آل أبي رافع، من أرفع الأسر الشیعیة، و من القبائل الأولی التي اعتنق أفرادها الاسلام. کان عمید و مؤسس هذه الأسرة أبو رافع الصحابي الشهیر، مولی نبي الاسلام (ص) و معتوقه، والذي عدّه النجاشي (ص 2-3) من زمرة السلف الصالح. ورد ذکر عدد من أفراد هذه الأسرة في کتب الرجال و هم: عُبیدالله بن أبي رافع وأولاده الأربعة محمد وعون و عبدالله والفضل، وأخوه علي بن أبي رافع وحفیداه عبدالرحمن بن محمد وعبدالله أو (عبیدالله) بن علي.

1. أبورافع (تـ بعد 40ھ/660م)

کان قبطیاً واختلف في اسمه فذکر في الکتب بأسماء مختلفة مثل أسلَم وابراهیم و ثابت و هرمز و سِنان وقَرَمان وصالح ویزید ویَسار وعبدالرحمن؛ ولکن غلب علیه أسلَم. کان أبورافع في البده عبداً للعباس بن عبدالمطفبف فوهبه للنبي (ص). و حینما أخبر أبورافع رسول الله (ص) باسلام العباس بن عبدالمطلب أعتقه لهذه البشارة. اعتنق أبورافع الاسلام في مکه قبل الهجرة. وکان ممن هاجروا إلی الحبشة مع جعفر بن أبي طالب هرباً من ظلم کفار قریش. ولایعلم تاریخ اعتناقه للاسلام و لکن قالوا إنه أسلم حینما کان المسلمون لایرالون یستقبلون المسجد الأقصی في الصلاة. والمعروف أن أبارافع لم یرافق الرسول (ص) في هجرته إلی المدینة وأنه أقام في مکة حتی غزوة بدر والتحق بالرسول (ص) بعد هذه الغزوة. ولکن هناک روایة أخری (النجاشي، 4) تناقض هذا القول. وبعد دخوله إلی المدینة روّجه الرسول (ص) مولاته سَلمی فولدت له عبیدالله. شهد أبورافع بعد هجرته إلی المدینة جمیع الغزوات، وکان یعدّ من المقرّبین وأضحاب رسول الله (ص). حیث قال النبي (ص) عنه: «إن لکل نبي أمیناً وإن أمیني أبورافع» (القمّي، 1/77). لزم أبو رافع الامام علي (ع) بعد وفاة الرسول (ص) وصحبه حتی آلت إلیه الخلافة. وحینما خرج معاویة في الشام و طلحة والزبیر في البصرة علی خلافة علي (ع) قال أبورافع: إن الرسول أخبره بهذه الواقعة قبل وقوعها. وقال (ص) إن علیّاً علی حقّ ومخالفیه علی باطلٍ. فباع أرضه و بیته في خیبر والمدینة ثم خرج مع الامام علي (ع) إلی الکوفة وله 85 سنة (النجاشي، 4)، وکان آنئذ یقول: «الحمدلله لقد أصبحت لاأحد بمنزلتي لقد بایعت البیعتین: بیعة العقبة، وبیعة الرضوان، وصلّیت القبلتین، وهاجرت الهجر الثلاث، وفسّر الهجر الثلاث بقوله: هاجرت مع جعفر بن أبي طالب (ره) الی أرض الحبشة وهاجرت مع رسول‌الله (ص) الی المدینة، وهذه الهجرة مع علي بن أبي طالب (ع) الی الکوفة» (النجاشي، ن. ص). وقد عیّن صاحب بیت مال علي (ع) في الکوفة و کان ابناه عبیدالله و علي کاتبي الامام (ع) أیضاً. ویروی أن أبا رافع کان حیّاً حتی رمن الامام الحسن (ع). فقد عاد معه إلی المدینة بعد استشهاد أمیرالمؤمنین (ع)، وإذا صحت هذه الروایة یمکن القول إن عمره آنذاک کان قد تجاوز التسعین. ولمّا کان أبورافع قد باع بیته وأرضه من قبل في المدینة فإنه بعد عودته إلیها نصّف الامام الحسن (ع) دار أبیه (ع) وأعطاه سنح أرض (في ضواحي المدینة) أقطعه إبّاها (النجاشي، 5، 6) فباعها ابنه عبیدالله بـ 000/170 (ربما درهم) بعد وفاة أبیه (ن. ص). والآراء مختلفة حول تاریخ وفاة أبي رافع. فبعصهم یذهب إلی أنها کانت في سنة استشهاد الامام علي (ع). یقول الواقدي: توفي قبل عثمان أو بعده بقلیل. ویری آخرون أیضاً أن وفاته کانت في خلافة الامام علي (ع) (ابن حجر، 4/67) وکما ذکر آنفاً فان احدی روایات النجاشي تؤکد مصاحبته للامام الحسن (ع).

سعی أبورافع لجمع و تدوین و تبویب الأحادیث وقد جمع کتاب السنن والأحکام والقضایا الذي کان أول کتاب فقهي (النجاشي، ن. ص). ویبدو أنه کان أول من ألّف کتاباً فقهیاً في تاریخ الاسلام.ویشتمل هذا الکتاب علی أبواب: الصلاة والصیام والحج والزکاة والقضاء، أملاه علیه علي (ع) (الحسني، 2/283). کما روی أولاد أبي رافع و زوجته سلمی وآخرون روایات کثیرة عنه. ویعده المسلمون وخاصة الشیعة ثقة في روایته.

2. عبیدالله بن أبي رافع

کان من التابعین، ویری الشیخ المفید (ص 4) أنه من خواص أصحاب الامام علي (ع) وکاتبه. شهد عبیدالله حروب الامام علي (ع) وألّف کتابین: أ. قضایا أمیرالمؤمنین، ربما کان أول کتاب ألّف عن قضایا الامام (ع)؛ ب. تسمیة من شهد مع أمیرالمؤمنین الجمل و صفّین والنهروان من الصحابة (الطوسي، 202). ویحتمل أن عبیدالله کان أول من ألّف کتاباً في الرجال في تاریخ الاسلام. وعرف عبید الله بأنه «ثقة» بین رواة الشیعة. وکان یروي عن أبیه أبي رافع والامام علي (ع).

3. علي بن أبي رافع

من الفقهاء التابعین، روی الکثیر من أحادیث الرسول (ص). کان یعدّ من خواص الامام علي (ع)، وشهد جمیع حروبه، وتعلم الفقه علیه، وألّف في عهده کتاباً في الفقه ذکره النجاشي (ص 5، 6) دون عنوان. ولیس لدینا تراجم واضحة عن بقیة أفراد هذه الأسرة.

المصادر

آقابزرگ، الذریعة، 10/84، 12/238-239؛ ابن حجر العسقلاني، أحمدبن علي، الاصابة في تمییز الصحابة، بیروت، دار احیاء التراث العربي، 1328هـ، 4/67-68؛ م.ن، لسان المیزان، بیروت، 1390هـ، 5/224، 7/297؛ ابن سعد، محمد، الطبقات الکبری، تقـ : إحسان عباس، بیروت، دار صادر، 1/497-498، 4/73-75؛ ابن عبدالبر، محمد، الاستیعاب، تقـ : علي محمد البجاوي، القاهرة، 1/83-85؛ الأمین، محسن، أعیان الشیعة، بیروت، دارالتعارف، 1403هـ، 2/88؛ الحائري الغروي، محمدبن علي، جامع الرواة، بیروت، دار الأضواء، 1983م، 1/527، 551، 2/147؛ الحسیني، هاشم معروف، تاریخ الفقه الجعفري، بیروت، 1973م، 2/283؛ الحلي، علي بن داود، کتاب الرجال، تقـ : محدّث أرموي، دانشگاه تهران، 1342ش، ص 236؛ الخاقاني، علي، رجال، تهران، مرکز النشر، 1404هـ، ص 115-120؛ الخطیب البغدادي، أحمدبن علي، تاریخ بغداد، بیروت، دار الکتاب، 10/304-305؛ الخوئي، أبوالقاسم، معجم رجال الحدیث، بیروت، 1403هـ، 1/45-48، 11/62-63؛ سزگین، 1/525؛ الصدر، حسن، تأسیس الشیعة، العراق، شرکة النشر و الطباعة، ص 281-282، 298؛ الطوسي، محمدبن الحسن، الفهرست، تقـ : محمود رامیار، دانشگاه مشهد، 1351ش، ص 202-203؛ القهپایي، عنایة‌الله، مجمع الرجال، تقـ : العلامة الأصفهاني، اصفهان، 1387هـ، 4/118، 5/257؛ المامقاني، محمدحسن، تنقیح‌المقال، النجف، 1352هـ، 1/9-10، 2/162-163، 3/144؛ المفید، محمدبن نعمان، الاختصاص، تقـ : علي‌أکبر غفاري، قم؛ النجاشي، أحمد بن علي، رجال، قم، مکتبة الدّاوري، 1397هـ، ص 2-6، 61-62، 250.

کاظم الموسوي البجنوردي