الصفحة الرئیسیة / المقالات / الأردیة، الآداب /

فهرس الموضوعات

الأردیة، الآداب

الأردیة، الآداب

تاریخ آخر التحدیث : 1443/3/22 ۱۶:۴۶:۳۲ تاریخ تألیف المقالة

أما محمدنصرت نصرتي (تـ 1085هـ/ 1674م) فهو أهم شعراء هذه الفترة و کان یلقب بملک الشعراء، وقد نظم باللغة الأردیة و في قالب المثنوي في 1068هـ حکایة «منوهر و مدمالتي» الغرامیة الهندیة تقلیداً للمنظومات الغرامیة الفارسیة، تحت عنوان گلشن عشق، وقدّم نمطاً جدیداً في نظم المثنوي الأردي من خلال مزجه و ترکیبه أسالیب و خصائص الشعرین الفارسي و الدکني (م.ن، 1/ 331-339). أما علي‌نامه فهو مثنویه الملحمي الذي بیّن حروب علي عادل‌شاه الثاني التي استمرت في السنوات 1067-1076هـ بأسلوب متأثر بالملاحم الفارسیة. وقد مزج في هذا المثنوي بین الشعر و التاریخ بأسلوب آسر (م.ن، 1/ 339-343). ومثنویه الملحمي الآخر هو تاریخ إسکندري الذي نظمه في 1083هـ، ودوّن فیه أحد حروب إسکندر بن علي عادل‌شاه (م.ن، 1/ 343-344). کما کان نصرتي ماهراً في نظم القصیدة (م.ن، 1/ 345-347). وقد ترک في الشعر الأردي الدکني تأثیراً من جانبین: أحدهما من حیث اللغة والبیان، والآخر من حیث العلاقة المتینة بین الترکیب اللفظي من جهة و مضمون الشعر من جهة أخری.

ومن بعد نصرتي، تأثر الشعراء بأسلوبه و واصلوا العمل بمعاییره وإبداعاته، حیث اتبع نفسَ الأسلوب الشاعر المفلق السید میران میان‌خان الهاشمي (تـ ح 1109هـ/ 1697م) لاذي عاش علی عهد علي عادل‌شاه الثاني في مثنوییه: معراج‌نامه و عشقیة. وبرغم أن الهاشمي کان مکفوف البصر، لکنه عرض في عشقیة ببصیرة خیاله اللوحات الشعریة بشکل الیشعر معه القارئ إطلاقاً بأن الشاعر کان محروماً من البصر. و أسلوب الشعر الفارسي و لحنه ملموس بشکل واضح في عشقیة، و بدایة اتجاهه إلی هذا الأسلوب کانت في مثنوي یوسف و زلیخا الذي نظمه سنة 1099هـ في 5,100 بیت، وحاول فیه الخروج من إطار اللغة و البیان القدیمین و الاقتراب من أسلوب جدید. و «غزلیات» الهاشمي غرامیة انبری فیها لبیان الحالات العاطفیة و مسرات الحیاة.

وفي گولکنده کان أشهر شاعر في القرن 10 هـ محمدقلي قطب‌شاه (973-1020هـ/ 1565-1611م)، ملکاً ذا خیال راقٍ و هو الذي بنی مدینة حیدرآباد أیضاً، وکان یولي اهتماماً خاصاً بإقامة الاحتفالات الدینیة والموسمیة و ینظم في کل واحد من هذه الاحتفالات و المهرجانات قصیدة تهنئة. وفي الأدب الأردي کان أول من دُوِّن دیوانه في 50,000 بیت بأسلوب الدواوین الفارسیة بحسب تسلسل و حروف القوافي. وأغلب شعره غرامي، لکنه جرّب النظم في موضوعات أخری أیضاً. وقد أشاع الشعر الأردي الدکني بین عامة الناس حتی إن نساء حیدرآباد أیضاً یحفظن شعره الیوم. و في غزله کان متأثراً بحافظ الشیرازي، ویتبع في ترکیب الکلام قواعد العروض و مبادئ الشعر الفارسي بدقة (م.ن، 1/ 410-422؛ أیضاً ظ: شیراني، 1/ 300). و روج محمدقلي قواعد العروض الفارسي في الشعر الهندي و أحدث تحولاً کبیراً في أوزان الشعر الأردي.

ونظم الملا أسدالله الوجهي (تـ 1070هـ/ 1659م)، ملک شعراء بلاط محمدقلي قطب‌شاه سنة 1018هـ/ 1609م مثنوي قطب مشتري، وألف سنة 1045هـ/ 1635م سب رس نثراً. وموضوع قطب مشتري هو غرامیات محمدقلي قطب‌شاه و حبیبته مشتري. ولغة قطب مشتري وأسلوبه، سلسان و واضحان مقارنظ ببقیة المثنویات الدکنیة السابقة، وهما یترسمان خطی قواعد و تقالید الشعر الفارسي. أما سب رس فهو أول أنموذج للنثر الأردي الأدبي و غیر الدیني، إذ إن الکتب الدینیة والعرفانیة لوحدها کانت قبل ذلک تکتب بالنثر الأردي. والفکرة الأساسیة في هذا الکتاب هي قصة حسن و دل المنتخبة من دستور عشاق لمحمد یحیی بن سیبک الفتاحي النیسابوري (جالبي، 1/ 432-444)، ولم‌یقتصر التأثیر الفارسي فیها علی استخدام الألفاظ و التعابیر والتشبیهات، بل أثر حتی في نمطها و أسلوبها و قواعدها النحویة. ویبدو أنه منذ ذلک التاریخ و ماتلاه سمیت اللغة الدکنیة الممزوجة بالفارسیة «ریخته» قبل أن تعرف بالأردیة (م.ن، 1/ 460).

ولم‌یکن لغوّاصي ملک شعراء عبدالله قطب‌شاه، نظیر فيگولکنده. وقد نظم – فضلاً عن کلیات أشعاره – 3 مثنویات: سیف‌الملوک و بدیع الجمال منظومة غنائیة قستهامقتبسة من ألف لیلة و لیلة. وقد غیرت هذه القصیدة أسلوب نظم المثنوي الأردي و أصبحت أنموذجاً یحتذیه شعراء الفترات التالیة. أما مینا ستونتي فقائمة علی إحدی الحکایات الغرامیة الهندیة، جری الحدیث فیها عن صیانة القیم الأخلاقیة و مراعاة العفة في الحب. وتضم طوطي نامه 45 حکایة رویت علی لسان ببغاء، و هي في الأصل ترجمة شعریة لحکایات من طوطي‌نامه للنخشبي (م.ن، 1/ 471-483؛ مسعود حسین، II/ 25-26).

وکان أغلب شعراء هذه الفترة یقتبسون موضوعاتهم من الحکایات الفارسیة، کما حدث عندما ترجم ابن نشاطي في 1066 هـ بساتین الأنس الذي ألفه أختسان (ن.ع)، تحت عنوان پهولبن في 1,744 بیتاً. وکان ابن‌نشاطي یولي اهتماماً کبیراً للصناعات البدیعیة و التزویق اللفظي، ومنظومته هذه أنموذج بارز لاستخدام الکلام المصنوع في الشعر الأردي. ولأنه نفسه کان کاتباً للإنشاء، فإنه استخدم في النظم الکثیر من الألفاظ الخاصة بالإنشاء (جالبي، 1/ 487-491).

وقد اهتم کتّاب النثر في گولکنده في القرن 11 هـ أیضاً بالآثار الفارسیة، وکانت آثارهم، إما ترجمة لکتابات فارسیة، أو اقتباساً منها. فقد ترجم میران‌جي حسین خدانما (1004-1074هـ/ 1595-1663م) شرح تمهیدات لعین القضاة الهمداني الذي ألفه الخواجه محمدالحسیني گیسودراز سنة 1066هـ إلی الأردیة الدکنیة. و ترجم میران یعقوب أحد مریدي خدانما، شمائل الأتقیاء لعماد الدین دبیر معنوي، إلی هذه اللغة أیضاً. ونثر هذه الترجمة بسیط و لیس شاعریاً؛ خلافاً لسب رس و بقیة الرسائل الدکنیة التي هي قریبة جداً من الأسلوب الشعري من حیث نمط البیان، و التط لایلاحظ فیها غالباً فاصل بین النثر والشعر (م.ن، 1/ 498-503).

وفي 1087هـ/ 1686م استولی أورنک زیب عالمگیر علی بیجاپور، وبعد سنة علی گولکنده و وحد شمالي الدکن و جنوبیها من الناحیة السیاسیة؛ ونتج عن ذلک أن ترکت المبادئ و التقالید الأدبیة الشمالیة أثرها في لغة الجنوب و آدابه، و أفرزت معاییر و أوضاعاً جدیدة، أبرز خصائصها زوال آثار و بقایا اللجهات المحلیي في الأردیة و توحد اللغة وأسالیب البیان في أرجاء شمالي شبه القارة الهندیة و وسطها، بمعنی أن الدکنیة في بیجاپور و گولکنده، و الکجریة في کجرات قد فقدتا خصائصهما المحلیة واتحدتا باللغة الأردیة التي کانت تنمو في شمالي شبه القارة متأثرة تماماً باللغة الفارسیة. وأخیراً راجت اللغة الأدیة بشکل موحد في جمیع أرجاء شبه القارة الهندیة (م.ن، 1/ 377، 517).

وخلال القرون الثلاثة التي کانت تمضي علی بدایة ظهور الشعر الأردي، سواء في الدکن، أم في کجرات و امناطق الشمالیة، فإن تأثیرات اللغة الفارسیة و قواعدها و أشکالها و صناعاتها الشعریة من الأوزان و البحور و الکنایات والاستعارات و التعابیر، بل و حتی الحکایات و الأساطیر و الموضوعات الشائعة في شعر هذه اللغة، کانتقد تجذرت في نسیج اللغة الأردیة. واستمر هذا التیار خلال تلک الفترة بشکل أوسع. وقد جعل ولي الکني (تـبین 1133-1138هـ/ 1721-1726م) الذي کان قد اقتحم آنذاک معترک الآداب الأردیة- بمشورة من سعدالله گلشن (تـ 1141هـ/ 1728م) – أسلوب کلامه تابعاً لقواعد و تقالید الشعر الفارسي (میرف 87)، وربط بین الفارسیة و الأردیة بشکل رصین، لکن غیر محسوس بحیث لم‌یکن معه فصلهما بعد ذلک أمراً ممکناً (آزاد، 84).

وکانت میزة عمل ولي الدکني وأهمیته تکمن في أنه مزج بین الفارسیة و الدکنیة و اللهجة الشمالیة و استخدمها بشکل لغة واحدة تسمی «ریخته». وقد أصبح هذا المزیج و الترکیب، الطاقة الدافعة للغة الجدیدة، و لهذا السبب دُعي ولي الدکني أبا الشعر الأردي (جالبي، 1/ 530-532). وقد أضفی ولي علی شعر هذه اللغة من السحر ماجعل کثیراً من الشعراء المعاصرین له من الناطقین بالفارسیة إلی استخدام لغة «ریخته» هذه (م.ن، 1/ 531). ومن أشهر أتباع أسلوبه، السید سراج‌الدین سراج الأورنک‌آبادي (1128-1177هـ/ 1716-1763م)، أکبر الشعراء الناطقین بالأردیة. و أشعاره مفعمة بالمشاعر الغرامیة الرقیقة، و کان لها أثر کبیر في إشاعة تقلید الشعر الغرامي (م.ن، 1/ 566، 581).

وفي أواخر القرن 11 هـ و في شمالي اهلند، نظم للمرة الأولی الشعر الفکاهي و الهجاء باللغة الأردیة. وإن محمدجعفر الشهیر بجعفر زَتَلّي (تـ 1125هـ/ 1713م) من أهل نارنول و الذي کان یعیش في دلهي، عُرف بـ «زتلي» لکثرة ماکان یتحدث بالهزل. والیوم فإن مصطلح «زتلّیات» یطلق فياللغة الأردیة علی الکلام عدیم المعنی و علی الهجاء. کان جعفر زتلي یمزج الکلمات الأردیة و الفارسیة مع بعضها و یرکّب مضامین فکاهیة و ساخرة. و کان قدیراً جداً في سرعة البدیهة یحقق أهدافه بشکل فاعل جداً بابتداعه تعابیر و تراکیب جدیدة. و قد قُتل عقاباً له علی هجائه الملک آنذاک فرخ سیر، لکن و بعد مرور 3 قرون لم‌یلغ أحدمبلغه في نظم الفکاهة و الهجاء (م.ن، 2/ 90-95).

لم‌یکن عصر البابریة المتأخرین، و بشکل خاص عهد محمدشاه (حکـ 1131-1161هـ) غیرمستقر من الناحیة السیاسیة فحسب، بل کان یمر أیضاً بفترة انحطاط و تزعزع من حیث القیم الأخلاقیة و الثقافیة والاجتماعیة. فقد أوقعت الازدواجیة و التناقض مماکان قد برز بین ظواهر الحیاة الاجتماعیة من جهة و القیم الأخلاقیة التقلیدیة من جهة أخریف شعراء الأردیة في نظم «الإبهام» [استخدام اللفظ الواحد بمعنیین مختلفین]. وقد حظي شعر الإیهام بقبول لدی الناس بحیث عُدَّ معه أهم نهضة أدبیة أردیة في تلک الفترة. کان شعراء الإیهام یبتغون بشکل أکبر البحث في الشعر عن القیم التي لم‌تعد قائمة في الحیاة بشکل عملي. وبغیة تحقیق هذا الهدف کانوا یستخدمون ألفاظاً موهمة ذات وجهین لطرح الموضوعات و بیانها (م.ن، 2/ 190). ومن الشعراء المعروفین في هذا الفن یمکن أن نذکر شاه‌مبارک آبرو (تـ 1146هـ/ 1733م) و محمدشاکر ناجي (تـ 1160هـ/ 1747م) و شرف‌الدین مضمون (تـ 1147هـ/ 1734م).

وبعد عهد محمدشاه المثقل بالاضطرابات و کذلک الدمار والقتل الذي أحدثهما نادرشاه الأفشاري في الهند و النتائج المترتبة علی ذلک، استولت علی المناطق الشمالیة لتلک البلاد، حالة من الیأس و القنوط، لم‌یعد معها ممکناً التعبیر عن حالات الکآبة و الحزن و وصف المصائب وآلام المجتمع من خلال کلمات ذات معنیین و تعابیر إیهامیة‌، وکان الشعراء یبتغون تبیان مشاعرهم و عواطفهم الجیاشة بشکل صریح و أن یجدوا لهم أسلوباً یتناسب و هذا الهدف. و لم‌یکن هذا الأسلوب متیسراً، إلا بالتخلي عن الإیهام. و کان المیرزا مظهرجان جانان الدهلوي (1110-1195هـ/ 1698-1781م) أول من ترک الإیهام، وقرّب المعاني إلی الأذهان علی حد تعبیر أحمدعلي‌خان یکتا في دستور فصاحت (ظ: جالبي، 2/ 350)، وتقلیداً منه للشعراء الإیرانیین الناطقین بالفارسیة، نقّی الکلام من التعقیدات اللفظیة و المعنویة. و من بعده تاج هذا الأسلوب کل من إنعام الله خان یقین (تـ 1169هـ/ 1756م) ومیرعبدالحي تابان الدهلوي (تـ بین السنوات 1162-1165هـ/ 1849-1752م) وأشرف علي‌خان فغان (ن.ع) و الشیخ ظهورالدین حاتم (تـ 1197هـ/ 1783م).

وفي النصف الثاني من القرن 12 هـ انهار هیکل النظام السیاسي في الهند، وشُکلت في الولایات حکومات مستقلة و لم‌یبق من دلهي، سوی وجود إسمي وظاهري. وقد تزامن هذا الانهیار مع ازدیاد قوة بریطانیا في الهند و اتساع أهدافها الاستعماریة فیها. وأدت التحولات السیاسیة والاقتصادیة إلی الانحطاط الأخلاقي و الاجتماعي في شبه القارة الهندیة، واستیلاء الیأس والتشاؤم والکآبة علی نفوس أبناء المجتمع. وقد تأثرت الآداب الأردیة في هذه الفترة بشکل کبیر بهذه التطورات. و یرجع إلی هذه الفترة عدد من مشاهیر شعراء الأردیة مثل محمدتقي میر (1135-1225هـ/ 1723-1810م) والمیرزا محمدرفیع سودا (1118-1195هـ/ 1706-1781م) والخواجه میردرد (1133-1199هـ/ 1721-1785م). ویتجلی في شعر محمدتقي میر الأسی واللوعة، لکن الأسی الذي یکتنف أشعاره له حالة صوفیة، فبدلاً من أن یشیع في نفس قارئه الشعور بالمرارة والألم و الیأس، یمنحه من خلال دعوته إلی الصبر والتسلیم و الرضاف نوعاً من الهدوء و الطمأنیته. ومحمدتقي میر هو أحد أفضل الشعراء الذین ینظمون الغزل و هو في هذا الفن ذو أسلوب متمیز، ویمزج الحب و الفراق و اللوعة بالفلسفة و الأخلاق و الأمور النفسیة، ویطرح المشاع روالعواطف بشکل مؤثر یظل معه هذا التأثیر في قلب القارئ و فکره زمناً طویلاً (م.ن، 2/ 603). ومن حیث اللغة و البیان أیضاً، فإن غزل میر جدیر بالاهتمام، ذلک أنه برغم کون لغته هي لغة دلهي المتداولة و لیست المتأثرة باللغة الفارسیة، إلا أن الألفاظ و التراکیب الفارسیة کثیرة في شعره وقد انسجمت مع حالات و روح اللغة الأردیة وامتزجت بحیث لاتلاحظ فیها حالة الغرابة. ولهذا، فإن شعره أردي نقي (م.ن، 2/ 605). وفضلاً عن 6 دواوین بالأردیة، فإن لمیر أیضاً کتاباً في تراجم الشعراء الناطقین بالأردیة تحت عنوان نکات الشعراء باللغة الفارسیة.

والمیرزا محمدرفیع سودا شاعر شهیر معاصر لمیر الذي لقبه بملک الشعراء الناطقین بـ «ریخته» وأثنی علی مقدرته في نظم الشعر (ص 32). وفي الهند الشمالیة لم‌یکن قبل سودا شاعر یستح قال اهتمام. و قصائ سودا من حیث البناء و أسلوب البیان تتبع تقالید نظم القصائد الفارسیة. وهو الذي نظم بأسلوب قصائد الخاقاني والأنوري و العرفي، أفضل القصائد الأردیة (جالبي، 2/ 685-687). کما کان حاذقاً في الهجاء، وقلّد الأنوري في هذا الغرض. وبرغم أن سودا کان ملتزماً بالتقالید والأسالیب القدیمة، إلا أن الحداثة کانت تشیع في شعره. وقد تأثر به الشعراء المتأخرون أمثال أنیس و دبیر و غالب. ولغة شعر سدا هي لغة الخواص، وقد استخدمت في کلامه التعابیر و التراکیب الفارسیة بألفاظها الأصلیة بشکل کبیر (م.ن، 2/ 699-713).

وُلد الخواجه میردرد و ترعرع في أسرة ذات اتجاه صوفي، و لذا تشیع في شعره المضامین العرفانیة. وقد ارتبطت الأفکار الصوفیة لدیه بتجاریه العرفانیة الشخصیة، و وجودت لها أساساً حیاً و فاعلاً. وفي البناء الشعري للخواجه میردرد، یوجد انسجام و تضامن تام بین الفکرة والمعنی من جهة و الألفاظ والقوالب من جهة أخری، وقد تم تبیان الأفکار الدقیقة و السامیة في مصراعین، أو بیتین بشکل من السلاسة والمهارة قلّ أن نجد مثله لدی بقیة الشعراء (م.ن، 2/ 745، 754).

وفي القرن 12 هـ ذاع صیت کل من میر و میردرد في الغزل، و سودا في القصیدة، وفاق أحد معاصریهم و رفاقهم و هو میرحسن حوالي 55 مثنویاً قصیراً، إلا أن رائعته الخالدة هي سحر البیان التي نظمها سنة 1199هـ بلکناو، و تقع في 2,179 بیتاً. وقد نظم هذا المثنويَّ متأثراً بالشاهنامه و إسکندرنامه لنظامي وقصائد فارسیة أخری. و هو جدیر جداً بالاهتمام من حیث انسجام اللفظ والمعنی، و السلاسة والفصاحة، ومسرح الحوادث و تصویر أوضاع الحیاة الاجتماعیة. ولم‌یکن سحر البیان خالیاً من التلمیحات السیاسیة، و جری فیه الحدیث عن هیمنة قوی «مافوق الفطرة» علی القوی المغلوبة علی أمرها والمسحوقة. وقوی «مافوق الفطرة» هي دلالة علی السلطة البریطانیة الحاکمة في شبه القارة الهندیة، و القوی المغلوبة هي إشارة إلی ضعف وعجز لکناو وانهیارها الثقافي (م.ن، 2/ 851-857).

ویرتبط النثر الأردي في القرن 12 هـ بشکل أکبر بالآثار الدینیة، فقد ألف القاضي محمد معظم السنبهلي کتاباً في تفسیر القرآن الکریم عنوانه تفسیر هندي، و دوّن فضل علي الفضلي في 1161هـ/ 1748م واقعة کربلاء تحت عنوان کریل کتها، و ألف مراد الله الأنصاري السنبهلي في 1185هـ/ 1771م تفسیر خدایي‌نعمت. أما رفیع‌الدین الدهلوي (تـ 1233هـ/ 1818م) فقد ترجم القرآن الکریم إلی الأردیة لأول مرة، وانبری أیضاً لتألیف تفسیر بهذه اللغة تحت عنوان تفسیر رفیعي، و أعد عبدالقادر الدهلوي (تـ 1230هـ/ 1815م) أیضاً ترجمة أخری للقرآن الکریم بالأردیة تحت عنوان موضح القرآن. ومن بین نماذج النثر الأدبي في القرن 12هـ، ینبغي ذکر نوطرز مرصع تألیف میرمحمدحسین عطاخان تحسین الذي یروي قصة 4 دراویش. وفي القرن 12 هـ ظهر بین شعراء بلاط لکناو نوع من الشعر عرف بـ «ریختي» و کان موضوعه بصورة عامة بیان حالات الحب و وصف مجالس اللهو و المجون التي راج سوقها آنذاک في بلاط لکناو ومجالس حکامها و أمرائها. فقد کان أفراد هذه الطبقة یحبون الأشعار العامیة و المبتذلة، وکان الشعراء بدورهم و لأجل نیل رضاهم، ینظمون أشعاراً مثیرة ذات تلمیحات و مضامین مستهجنة. ومؤسس الشعر الـ «ریختي» هو سعادت یارخان رنگین (1169-1251هـ)، وکان معاصره إن شاه‌الله‌خان إنشا (تـ 1233هـ) ینتهج نهجه في الشعر، إلا أنه کان له أسلوب مختلف في النثر، وقد ألف سنة 1222هـ/ 1897م أول اثر في قواعد اللغة الأردیة ببیان رصین بعنوان دریاي لطافت. وساعده محمدحسن قتیل في هذا العمل (سکسینه، 1/ 176-190، 204-206).

وعقب هجوم نارشاه علی دلهي و سقوط حکومة البابریین، انتقل مرکز الشعر من دلهي إلی لکناو لفترة، وأسست هناک مدرسة أدبیة متمیزة. وکانت السمة البارزة لمدرسة دلهي، هي بیان المشاعر والعواطف بألفاظ بسیطة و مؤثرة، غیر أن التکلف في الکلام واستخدام الصناعة اللفظیة و المعنویة کان سائداً علی نطاق واسع في مدرسة لکناو. وغزلیات إمام بخش ناسخ (تـ 1254هـ/ 1838م) مؤسس مدرسة لکناو هي مجموعة من التعابیر و التشبیهات المشحونة بالتصنع والفخامة، لکنها تفتقر إلی الأحاسیس والمشاعر (م.ن، 1/ 230). وفي تلک الفترة کان حیدرعلي آتش (تـ 1263هـ) أیضاً من شعراء لکناو، وکان مقتدراً وبارعاً جداً في هذا المضمار، لکنه تخلی عن مدرسة لکناو وتجنب التکلف والتصنع في الکلام. فقد کان کلامه بسیطاً و موزوناً ذا لحن عذبٍ و معانیه واضحة قریبة من لغة التخاطب. وبرغم أن آتش لایبلغ مبلغ محمدتقي میر في بیان لواعج النفس و شجون العشاق، إلا أن بعض أشعاره ولتلک السمات التي ذکرناها آنفاً، لانظیر لها في الأدب الأردي. ویمکن أن یُعدّ من الشعراء الکبار في الأردیة بعد میر و غالب الدهلوي (م.ن، 1/ 244).

الصفحة 1 من3

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: