانیة متوازنة والإصلاحات القضائیة و إیجاد التضامن بین الشعب و الحکومة (کوتاي، XVI/ 9632؛ فروز أحمد، 70-69). و بعد الإستماع إلی البرنامج الحکومي منح المجلس العثماني الثقة إلی حکومة إبراهیم حقي باشا بـ 187 صوتاً موافقاً مقابل 34 معارضاً (کوتاي، XVI/ 9635-9636). و کان من الإصلاحات المالیة التي بادر إلیها حقي باشا، زیادة الرسوم الجمرکیة علی البضائع المستوردة، والإقتصاد في النفقات. و رغم أن هذه الخطوات لم تحد من أزمة الحکومة المالیة غیر أنها دعمت إلی حدّماً البنیة المالیة للحکومة (فروز أحمد، 71-70)، و تعتبر فترة صدارة حقي باشا و التي استمرت 20 شهرا (أوزتونا، VIII/446) من أشد أدوار التاریخ العثماني اضطراباً. فما أن مضت أیام علی استلامه الصدارة حتی التهمت النیران قصر چراغان المعروف، مقر اجتماعات المجلس یوم 7 محرم 1328/19 کانون الثاني 1910 (دانشمند، ن. ص)، کما کانت المواجهة تشتد یوماً بعد بوم بین الأعضاء الموافقین و الأعضاء المعارضین في المجلس، و کانت تستجوب الحکومة الجدیدة في مختلف المجالات. و لم یتحمّل الصدر الأعظم عبء هذه المشاکل رغم تجربته الکافیة فأصیب بالمرض و قصد أوروبا عن طریق رومانیا للعلاج،  وقد التقی أثناء سفره هذا عدداً من الشخصیات السیاسیة المهمّة و أجری محادثات معهم کملک رومانیا و وزیر خارجیة النمسا و المجر وجورج کلمانسو رئیس وزارة فرنسا (کوتاي، XVI/9632)، و کانت من الحوادث التي وقعت في عهد حکم حقّي باشا ثورة الشعب الألباني ضد العثمانیین بسبب السلوک السيء الذي مارسه موظفو جمعیة الإتحاد و الترقي الذین تنقصهم التجربة. لکن أهم حادثة وقعت في عهد حکمه احتلال ایطالیا لمدینتي طرابلس الغرب و بنغازي (الواقعتین في لیبیا). فقد کانت لیبیا‌الدولة الوحیدة التي کانت تحکمها‌الدولة العثمانیة آنذاک بعد انفصال تونس و مراکش و الجزائر عن الامبراطوریة العثمانیة.
فقد استغلت الحکومة الایطالیة الأزمات السیاسیة والإجتماعیة والأقتصادیة التي تتعرّض لها الامبراطوریة العثمانیة، و کذلک ضعف الأسطول البحري من جهة واحتلال انجلترا لمصر و فرنسا لمراکش والنمسا للبوسنة من جهة أخری فسعت للإستیلاء علی لیبیا، و کانت قد عملت مند مدة لتحقیق هذا الهدف بنیل موافقة الدول الأوروبیة الکبری (بلن، I/302-303)، ولکن الباب العالي و حکومة حقي باشالم تول هذا الموضوع الأهمیة اللازمة رغم تنبیه بعض الممثلین العثمانیین السیاسیین المقیمین في البلاد الأوروبیة وحتی الصحف الکبری ومنها طنین (فروز أحمد، 93-92). وأخیراً ألقی وزیر الخارجیة الایطالیة خطاباً في 14 شباط 1911م (14 صفر 1329هـ) طرح فیه رسمیاً قضیة شمال إفریقیا قائلاً: نعتقد بأن ولایات إفریقیا الشمالیة هي منطقة نفوذ وحزام ایطالیا الأمني و ذات أهمیة حیویة لنا و تعتبر العنصر الأساس لحفظ التوازن في البحر المتوسط، و إن أدلتها التاریخیة لاتخفی علی العالم (کوتاي، XVI/9759) وبعد فترة اعتبرت صحیفة جورناله دیتالیا الواسعة الإنتشار في عددها المؤرخ في الأول من آذار 1911م (29 صفر 1329هـ) أن إقامة الحکومة العثمانیة لتحصینات العسکریة في طرابلس وبنغازي عملاً عدوانیاً ضد إیطالیا و حذّرت من عواقبها، وأخیراً اتخذت الحکومة الایطالیة من عدم توفر الأمن لرعایاها في طرابلُس و تهدید مصالحها الإقتصادیة ذریعة فجّهت للحکومة العثمانیة في 28 أیلول 1911 م (4 شوال 1329 هـ) انذاراً طلبت فیه منها أخلاء مدینتي طرابلس و بنغازي خلال 24 ساعة (فروز أحمد، 92؛ بایور، II/109). ورغم أن حکومة حقي باشا کانت مستعدة لإعطاء بعض الإمتیازات مقابل الدخول في مفاوضات، غیر أن ایطالیا لم تنتظر الرد، وفي 29 أیلول أعلنت الحرب، وهاجمت المدینتین المذکورتین، ولم تجد حکومة حقي باشا نفسها قادرة علی الدفاع أمام القوات الایطالیة، فتحملت المسؤولیة وقدّمت استقالتها (کوتاي، XVI/9762). وقد أثار احتلال طرابلس موجة من الإعتراضات ضد حقي باشا، حیث أن ممثلي هاتین المدینتین في المجلس إتهموه بالخیانة و طالبوا بمحاکمته (بایور، II/254) ولکن أعضاء جمعیة الإتحاد والترقي الذین کانوا یشکلون الأکثریة في المجلس حالوا دون ذلک. وبعد أن استقال حقي باشا ابتعد لفترة عن المسرح السیاسي، ولکنه مالبث أن بعثه الصدر الأعظم الجدید سعید باشا إلی لندن لحل الإختلافات العثمانیة الانجلیزیة ولاسیما قضیة مد خط الحدید في بغداد (IA). فأحدث نجاحه في مهمته هذه انقلاباً في الرأي العام لصالحه بعد أن کانت الأوساط السیاسة تتّهمه بالإهمال فیما حدث بطرابلس الغرب (ن. ص). و مع بدء الحرب العالمیة الأولی عاد إلی استانبول. ثم عیّن سفیراً لبلاده في برلین عام 1334هـ/1916م. وفي 1335هـ شارک في مراسم افتتاح مجلس المبعوثین. وانتخب عضواً فیه مع احتفاظه بمنصب السفارة. وبعد ثورة اکتوبر في روسیا تولّی مع طلعت باشا الصدر الأعظم العثماني مسؤولیة تمثیل دولته في مؤتمر برست لیتوفسک للسلام، ولدی عودته من هذه المهمة أصیب بمرض شدید توفي إثره بعد ثمانیة أیام في برلین. فحمل جثمانه إلی استانبول ودفن في مقبرة یحیی أفندي الواقعة في حي بشیک طاش (ن. ص؛ کوتاي XVI/9674). کان حقي باشا رجل علم و تجربة وحنکة سیاسیة بین الشخصیات السیاسیة في نهایة القرن 19 م و مطلع القرن 20 م، ورغم أنه لم یدرس في الغرب فقد کان في مستوی السیاسیین الغربیین لتضلّعه في عدد من اللغات الأوروبیة وإلمامه التام بالثقافة الغربیة. وکان رجلاً محافظاً و حراً وتقدّمیا في المجال السیاسي، ورغم أن جمعیة الإتحاد  والترقي انتخبته لتولّي منصب الصدارة العظمی غیر أنه لم یکن منفّذاً لسیاستها، وکان بینهما اختلفا شدید في بعض الحالات أیضاً، ومع‌ذلک کان یعتقد بأن جمعیة الإتحاد و الترقي هي الحزب الوحید والفئة التي تستطیع الدفاع عن مکتسبات النظام الدستوري والمحافظة علیه وکانت الصحف في عهده تتمتّع بحریة البیان. وقد استطاع أن یغیر النظام الإداري القدیم بتوظیف الشباب في وزارته وأن یوجّهه نحو التقدم. وکان یعتبر من أفضل المدرسین في المعاهد العلیا لما یتّصف به من ذلاقة لسان وفصاحة في بیان المواضیع العلمیة. ویلم باللغات الفارسیة والعربیة والایطالیة بالإضافة إلی اللغتین الفرنسیة والألمانیة (کوتاي، XVI/9674).
من آثاره التي لاتزال باقیة في حقلي التاریخ والقانون: 1. أصول مالیة (1317هـ/ 1899م)؛ 2. تاریخ حقوق بین الدول (1305هـ/ 1887م)؛ 3. تاریخ عمومي (3 مجلدات، 1308هـ/ 1890م)؛ 4. حقوق إداري (مجلدان، 1309-1310هـ/1891-1892م)؛ 5. حقوق دول (1322هـ/1904م)؛ 6. زبدۀ تاریخ عثماني (1311هـ/ 1893م)؛ 7. کوچوک عثمانلي تاریخي (1310هـ/ 1892م)؛ 8. مختصر إسلام تاریخی (بالتعاون مع م. عزمي، 1308هـ/1890م)؛ 9. مختصر عثمانلي تاریخي (بالتعاون مع م. عزمي، 1309هـ/1891م)؛ 10. مختصر قبرس جغرافیا و تاریخي (1922م)؛ 11. مقدمۀ علم حقوق (1320هـ/ 1902م؛ ظ: TDEA, IV/ 327).

المصادر

زامباور، ادوارد ریتر، نسب نامۀ خلفا و شهریاران، تجـ: محمدجواد مشکور، طهران، 1356ش؛ شکري، محمدفؤاد، میلاد دولة لیبیا الحدیثة، وثائق تحریرها و استقلالها، القاهرة، 1957م؛ وأیضاً:

Bayur, Yusuf Hikmet, Türk İnkilâbi Tarihi, Ankara, 1983 Belen, Fahri, “Trablusgrap savaŞi”, 20 yūzyil Tarihi, Istanbul, 1970; DaniŞmand, İ. H., Izahli Osmanli Tarihi, Kronolojisi, ISTANBUL, 1972; Feroz Ahmad, The Yong Turks, Oxford, 1969; IA; Kutay, Cemal, Türkiye Istiklâl ve Hürriyet Mücadeleleri Tarihi, Istanbul 1981; Osmanli PadiŞahlari Ansiklopedisi, Istanbul, 1986; Öztuna, Yilmaz, Büyük Türkiye Tarihi, Istanbul, 1980; TA; TDEA; Türkgeldi, Ali Fuad, Görüp IŞittiklerim, Ankara, 1984.
علي‌أکبر دیانت

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: