الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الجغرافیا / أبان بن عبدالحمید اللاحقي /

فهرس الموضوعات

أبان بن عبدالحمید اللاحقي


تاریخ آخر التحدیث : 1442/12/24 ۱۴:۰۱:۵۸ تاریخ تألیف المقالة

أَبانُ بنُ عَبدِالحَمیدِ اللّاحِقيّ (تـ 200/816)، شاعر وأدیب عربي اللّغة، إیراني الأصل، کان جدّه لاحق بن عُفَیر راوٍ للحدیث ومولی بني رَقَاش، وکان أجداده إیرانیین یقیمون في فسا (الصولي، 40). واتهامه بالیهودیة (فارق، 46) کما یستشف من روایة لأبي عبیدة (الصولي، 36؛ أبوالفرج، 23/65) لیس صحیحاً.
ولاتتوفّر لدینا معلومات عن طفولته، وربّما ولد في البصرة، وفیها نشأ، وتعلّم الشعر والأدب والفقه والمنطق والحساب، وکان أمیل إلی الهجاء، تربطه صداقة بالهجّائین في البصرة، وبالمُعَذَّل بن غَیلان البصري، أحد شعراء المجون، والذي کانت تربطه صداقة بعیسی بن جعفر والي هارون الرشید، فانتهت صداقتهما إلی الهجاء فردّ علیه المُعَذَّل متّهماً إیّاه بالکفر، أو التعجب من صلاته و هو علی دین ماني (أبوالفرج، 23/157). کما هجا أبا نضیر و کان یعلّم الجواري الغناء، ویخرجهن إلی جِلّة أهل البصرة (الصولي، 9). واستهزأ بجاره محمد ابن خالد ممّا دفع زوجته الجدیدة للفرار منه (الصولي، 24-25). وهجا جاراً آخر له یدعی أبا الأطول هجاءً ألجأه إلی لزم بیته حتی آخر حیاته (أبوالفرج الأصفهاني، 23/165-167)، وله قصیدة في رثاء سوّار بن عبدالله قاضي البصرة في غایة الإبداع، ورد منها 66 بیتاً في الأوراق (الصولي 42-46). ولیس لدینا عن حیاة وآثار أبان في البصرة أکثر من هذا، ولکن بالنظر لما کان علیه مجتمعها الأدبي آنذاک وما طرقه الشعراء الخلعاء في القرن 2/8 من أسالیب فلیس من شک في أنه کان في سلک أهل المجون یمزج الخلاعة والتهتک بالظرف والأدب.
وفي 180/796 (فرّوخ، 2/167) أو 176/792 (ایرانیکا، I/59) توجّه إلی بغداد أملاً في الإتصال بالبرامکة الایرانیي الأصل. وتوسّل إلی رجل من بني هاشم لیفتح له أبواب بلاط الوزراء. وقد وصف نفسه في مطلع القصیدة التي مدح بها البرامة، وأعطاها للهاشمي، بالقدرة علی الکتابة والحساب والخطابة والأدب والنصح والشعر و خفّة الروح، ثم بادر فیها إلی مدح البرامکة، و بذلک تقربَ منهم (أبوالفرج، 23/160). وهذه الروایة نقلت عن الصولي (تـ 336/947) في جمیع المصادر و منها الأغاني ولکن الصولي الذي یعتبر أهم مصدر لأخبار أبان أورد روایة أخری أقرب إلی الأسطورة (ص 4-6)، وتختلف عن الروایة المذکورة. وتنصّ علی أنه حینما کان شاباً أتی بهذه القصیدة بین عدد من الشعراء وأخیراً صلت إلی ید الفضل و تقرّب من البرامکة. ویبدو أن تغییراً کبیراً طرأ علی سلوک أبان بعد ذلک: فابتعد عن حیاة شعراء المجون والخلاعة. وأخفی عن الآخرین کل عادة شیئة وعیدة خاطئة، واحترس من کل استهتار یؤدي إلی التهمة، ممّا جعل الکتّاب یبدون آراء متناقضة حوله في العصور التالیة. فاعتبره الصّولي مسلماً مؤمناً خیّراً. ویقول: إن أبا زید الأنصاري (تـ 214/829) غضب للتهمة التي کانت توجّه إلیه وقال: فما فقدت قرآته في لیلة قط. وینقل عن غیره أنه کان یقوم اللیل کله (الصولي، 38؛ الخطیب البغدادي، 7/45). و نقل عن ابنه أنه کان یصلّي ولوح موضوع بین یدیه، فاذا صلّی أخذ اللوح و ملأه من الشعر، ثم یعود إلی صلاته (الخطیب البغدادي، 7/44). حتی إن أحد المحقّقین المعاصرین ذکر أنه کان یتشیّع للعلویین (ضیف، 3/332). ونری بالمقابل أن المُعَذَّل یتهمه في البصرة بأنه کان علی دین ماني، وینسب أبونواس له في قصیدة قوله «سبحان ماني» (الجاحظ، الحیوان، 4/449؛ أبوالفرج، 23/156). والجاحظ یخرجه من سلک المجان المشهورین کحَمّاد عَجرَد، ومُطیع بن إیاس، ویقول في عقیدته «لاأدري ما أقول لک» ثم یتحدّث في هذه المناسبة عن الأسباب النفسیة للنزعات‌الدینیة والأعراف عندالناس (ن.م، 4/451).
ولایمکننا بما نملک من معلومات وافرة نسبیاً عن معنی الزندقة في ذلک العصر أن نتّهم أباناً وأمثاله بالمانویة والمزدکیة والزرادشتیة بالاستناد إلی هجاء الشعراء. فالزندقة کانت قد فقدت معناها الحقیقي والواقعي في القرنین 2 و 3/8 و 9، وکانت تشیر لفترةٍ إلی حریة الرأي والظف (أبوالفرج، 18/181، 182). ولفترةٍ أخری کانت وسیلة لاتهام المخالفین والقضاء علیهم. وقد أورد «ڤایدا» فهرساً للمتهمین بالزندقة. واعتبر أن واحداً منهم فقط کان زندیقاً (مانویاً) (پلا، 220-217)، ولهذا یبدو أن رأي طه حسین في أبان (2/288) کان في غایة الإغراق.
والظاهر أن أباناً وإن لم یکن بعیداً عن حیاة شعراء بغداد الزاخرة بالصخب والنشاط (مثلاً: مزاحه مع ابن المُناذر)، فق کان یسعی لاتخاذ جانب الحیطة والحذر، کحذره من مهاجاة أبي نواس. وحینما هجاه ابن المُناذر جاباً لممازحته له، سکت عنه، و توسّل بآخرین لیمنعوا حدوث مهاجاة بینهما (أبوالفرج، 23/165)، ویذکر ابن المعتز أیضاً أنه لم یهج أبانواس بأکثر من ثلاثة أبیات (ص 242)، وهي خالیة من أیة لفظة مستهجنة، وإن کان الصولي قد نقل له خمسة أبیات أخری بهذا المعنی (ص 12) تتصمّن ألفاظاً بشعة.
لم تمض فترة علی دخول أبان إلی بلاط البرامکة أو کما قال الصولي (ص 5-6) علی نجاحه في امتحان الکتابة، حتی أصبح من خواصهم و مداحیهم، وبادر إلی تعلیم أفراد الأسرة البرمکیة أیضاً، وغدا مشاورهم، وبلغ حدّاً أصبح فیه رئیساً لدیوان الشعر. وکان ینتخب من بین الکثیر من القصائد أو الشعراء مایراه جدیراً بتقدیمه إلی البلاط. و یبدو أنه کان یعیّن مقدار صلته أیضاً (ابن عبد ربه، 4/205) فکان ذلک سبب غضب أبي نواس للحکم الذي أصدره بحقّه، واتّهامه بالزندقة في أبیات مشهورة قالها فیه.
وقد قام أبان في بلاط البرامکة بعمل مبتکر کان له أثر کبیر في الأدب العربي ولاسیما في عصرالانحطاط، إذ یقال إن یحیی أراد أن یحفظ کلیلة و دمنة، فاقترح علیه أبان أن ینظمه له شعراً لیسهل علیه حفظه، فألزمه یحیی داراً لیفرغ ذهذا العمل. ونظم هذا الکتاب في 14,000 بیت (ابن المعتزّ: یقرب من 5,000 بیت) في ثلاثة أشهر (الصولي، 2؛ابن المعتزّ: بعد 4 أشهر). و یورد لنا ابن المعتزّ قصة نظم کلیلة و دمنة بشکل آخر فیقول: إن یحیي کان قد اختار أبانواس لهذا العمل، ولکن أباناً صرفه عنه کالمتنصح، و نظمه بنفسه و نال علیه صلة حسده علیها أبونواس وکانت سبباً لبروز العداوة بینهما (ص 241)، ویقال إن یحیی أعطاه من أجل هذا العمل 10,000 دینار وأعطاه الفضل 5,000 دینار، أما جعفر فقال له أما یکفیک أن أکون «راویتک». ومنذ تلک الفترة نال کتاب کلیلة ودمنة المنظوم شهرة واسعة. وقال ابن المعتزّ إن هذه «المزدوجة» التي في أیدي الناس: ذات «الألفاظ الحسنة العجیبة»، وأضاف «ولم یقدر أحد من الناس أن یتعلّق علی هذا الکتاب بخطأ في نقله، ولا أن یقول ترک من لفظه أو معناه» (ن. ص). ولم یکن یعرف من هذا الکتاب سوی بیتین ذکرا في الأغاني، وقد عثر الرفاعي (2/321) علی 25 بیتاً في مخطوطة الأوراق، فنشرها، ثم طبعت الأوراق نفسها وفیها 76 بیتاً أوردها الصولي (ص 46-50) [القاهرة، 1943م].
وترجع أهمیة کتاب کلیلة ودمنه المنظوم إلی أنه وضع أساس مایطلق علیه أسلوب «الشعر التعلیمي» ثم انتشر في اللغة العربیة ولاسیما في عصر الانحطاط (الرفاعي، 1/432؛ طه حسین 2/292؛ فارق، 56؛ پلا، 179). ویبدو أن نجاح أبان في کتاب کلیلة و دمنة دفعه لمتابعة هذا الطریق، فنظم آثاراً منها: 1. أرجوزة الصیام والزکاة (ابن الندیم، 186: الاعتکاف بدل الزکاة)، ویبدو أنها نظمت بعد کلیلة و دمنة مباشرة، فقد قیل إن الفضل لما رأی کلیلة ودمنة طلب منه أن ینظم في الزهد، فنظم أرجوزة… نقل منها الصولي 27 بیتاً (ص 51-52)؛ 2. ذات الحُلَل، لایعرف عنها سوی هذا الاسم الذي نقله أبوالفرج في الأغاني (23/155) و کتب أخری بعده کـ (تاریخ بغداد للخطیب البغدادي، 7/44). وکلّهم یقولون إن هذا الشعر کان في «بدء الخلق وشیئاً من أمر الدنیا و مواضیع في المنطق وغیرها»؛ 3-9. وقد نظم الکثیر من القصص الایرانیة والهندیة القدیمة التي ترجمها کما یبدو ابن المققّع إلی العربیة: بلوهر و بوذاسف، سندباد، کتاب مزدک، سیرة أردشیر، سیرة أنوشروان، کتاب حُلُم الهند، الرسائل (ابن الندیم، 132-186)؛
10. کتاب المنطق، ربّما هو کتاب منطق أرسطو الذي ترجمه ابن المقّفع من البهلویة إلی العربیة (فارق، 51)؛ 11. الأدب، ویحتمل أنه یشتمل علی الأدب الصغیر والأب الکبیر لابن المقفّع (ن.ص).
وهنالابدّ لنا من أن نتساءل: هل نظم أبان حقیقة کل هذه الآثار أو نظمها آخرون ثم نسبت إلیه لشهرته في هذا الفن؟
ولدینا من شعر أبان مایقرب من 600 بیت (558 بیتاً في الأوراق للصولي، 1-52)، 76 بیتاً من کلیلة ودمنة، 27 بیتا من أرجوزة الصیام، 100 بیت في النکت، والبقیة في المدح والرثاء والهجاء، وفي ذکر مدینة فسا التي تنمّ عن شوقه لمسقط رأس أجداده (قا: فارق، 56).
ویبدو من هذه الأشعار التي تنقسم إلی قسمین: بصري و بغدادي أنها تمتاز بسهولة اللفظ التي تعتبر من خصائص «المولّدین» الرئیسة في العصر العباسي، وتدلّ علی قدرته التامة في هذاالسبیل، ولیس لدینا من مدائحه ما یمکننا من الحکم علیه فیها، إلا أن قصیدته في رثاء سوّار تعتبر من القصائد العربیة القیّمة، کما أن أشعاره التي یطلق علیها اسم «الشعر التعلیمي» في غایة السهولة والبساطة، حیث یمکن القول بأنه نظمها للشباب والمتعلّمین. وکان – کما ذکرنا – مبتکراً فیها، ولابدّ من التنویه هنا إلی أن بِشر بن المُعتَمِر (تـ 210/825) وعلي بن داود کاتب زبیدة زوجة هارون الرشید نظما کلیلة ودمنة أیضاً (ابن الندیم، 205، 364).
وقد أثنی کتّاب القرون الماضیة علی شعره، وکنا قد نقلنا من قبل حدیث ابن المعتزّ، ویضیف أن أباناً کان في جمیع أحواله أرفع طبقة من أبي نوأس. کما أن الجاحظ الذي یتحدّث عن أخلاقه بحذر، یری أنه أفضل المولّدین في الشعر (الحیوان، 4/451) ویعتبره في مصاف بشّار تقریباً (البیان والتبیین، 41). إلا أن رأي المحققّین العرب المعاصرین فیه لیس حسناً (الرفاعي، 1/432)، ولاسیما طه حسین فلهجته فیه خشنة جداً (2/285-296).
وکانت فترة أواخر حیاته غامضة أیضاً، فقد کان – کما روی أبوالفرج – یتمنی الوصول إلی بلاط هارون الرشید، وأن یحظی بمثل ما حظي به مروان بن أبي حفصة من المال، وقد عاتب البرامکة علی ترکهم إیصاله إلی هارون، وکانت حجّة البرامکة في ذلک أن الوصول إلی الخلیفةالعباسي یقتضي سلوک مذهب مروان فيهجاء آل أبي طالب، وقد رفض ذلک في البدء، ثم مالبث أن نظم قصیدة في مدح هارون أورد فیها بالتفصیل الدعوی الذي کان معروفاً جداً في العصر العباسي بأن العمَ أولی من ابن العم في الإرث من الرسول (ص) فتوصله بـ 20 ألف درهم (23/161). ولکن لم یبق إلا الیسیر من الأبیات التي تنم عن صلته بالخلیفة. ولیس من شکل في أن اتصاله ببلاط هارون لم یدم طویلاً وقد ذکرت المصادر المتأخرة کإبن تغري بردي (تـ 784هـ) أنه توفّي في 200/816 (2/167) واذا ما صحّ هذا التاریخ فلاندري ماکان یفعل في الفترة التي أعقبت سقوط البرامکة (178/794) حتی وفاته.
وتشتهر أسرة أبان کلها بالشعر مثل: لاحق جد أبان و والده عبدالحمید و أخوه عبدالله وابنه حمدان و حفیده أبان (الصولي، 53 وما بعدها؛ المرزباني، 477).

المصادر

ابن تغري بردي، یوسف، النجوم الزاهرة، القاهرة، 1963م؛ ابن عبدربه، أحمد بن محمد، العقد الفرید، تقـ: أحمد أمین و آخرین، بیروت، 1982م؛ ابن المعتز، عبدالله، طبقات الشعراء، تقـ: عبدالستار أحمد فرّاج، القاهرة، 1956م؛ابن الندیم، الفهرست، تقـ: رضا تجدّد، طهران، 1350ش؛ أبوالفرج الأصفهاني، علي بن الحسین، الأغاني، القاهرة، 1923م؛ بروکلمان، کارل، تاریخ الأدب العربي، تجـ: عبدالحلیم النّجار، القاهرة، 1959م، 1/238؛ البغدادي، عبدالقادر بن عمر، خزانة الأدب، بولاق، 1299م؛ م.ن، الحیوان، تقـ: عبدالسلام محمد هارون، بیروت، 1388هـ؛ الجهشیاري، محمدبن عبدوس، الوزراء والکتاب، تقـ: عبدالله الصاوي، القاهرة، 1357هـ/1938م، ص 147، 165؛ الخطیب البغدادي، أحمد بن علي، تاریخ بغداد، بیروت، دارالکتاب العربي؛ دانشنامه؛ الرفاعي، أحمد فرید، عصر المأمون، القاهرة، 1346هـ؛ الصولي، محمدبن یحیی، الأوراق، تقـ: ج. هیورث دن، القاهرة، 1934م؛ ضیف، شوقي، تاریخ الأدب العربي، القاهرة، 1966م؛ الطبري، تاریخ، تقـ: محمد أبوالفضل إبراهیم، القاهرة، 1960-1968م؛ طه حسین، من تاریخ الأدب العربي، بیروت، 1401هـ؛ فرّوخ، عمر، تاریخ الأدب العربي، بیروت، 1981؛ المرزباني، محمد بن عمران، معجم الشعراء، تقـ: عبدالستار أحمد فرّاج، القاهرة، 1957م؛ وأیضاً:

Fariq, Kh. A., “The Poetryof Abān al- Lāhiqi”, JRAS, 1925; Iranica; Pellat, Charles, Le milieu basrien et la formation de Gāḥiẓ, Paris, 1953.
آذرتاش آذرنوش

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: