الأردیة، الآداب
cgietitle
1443/3/22 ۱۶:۴۶:۳۲
https://cgie.org.ir/ar/article/237156
1446/9/3 ۱۴:۱۸:۵۷
نشرت
6
اَلْأُرْدیَّة، اَلْآداب، یقسم تاریخ نمو و تطور الآداب الأردیة من حیث خصائص اللهجة إلی 3 مناطق جغرافیة: پنجاب و ضواحي دلهي في شمالي شبه القارة الهندیة؛ کجرات؛ الدکن في المناطق الوسطی والجنوبیة. وکانت هذه اللغة تدعی بادئ الأمر في المراکز المذکورة بالهندوسیة و الکجراتیة و الدکنیة و البرج بهاشویة و غیرذلک. وکان للغات المحلیة في کلّ من النواحي الثلاث منذ بدء ظهورها تأثیر بلیغ في خصائص علم اللغة و الآداب المدونة بهذه اللغة. وهذه الخصائص هي التي تمیز کیفیة الشعر و النثر الأردیین عن بعضها في هذه المناطق الثلاث. ومنذ القرن 6 وحتی القرن 10 هـ خضعت اللغة و الآداب الأردیة بشکل أکبر لتأثیر الأدب الهندي و قواعده و تقالیده. و إن أقدم الأشعار الأردیة تتطابق و قوالب الشعر الندوسیة، و أوزانه، بل اصطبغت بصبغة التصوف الهندوسیة، لکن الشعر و النثر الأردیین و منذ القرنین 10 و 11هـ و مابعدهما خضعا من حیث اللغة و البیان وکذلک من حیث الفکر والمضمون لتأثیر اللغة و الأدب الفارسیین (جالبي، 1/ 105-106؛ سکسینه، 1/ 3-9).
إن النماذج المدونة من الأدب الأردي في شمالي شبه القارة الهندیة قبل القرن 10 هـ قلیلة جداً. و إن مسعود بن سعد بن سلمان اللاهوري (438-515هـ/ 1046-1121م)، هو أول من کان له – فضلاً عن دیوانین بالعربیة والفارسیة – دیوان بالهندوسیة أیضاً (العوفي، 2/ 246)، لکن لایتوفر الیوم شيء من شعره المنظوم بالهندوسیة. وقد استخدم بعض الشعراء و الکتّاب الناطقین بالفارسیة في شبه القارة الهندیة خلال القرن 7-9هـ، في قصائدهم و آثارهم کلمات و تعابیر هندیة مع ترجمتها الفارسیة، مثل منهاج سراج في طبقات ناصري لامؤلف في 658هـ؛ وأمیرخسرو الدهلوي في مثنویِّه قران السعدین المنظوم في 668 هـ وخزاین الفتوح المؤلف في 711هـ و دیول راني خضرخان المنظوم في 715هـ؛ و ضیاءالدین البرني في تاریخ فیروزشاهي؛ و محمدبن مبارک الکرماني (تـ 770هـ) في سیر الأولیاء؛ و شمس سراج عفیف في تاریخ فیروزشاهي المؤلف في القرن 8 هـ (شیراني، 1/ 161-178). کما أن مجامیع أقوال متصوفة شبه القارة الهندیة برغم کتابتها باللغة الفارسیة، إلا أنه نُقل أحیاناً بین العبارات والأقوال الفارسیة، کلام، أو بیت شعر بنصِّه باللغة الهندیة- الأردیة أیضاً. ویمکن مشاهدة نماذج لأمثال هذا الکلام و الأشعار في مجامیع أقوال فریدالدین مسعود گنجشکر (تـ 664هـ) و أبي علي قلندرپاني پتي (ن.ع) و شرفالدین یحیی المنیري (تـ 782هـ) (م.ن، 1/ 241، 257؛ جالبي، 1/ 36-39). وأول الآثار المتوفرة من آداب هذه اللغة هو الملمعات الفارسیة و الأردیة المنسوبة إلی أمیرخسرو الدهلوي (تـ 725هـ) التي وردت بشکل أکبر في الماصدر المتأخرة (م.ن، 1/ 28-29؛ سکسینه، 1/ 16-18). و برغم أن بعض الباحثین نسبوا إلی أمیرخسرو خالق باري الذي هو «نصاب» (المصدر المنظوم) الفارسي – الهندي (م.ن، 1/ 17؛ جالبي، ن.ص)، لکن شیراني یری أن ناظمه هو ضیاءالدین خسرو شاعر القرن 11هـ (ظ: جالبي، 1/ 30). کما أن لحسن الدهلوي (ـ 738هـ) ملمعات فارسیة و أردیة (م.ن، 1/ 35؛ سکسینه، 1/ 24، 26).
و في کجرات أیضاً تشاهد نماذج بدائیة من الأدب الأردي بشکل متناثر في کتب النصوص و المعاجم و النقوش، مثل العبارات الأردیة من کلام برهانالدین أبي محمد عبدالله قطب عالم (تـ 857هـ/ 1453م) وابنه شاه عالم المعروف بشاه منجهن (تـ 888هـ) و التي نقلت في خاتمة مرآة أحمدي و تحفة الکرام و جمعیات شاهیة، و الأقوال الأردیة لوجیهالدین العلوي (تـ 998هـ/ 1489م) الواردة في بحر الحقایق، و الباب 14 من معجم بحر الفضائل الذي ألفه فضلالدین البلخي حوالي سنة 837هـ/ 1433م، «في الألفاظ الهندوسیة التي تستخدم في النظم» (شیراني، 1/ 213-231). وإن نقش مسجد راي کهیر بأحمدآباد الذي یحمل تاریخ 963هـ أحد أقدم النقوش المکتوبة بالأردیة في کجرات.
وأول أنموذج مدون للأدب الأردي في کجرات هو قصائد الشیخ بهاءالدین باجن البرهان پوري (790-912هـ/ 1388-1506م) الذي کان مریداً للشیخ رحمةالله، و دوّن أقوال أستاذه و شیخه في خزائن رحمت الله. و برغم أن هذا الکتاب بالفارسیة، إلا أن باجن أورد أشعاره الأردیة أیضاً في الباب السابع منه. و في هذه الأشعار الأردیة أیضاً في الباب السابع منه. و في هذه الأشعار اصطبغ الفکر الإسلامي بصبغة هندوسیة. وقد نظم باجن أشعاره وفق الأوزان الهندیة و استخدم حتی الکلمات العربیة و الفارسیة أیضاً بما یتطابق مع ألحان و خصائص اللفظ الهندي (جالبي، 1/ 106-110). ومن بعده، فإن القاضي محمود دریائي (874-941هـ/ 1469-1534م)، هو أهم ممثلي الأدب الأردي في کجرات. ودیوانه متأثر بشدة بالتقلید الأدبي الهندي من حیث الأسلوب و النغم و الأوزان و المضامین و استخدام الکلمات. و الغرض الرئیس في أشعاره هو الحب، و بمطالعة دیوانه یمکن إدراک مستوی نمو و تطور الأدب الأردي المنظوم في کجرات (م.ن، 1/ 110-114). و من بعده بلغ عليمحمد جیوگام الدهني (تـ 973هـ/ 1565م) بتقالید الشعر الأردي في کجرات، القمةَ. وقد جمعت أشعاره الأردیة بجهود مریده أبي الحسن ابن عبدالرحمان القریشي الدحمدي في جواهر أسرار الله. وأغلب أشعاره هي في موضوعات إثبات التوحید و وجود الواحد وأسرار الله التي عرضت بالرموز و الکنایات و سبَّب إلی الغموض في کلامه. ویمثل شعر جیوگام الدهني في کجرات المرحلة التي اتجهت فیه الصبغة الهندیة إلی الانخفاض في الأدب الأردي، و حل محلها تأثیر اللغة الفارسیة و آدابها (م.ن، 1/ 114-119). وتظهر أشعار الشیخ خوب محمد الچشتي (تـ 1023هـ/ 1614م) الأردیة بوضوح تأثیر الأدب الفارسي في کجرات. وقدکان مریداً لکمال محمد السجستاني (تـ 979هـ/ 1571م)، وکان بارعاً جداً في اللغة الفارسیة و إنشائها. و من آثاره، أمواج خوبي و شرح جام جهاننما و هما من أفضل نماذج الإنشاء الفارسي في الهند. و قد نظم في 986هـ مثنویاً صوفیاً – أخلاقیاً بعنوان خوب ترنگ ویسمیه هو «کجراتي ممزوج بالأعجمي و العربي» (م.ن، 1/ 119-120)، وللچشتي أیضاً منظومة باسم چهند چهندان وضعت فیها قواعد العروض الفارسي علی أساس العروض الهندي.
وعندما فتحت کجرات علی ید أکبر شاه في 980هـ/ 1572م تغیّرت الأوضاع و حدث تحول في القیم الأدبیة أیضاً و حل تعلیم و تدریس العروض الفارسي محل العروض الهندي و شاعت کلمات الشعر الفارسي و تراکیبه و قواعده في اللغة الأردیة وآدابها إلی الحد الذي أصبحت معه تدریجیاً محور و معیار الأدب الأردي من حیث الفکر والخیال و أنواع القول والأوزان و البحور و التشبیهات و الاستعارات والکنایات (م.ن، 1/ 121-128).
وکانت بلاد الدکن الحاضرة الأخری للغة والأدب الأردیین اللذین اتجها مع فتوحات علاءالدین الخلجي و محمد بن تغلق في النصف الأول من القرن 8هـ في هذه البلاد، نحو الانتشار و الاتساع، و اتخذا مع تأسیس دولة البهمنیین شکل اللغة الأدبیة (ظ: مسعود حسین، II/ 19-22). وکان حکم البهمنیین في الدکن قد بدأ في 748هـ/ 1347م واستمر حتی 932هـ/ 1525م. وقد أدت المنافسة والعداوة والتعصب الذي کان بین الحکومتین الإسلامیتین الشمالیة و الجنوبیة إلی أن تنمو لغة الجنوب و إلی 3 قرون تلت بشکل مستقل و تعامل قلیل جداً مع الشمال. و قد نتج عن هذه اللغة التي کانت تسمی الأردیة الدکنیة، آداب قیِّمة. وآداب العصر البهمني هي شعر غالباً، و ینکن تقسیمها إلی 3 مجامیع: الحکایات و الأساطیر الشعبیة؛ سرد الحوادث الدینیة والتاریخیة؛ الکتابات العرفانیة و الأخلاقیة، وأول أثر شعري من هذه الفترة هو مثنوي کدام راوپدم راو الذي نظمه فخرالدین النظامي علی عهد أحمدشاهولي البهمني (حکـ 825-838هـ/ 1421-1434م). وموضوع هذه المنظومة حکایة هندیة ذات حوادث خارقة نظمت بلغة معقدة جداً متأثرة بالقواعد السنسکریتیة والپراکریتیة و بشکل قریب من الأردیة الکجراتیة، لکنها من حیث الوزن تعود إلی أحد بحور الشعر الفارسي (جالبي، 1/ 154، 160-163)، وأعمال میرانجي شمسالعشاق (تـ 902هـ/ 1496م) شاعر فترة زوال حکم البهمنیین والذي ترک 4 منظومت هي خوشنامه، خوشنغز، شهادت التحقیق و مغزمرغوب. و موضوعات هذه المنظومات عرفانیة و أخلاقیة عُرضت في قالب حکایة.ومع أن بحور هذه القصائد هندیة، إلا أن عدد الکلمات العربیة و لافارسیة فیها أکثر مما هو علیه في کدام راوپدم راو (م.ن، 1/ 167-174).
وإلی القرن 9هـ، حیث کانت اللغة الأردیة تتجذر تدریجیاً في الدکن وکجرات و مالوه، کان أغلب الشعراء ذوي النزعات الصوفیة في هذه المناطق مایزالون یدوّنون العلوم الدینیة و الموضوعات الأخلاقیة والعرفانیة باللغة الفارسیة. لکن و منذ القرن 9هـ و مابعده، حیث کانت الأردیة قد أصبحت اللغة المشترکة لعامة الناس، استخدمها الشعراء والکتّاب أیضاً في تبیان الموضوعات المتعلقة بالأخلاق والعرفان والأحکام الدینیة. ولأشرف البیاباني (تـ 935هـ/ 1528م) الشاعر ذي النزاعة الصوفیة، 3 منظومات هي لازم المبتدي، واحد باري و نوسرهار، نظمت بأجمعها بأوزان الشعر الهندي. ولازم المبتدي هو في بیان أحکام العبادات و أوقاتها و شروطها؛ ویتضمن واحد باري بعض الکلمات العربیة و الفارسیة و الأردیة المترادفة. ولغة هاتین المنظومتین وأسلوبهما بسیطان ینسجمان مع لغة الحوار. أما مثنوي نوسرهار الذي نظم في 909هـ فهو في الحدیث عن واقعة کربلاء و استشهاد الإمام الحسین (ع)، و یتضح من أسلوب بیانها أنها نظمت بهدف ذکر مأساة کربلاء. وانتهی الحکم البهمني في 932هـ/ 1525م، لکن اللغة الأردیة انتشرت في أرجاء الدکن خلال تلک الفترة و أصبحت اللغة المشترکة بین الناس (م.ن، 1/ 174-179).
وفي 932هـ أسس ظهیرالدین محمدبابر حکومة البابریین في الهند. وخلال الحکم البابري الذي استمر 300 سنة ظهر أکبر تحول ثقافي واجتماعي في تلک البلاد و بلغ انتشار اللغة الفارسیة و أهمیتها في المناطق الشمالیة حداً لمتدع معه مجالاً لنمو اللغة الأردیة و تطورها. ولذا لمتبلغ الأردیة في هذه المنطقة القوة والأهمیة التي کانت علیهما آنذاک في کجرات و الدکن. وإلی عهد جهانگیر (حکـ 1014-1037هـ) تتوفر من الآداب الأردیة نمازج متناثرة و عدة أشعار ملتمّعة کان الناطقون بالفارسیة في شبه القارة الهندیة ینظمونها بین الفینة و الأخری لغرض التنویع و التجریب. وأهم النماذج الشعریة لهذه الفترة بکت کهاني لمحمد أفضل پاتيپتي (تـ 1035هـ/ 1625م). ففي هذا المثنوي، تم نظم لوعة الهجر و شوق العاشق (عادة ما یکون في الأدب الهندي امرأة) إلی المعشوق (الرجل) خلال 12 شهراً بشکل متواصل. ویسمی هذا النوع من الکلام في الأدب الهندي، «باره ماسه» (= 12 شهراً)، حیث یبین فیه الشاعر أوضاعه و لواعجه العاطفیة بحسب تأثیر فصول السنة شهراً بشهر. وفي الأدب الفارسي، یلاحظ أقدم أنموذج لهذا الشعر في «الغزلیات الشهوریة» لمسعود بن سعد (ص 654-658). ویظهر جلیاً تأثیر اللغة الفارسیة في بکت کهاني. فقد ضمّن ناظمها، فضلاً عن استخدامه الضمائر و الأفعال الفارسیة، الأبد الأرديَّ بعض الأبیات الفارسیة بنصها (جالبي، 1/ 51-69). کما خلّف حاجي محمدنوشه گنجبخش (959-1064هـ/ 1551-1653م) من أهل پنجاب، 2,400 بیت بالأردیة في 25 وزناً و 8 أصناف، طبعت تحت عنوان انتخاب گنج شریف. وأوزان هذه الأبیات هندیة إلا أن المضامین والأفکار الواردة فیها ذات علاقة بعالم الفکر و الأدب الإسلامیین. و مع الأخذ بنظر الاعتبار الأشعار الأردیة في انتخاب گنجشریف یری بعض الباحثین في اللغة الأردیة و آدابها أن بدایة الشعر الأردي في پنجاب کانت متزامنة مع بدایة الشعر الأردي في الدکن، بل و سبقته أیضاً، ذلک أنه بالمقارنة مع کلام محمد قلي قطبشاه الشاعر الدکني (973-103هـ)، فإن لغة انتخاب گنجشریف أکثر نضجاً و تطوراً (سیدعبدالله، 13). وقد استخدمت بعض الأشکال و الأسالیب الجدیدة من النظم الهندي في کلام حاجي محمد نوشه گنجبخش (أنصارالله، «أردوکي ابتدایي...»،164)، و یعدّ واحداً من أوائل ناظمي الغزل باللغة الأردیة (م.ن، «أردو غزل...»، 7-8)، برغم أن بعض الباحثین عدّ الأشعار المنسوبة إلی نوشه گنجبخش هي في الحقیقة من نظم غلام محیيالدین اللاهوري المتخلص بنوشه (1154-1229هـ) (ظ: أحمدخان، 1-24).
وفي 980هـ/ 1572م ضمّ أکبرشاه البابري، کجرات إلی البلاد الخاضعة لحکمه. و علی أثر التحولات السیاسیة في هذه المنطقة، حُرم الشعراء والکتّاب الناطقون بالأردیة من تشجیع البلاط، فهاجروا بطبیعة الحال إلی الدکن، و بذلک أصبحت الدکن قاعدة للأدب الأردي، وتطورت التقالید و الأسالیب «الأردیة الکجراتیة» نتیجة امتزاجها بـ «الأردیة الدکنیة». وکان یوسف عادل شاه مؤسس الدولة العادل شاهیة في بیجاپور (حکـ 895-916هـ) نفسه ینظم الشعر بالفارسیة، و کان قد جمع في بلاطه العلماء و الشعراء و النفانین الإیرانیین والروم، کماکان ابنه إسماعیل عادل شاه المتخلص بـ «وفائي» (حکـ 916-941هـ/ 1510-1534م) شاعراً ناطقاً بالفارسیة. و کان ملوک هذه السلالة بأسرها و إلی علي عادل شاه الثاني (حکـ 1067-1083هـ) حماة للشعر و الأدب و الفن و مشجعین لها. وعلی عهد عادل شاهیة الدکن، نمت اللغة الأردیة و تطورت وکانت تعدّ اللغة الوطنیة والمشترکة بین الناس (جالبي، 1/ 183-185). وجعل بعض ملوک هذه السلالة، الأردیة (أو الهندوسیة) لغة البلاط و الإدارة بدلاً من الفارسیة (فرشته، 2/ 27؛ خافي، 3/ 307). وکان علي عادلشاه الثاني بشکل خاص یولي اهتماماً أکبر لشعراء اللغة الهندیة (م.ن، 3/ 359-360).
وعند استقلال گولکنده، تکررت في الدکن الأوضاع التي کانت قد حدثت لدی استقلال بیجاپور. فالسلطان قلي نجل أویسقلي حاکم همدان الذي کان قد هرب من إیران و جاء إلی الدکن و انضم إلی حاشیة محمودشاه البهمني (حکـ 887-924هـ/ 1482-1518م)، أعلن استقلاله في گولکنده عقب وفاة محمودشاه (924هـ)، وأسس دولة القطب شاهیة. ومن بین الملوک القطب شاهیة، کان إبراهیم (حکـ 957-988هـ/ 1550-1580م) ومحمدقلي (حکـ 988-1020هـ/ 1580هـ/ 1580-1611م) و محمد (حکـ 1020-1035هـ/ 1611-1625م) و عبدالله (حکـ 1035-1083هـ/ 1625-1672م)، بأسرهم ینظمون الشعر بالارسیة و الأردیة الدکنیة و یحتضنون العلماء و الشعراء. وفي المنطقة الخاضعة لسلطة السلاطین القطب شاهیة في گولکنده، کانت الفارسیة هي اللغة الإداریة، والتشیع هو المذه الرسمي.وکان هذان العاملان یجعلان علاقات إیران ببلاط گولکنده أکثر حمیمیة ورسوخاً. وقد سبب اهتمام حکومة بیجاپور باللغة الهندوسیة، والتجاه گولکنده إلی الفارسیة، شکلاً من المنافسة بین الهندوسیة والفارسیة. وکان الشعر و النثر اللذان یکتبان في بیجاپور، استمراراً للتقالید و الأسالیب الأدبیة الکجرائیة التي کانت قد تأثرت بالهندوسیة بشکل أکبر. لکن الآداب الأردیة في گولکنده کانت متأثرة بالشعر و النثر الفارسیین، ولکن التأثیر الآفرسي انتقل أیضاً فیما بعد منگولکنده إلی بپجاپور نتیجة لبعض العلاقات الودیة بینهما، واصطبغت الآداب الأردیة في بیجاپور – من حیث الألفاظ و التعابیر – بالصبغة الفارسیة، کما ترجمت بعض الآثار الفارسیة إلی اللغة الأردیة.
ومن مشاهیر کتّاب القرنین 10-11هـ في الدکن، کان برهانالدین جانم (تـ ح 990هت/ 1582م) من متصوفة بیجاپور المعروفین الذي کان یتحدث في آثاره عن فلسفة الوجود و یجمع بین الشرع و التصوف ویطرحهما معاً. ویلاحظ في لغته تأثیر الأسلوب و التقالید الهندوسیة. و قد نظم وصیّت الهادي و حجة البقاء و إرشادنامه، و ألف نثراً کلمة الحقائق و رسالة وجودیة التي تعدّ عادة أول أنموذج للنثر الأردي الدکني، وجدیر بالذکر أن بعض الباحثین عدّ معراج العاشقین للسید محمد الحسیني گیسودراز (تـ 825هـ/ 1422م) أول کتاب نثر أردي، وعدّ البعض الآخر هذا الکتاب من آثار أواخر القرن 11، أو أوائل القرن12هـ ومن تألیف مخدوم شاهالحسیني البیجاپوري (جالبي، 1/ 201-210)؛ لکن لما کانت المخطوطة المتوفرة من هذا الکتاب قد نسخت عن المخطوطة المؤرخة في 911هـ/ 1505م (ظ: مسعود حسین، I/ 20)، فإن رأي الفریق الأول أکثر قبولاً. وکان إبراهیم عادل شاه معروفاً بـ «جگت گُرو» (شیخ، أو أستاذ العالم)، وکان شدید الوله بالموسیقی وقد قدم إبداعات في هذا الفن و جمع في کتاب نورس، «الگیتات» (= الدغاني) التي کان قد أنشدها وفقاً لـ «الراگ» و «الراگني» (= اللحن والنغمة) في الموسیقی الهندیة وذلک سنة 1006هـ/ 1597م. ولأغنیاته في الأدب الأردي شهره خاصة. وقد ترجم نورالدین الترشیزي شاعر بلاط عادلشاه، مقدمة نورس إلی الفارسیة نثراً (جالبي، 1/ 214-218). وإبراهیم نامه مثنوي آخر من المثنویات الطویلة لتلک الفترة، نظمه شاعر یتخلص بـ «عبدل» في 1012هـ/ 1603م في ترجمة حیاة إبراهیم عادلشاه الثاني وأعماله، ووصف فیه الأوضاع الاجتماعیة و الثقافیة في بیجاپور خلال تلک الفترة. وإن التحول من الأسالیب الهندوسیة نحو التقالید و القواعد الأدبیة الفارسیة، واضح في هذه المنظومة (م.ن، 1/ 219-226).
وفي منتصف القرن 11 هـ بلغ تأثر الأدب الأردي بالتقالید و الأسالیب الفارسیة ذروته فترجمت عدة آثار شعریة فارسیة إلی الأردیة الدکنیة. وفي 1050هـ/ 1640م ترجم ملک خشنود هشت بهشت لأمیر خسرو إلی الأردیة شعراً تحت عنوان جنّت سنگار (م.ن، 1/ 252). وفي هذه النسة، ترجم کمالخان الرستمي، خاورنامه لابن حسام في 24,000 بیت إلی الأردیة الدکنیة، وهي من أطول المنظومات في تلک الفترة (م.ن، 1/ 265-266). ومن بعده انبری بقیة شعراء الدکن لنظم المثنوي. فقد نظم شاعر یدعی صنعتي، أو سبعي في 1055هـ/ 1645م منظومة بعنوان قصۀ بينظیر تحدث فیها عن کرامات تمیم الأنصاري الصحابي المعروف (م.ن، 1/ 275). وتزامناً مع نظم المثنوي بدأ نظم الغزل أیضاً في الدکن. وفضلاً عن مثنويي فتحنامۀ نظامشاه و میزبانينامه، فقد نظم حسن شوقي (تـ ح 1043هـ/ 1633م) أیضاً 31 غزلاً (م.ن، 1/ 280-281). وتصطبغ غزلیاته بصبغة الحب والهیام، وهي متأثرة بأنماط و أسالیب الغزل الفارسي. ویقرّ شوقي أنه قلّد العنصري والأنوري و خسرو في نظم الغزل (م.ن، 1/ 290).
ولمیقتصر التأثیر الفارسي في الآداب الأردیة علی المثنوي والغزل، بل شمل أیضاً الآثار الدینیة و العرفانیة، وأفضل أنموذج علی مثل هذا التأثر، آثار شاه أمینالدین أعلی البیجاپوري (990-1086هـ/ 1582-1675م). وکان البیجاپوري نجل برهانالدین جانم صاحبمقام في التصوف وله مریدون. و من آثاره المنظومة یجدر أن نذکر محبنامه، رموز السالکین، کلام أعلی و وجودیة؛ و منآثاره المنثورة، گفتار حضرت أمین والأخری کلمة الأسرار في شرح فلسفة «تلاوة الوجود» المستقاة من حدیث «من عرف نفسه فقد عرف ربه» (م.ن، 1/ 308-309). وفي هذه الفترة بلغ الأدب الأردي الدکني درجة الکمال. وقد عُرف ثامن ملوک السلالة العادل شاهیة علي عادلشاه الثاني (حکـ 1067-1083هـ) المتخلص بـ «شاهي» بسبب العلم و المهارة التي کانت لدیه في الشعر و الأدب و الموسیقی، بـ «أستاذ العالم». وکان یرید نقل أسالیب نظم القصیدة الفارسیة إلی الشعر الدکني، و لهذا فإن لقصائده مکانة خاصة في تاریخ الشعر و الأدب الأردیین. و شعر شاهي مفعهم بالحیویة و الطرب و النشوة (م.ن، 1/ 321-325).
عزيزي المستخدم ، يرجى التسجيل لنشر التعليقات.
مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع
هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر
تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول
استبدال الرمز
الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:
هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول
الضغط علی زر التسجیل یفسر بأنک تقبل جمیع الضوابط و القوانین المختصة بموقع الویب
enterverifycode