ابراهیم الساماني، ابو اسحاق

إبراهیمُ السّامانيّ، أبوإسحاق إبراهیم بن أحمد ب إسماعیل (تـ بعد 335/947)، الأمیر الساماني الذي ثار علی أخیه الحاکم نصربنأحمد الساماني وسجن مع أخویه الآخرین أبي زکریا یحیی وأبي صالح منصور في قهندز ببخاری.
ولمّا کان نصر بن أحمد في نیشابور، هجم أحد موظفي السجن أبوبکر بن عمي الخباز (طباخ السجن) مع جمع من العسکر بقیادة شروین الجیلي علی السجن وأطلقوا سراح إخوة نصر مع جمیع من فیه من الدیلم والعلویین والعیارین (318/930). وسرعان ما استولوا علی بخاری ونهبوا خزائن نصر بن أحمد (گردیزي، 335-336؛ ابن الأثیر، 8/208-209). وبعد أن قبضوا علی زمام الأمور، انتخبوا أبازکریا یحیی حاکماً وتولّی إبراهیم و منصور إدارة شؤون‌الدولة تحت لوائه، کما منح أبا بکر الخبّاز رتبة عقید و جعله من قواد‌الدولة الجدیدة.
وما أن بلغ خبر هذه الثورة نصر بن أحمد حتی بادر إلی التوجّه من نیشابور إلی بخاری، وهزم جیش الثوّار بقیادة أبي بکر، وأخذه أسیراً، وسقطت بخاری بیده، وهرب إبراهیم و إخوته کل إلی إحدی النواحي، ومات أبوبکر تحت ضربات السیاط وأحرق جسده. وسار إبراهیم إلی بغداد و منها ذهب إلی الموصل (گردیزي، 336 و ما بعدها؛ ابن الأثیر، 8/208-212؛ ابن خلدون 4/734-735).
لازم أبوإسحاق إبراهیم في الموصل الأمیر ناصر‌الدولة الحمداني، وکان یقصد بغداد أحیاناً، حیث کان في هذه المدینة من مقرّبي أمیر أمراء الترک ببغداد بِجکَم، وقلّده في 327/939 الشرطة فیها (الهمداني، 114). ومن الحوادث التي وقعت في هذه الفترة: أنه خرج جماعة من أهل بغداد لزیارة قبر الحسین (ع) بکربلاء، فخرج علیهم الحنابلة ونالوا منهم، فهاجمهم إبراهیم مع جماعة وقتل اثنین منهم و جرح آخرین، وبذلک أخمد الفتنة (العیون و الحدائق، 80).
وفي 331 هـ توفيّ نصر بن أحمد الساماني، وخلفه ابنه نوح بننصر، وکانت قد ساءت العلاقات في البدء بینه و بین أبي علي محتاج الصغاني الذي کان یملک خراسان لعدم ثقة کل منهما بالآخر. وفي 334/946 أرسل أبو علي کتاباً إلی عم نوح أي إبراهیم و کان إذ ذاک في الموصل عند ناصر‌الدولة، یدعوه فیه للإتحاد معه ضد نوح. فاستأذن إبراهیم ناصرالدولة في العودة، فأذن له و قال لإبراهیم «نحن علی المصیر إلی بغداد فانتظر حتی ندخلها فإذا دخلناها قلّدک الخلیفة وخلع علیک… وعقد لک لواء [خراسان]»، و تتابعت رسل أبي علي إلیه و هو في هذه الحال، فلم یجد إبراهیم فائدة في التأخر فتوجّه مع 70 غلاماً إلی دقوقا ومنها إلی طریق خراسان، والتحق في همدان بأبي علي الصغاني،ودخلا الري معاً في رمضان 334 هـ. وفي هذه الفترة بعث إبراهیم برسالة إلی ناصرالدولة أطلعه فیها علی ماجری من حوادث، وأنه سار إلی نیشابور للإستیلاء علی خراسان، فاغتنم ناصرالدولة الفرصة، وأنفذ إلیه اللواء الذي عقده له الخلیفة المطیع علی خراسان (ابن مسکویه، 2/101-102). ولی إبراهیم وأبو علي حکاماً علی أکثر الولایات التي ملکاها، وقصدا خراسان. وقد کتب إبراهیم کتاباً لرکن‌الدولة الدیملمي بأنه سائر إلی خراسان و أنه أفرج له عن الري، وقد مهّد هذا العمل الطریق لیحتل رکن‌الدولة هذه المدینة (م. ن، 2/102). ولما بلغ نوح بن نصر ماحدث، عبر مع جیوشه الماء إلی سمرقند، ثم ذهب إلی مرو، وفي هذه الأثناء تخلّت جماعات من الجیش والأمراء عن نوح والتحقت بإبراهیم، واستطاع الثوار أن یحتلوا بخاری وهو في مرو. ودخل أبو علي وإبراهیم المدینة، و قرئت الخطبة فیها باسم الأخیر، ولکن هذه‌الدولة المستقلة لم تدم أکثر من شهرین في عاصمة السامانیین (بارتولد، 1/528؛ گردیزي، 341). کتب أبو علي محتاج کتاباً إلی عمادالدولة الدیلمي أطلعه فیه علی انتصار إبراهیم وطلب منه الإعتراف بحکمه رسمیاً، إلّا أن العلاقات ما لبثت أن تدهورت بین أبي علي وإبراهیم، وخاف الأول علی نفسه من إبراهیم،ورأیأن البقاء في بخاری محفوف بالمخاطر لاسیّما وفیها أعداء له یسعون للقبض علیه، فاتجه الی الصغانیین، وأحس إبراهیم أنه أصبح وحیداً. فدعا للتعاون معه أحد الأمراء السامانیین أبا جعفر محمد شقیق نوح بن نصر، وکان قد بقي في المدینة، غیر أن هذا العمل لم یأت بنتیجة، ذلک أن ضعفهما في تسییر الأمور أثار معارضة أهالي بخاری، ولم یجد أبوجعفر وإبراهیم سبیلاً سوی الصلح مع نوح، الذي و عدهما بالعفو (م. ن، 198-199، 340؛ النرشخي، 132-133؛ابن الأثیر، 8/461؛ الهمداني، 159).
وقد أورد گردیزي، الأقسام الأخیرة من هذه الحادثة باختصار، فذکر أن نوحاً سار من مرو، ولمّا رأی أن جماعة من أهالي بخاری أعرضوا عن إبراهیم وأبي علي، ابدر إلی احتلال بخاری من جدید، دخلها في رمضان 335/ آذار 947، ورغم الوعود التي بذلها نوح للثائرین فقد قبض علی عمه وأخیه وسملهما مع عدد من أصحابهما وألقی بهما في السجن (ص 199-200، 340، 342؛ ابن الأثیر، 8/461، 465؛ الهمداني، 160). ولاتتیسّر أي معلومات عن إبراهیم الساماني بعد هذه الحادثة.

المصادر

ابن الأثیر، الکامل، بیروت، 1402هـ؛ ابن خلدون، تاریخ، بیروت، 1958م؛ ابن مسکویه، أحمد بن محمد، تجارب الأمم، بغداد، 1333هـ؛ بارتولد، و. و.، ترکستان نامه، تجـ: کریم کشاورز، طهران، 1352ش؛ العیون و الحدائق، تقـ: نبیلة عبدالمنعم داود، بغداد، 1973م؛ گردیزي، عبدالحي بن ضحّاک، تاریخ، تقـ عبدالحي حبیبي، طهران، 1363ش، نرشخي، محمد بن جعفر، تاریخ بخارا، تجـ: أبو نصر قباوي، تقـ: محمدتقي مدرس رضوي، طهران، 1363ش؛ الهمداني، محمد بن عبدالملک، تکملة تاریخ الطبري، تقـ: البرت یوسف کنعان، بیروت، 1959م.

علي آل‌داود