الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / التاریخ / آل ثاني /

فهرس الموضوعات

آل ثاني

آل ثاني

المؤلف :
تاریخ آخر التحدیث : 1442/10/23 ۲۱:۳۰:۳۸ تاریخ تألیف المقالة

آل ثاني، سلالة تنتسب الی ثانی بن محمد، بدأت بتوطید حکمها شیئاً فشیئاً منذ أواسط القرن 13ھ/19م، فسیطرت علی شبه جزیرة قطر ولاتزال تحکمها حتی الوقت الحاضر.

ینتمي أجداد آل ثاني الی بني تمیم التي هي بطن من قبیلة المعاضید المنشعبة عن قبیلة الوهبة التي هي من بني حنظلة (حمزة، 140) وکانوا یعیشون في شرق نجد في البدایة و تربطهم أواصر قرابة مع آلی الشیخ ومحمدبن عبدالوهاب عن طریق عمرو بن مِداد جدهم المشترک.

وعمرو بن مداد هذا هو الجد الثاني عشر لثاني بن محمد، والجد العاشر لمحمد بن عبدالوهاب (أبوناب، 85). هاجر أجداد هذه الأسرة في القرن 11ھ/17م مع بني عمومتهم آل مَعَد و آل بوگوارة من قریة عُشیَقِر في الوَشم الواقعة في القسم الشرقي من نجد، وأقاموا في واحة جبرین أو یبرین الواقعة علی بعد 200 میل الی الجنوب الغربي من شبه جزیرة قطر، ولکنهم غادروها بعد فترة قصیرة و توجهوا أولاً الی السَکک في جنوبي قطر ثم هاجروا منها الی الرُّوَیس و الزُّبارة (أبو حاکمة، «تطور دول الخلیج»، 45؛أبوناب، 85). ویبدو إن هجرتهم من نجد کانت بسبب جفاف المناطق الوسطی من شبه الجزیرة العربیة آنذاک (أبوحاکمة، «تاریخ شرقي شبه الجزیرة العربیة»، 50) کما حدثت هجرات أخری متعددة کان لها تأثیر کبیر علی مستقبل بعض مناطق الخلیج‌الفارسي الساحلیة. ولیس لدینا معلومات تذکر عن هذه الأسرة منذ ذلک التاریخ و حتی الرق 13/19، حیث کانت شبه الجزیرة العربیة وسواحل الخلیج‌الفارسي تمر في إحدی أهم فتراتها السیاسیة و أکثرها خطورة. و من الأسباب المهمة للتطورات السیاسیة و الجغرافیة التي خضعت لها المنطقة هو ضعف الامبراطوریة العثمانیة في السیطرة علی المنطقة، ومارافقه من تزاید النفوذ البریطاني في الخلیج‌الفارسي وبحر عمان لضمان سیطرة الهند، وتعاظم قوة بعض القبائل و العوائل العربیة وظهور المذهب الوهابي الجدید بصورة خاصة، والذي کان یتوسع وینتشر لیسیطر علی قسم کبیر من شبه الجزیرة العربیة. و کان النزاع قائماً في أواسط القرن 13ھ/19م للاستیلاء علی المنطقة بین آل خلیفة الذین کانوا قد سیطروا علی قطر منذ سنین طویلة و بین آل سعود الذین کانوا یطمحون في السیطرة علی جمیع أرجاء شبه الجزیرة العربیة؛ واستمر هذا النزاع حتی عام 1259ھ/1843م، حیث تغلب السعودیون ومهّدوا الطریق لآل ثاني (غرایبة، 1/376). وعلی الرغم من أن محمدبن ثاني بذل جهوداً منذ سنین سبفت هذا التاریخ للسیطرة علی أجزاء من قطر، إلا أن آل ثاني برزوا في تاریخ المنطقة منذ ذلک التاریخ وأصبحوا بعد أکثر من قرن إحدی العوائل الکبیرة الحاکمة في الامارات الواقعة علی الساحل الجنوبي للخلیج الفارسي. أما أهم وجوه هذه الأسرة فهم:

 

1. محمدبن ثاني (تـ 1295ھ/1878م)

تولی بعد والده رئاسة قبیلة المعاضید (قلعة جي، 659) وزعامة العائلة (أبوناب، 85، 86). و علی العکس من آل خلیفة الذین کانوا یعدّون قطر جزءاً من ممتلکاتهم، فان هؤلاء قد خضعوا للسعودیین مباشرة بعد تغلبهم علی آل خلیفة في 1259ھ/1843م. و رغم بقاء هؤلاء في قطر، و ما قیل من أن محمداً نصب من قبلهم حاکماً علی الدوحة (أبو حاکمة، «تطور دول الخلیج»، 45)، إلا أن محمداً کان یمیل صراحة الی السعودیین و سعی مراراً لیتخلص من نفوذ آل خلیفة (قدّورة، 94، 95). و لعل الحملة التي قادها عبدالله ابن فیصل السعودي في ھ1275/1859م و التي استهدفت نهب قطر (قائم مقامي، 29) کانت بدعوة من محمدبن ثاني. و أخیراً آلت هذه المحاولات الی سلسلة من الحروب بین آل ثاني و آل خلیفة. واستطاع محمدبن خلیفة في 1282ھ/1865م و بمساعدة شیخ أبو ظبي من التغلّب علی محمدبن ثاني في حرب بحریة و أرغمه علی دفع ضریبة سنویة (زرین قلم، 132). إلا أن آل ثاني لم یتخلّوا عن الکفاح ضد سلطة آل خلیفة. وفي الوقت الذي تمرد الشیخ قاسم بن الشیخ محمدبن ثاني احتجاجاً علی سیطرة البحرینیین، أرسل الشیخ محمدبن خلیفة أخاه الشیخ علي الی الدوحة حیث عمل فیها نهباً و قتلاً. و ذهب الشیخ قاسم الی البحرین للصلح (1284ھ/1867م) ولکن الشیخ محمدبن خلیفة اعتقله و ألقی به في السجن (الریحاني، 2/270-271). و هاجم أهالي قطر البحرین لانقاذ الشیخ قاسم ولکنهم خسروا الحرب البحریة التي وقعت في الدامسة وانسحبوا (ن.م، 2/271). غیر أنهم استطاعوا أسر بعض المقرّبین الی شیخ البحرین، ثم أطلق سراحهم إزاء إطلاق سراح الشیخ قاسم (غرایبة، 1/259؛ أبوناب، 87). وبعد فترة قصیرة، هاجم الشیخ محمد بن خلیفة الدوحة بذریعة جمع الضرائب، و قیل بمساعدة الشیخ زاید أمیر أبوظبي، و عمل فیها نهباً و قتلاً (نشأت، 270؛ أبوناب، 88). و تدخل الکولونیل پلي المندوب البریطاني في الخلیج‌الفارسي الذي کان یترصد الفرصة للحصول علی موطئ قدم في قطر و أرغم الشیخ محمدعلی الانسحاب. و علی هذا فقد نجح في توطید سبل الاتحاد مع قطر (لوتسکي، 225)؛ و تقرّر بموجب المعاهدة التي عقدها في 1285ھ/1868م مع محمدبن ثاني، أن یدفع الشیخ الضرائب الی البحرین بضمانة من بریطانیا و وساطتها، و أن یسکن هو في إحدی المناطق الساحلیة، وألا یتدخل في شؤون البحرین، و یرجع اختلافاته مع جیرانه الی المندوب البریطاني، و یوافق علی قرارات الأخیر ووجهات نظره، ویمتنع عن القیام بأي عمل من شأنه أن یعرض السلامة البحریة الی الخطر (لاریمر، 1/801؛ أبوناب، 88، 89). کما حذّر الکولونیل پلي شیخ قطر من مغبّة نقض العهد.

والملاحظ أن فترة حکم محمدبن ثاني متداخلة جداً مع تاریخ حیاة ابنه الشیخ قاسم و حکمه، لاسیما بعد عقد هذه الاتفاقیة، حیث لایکن تحدید نهایة فترة حکم محمد و بدایة حکم قاسم بوضوح. ولکن یبدو أن الشیخ محمد أناط مقالید الأمور بعد 1285ھ/1868م عملیاً الی ابنه، وقیل إنه أناط به رئاسة القبیلة أیضاً (الزرکلي، 6/19؛ قا: غرایَبة، 1/259). ولهذا فان تخلص آل ثاني من نفوذ آل خلیفة و سیطرتهم بمساعدة العثمانیین في 1289ھ/1872م، و نسبة ذلک الی محمد بن ثاني (أبو حاکمة، «تطور دول الخلیج»، 45) یبدو غیر دقیق، لأن الشیخ قاسم کان آنذاک طرفاً في المفاوضات مع الممثل العثماني لامع الشیخ محمد، ولم یقبل بسلطة الأتراک حیث امتنع عن رفع العلم العثماني علی بیته رغم المعاهدة الموقّعة بینهم و بین ابنه (لاریمر، 1/802).

 

2. قاسم بن محمدبن ثاني (تـ 1331ھ/1913م)

و هو أحد کبار الأمراء من آل ثاني، استطاع أن یؤسس دولة مستقلة في الدوحة بعد کفاح طویل. وقد قام قاسم أیام کان والده في صراع مع آل خلیفة، بنشاطات واسعظ و شارک في الحرب ضد البحرینیین. و ازدادت قدرة قاسم إثر عقد معاهدة بین محمدبن ثاني والحکومة البریطانیة عام 1285ھ/1868م، نصت علی تخلّي الشیخ محمد عن الحکم و اعتزاله، ویبدو أنه استلم مقالید الأمور بأمر من والده و تحریضه. و مع ذلک فقد اعتبر بعضهم بدایة حکمه الرسمي في ھ1293/1876م حیث عینّه العثمانیون حاکماض علی الدوحة (م. ن، 1/804). أما البعض الآخر فقد اعتبر تاریخ وفاة محمدبن ثاني في 1295ھ/1878م بدایة لحکم قاسم (أبوحاکمة، «تطور دول الخلیج»، 45).

ورافقت أیام حکم قاسم، جهود لأتراک العثمانیین الرامیة لاعادة نفوذهم علی السواحل الجنوبیة للخلیج الفارسي و منافسة الحکومة البریطانیة في ذلک. و قرّر مدحت باشا والي بغداد السیطرة علی نجد والأحساء والکویت والبحرین و قطر، تنفیذاً لما کان یراه في وجوب توسیع نفوذ‌الدولة العثمانیة و سلطتها في الشرق و سواحل الخلیج‌الفارسي تعویضاً عما فقدته من ممتلکات في أوروبا (نشأت، 353). و في 1288ھ/1871م ادعی مدحت باشا أن البحرین و قطر و سواحل عمان و سلطنة مسقط جزء من‌الدولة العثمانیة إثر احتلال القوات العثمانیة للأحساء و القطیف، و تعیین عبدالله بن فیصل السعودي «قائم‌مقام» عثماني لنجد (کلي، 142). و علی الرغم من تکذیب الباب العالي لادعاء مدحت باشا بسبب احتجاج بریطانیا، إلا أن الشیخ قاسم رفع العلم العثماني علی منطقته بعد المفاوضات التي جرت بینه و بین الوفد العثماني. کما أسس في ذي‌القعدة 1289/ کانون الثاني 1872 معسکراً للجنود العثمانیین في الدوحة (لاریمر، 1/802، 803، قا: غرایبة، 1/260؛ بونداروفسکي، 84). و سعی الشیخ قاسم، الذي کان یأمل بمساعدة مدحت باشا لمواجهة النفوذ البریطاني، والذي أخذ یلعب دور الزعیم الاجتماعي والدیني للناس، في دعوة الأهالي الی الاتحاد و طرح النزاعات القبلیة جانباً (أبوناب، 91). و قیل إن العثمانیین عیّنوا قاسماً آنذاک قائم‌مقام في قطر (کرزن، 2/541؛ أبوناب، 92) و الحقیقة أن انحیاز الشیخ قاسم الشدید الی العثمانیین کان یمثل عدم اعتقاده بقیمة معاهدة 1285ھ/1868م المعقوده بین انجلترا و الشیخ محمد. و تمکن الشیخ قاسم بعد أن قویت شوکته آنذاک، أن یخطو خطوات عدیدة لترسیخ حکمه، إلا أن جهوده لاعادة بناء مینائي الزُبارة وعُبید واجهتا معارضة آل خلیفة الشدیدة و مشاکل أثارتها انجلترا التي لم تجد في الشیخ قاسم عمیلاً لها. و لهذا فقد عدّه بعض المندوبین الانجلیز في الخلیج‌الفارسي رجلاً خبیثاً وانتهازیاً، یفتقد الی صفات أخلاقیة ثابتة (کرزن، 2/541) و حتی من قراصي البحار (لاریمر، 1/804). ومع کل ذلک، فان الملازم فریزر مساعد «المندوب البریطاني المقیم» والذي زار الدوحة في 1292ھ/1875م، کان یعتقد أن شیوخ آل ثاني کانوا في استیاء من الأتراک العثمانیین ولکنهم لایصرّحون بذلک خوفاً من طردهم و نفیهم الی استانبول، رغم اعترافه بما واجهته القوات الانجلیزیة من ضعف تجاه النفوذ العثماني في الدوحة (م.ن).

ویبدو أن العثمانیین قرروا في تلک السنة، و لأسباب خاصة، سحب قواتهم من الخلیج‌الفارسي و إناطة الحکم باشیوخ المحلیین في المناطق المذکورة تحت إشراف‌الدولة العثمانیة (نشأت، 358)، مما دفع قاسم – کما یبدو – للاتجاه نحو الانجلیز الحقیقة أن موقفه من إنجلترا و‌الدولة العثمانیة، لاسیما بعد وفاة والده في 1295ھ/1878م والاعتراف رسمیاض بحکمه، یبدو متناقضاً. ولعل ذلک یرجع الی حالات الضعف والقوة اللتین کانت تتعرض لهما‌الدولة العثمانیة و انجلترا في الخلیج‌الفارسي بصورة متتالیة. وقد جاء في تقریر لاریمر (1/809) أن الشیخ قاسم اتصل بالمندوب البریطاني في ربیع‌الثاني 1298/ آذار 1881 واشتکی إلیه من تقلص رقعة نفوذه، في الوقت الذي نری أن لاریمر یذکر في موضع آخر، أن الشیخ قاسم بدأ في ذي القعدة 1298/ أیلول 1881 بمضایقة التجار الهنود – الانجلیز في الدوحة. و علی الرغم من أن الامر آل الی الوئام، إلا أنه قام في السنة التالیة باغلاق مراکزهم التجاریة و لم یعر اهتماماً لاحتجاج بریطانیا علی هذا الاجراء(لاریمر، 1/811). واتهمه الانجلیز، مواجهة منهم له، بالحاق خسائر بسلع رعایاهم من الهنود و أرغموه علی دفع الغرامة (أبوناب، 93). ویبدو أن الکولونیل راس المندوب البریطاني قداقترح آنذاک علی دولته إرغام الشیخ قاسم علی الاعتراف بمعاهدة 1285ھ/1868م، إلا أن حکمة الهند البریطانیة اکتفت باعتراف الشیخ بالاتفاقیة شفویاً، ربما خوفاً من أن یسبب هذا الاجراء مشاکل في العلاقات بین انجلترا والدولة العثمانیة. و تم تنفیذ هذا الأمر، و وافق الشیخ قاسم، رغم دعمه للأتراک، علی الکف عن الحرب البحریة مع جیرانه، و طرح خلافاته معهم علی المندوب البریطاني (لاریمر، 1/811). و إثر هذه الاتفاقیة قرر قاسم في محرم 1299/ إیلول 1881 الهجوم علی أمیر أبوظبي الذي اختلف معه حول خور العَدید، ولکنه تراجع عن قراره بتوصیة المندوب البریطاني. کما أراد في 1303ھ/1886م أن یحتلها ثانیة بمساعدة العثمانیین، إلا أن الانجلیز حالوا دون ذلک أیضاً (کلي، 146). و بهذا یبدوأن الشیخ قاسم لم یلتزم ببنود المعاهدة، ذلک لأن الانجلیز طالبوه بغرامة کبیرة في 1304ھ/1887م بسبب مشارکته في عملیات القرصنة البحریة ضد السفن البحرینیة (نشأت، 358). و مما یثیر العجب أن قاسم و هو في هذا الوضع عارض العثمانیین و ترک الدوحة للحیلولة دون فتحهم مکتباً للجمارک في قطر (1304ھ/1887م). وأدی هذا الاجراء الی اضطراب الأمور حیث آغار البدو من بني هاجر علی سوق المدینة و نهبوها (لاریمر، 1/806). و لعل هذا کان السبب في أن یعبئ شیخ أبوضبي – و هو أکبر أمیر لمحمیات عمان، والذي کانت له خلافات مع الشیخ قاسم منذ فترة طویلة – قبائله ضدالشیخ قاسم، فأغارت مجموعة من أبناء قبائل بوشعر علی الدوحة، و قتل ابن الشیخ قاسم في إحدی المعارک التي دارت بینهما. و طلب الشیخ قاسم، علی الرغم من قبول بارجاع خلافاته مع جیرانه الی المندوب البریطاني، في البدایة، المعونة من العثمانیین في الأحساء، ثم اتجه بطلبه الی البلاط العثماني في استانبول؛ و لمّا لم یحصل علی رد إیجابي من الباب العالي إثر لاضغوط التي مارسها السفیر البریطاني علیه (بنوداروفسکي، 88)، طلب المساعدة من ابن الرشید أمیر نجد (کرزن، 2/542)، و یقال إنه استطاع استعادة الدوحة بمساعدة کل من ابن سَبهان نائب ابن الرشید في الریاض، وعبدالرحمن بن فیصل، و هاجم الضُّفرة و لِوی، و مارس فیها القتل والنهب (کلي، 146). ولکن الشیخ قاسم اضطر الی التراجع الی منطقته بعد أن قطع ابن الرشید مساعدته له، ولعدم تمکنه بمفرده من مواجهة القبائل التي عبأها أمیر أبوظبي ضده (م.ن، 147). و في هذه الأثناء بادر العثمانیون الی بذل المزید من الجهود لاستئناف صداقتهم مع الشیخ قاسم. فزار والي البصرة نافذباشا الدوحة و وعد الشیخ بمنحه لقباً و وساماً؛ و أقیم بعد فترة قصیرة المعسکَّر العثماني هناک (لاریمر، 1/806). ومع ذلک فان الشیخ قاسم لم یعترف بصراحة و بشکل مباشر بسیطرة العثمانیین، وعندما عدلت‌الدولة العثمانیة عن مبادئ مدحت باشا السیاسیة، لم یتردد الشیخ قاسم في معارضة العثمانیین. و جهّز محمدحافظ باشا قائد القوات العثمانیة في الأحساء جیشاً سار به نحو قطر، و ذلک بمساعدة معارضي آل ثاني کقبیلة العجمان، و الکویتیین بزعامة الشیخ مبارک آل الصباح، و عندما وصل الدوحة طلب من الشیخ قاسم أن یأتي إلیه. وأرسل الشیخ، الذي کان آنذاک خارج المدینة و یقیم في قریة الوَجبة، أحاه أحمد الی الباشا معتذراً عن عدم حضوره، ولکن حافظ باشا غضب من هذا التصرف و سجن أحمد و مرافقیه و أرسل قوة إلی الوجبة. و نشبت معرکة بین الطرفین في شهر رمضان 1310/ آذار 1893 وألحق الشیخ قاسم هزیمة نکراء بالقوات العثمانیة (أبو ناب، 93-94). و بعد هذا الانتصار حاول طرد العثمانیین من الاحساء أیضاً، إلا أن جهوده لم تثمر (الزرکلي، الأعلام، 6/19).

و قام السلطان عبدالحمید الثاني بعزل حافظ باشا، و ارسال مندوب عنه إلی الشیخ قاسم بسبب قلقه، من تعاطم قوة الشیخ قاسم و خوفا من قیام تمرد ضد العثمانیین في جمیع أرجاء المنطقة. و أدت المفاوضات الی السلام (أبو ناب، 95). و في تلک الفترة فکّر الشیخ قاسم بالهجوم علی آل خلیفة، حیث کان یکنّ حقداً علیهم لأنهم کانوا منذ سنین سالفة في صراع معه. و لهذا فقدهاجم البحرین (1311ھ/1893م)، ولکنه خسر المعرکة إثر تدخل الأسطول البریطاني. و یضیف غرایبة أن قاسم انسحب بعد توقیعه معاهدة للسلام (1/260).

وفي 1313ھ/1895م لجأ آل ابن علي إثر صراعهم مع آل خلیفة – حکام البحرین – الی قاسم و احتاروا الإِقامة في الزبارة و ذلک بتأیید فوزي باشا. و استاء المندوب البریطاني ویلسون من هذا التصرف، و لمّا فشلت محادثاته مع الباب العالي وامتنع الشیخ قاسم عن اخراجهم أیضاً، أخذ سفن آل ابن علي مع سفنه الی البرحرین، و بدأ آل ابن علي التأهب للقتال، غیر أن الشیخ عیسی آل خلیفة طلب المساعدة من الإِنجلیز، الذین هاجموا الزبارة و هدموا و هدموها (زرین قلم، 155، 156؛ قائم مقامي، 85). کما قیل إن انجلترا قامت بهذه الحملة، دعماً لحاکم البحرین الذي کان یدعي السیطرة علی القسم الشمالي الغربي من شبه جزیرة قطر، و دمّرت جمیع المدن و القری الساحلیة بالاضافة الی تدمیر جمیع قوارب صید الأسماک واستخراج اللؤلؤ (بونداروفسکي، 88). وأدت هذه الأحداث الی إضعاف نفوذ العثمانیین في السواحل الجنوبیة من الخلیج‌الفارسي، إلی حد عجز العثمانیون فیه عام 1322ھ/1904م عن مساعدة الشیخ قاسم، و ذلک عندما کانوا یتفاوضون مع السعودیین حول القصیم، و ثار علیه أحمد أخوه، مما دفع ابن سعود الی نجدته (فیلبي، 249). و أدی الضعف العثماني أخیراً في 1331ھ/1913م الی توقیع اتفاقیة بین‌الدولة العثمانیة و بریطانیا، تخلّی بموجبها العثمانیون عن حقوقهم في الکویت والبحرین و قطر و مسقط و عمان (الریحاني، 2/178). و مع ذلک فلم تستطع بریطانیا أن تحتل مرکز العثمانیین في قطر، ولَم تتوثق علاقاتها مع آل ثاني مدی حیاة الشیخ قاسم و حکمه بصفته قائم‌مقام للعثمانیین علی حدّ زعمهم. و أخیراً توفي الشیخ قاسم في 1331ھ/1913م بعد أن عمر 111 سنة (فیلبي، 269) و قیل 115 سنة (الررکلي، شبه‌الجزیرة، 1/66) و دفن في قریة واصل علی بعد 20 کم من شمالی الدوحة.

 

3. عبدالله بن قاسم (حکم: 1331-1369ھ/1913-1950م)

تسلم مقالید الأمور بعد وفاة والده مباشرة. إلا أنه لم یستطع الحفاظ علی الاستقلال الذي کان والده قدحصل علیه و للک بسِبب عدم امتلاکه قوة و نفوذ والده، ولضعف السلطة العثمانیة المتزاید علی شبه الجزیرة العربیة بصورة خاصة (أبو حاکمة، «تطور دول الخلیج»، 45). و بعد إعلان الحرب العالمیة الأولی و دخول‌الدولة العثمانیة الحرب الی جانب دول المحور (1334ھ/1916م) تعیماً لنفوذها في سواحل الخلیج‌الفارسي، و احتلال المناطق التي لم تستطع السیطرة علیها حتی ذلک الوقت. واغتنمت بریطانیا الفرصة فأرسلت قواربها المروّدة بالمدافع الی قطر، و أرغم پرسي کاکس المندوب البریطاني في الخلیج‌الفارسي، الشیخ عبدالله علی توقیع معاهدة تضمن حمایة بریطانیا لقطر، والتي وقعهامنذ سنین أمیرا عمان و البحرین (أبو ناب، 105-106). و بموجب هذه المعاهدة التي تم التوقیع علیها في 1334/1916، منحت بریطانیا حق الموافقة علی إقامة العلاقات الخارجیة حق منح الامتیازات، کما أصبحت بریطانیا تشرف، بشکل غیررسمي، علی السیاسة الداخلیة في قطر (أبو حاکمة، «تطور دول الخلیج»، 46). و تم تجدید المعاهدة المذکورة في 1353ھ/1934م (بیربي، 242)، وقد ظهر أحد أهم نتائج هذه المعاهدة بعد اکتشاف النفط في قطر، حیث منح امتیاز اکتشاف النفط واستخراجه لمدة 75 عاماً أي من 1354ھ/1935م إلی 1431ھ/2010م، الی شرکة نفط قطر البریطانیة، التي کانت فرعاً لشرکة نفط العراق البریطانیة (غرایبة، 1/260؛ بیربي، 239-240). و علی الرغم من إلحاق الزبارة في 1356ھ/1937م بقطر إثر الضعوط التي مارسها الشیخ عبدالله ظاهریاً و کان بین آل خلیفة و آل ثاني خلاف حول ملکیتها (قدورة، 95؛ أبو حاکمة، «تطور دول الخلیج»، 46)، إلا أن نفوذ الحکام المحلیین کان ضعیفاً إلی درجة قیل إن قطر لم یکن لها آنذاک ما یسمی بالجهار الحکومي (داک آنتوني، 69). و مع ذلک فان جمیع الشؤون الداخلیة کانت تدار غالباً من قبل حمدبن عبدالله کقائم‌مقام الحاکم و ولي عهده، إلی درجة أن الأهالي کادوا ینسون أن الحاکم الرسمي هو الشیخ عبدالله. و کان الشیخ حمد یعد حاکم قطر عملیاً کما کان یعد ابنه الشیخ خلیفة ولي عهده. ولم تکن الدوحة قد أصبحت مرکزاً آنذاک، و لذلک فان الدوائر الحکومیة و مکتب المندوب البریطاني کانت جمیعها في «الشقوب» القریبة من الدوحة، حیث کان الشیخ یقیم فیها أیضاً (هي، 108-110). و في 1367ھ/1948م توفي الشیخ حمد و قدعملت بریطانیا علی إبعاد الشیخ خلیفة بن الشیخ حمد عن ولایة العهد بذریعة کونه شاباً، استناداً إلی معاهدة الوصایة القائمة بینهما، والتي تنص علی أن تعیین ولي العهد و حاکم قطر یتم تحت إشراف ابریطانیا و یجب أن یحظی بتأییدها (أبوحاکمة، «تطوردول الخلیج»، 46) و احتارت الشیخ علي بن الشیخ عبدالله مکانه ولیّاً للعهد (أبوناب، 112). و تخلی الشیخ عبدالله بعد سنتین عن الحکم لصالح ابنه علي و سلّمه مقالید الامور (هي، 108)، و توفي بالتالي في 1377ھ/1957م (غرایبة، 1/260) و دفن في الرّیان. (أبوناب، 13).

 

4. علي بن عبدالله (حکم: 1369-1380ھ/1950-1960م)

ساعدته الحکومة البریطانیة فأصبح ولیّا للعهد، ثم حاکماً و لذلک ظلّ و فیّاً لمعاهدة الحمایة البریطانیة و لم یسمح لدول الأخری أن تفتح لها ممثّلیات دبلوماسیة في قطر (نشأت، 502). و عیّنت بریطانیا بالاضافة الی مبعوث سیاسي لها، مستشاراً مالیاً خاصاً للحاکم، و مستشاراً عسکریاً کان یتولی أیضاً قیادة القوات المسلحة، و آخر بصفة رئیس لتنظیمات الأمن الداخلي في قطر (داک آنتوني، 70). و في 1368ھ/1949م کانت قطر أول إمارة بدأت بالتنقیب عن النفط في میاه الخلیج‌الفارسي، ولم تمنح امتیاز ذلک للشرکة البریطانیة التي کانت تعمل في التنقیب عن النفط في الیابسة. و أحیل الاختلاف الذي حدث جراء ذلک الی لجنة التحکیم في الدوخة في 1370ھ/1951م، واستطاعت شرکة نفط شل للتنقیب البحري الحصول علی امتیاز التنقیب (بیربي، 241؛ قا: غرایبة، 1/260)، و کان قسم من عوائد النفط آنذاک یعود إلی قطر. و بعد نضال الشعب الایراني صد شرکة النفط الإِیرانیة. البریطانیة و تأمیم صناعة النفط في ایران، یبدو أن الشرکات البریطانیة بادرت للحیلولة دون وصول نیران الکفاح الی السواحل الشمالیة للخلیج الفارسي، الی تنصیف العوائد النفطیة بینها و بین قطر وذلک منذ 1371ھ/1952م (ن.م، 242). و کان الشیخ علي لایمیل الی إدارة شؤون البلاد و یقضي معظم أوقاته في مکتبته الخاصة (داک آنتوني، 72) وقد أسس مکتبة عامة کبیرة في قطر (قلعة‌جي، 663)، و لذلک تخلّی في ربیع‌الثاني 1380/ تشرین الأول 1960 عن الحکم لصالح ابنه أحمد («الشرق الأوسط و شمالي أفریقیا»، 595).

 

5. أحمد بن علي (حکم: 1380-1392ھ/1960-1972م)

تولی مقالید الأمور بعد تخلي والده عنها، ولکنه کان کوالده لایمیل الی إدارة شؤون البلاد و کان یقضي أوقاته في المکتبة (داک آنتوني، 72) أو في الصید والرمایة والسفر الی السواحل الجنوبیة من ایران للنزهة (جناب، 112). وفي هذا التاریخ اتخذ شیوخ آل ثاني قراراً بنقل السلطة بعد موت أحمد أو استقالته، الی أسرة حمد بن عبدالله (داک آنتوني، 79). ولهذا فقد تم انتخاب خلیفة بن حمد ولیاً للعهد في ربیع‌الثاني 1380/ تشرین الأول 1960، واستلم علاوة علی منصبه بعض المناصب الحساسة الأخری کرئاسة الشرطة و رئاسة التعلیم ووزارة الاقتصاد و بالتالي رئاسة الوزراء (1390/ 1970).

و کانت قطر في هذه الفترة إحدی الامارات التسع التي تفکّر في تأسیس الإِمارات العربیة المتحدة و سعی الشیخ خلیفة سعیاً حثیثاً في هذا المجال و شارک في المفاوضات التي جرت لهذا العرض. ولکن الاختلافات التي برزت أثناء المفاوضات أدت بقطر الی أن تنفرد في طریقها (کیهان، في 3/12/1354ش [22/2/1976م]). کان اعلان استقلال قطر في (8 رجب 1391/ الأول من أیلول 1971) و إلغاء معاهدة الحمایة البریطانیة («الشرق الأوسط و شمال أفریقیا»، 595)، من الأحداث السیاسیة المهمة آنذاک. و أصبحت قطر في تلک السنة عضواً في جامعة الدول العربیة و منظمة الأمم المتحدة (ملاح، 16). و تمّ في تلک الفترة تدوین أول دستور موقت لقطر في 5 فصول و 77 مادة و صادق علیه الشیخ أحمد في صفر 1391/ آذار 1971 (قدّورة، 96). و ینص هذا القانون علی وجوب تأسیس مجلس یتألف من الوزراء العشرة، أي الأعضاء المنتخبین من العائلة الحاکمة و 20 عضواً منتخباً من بین 40 مرشحا من الأهالي، ولکن هذاالمجلس لم یؤسس أبدا في عهد الشیخ أحمد (داک آنتوني، 70). و یظهر أن انتشار شائعات باحتمال عزل خلیفة عن ولایة العهد و تعیین الشیخ عبدالعزیز بن الشیخ أحمد، و کذلک عدم تأسیس المجلس المذکور الذي کان موضع اهتمام الشیخ خلیفة، أدی الی قیام الأخیر بانقلاب في غیاب الشیخ أحمد الذي کان مشغولاً بقضاء عطلته في ایران (ن.م، 79، 82) و الإطالحة به (محرم 1392/1 شباط 1972). ولم تواجه خطوة الشیخ خلیفة هذه أیة معارضة. و صار الشیخ أحمد لاحئاً سیاسیاً في دبي بعد الاطاحة به (ن.م، 84).

وتتولی أسرة آل ثاني بالاضافة إلی منصب الإِمارة في قطر، القسم الأعظم من المناصب الحساسة و الحقائب الوزاریة في البلاد.

شجرة نسب آل ثاني

* الحکام من آل ثاني فقط.

 

المصادر

بونداروفسکي، گریگوري، برتري جویان و امپریالیستها در خلیج‌‌فارس، تجـ : م. زمان‌زاده، تهران، أبوریحان، 1361ش؛ بیربي، جان جاک، جزیرة‌العرب، تجـ : الی العربیة غادّة هاجر و سعید الغز، بیروت، المکتب التجاري للطباعة و التوزیع والنشر، 1960م؛ جناب، محمدعلي، خلیج فارس، آشنایي با إمارات آن، تهران، 1349ش؛ حمزة، فؤاد، قلب جزیرة العرب، الریاض، مکتبة النصر الحدیثة، 1388هـ/ 1968م؛ داک آنتوني، جان، امارات خلیج‌فارس، تجـ : مهدي مظفري، تهران، پژوهشگاه علوم انساني، 1357ش؛ الریحاني، أمین، ملوک العرب، بیروت، دار الریحاني، 1967م؛ الزرکلي، خیرالدین، الأعلام، بیروت، دارالعلم للملایین، 1984م؛ م.ن، شبه الجزیرة في عهدالملک عبدالعزیز، بیروت، دار العلم للملایین، 1985م؛ زرّین قلم، علي، سرزمین بحرین، تهران، سیروس، 1337ش؛ غرایبة، محمود عبدالکریم، مقدمة تاریخ العرب الحدیث، جامعة دمشق، 1380هـ/ 1960م؛ قائم‌مقامي، جهانگیر، بحرین و مسائل خلیج‌فارس، تهران، طهوري، 1341ش؛ قدّورة، زاهیة، تاریخ العرب الحدیث، بیروت، دار النهضة العربیة، 1405هـ؛ القلعه‌جي، قدري، الخلیج‌العربي، بیروت، دار الکاتب العربي، 1385هـ/ 1965م؛ کرزن، جورج، ایران و قضیۀ ایران، تجـ : غلامعلي وحید مازندراني، تهران، مرکز انتشارات علمي فرهنگي، 1362ش؛ کلي، جي، بي، الحدود الشرقیة لشبه الجزیرة العربیة، تجـ : إلی العربیة خیري حمّاد، بیروت، دارمکتبة الحیاة، 1971م؛ کیهان (صحیفة) في 3/12/1354 و 14/6/1356ش؛ لوتسکي، و، تاریخ عرب در قرون جدید، تجـ : پرویز بابایي، تهران، چاپار، 1349ش؛ نشأت، صادق، تاریخ سیاسي خلیج فارس، تهران، کانون کتاب؛ و أیضاً:

Abu Hakima, Ahmad, History of Eastern Arabia, Beirut, khayats, 1965; Id; «The Development of the Gulf States», in: The Arabian Peninsula, ed. D, Hopwood, 1972; Abu Nab, Ibrahim, Qatar, A Story o State Building, 1977; Hay, Rupert, The Persina Gulf States, Washington, D. C.,The Middle East Institute, 1959; Lorimer, J.G.,Gazetteer of the persian Gulf, O’man and Central Arbia, Calcutta, 1915; Mallakh, Ragaei, QATAR, London, 1979; The Middle East and North Africa, 1984-1985, London, 1984; Philby, John, Sa’udi Arabia, Beirut, 1968.

صادق سجادي

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: