الآراء المحمودة، تعني في اللغة الأفکار و الاعتقادات المقبولة، و في اصطلاح أهل المنطق العقائد المشهورة التي تنفق و مصالح المجتمع، أو سیرة خاصة. یقول الخواجة نصیرالدین الطوسي في معنی هذا الاصطلاح: «کل ما یعتبر مقبولاً علی أساس المصلحة العامة أو السیرة الخاصةیسمی بالآراء المحمودة» (أساس الاقتباس، 347). ویطلق علی الآراء المحمودة في کتب المنطق «الذائعات» أو «المشهورات». ویقصد بالذائعات أو المشهورات التي تستعمل في الجدل والخطابة «قضایا أوجب التصدیق بها إما شهادة الکل…، و إما شهادة الأکثر، وإما شهادة العلماء، أو شهادة أکثرهم أو الأفاضل منهم فیما لایخالف فیه الجمهور» (ابن سینا، النجاة، 63). وتنقسم المشهورات إلی حقیقیة و غیر حقیقیة. کما تنقسم المشهورات الحقیقیة بدورها إلی قسمین: مطلقة ومحدودة. فالمشهورات الحقیقیة المطلقة هي الآراء والعقائد التي تکون مقبولة لدی الجمیع. ومثل هذه القضایا «مایکون راسخاً في النفوس بحسب مصالح الجمهور أو بسبب العادات الحسنة والأخلاق الفاضلة أو مقبولة بسبب قوة من القوی النفسیة کالرقة أوالحمیة أو الحیاء وغیرها وهي في جملتها صحیحة عند أي عقل عملي. (نصیرالدین، أساس، 346-347). ویشیر قید «العقل العملي» إلی أن بعض هذه القضایا قد تکون صادقة و قدتکون کاذبة من وجهة نظر العقل النظري (ن.م). وعلی هذا الأساس فان القضایا المذکورة لایصدقها العقل النظري بالفطرة. أما المشهورات الحقیقیة المحدودة، ‌فهي المشهورات التي یقبلها جماعة أو فئة من ذوي الاختصاص ویستند إلیها: «فما هو من الآراء المشهورة عند الفقیه یختلف عمّا هو مشهور عند علماء الکلام، وماهو مشهور عند الأطباء یختلف عن المشهور عند المنجّمین، وبالتالي فان المشهور عند الهنود یختلف عن المشهور عند الأتراک والروم» (ساوي، 109).

ومن هذین القسمین من الآراء المشهورة، قسم یسمی بالآراء المحمودة وهي المشهورات الحقیقیة المطلقة التي تشتهر ویُعتقد بها بسبب اعتراف عموم الناس أو إثر العادات والتقالید أو العواطف والأحاسیس النفسیة أو الاستقراء مثل: العدل جمیل والکذب قبیح.

والآراء المحمودة هي قضایا إذا ترک الانسان وعقله المجرد (النظري) و وهمه وحسه ولم یؤدب بقبول قضایاها والاعتراف بها ولم بمل الاستقراء بظنه القوي… ولم یستدع إلیها ما في طبیعة الانسان من الرحمة والأنفة والحمیة… لم یقض بها الانسان (قطب‌الدین الشیرازي، 157؛ نصیرالدین الطوسي، شرح الاشارات، 10/220).

وعادة ماتستعمل «الآراء المحمودة» مترادفة «للذائعات» في کتب المنطق رغم التباین بین هذین الاصطلاحین. فالمراد من الذائعات، هو المشهورات التي یتوقف صدقها علی إضافة قید لها، في حالة أن اشتهارها کان قد تحقق من دون وجود ذلک القید، مثل القول «إن إلحاق الضرر بالغیر المصلحة ذاتیة عمل بذيء» حیث إن هذه القاعدة المطلقة غیر مقبوة و غیرصادقة لأن العقل لایستقبح قتل الحیوانات لأجل الانتفاع منها: «ولیکن الحکم صادقاً مع قید خاص، ومشهوراً دون ذلک القید. والمثال المشهور: إن کذب الکاذب قبیح لإِلحاقه الأذی بغیره لمصلحته، ذلک لأن العقل لایستقبح قتل الحیوان الذي هو من صنف المثال السابق، ویطلق علی هذا الصنف الذائعات أیضاً» (نصیرالدین، أساس الاقتباس، 347). وکما یقول ابن سینا، «وأما الذائعات المحمودة في بادئ الرأي غیر المتعقب فهي آراء إذاعرضت علی الأذهان العامیة غیر الفطنة أو الفطنة الغافلة عرضاً بغتة أذعنت لها، وإذا تعقبت لم تکن محمودة کقول القائل «یجب أن تنصر أخاک ظالما أو مظلوماً» (النجاة، 64).

إن مثل هذه القضایا تعتبر مشهورات غیر حقیقیة وهيالتي سمیت «بالمشهورات الظاهریة أو البادئة» (الساوي،110؛ أبوعلي سینا، دانشنامه، 125).

المصادر

أبوعلي ابن‌سینا، حسین بن عبداللَّه، النجاة، مصر، مطبعة السعادة، 1357 هـ؛ م.ن، دانشنامۀ علایي، بخش منطق [قسم المنطق]، تقـ : محمدمعین ومحمدمشکوة، طهران، دهخدا، 1353 ش؛ التهانوي، محمدبن علي، کشاف اصطلاحات الفنون، تقـ : آلویس اشبرنگر، کلکتا، انجمن آسیایي، بنغال، 1862م، 1/607، 748-749؛ الساوي، عمر بن سهلان، تبصره، تقـ : محمدتقي دانش‌پژوه، دانشگاه تهران، 1337 ش؛ شهابي، محمود، رهبرِ خرد، طهران، خیام، 1361 ش، ص 268؛ قطب‌الدین الشیرازي، محمودبن مسعود، درة التاج، تقـ : محمد مشکوة، طهران، 1320 ش؛ نصیرالدین الطوسي، محمدبن حسن، أساس الاقتباس، تقـ : محمدتقي مدرسي رضوي، دانشگاه تهران، 1355 ش؛ م.ن، شرح الاشارات والتنبیهات، دفتر نشر کتاب، آرمان، 1403 هـ.

قسم الفلسفة والکلام