الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الفلسفة / الآثار العلویة /

فهرس الموضوعات

الآثار العلویة

الآثار العلویة

المؤلف :
تاریخ آخر التحدیث : 1442/9/30 ۱۷:۲۱:۵۹ تاریخ تألیف المقالة

الآثار العلویة، أو (کائنات الجو) اصطلاح استعمله الفلاسفة المسلمون في الدراسات الخاصة بالظواهر الجوّیة. و الآثار العلویة إحدی ثمانیة أقسام أصلیّة للعلوم الطبیعیّة التي «تنبیء عن الأحداث الجویة کالرّعد و البرق و المطر و الثلج و غرائب مایطرأ علی الأرض، کتفجر الینابیع و تدفّق المیاه من الجبال في القنوات و الأنهار، و  ما یتکوّن في باطن الأرض من العناصر التي یطلقون علیها اسم المعادن و أنواع الکبریت و الرئبق و الزاج و  أمثالها» (الاسفزاري، 4).

و یعتبر المصدر الرئیس لهذه الدراسات کتاب المیتیورولوجیا لأرسطو الذي ترجمه یحیی بن بطریق أحد مترجمي عهد المأمون العباسي، من السریانیّة إلی العربیّة. و لهذا الکتاب أهمیة بالغة لدی المسلمین لکونه یوضح المبادئ الفکریة في الدراسات الجیولوجیة و الأنواء الجویّة وکیفیة نشوء النظریات المتعلّقة بالطبیعیات، حیث لفتت أنظار أهل هذا الفن منذ القرن 3ه/9م، فألّفوا في شرحه أو اکماله کتباً کثیرة، و لدینا من ترجمة یحیی بن بطریق نسختان قیّمتان: احداهما في استنبول (یني جامع، 1179) و الأخری في روما (الفاتیکان، الآثار العبریّة، 378). طبعت هذه الترجمة في بیروت عام 1967م بتحقیق کازیمیر بترایتیس. وقد أشار ابن الندیم إلی ترجمة أخری لکتاب الآثار العلویة من السریانیة إلی العربیة لأبي الخیر الخمّار (ص 323) ولایُعلم هل أراد به کتاب المیتیورولوجیا أو کتاباً آخر. وعلاوة علی ترجمة المتن الأصلي لکتاب أرسطو، فقد ترجمت شروح قیّمة أخری أیضا إلی العربیة منها: شرح أُلامفیدورس (الومپیودوروس) فیلسوف الأفلاطونیة الحدیثة الذي عاش في أواخر القرن الخامس و أوائل القرن السادس المیلادیین، و قد ترجمه أولاً أبوبِشر متّی بن یونس (تـ 328ه/940م) ثم تلمیذه یحیی بن عدي (تـ 363ه/974م) من السریانیة إلی العربیّة (ابن‌الندیم، 311؛ صفا، 83، 96). و کذلک شَرح الاسکندر الافرودیسي أحد فلاسفة المشّائیین في أواخر القرن الثاني و أوائل القرن الثالث المیلادیین و الذي ترجمه یحیی بن عدي من السریانیّة إلی العربیّة. و قد کان کتاب الآثار العلویة أو المیتیورولوجیا لأرسو موضع اهتمام الفلاسفة المسلمین الدائم حیث کتبوا له في بعض الأحیان شروحاً علی طریقة المشّائیین کما فعل یعقوب بن اسحق الکندي في رسالة في کمیة کتب أرسوطالیس ومایحتاج إلیه في تحصیل الفسفة؛ فهو خلال استعراضه لعدد من کتب أرسطو في الطبیعیات أورد کتابه المیتیورولوجیا باسم کتاب أحداث الجو و الأرض: «الرابع کتاب أحداث الجوّ و الأرض، و هو الموسوم بالعُلويّ. و أمّا غرضه في کتابه الرابع هو الإِبانة عن علل کَونِ و فساد کل کائن فاسد مابین حضیض فلک القمر إلی مرکز الأرض، فیما في الجو و ما علی الأرض و ما في بطن الأرض» (الکندي، 368، 383). و-قد ألَّف بنفسه أیضاً رسائل حول ذلک مثل: في علل أحداث الجو و في الکواکب الذوّابة و في علة الرعد و البرق و الثلج و البرد و-الصواعق و المطر (ابن الندیم، 319، 320). وکتب الفارابي شرحاً مستقلاً لکتاب الآثار العلویة لأرسطو، و له رسالة أخری باسم التأثیرات العلویّة التي تتعلق کما یبدو بهذا الموضوع (صفا، 183). و  لدینا الآن أَیضاً النص العربي الذي لَخَّص فیه ابن رشد (تـ 595ه/1199م) کتاب أرسطو (ط حیدرآباد 1365ه/1946م). و قد قام ابن‌سینا بأکمل و أدق التحقیقات بین الفلاسفة المسلمین في هذا المضمار، و أورد بحثاً وافیاً حول ذلک في کتابي الشفاء والنجاة. و یقوم أساس بحوث ابن‌سینا في کتاب المعادن و الآثار العلویّة، (الفنَ الخامس من طبیعیات الشفاء) علی آراء أرسطو التي وسَعها مستفیداً من شروح و تفاسیر السابقین و المتأخرین و ما شاهده وسمعه في هذا المجال حیث جعلها أکثر دقة، وبادر أحیاناً الی جدال و مناقشة المشائیین واصلاح آرائهم. و الذي یلفت النظر أیضاً أن مصادر حدیث ابن‌سینا في کتاب الافعال والانفعالات، (الفن الرابع من طبیعیات الشفاء) کانت في أکثر الأحیان من المقالة الرابعة وقسم من المقالة الثالثة من رسالة الآثار العلویّة لأرسطو، و یبدو أنه أیضاً قَسَّم بحوث کتاب أرسطو إلی قسمین: تحدث في أحدهما عن «الخواص الطبیعیة الأرضیة» و أطلق علیها اسم «الأفعال والانفعالات» و أتی في القسم الآخر علی ذکر ما في بطن الأرض و ما یتکوّن بین الأرض والسماء و خصّ به الفن الخامس من طبیعیات الشفاء و علی هذا ألّف کتاب المعادن و الآثار العلویّة (ابن‌سینا، مقدمة ابراهیم مدکور «ص»). و قد اقتدی ابن‌سینا أیضاً بأرسطو في آرائه کأکثر العلماء المسلمین في القسم المتعلق بالآثار العلویّة ویری أن الحوادث الکائنة بین الکرة الأرضیة وفلک القمر هي نتیجة تفاعلات العناصر الاربعة ورودها. کما أیّد نظریة أرسطو حول ترکیب المعادن من المتصاعدات في القسم المتعلّق بالنشوء. ویعتقد أن المعادن تتکوّن من الدخان و الغازات و الأبخرة الأرضیة (نصر، 372، 379)، و قد عرض أبوعلي في هذا القسم من کتاب الشفاء البحوث المتعلقة بعلم الأرض (الجیولوجیا) و الجغرافیا الطبیعیّة في مقالتین. إحداهما حول ما یحدث من ذلک داخل الأرض و الأخری مما یحدث فوق الأرض. فهو یبحث في المقالة الأولی التي تتألف من ستة فصول في أسباب تکوّن الجبال و السحاب و-الینابیع و الزلازل وکیف تتکوّن المعادن. و في الخصائص الاقلیمیة في البلاد و خط الاستواء و المدارات. و یتحدث في المقالة الثانیة التي تتألف من ستة فصول عن السحب و ما ینزل منها و الهالة و-قوس قزح و أنواع الریاح و الرعد و البرق و الصواعق وکواکب الرجم والشهب الدائرة و دوات الأذناب و الحوادث الکبار التي تحدث في العالم کالطوفانات وغیرها، و کانت بعض النقاط التي تطرق الیها ابن‌سینا في الفن الخامس من طبیعیات الشفاء، من تجاربه و مشاهداته حیث یبرّر کیفیة حدوث الهالة و قوس قزح مستعیناً بمارآة في المناطق الجبلیة و الحمامات والجبال الواقعة بین أبِیوَرد و طوس. أو یشرح کیف یتکون السحاب و النزولات السماویة معتمداً علی ما شاهده في جبال طبرستان و طوس. أو یورد أمثلة حول مشاهداته و مشاهدات الآخرین عن سقوط الأحجار السماویة، أو یشیر إلی تجاربه المتکررة «و قد تواترت مني هذه التجربة بعد ذلک مرارا» (ص 51) و ممّا تجدر الاشارة الیه أنه رغم کون اصطلاح «الآثار العلویّة» یشتمل علی الظواهر الجویّة إلّا ان العلماء الذین أَلَّفوا بعد ابن سینا اقتفوا أثره فتحدثوا بعد الآثار العلویة عن الآثار السفلیّة أي البحوث المتعلقة بالظواهر الکائنة علی سطح الأرض أو بطنها. و أطلقوا توسّعاً منهم اسم الآثار العلویة علی کلا الأثرین أحیانا، ذلک لأن مادة الکائنات کما بیّنا عبارة عن البخار المتصاعد من الأرض. و حینما لایجد منفذاً للخروج من سطح الأرض یبقی محتقِناً في الأرض فیکوّن منه فیها آثار و کائنات، کاللعل و الفیروز و الیاقوت و البلور و-الذهب و الفضة و القلع و النحاس و الحدید و الرّصاص والمعدن الذي یسمّی الزنک، و الزئبق و الکبریت و أمثالها. وقد جرت العادة علی ذکر هذه الآثار التي هي في الحقیقة آثار سفلیّة تحدث في باطن الأرض مع الآثار العلویة بسبب إتحادهما في مادة الترکیب، فیطلق علیهما معاً الآثار العلویة، رغم أن الآثار العلویة هي في الحقیقة مایحدث في الأعلیٰ (المسعودي، 65).

 

المصادر

 ابن‌الندیم، محمدبن اسحق، الفهرست، تجـ : رضا تجدد، طهران، 1350 ش؛ أبوعلي ابن‌سینا، حسین بن عبداللَّه، الشفاء (الطبیعیات)، تقـ : ابراهیم مدکور، القاهرة، 1385ه/1965م، «ل»؛ الاسفزاري، ابوحاتم مظفر، رسالۀ آثار عُلوي، تقـ : محمدتقی مدرّس رضوی، طهران، 1356 ش؛ صفا، ذبیح‌اللَّه، تاریخ علوم عقلي در تمدن اسلامي، طهران، 1331 ش؛ الکندي، یعقوب بن اسحق، الرسائل، تقـ : محمدعبدالهادي أبي ریده، القاهرة، 1369 هـ؛ المسعودي، شرف‌الدین محمدمسعود، رسالۀ آثار عُلوي، تقـ : محمدتقی دانش‌پژوه، تهران، 1337 ش؛ نصر، حسین، نظر متفکّران اسلامي دربارۀ طبیعت، طهران، خوارزمي، 1359 ش.

صمد موحّد

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: