الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الفلسفة / الآن /

فهرس الموضوعات

الآن

الآن

المؤلف :
تاریخ آخر التحدیث : 1442/10/25 ۲۱:۵۱:۱۵ تاریخ تألیف المقالة

الآن، یعني الوقت لغة و عند الحکماء الحد الفاصل أو الحد المشترک بین الماضي والمستقبل (التهاتوي، 1/98-99؛ الطوسي، 137). وقد بحث الفلاسفة المسلمون حول کلمة «الآن» لدی حدیثهم عن «الزمان»، وأحیاناً کتابع لهذا البحث. وتدوراً بحاثهم عامة حول موضوعین: أحدهما ماهیة «الآن» و جوهره و کیفیة ارتباطه بالزمان؛ والثاني کیفیة وجوده. وأهم هذه البحوث ما أورده ابن سینا في قسم الطبیعیات من کتاب الشفاء فقد ذهب إلی «أن الزمان لمّا کان متصلاً فله لامحالة فصل یتوهّم و هو الذي یسمی الآن» و لهذا فان وجود «الآن» هو وجود ذهني یتصل معناه بالزمان ویری أیضاً: أن وجود «الآن» في الزمان کوجود النقطة الداخلة في الخط. ویمکن تصوّر النقطة في حالتین: الأولی، وجود نقطة ما ضمن الخط و داخلة فیه؛ والثانیة، نقطة ما ینشأ من سیلانها الخط و تکون فاعلة له، ولهذا فان وجود الخط متعلق بالنقطة و کذا الحال بالنسبة للآن الذي یمکن تصوّره في حالتین: الأولی، الآن الذي یکون جزءاً من الزمان و یتعلّق وجوده بالزمان؛ والثانیة، الآن الذي یوجِد الزمان بسیلانه. ولهذا فإن «الآن» في المعنی الأخیر هو مقدّم علی وجود الزمن الذي یرتبط وجوده به. وإذا ما أخذنا الزمان نفسه بنظر الاعتبار، فان الآن الذي یستلزم الفصل في الزمان یصبح لاوجود له بالفعل، وذلک لأن الآن إذا کان موجوداً بالفعل، فلاوجود لاتصال الزمان في هذه الحالة. ولهذا فان وجود «الآن» هو وجود ذهني یتصوّر فاصلأ لامتداد الزمان (ص 160-165؛ م.ن، فن السماع الطبیعي، 256-266).

ویضیف ابن سینا في نهایة الفصل 13 من قسم الطبیعیات قائلاً: «والزمان له عوارض وأمور تدل علیها ألفاظ، فمن ذلک الآنف و قدیفهم منه: 1. الحد المشترک بین الماضي والمستقبل الذي فیه الحدیث لاغیره؛ 2. کل فصل مشترک – بصورة عامة – ولو کان في الماضي والمستقبل؛ 3. طرف الزمان و نهایته، وإن لم یدل علی اشتراک، بل کان صالحاً لأنیجعل طرفاً فاصلاً في الوهم غیر واصل، وإن کان یعلم من خارج المفهوم إنه لابدّ من أن یکون مشترکاً ولایمکن أن یکون فصلاً، وذلک بنوع من النظر غیر تصوّر معنی لفظه وهذا یعني أن الذهن متی ما أراد أن یجعل طرفاً و نهایة للزمان فعلیه أن یتصوّر تلک النهایة تصوّراً آنیّاً، کما تتصوّر النقطة عند نهایة کل خط؛ 4. «آن» قصیر لزمان قریب جدا من «الآن» الحاضر (الشفاء، السماع الطبیعي، م. ن، فن السماع الطبیعي، 277-278).

وقد شرح بهمنیار قول ابن سینا و وضّحه مشیراً إلی أننا نتصوّر الزمان مرتبطاً دائماً بالحرکة؛ وکما أن الحرکة التوسطیة تجري دائماً بین الماضي والمستقبل فان ما یتطابق من الزمان مع‌هذه الحرکة یجري بین الماضي والمستقبل و هو مایدعي بالآن، فالآن لاوجود مستقل وبالفعل له، أي لاوجود بالفعل للآن الذي یختلف، ویمکن تمییزه عن الآن التالي، بل إن هذا الوجود هو وجود فرضي؛ و نتیجة للآن یحدث التقدّم التأخر و نتیجة للتقدم و التأخر ینعدم الزمان. ولهذا نجد أن القبلیة والبعدیدة تختص بالآن و تأتي بالمقارنة معه (التحصیل، 453-463؛ جام جهان نماي، 335-340).

وهکذا نجد أن الفلاسفة والمتکلمین بعد ابن سینا بدأوا بالبحث والتحلیل، بشکل أو بآخر، ضمن إطار أقواله و لم یضیفوا علیها شیئاً یستحق الذکر. وأورد فخرالدین الرازي بإیجاز، أقوال الحکماء وبادر إلی نقدها. فهو یقول: «إن الآن قدیفرض علی وجهین» أحدهما، أن یکون حصوله فرعاً علی حصول الزمان؛ و ثانیهما، أن یکون حصول الزمان فرعاً علی حصوله. أما الآن بالمعنی الأول فهو الذي إذا وجد الزمان ثم فرض فیه حد وفصل فان ذلک الحد یکون ظرفاً للزمان و هو الآن. وأما الآن الذي یتفرّع علی حصوله حصول الزمان، فهو إن المسافة والحرکة والزمان أمور متطابقة. أما المسافة فانه یمکننا أن نتصوّر نقطة یوجد الخط بسیلانها و حرکتها؛ أما الحرکة فان الأمر الوجودي منه في الخارج هو الکون في الوسط، أي الوسط بین المبدأ والمنتهی، ثم إن هذه الحقیقة تفعل بسیلانها الحرکظ بمعنی القطع، فاذا کان الأمر في المسافة والحرکة کذلک، فهل في الزمان شيء غیرمنقسم یکون ذلک الشيء فاعلا للزمان بسیلانه أم لا؟ فإن کان الأمر کذلک کان ذلک الشيء من الزمان والکون في الوسط من الحرکظ والنقطة من المسافة أموراً ثلاثة متطابقة (المباحث المشرقیة، 1/674). وخلاصة حدیث فخرالدین الرازي هي کما أن الحرکة حرکتان إحداهما خارجیة وتدعی توسطیة، والأخری ذهنیة و هي القطعیة، فان للزمان أیضاً وجهین: أحدهما خارجي و هو مطابق للحرکة التوسطیة (الآن السیال)، والآخر ذهني والذي ینطبق مع الحرکة القطعیة (الزمان المتصل). وکما أن الحرکة التوسطیة تؤدي الی الحرکة القطعیة؛ فان «الآن السیال» هو الزمان الممتد و القابل للانقسام الذي یرسم في الذهن. والمقصود بالحرکة التوسطیة، هو حالة کون الجسم بین المبدأ والمنتهی. وهذه الحرکة أمر بسیط لایقبل الانفصال فلیسله ماض ولامستقبل، ووجوده في زمان الحال (الحاضر). أما المقصود بالحرکة القطعیة فهو الأمر المتّصل الذي یمتد من بدایة الحرکظ وحتی نهایتها و تابع للحرکة التوسطیة و معلول لها. و بعبارة أخری فان الحرکة القطعیة هي السیلان والتدرج، أما الحرکة التوسطیة فهي شيءیرسم هذا السیلان في الذهن. ویضیف فخرالدین الرازي قائلاً: إن الآن فاصل للزمان باعتبار، وواصل له باعتبار آخر. أما کونه فاصلاً فلأنه یفصل الماضي عن المستقبل؛ وأماکونه و اصلاً فلأنه حد مشترک بین الماضي والمستقبل، ولأجله یکون الماضي متصلاً بالمستقبل (المباحث المشرقیة، 1/675).

ویشیر الحلي إلیالآن متأثراً بأقوال فخرالدین الرازي بقوله: الآن هو نهایة الماضي و بدایة المستقبل ولیس في الخارج، لأن جوده الخارجي یستلزم وجود جزئه الذي لایمکن تجزئته في الحرکة وهذا بدوره یستوجب وجود الجزء الذي لایمکن تجزئته في المسافة. والأساس الذي یستند علیه هو أن الزمان والحرکة والمسافة أمور متطابقة فاذا ما تجزّأ أحدها تجزّأ الاثنان الآخران. ویطلق الآن أحیاناً علی الزمان الحاضر الذي هو بحد ذاته قابل للتجزئة، ولکن ذهن الانسان یفترض عدم تجزئة الآن الذي یعني الحاضر. وبهذا المعنی فإن الآن سیعني جزءاً من الزمان یقبل التجزئة (ایضاح المقاصد، 302).

وتبعاً لهذه البحوث نجد صدر المتألهین الشیرازي یبحث حول: «الآن السیال» وعلاقته بالحرکة التوسطیة بتفصیل و عمق أکثر. وخلاصة حدیثه أن نسبة «الآن السیال» إلی الزمان، کنسبة الحرکة التوسطیة الی الحرکة القطعیة، أي کما أن الحرکة التوسطیة علّة الحرکة القطعیة، فان «الآن السیال» یستوجب تحقیق الزمان المتصل (الأسفار، 3/166-173، 178-179).

ویبدو أن المفکّرین المسلمین بعد ابن سینا قد اعتمدوا علی العلاقة الموجودة بین الحرکة التوسطیة والحرکة القطعیة في تقسیمهم «الآن» الی «الآن المفروض» و «الآن السیال» في مجال العلاقة بین «الآن» و «الزمان». و عرّفوا «الآن المفروض» أحیاناً بأنه الحد الفاصل بین الماضي والمستقبل، وأحیاناً أخری بأنه الحد المشترک بین الماضي والمستقبل. ولتوضیح الاختلاف بین هذین التعریفین قالوا: بما أن «الآن المفروض» لیس له وجود خارجي و ما هو إلّا أمر فرضي و ذهني، فلایمکن أن یکون الحد الفاصل بین أمرین خارجیین، أي الماضي والمستقبل. ولذا فمن الأفضل القول بأنه یمثل الحد المشترک، أي إنه نهایة الماضي و بدایة المستقبل. و بعبارة أخری، فإن الآن المفروض هو الحد المشترک بین الماضي والمستقبل و لیس بالحد الفاصل، لأنه إذا کان الحد الفاصل فسیظهر أمامنا ترکیب الزمان من أجزاء غیرقابلة للتجزئةف أي توالي الآنات و إن توالي الآنات یعتبر باطلاً لأنه یستلزم وجود أجزاء لایمکن تجزئتها في المسافة. وما حقیقة الزمان في العالم الخارجي إلا «الآن السیال»، والزمان الناتج من «الآن السیال»، هو أمر ذهني. و إذا ما قبلنا بوجودٍ له بالفعل فهو بهذا لامعنی وجود منشأ انتزاعي هو «الآن السیّال».

وهنا یعرض هذا السؤال و هو هل للحرکة التوسطیة وجود خارجي أم لا؟. وإذا کان الجواب إیجابیاً، ففي هذه الحالة هل «الآن السیال» الذي یتطابق معه، له وجود خارجي أو إنه أمر ذهني؟

وجواب جمیع المفکرین هو أن الحرکة التوسطیة لها وجود خارجي، وظرف وجودها الزمان الحاضر. وکما یقول ابن سینا في معرض حدیثه في هذا المجال، إن الحرکة اسم لمعنیین: أحدهما (القطعي)، لایمکن أن یکون قائماً بالفعل في الأعیان؛ والآخر (التوسطي)، وهو ممکن. أما المعنی الذي یوجد بالفعل ویحقّ أن یطلق علیه اسم الحرکة و أن الحرکة الموجودة فیه هي متحرکة، فهي الحالة المتوسطة التي لاتوجد في بدایة المسافة، ولمّا تصل بعد الی انتهائها، بل انها في الحد المتوسط (الشفاء، السماع الطبیعي، 83؛ م.ن، فن السماع الطبیعي، 135-136).

ویکرر فخرالدین الرازي مع یسیر من الاختلاف، حدیث ابن سینا فیقول إن الحرکة اسم لمعنیین؛ أحدهما الأمر المتصل المعقول الذي یمتد من بدایة المسافة إلی نهایتها و لیس له وجود خارجي، والآخر کون الجسم بین المبدأ والمنتهی وله وجود خارجي (المباحث المشرقیة، 1/550-551). ویقول في مکان آخر في هذا المجال: إن الزمان ملازم للحرکة و متطابق معها؛ والحرکة علی قسمین: الأول قطعي، والآخر توسّطي. والأول لیس له وجود خارجي و تطابق الزمان معه مجزاً و ممتد ولیس له وجود خارجي؛ أما الثاني و هو التوسطي فله وجود خارجي و تطابق الزمان معه في الخارج، و هو أمر مستمر بین المبدأ وامنتهی ولایمکن تجزئته (ن.م، 1/649).

خلاصة أقوال ابن سینا و فخرالدین الرازي هي: لمّا کان «الآن السیال» متطابقاً مع الحرکة التوسطیة فانه سیکون کالحرکة التوسّطیة الموجودة. وبعبارة أخری لما کانت الحرکة التوسطیة موجودة، فان «الآن السیال» لابد أن یکون له وجود خارجي حتی یستطیع أن یتطابق مع الحرکة التوسطیة. وإن هذا الموضوع هو نفسه الذي أکد علیه الفلاسفة المتأخرون. وکتب المیر محمدباقر الداماد یقول: إن الکون في الوسط و کذلک الآن السیال حاصلان في حاقّ الأعیان (القبسات، 210). ومن الجدیر بالذکر مایقصده المیرداماد من عرض الموضوع المذکور آنفاً هو أن یستنتج الوجود الخارجي للحرکرة القطعیة والزمان الممتد الذي یتطابق معها. و یضیف لمّا کان لکل من «الآن السیال» والحرکة التوسطیة وجود عیني، فان الزمان وحرکته القطعیة التي هي معلول «الآن السیال» والحرکة التوسطیة، له وجود خارجي (ن.م، 209).

وذهب الی الرأي نفسه تلمیذه صدر المتألهین الشیرازي فخصّص في کتاب الأسفار فصلاً تحت هذا لاعنوان: «إن القول في عدم الحرکة القطعیة والزمان الذي ینطبق علیها لایخلو من إشکال» (3/31-37، 174).

ومما یجدر ذکره هنا أن کلمة «آن» قد استعملت بمعنیین آخرین في المصطلحات العرفانیة الفارسیة: 1. الحسن والملاحة التي تدرک ولکن یستعصي وصفها، أي الوضعیة في الحسن والجمال التي لایمکن التعبیر عنها باللسان کما قال حافظ في هذا لامجال: بندۀ طلعت آن باش که «آني» دارد [کن عدباً لجمال من له حسن یدرک ولایوصف]؛ 2. العشق (التهانوي)، 1/99).

 

المصادر

ابن سینا، دانشنامۀ علایي (الهیات)، تقـ محمدمعین، تهران، 1353 ش؛ م.ن، الشفاء (الطبیعیات، السماع الطبیعي)، تقـ سعید زاید، قم، 1405 هـ؛ م، ن. فن سماع طبیعي، تجـ محمدعلي فروغي، تهران، 1319ش؛ بهمنیار بن مرزبان، التحصیل، تقـ مرتضی مطهري، تهران، 1349ش؛ التهانوي، محمد بن علي، کشّاف اصطلاحات الفنون، تقـ الویس اشپرنگر، کلکته، 1862م؛ جام جهان نماي، تقـ عبدالله نوراني ومحمدتقي دانش پژوه، تهران، 1362ش؛ الحلّي، الحسن بن یوسف، إیضاح المقاصد، تقـ علي تقي منزوي، تهران، 1337ش؛ صدرالدین الشیرازي، ابراهیم، الاسفار الأربعة، الجزء الثالث من السفر الأول، تهران، 1383هـ؛ فخرالدین الرازي، محمدبن عمر، المباحث المشرقیة، تهران، مکتبة الأسدي، 1966م، 1/670؛ میرداماد، محمدباقر، القبسات، تقـ: مهدي محقّق و آخرین، تهران، 1356ش؛ نصیرالدین الطوسي، محمدبن محمد، تلخیص لمحصل، تقـ عبدالله نوراني، تهران، 1359ش، ص 136-137.

صمد موحّد

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: