الآقسرائي، محب‌الدین محمدبن أحمد بن أبي یزیدبن محمد السرائي الخطائي (790-859ھ/1388-1455م) المعروف بـ «ابن بنت الآقسرائي»، مفسر و فقیه حنفي المذهب إیراني الأصل، و یری بعضهم أنه کان یلقب بـ «مولانازاده» و یعتقد البعض الآخر أنه لقبٌ لوالده.

ولد في القاهرة في 17 ذي الحجة و نشأ فیها و لهذا لقب بالقاهري أیضاً و لقب بالآقسرائي نسبة الی جده لأمه الشیخ شمس‌الدین الآقسرائي والد الشیخ بدرالدین محمود و الشیخ أمین‌الدین یحیی. توفي والده و هو صغیر فتکفله جده لأمه. وقضی حیاته بالدراسة والتدریس و مال إلی العبادة والاعتزال، و نال مقاماً سامیاً عند العامة والخاصة وَعُدّ من کبار رجالات المذهب الحنفي. حج بیت الله عدة مرّاب، کان أولها في 815ھ/1412م حیث أقام في مکة فترة قصیرة حضر فیها دروس ابن الجَزَري. ثم سافر الی الاسکندریة وَ دمشق و حلب و آمِد. وفي 828ھ/1425م شارک في حرب قبرص برفقة أشرف بَرُسباي من الممالیک البرجیة في مصر (766-841ھ/1365-1438م)، زار القدس في تلک السنة. و في حوالي 830ھ/1426م عیِنه أشرف بر سباي إمام جماعة و لکنه استقال بعد مدة، إلّا أنه احتفظ بهذا المنصب ظاهریاً حتی في أیام الملوک الآخرین: یوسف بن برسباي (827-868ھ/1424-1463م) والظاهر جَقمَق (تـ 857ھ/1453م) و عثمان بن جَقمَق (838-892ھ/1434-1487م). و عندما تولّی الحکم أشرف إینال (784-865ھ/1382-1461م) طلب في أوائل فترة حکمه من الآقسرائي أن یتولّی إمامه الجماعة، فقبلها و لکن لم تمض مدة حتی استقال منها و لزم منزله علی عادته في الإقراء و العبادة.

و في 859ھ/1388م سافر للحج مرة أخری، ولکنه مرض و توفي بعد أیام من وصوله الی مکة في عصر یوم الجمعة الثالث أو الرابع من شهر ذي الحجة و دفن في مقبرة بني الضیاء الواقعة بین بدر و مکة في مکان یدعی «المَعلاة». وقد ذکره ابن خطیب الناصریة (774-843ھ/1372-1440م) في ترجمة والده فذکر أنه التقاه بحلب في رمضان 836ھ/1432م فوجده إنساناً طیباً فاضلاً جمیلاً.

دراسته

أخذ الآقسرائي العلوم العربیة و الفقه عن خاله بدرالدین محمود. وقرأ الکنر بتمامه علی السراج و مبادئ الفقه و تلخیص الجامع الکبیر لمحمد بن عَبّاد بن مالک بن داود الخِلاطي (تـ 652ھ/1254م) علی شمس‌الدین بن الغزّي. و درس بقیة العلوم العربیة عند محمد بن أحمدبن محمد بن مرزوق المغربي (766-842ھ/1364-1439م) و سافر معه الی الاسکندریة ولازم عزالدین بن جماعة الکناني (749-819ھ/1349-1416م) تسع سنین. و استقی جُلّ علومه في الحدیث و النحو والأصول و المعاني و البیان و المنطق والفقه من ابن جماعة الذي کان یجلّه کثیراً. وأخذ الطریقة «الزینیة» عن مؤسسها زین‌الدین الخوافي الصوفي (757-838/1356-1435)، و الهندسة عن شهاب‌الدین أبي العباس المشهور بابن المجدي (767-850ھ/1366-1446م). کما درس عند أبي عبدالله شمس‌الدین البساطي (760-842ھ/1359-1439م) و سمع الحدیث علی ابن أبط المجد و ابن الکویک و تغري برمش الترکماني و غیرهم، وحصل علی إجازة الروایة من عائشة بنت ابن عبدالهادي والزین المراغي والکمال بن حیر و التاج بن التونسي و آخرین. و بعد أن تقدّم في العلوم المختلفة و تبحّر فیها أجازه عزالدین بن جَماعة و ابن مرزوق و السراج – الذین کانوا من کبار رجالات المذهب الحنفي – إقراء القرآن و الحدیث والمعارف الأخری، و بذلک أصبح من کبار مدرّسي القاهرة و مشاهیرهم. درّس الآقسرائي تفسیر القرآن في المدرسة «المؤیدیة» و «الصرغتمشیّة» و الفقه في مسجد المارداني، کما درّس في مدارس الجانبکیة و الأرتمشیّة والجمالیة. و کان یحضر درسه العدید من الفضلاء منهم السحاوي (831-902ھ/1428-1497م).

آثاره العلمیة

و من آثاره التي خلّفها: 1. حاشیة علی الکشّاف حتی نهایة سورظ النساء، حیث جمع فیها ما رآه من حواشي الطیبي و الجار بُردي و القطب و التفتاراني، و أکمل‌الدین و إعراب السمین و غیرها مع التوفیق بین ما ظاهِرهُ الاختلاف من کلامهم؛ 2. حاشیة علی ثلاثة أرباع الکتاب الفقهي المشهور «الهدایة» لبرهان‌الدین علي بن أبي بکر المرغیناني الحنفي جمعها من الشروح الخمسة و هي النهایة للسغناقي و الکافي علی الوافي و شرح الکنز للزَیلَعي و شرح القوام للإِتقاني و شرح أکمل‌الدین ؛ 3. شرح قطعة من کتاب بدیع النظام لابن الساعاتي (تـ 696ھ/1297م) في الأصول؛ 4. حاشیة علی مفتاح العلوم لیوسف السکاکي (555-626ھ/1160-1229م).

المصادر

البغدادي، اسماعیل پاشا، هدیة العارفین، استانبول، 1951م، 2/201؛ حاجي خلیفة، کشف الظنون، استانبول، 1941م، 2/2038؛ السخاوي، محمدبن عبدالرحمن، الضوء اللامع، القاهرة، مکتبة القدسي، 1354هـ، 7/115-139؛ غنیمة عبدالرحیم، تاریخ دانشگاه‌هاي بزرگ اسلامي، تجـ : نورالله کسائي، طهران، یزدان، 1364 ش، ص 143-144؛ کحالة، عمررضا، معجم المؤلفین، بیروت، دار إحیاء التراث العربي، 9/29.

کاظم الموسوي البجنوردي