الأردیة، اللغة
cgietitle
1443/3/24 ۲۰:۴۷:۴۰
https://cgie.org.ir/ar/article/237155
1446/9/3 ۱۳:۴۱:۴۰
نشرت
6
اَلْأُرْدیَّة، اَللُّغَة، إحدی اللغات الهندو آریة الحدیثة، یتحدث بها الیوم مجموعة کبیرة من سکان جمیع أرجاء المناطق الوسطی والمشالیة لشبه القارة الهندیة و پاکستان، وعُدّت منذ تأسیس الحکومة الإسلامیة في پاکستان سنة 1947م اللغة الرسمیة في البلاد. وهذه اللغة من حیث عدد الذین یتکلمون بها و یستخدمونها في التعامل الیومي، هي في المرتبة الأولی من بین لغات الشعوب الإسلامیة في العالم، ویمکن القول إنها تحتل المرتبة الثالثة بعد العربیة والفارسیة من حیث الأهمیة التاریخیة والثقافیة الإسلامیة.
نتجت اللغة الأردیة في الأساس من ترکیب وامتزاج اللغات السائدة في مناطق شمالي الهند، خاصة لغات أطراف دلهي، ونتیجة انتشار الإسلام و اختلاط المسلمین الناطقین بالفارسیة بالسکان المحلیین في هذه البقاع. و منذ حکم الغزنویین في غزنة وپنجاب، ومن ثم في عصر سلاطین دلهي المسلمین خلال القرون 7-10هـ/ 13-16م، کان رجال البلاط و عناصر الجیش و الموظفون الحکومیون ممن هم في الغالب من أتباع إیران و مناطق آسیا الوسطی، والمجامیع المهاجرة الناطقة بالفارسیة، قد امتزجوا بالسکان المحلیین للمناطق الشمالیة من الهند. وکان هذا الاختلاط قد أدی إلی أن تمتزج اللغة الفارسیة أیضاً باللغات المحلیة في الحوار الیومي. ونتیجة لذلک ظهرت من هذا المزیج لغة جدیدة بممیزات لغویة خاصة بها. و برغم أنها کانت في البدء وسیلة اتصال موظفي الدولة و المهاجرین الأجانب بالسکان المحلیین (ظ: غریرسون، IX(1)/ 1؛ یوسف حسین،83، نقلاً عن شیراني)، إلا أنها غدت بمرور الزمان و بشکل تدریجي اللغة السائدة و المتداولة في هذه المناطق.
والعامل الآخر الذي کان له دور کبیر في تکوین هذه اللغي و تطورها، کان إنشاء خانقاهات الصوفیة في شتی أرجاء هذه البلاد، و التي کانت تتجمّع فیها مجامیع من المهاجرین الناطقین بالفارسیة ومن السکان المحلیین. و خلال الحوارات و في مجالس الوعظ و التذکیر و التبلیغ وفي سرد الحکایات و کافة آداب الخانقاهات، کانت اللغة المحلیة تمتزج بطبیعة الحال باللغة الفارسیة، وتتأثر بکلماتها و خصائصها النحویة. وقد أدت الرابطة بین الخانقاهات في پنجاب والسند و کجرات ودلهي والمناطق الأخری وتنقّل المتصوفة بین المدن والقری من جهة، واختلاط موظفي الدولة في شتی المناطق بالسکان المحلیین من جهة أخری إلی أن تصبح هذه اللغة موحدة و یظهر ترکیب جدید ینتشر بین مختلف الطبقات.
وحول أصل ونشأة اللغة الأردیة (أو الهندیة) ذکرت آراء و نظریات مختلفة. یری محمدحسین آزاد (ص 5) أنها فرع من برج بهاشا إحدی اللهجات الهندیة الغربیة الرائجة في منطقتي أکرا و متهورا. و عدّها غریرسون (IX(1)/ 1-2) واحدة من اللهجات الهندیة الغربیة التي هي بدورها متفرعة من«أپهبرانشه»، أواللهجة المحلیة «پراکریت شوراستي» من المجموعة الرئیسة للغات الهندو آریة. یری محمود شیراني أن هذه اللغة تکونت في پنجاب و نتیجة لاختلافي المسلمین بالهندوس علی عهد الحکم الغزنوي، و من ثم وبانتقال مرکز حکومة المسلمین من لاهور إلی دلهي في أوائل القرن 7هـ و هجرة الجند و موظفي الدولة والحرفیین من پنجاب إلی تلک المنطقة، نقلت اللغة المتداولة في أوساط هذه المجموعة أیضاً إلی هناک، وامتزجت تدریجیاً بلغة کهري بولي التي کان یتحدث بها سکان دلهي و المناطق المحیطة بها (یوسف حسین، 83-84، نقلاً عن شیراني). و استناداً إلی مسعود حسین، فإن المسلمین عندما استقر بهم المقام في دلهي کان سکانها یتحدثون باللغة الهریانیة، وظهرت الأردیة نتیجة امتزاج الفارسیة بهذه اللغة (ظ: م.ن، 85). وقد طرح کل من شیراني و مسعود حسین آراءهما علی أساس مقارنة الترکیب الصرفي و تطبیق خصائص علم اللغة الأردیة بالپنجابیة والهریانیة (ظ: ن.ص).
ویری س.ک. چترجي عالم اللغات الهندیة الکبیر أن لهجات المناطق الشمالیة للهند تفرعت بأسرها من أپهبرانشه الهندیة الغربیة التي کانت بدروها قد ظهرت من تحول لغة پراکریت شوراسني المتداولة في تلک المناطق. وخلال القرون 7-9هـ/ 13-15م کانت دلهي قد أصبحت مرکزاً تجمع فیه الناس من هذه المناطق المختلفة، وکانوا یعیشون إلی جانب بعضهم و یتعاملون فیما بینهم. و نتیجة اختلاط لهجات هؤلاء الناس، تبلورت فيهذه الفترة لغة أصبحت في القرن 9هـ، لغة مستقلة تتطابق من حیث مبادئ علم اللغات مع لهجات المناطق الواقعة بین پنجاب من جهة والمناطق الواقعة في أطراف دلهي وأکرا من جهة أخری (ظ: چترچي، I/ 206؛ سبزواري، 84).
ویری یوسف حسین أنه کانت قد تکونت قبل قیام الحکومة الإسلامیة في دلهي و في القرن 7هـ في تلک المنطقة لغة مرکبة من الکهري بولیة والبرج بهاشویة والراجستهانیة و الهربانیة، ومع مجيء المسلمین من پنجاب إلی هذه المنطقة اختلطت بها الفارسیة و الپنجابیة أیضاً. وبعد 100 سنة أصبحت هي اللغة المشترکة لأهل دلهي واللغة التي سماها أمیر خسرو الدهلوي «الهندوسیة» و «الدهلویة» (ص 86).
ومن خلال نقده لنظریات شیراني و چترجي ودراسته فروق التلفظ في اللغة الأردیة، حاول شوکت سبزواري إیضال مصدرها إلی اللغة الپالیة و اللهجات ذات العلاقة بها (ص 79-92). وماتزال وجهات النظر متضاربة بشأن هذا الجزء من تاریخ اللغة الأردیة.
دعیت هذه اللغة في المصادر التاریخیة بأسماء: الهندیة، الهندوسیة، الکجریة، الدهلویة، الدکنیة، ریخته، اللغة الأردیة المعلاة، الأردیة، الهندستانیة. وفي البدء و قبل ظهور هذه اللغة، کان المسلمون یسمون اللغة المتداولة في مختلف مناطق شبه القارة الهندیة بشکل عام، الهندوئیة و الهندوسیة و الهندوانیة. حتی إنه و کما یقول العوفي في لباب الألباب (ص 246) فإنه کان لمسعود بن سعد بن سلمان (تـ 515هـ) دیوان باللغة الهندوئیة و ورد في کتاب کلیلة و دمنة (ص 30) أن برزویه الطبیب ترجم هذا الکتاب من الهندوسیة إلی الفارسیة بأمر من أنوشروان؛ و نقل مؤلف مجمل التواریخ و القصص (ص 107) قسماً من تاریخ الهند من کتاب کان قد ترجم من اللغة الهندوسیة إلی العربیة، ومن ثم إلی الفارسیة. ونحن نعلم أن مسعود بن سعد بن سلمان کان من أهل لاهور وینبغي أن یکون دیوانه الهندوسیة باللغة الپنجابیة و أن أصل کلیلة و دمنة البهلویة کان روایة عن هذا الکتاب بإحدی اللغات المحلیة في شمال غربي الهند (ظ: مجتبائي، 33-36). وأثبت چترجي (I/ 319-324) أن تاریخ الهند الوارد في مجمل التواریخ و القصص کان قائماً علی روایة مختصرة من حکایة مهابهارتا باللغة السندهیة لذلک الوقت.
ومنذ القرنین 7 و 8هـ و ماتلاهما أطلق اسم «الهندیة» و «الهندوسیة» في کتابات مسلمي الهند، علی اللغة التي کانت قد ظهرت – و کما أسلفنا – نتیجة امتزاج و اختلاط المسلمین بالهنود و من تأثیر اللغة الفارسیة في اللهجات المحلیة لأطراف دلهي و بعض المناطق الشمالیة، وکانت آنذاک تجتاز المراحل الأولی لتطورها. و إن الإشارات التي تلاحظ في أشعار و کتابات أمیرخسرو الدهلوي (653-725هـ) باللغة الهندیة، والهندوسیة، تدل علی اللغة التي نظم هو بها أشعاراً و ملمعات (ظ: آزاد، 107-110؛ وحید میرزا، 227-232؛ یوسف حسین، 86-89)، وأصلها في الحقیقة هو اللغة «الکهري بولیة» المتداولة في دلهي وأطرافها التي کتبت بالخط الفارسي و التي یظهر فیها بوضوح تأثیر قواعد العروض الفارسیة من حیث الأوزان الشعریة و تلفظ الکلمات. ومن الشائع أن یُعدّ أول کتاب کُتبت بهذه اللغة (الهندیة، أو الهندوسیة) الممزوجة بالألفاظ الفارسیة هو منظومة پریتهفي راجراسو التي نظمها برداي چند شاعر بلاط پریتهفي راج ملک دلهي (أواسط القرن 7هـ) لممدوحه. وهذه المنظومة بالخط الهندي، لکن کثرة کلماتها الفارسیة هي بحد یجعل علاقتها بالقرن7هـ بعیدة عن الاحتمال و الإمکان. و من المستبعد أن ینظم شاعر هندوسي في بلاط ملک هندوسي عُرِّض لهجوم جنود سلطان مسلم، منظومة في مدح ملک هندوسي یستخدم فیها هذا الکم الکبیر من الکلمات الفارسیة و العربیة (ظ: بهري، 67, 120-126). وفي الأشعار الهندوسیة التي نسبت إلی أمیرخسرو و في المقطعات المتناثرة التي نقلت في کتب الصوفیة من هذه اللغة، و في الأشعار المنسوبة إلی کبیر داس متصوف الطریقة البهکتیة في الهند (القرن 9هـ/ 15م) وفي غورو غرانته الکتاب المقدس لدی السیخ، یندر وجود الکلمات و التعابیر الفارسیة، و لاتتجاوز في الغالب حدود الألفاظ والمصطلحات الدینیة وأحیاناً الرسمیة. وفي حکایة پدمافت المنظومة لملک محمد جایَسي (القرن 10هـ/ 16م) فإن معدل الکلمات الفارسیة أقل من ذلک أیضاً (ظ: آزاد، 23؛ بهري، 71, 114).
کان نشوء هذه اللغة في المناطق الشمالیة من الهند، لکن مقدمات تبلورها بشکل لغة خاصة للمسلمین حدث في الجنوب. فقد سقطت کجرات بأیدي المسلمین في 696هـ وضمت إلی دلهي وهنا أیضاً وکما في المناطق الأخری تأثرت اللغة المحلیة الکجراتیة باللغة الفارسیة. وبعد فترة وفي أواخر القرن 8هـ و مع هجوم تیمور علی دلهي و هجرة جمع من سکانها و خاصة بعض مشایخ الصوفیة إلی کجرات انتقلت إلیه اللغة التي کانت قد ظهرت في دلهي من امتزاج الکهري بولیة و الفارسیة، واختلطت إلی حدما باللغة الکجراتیة، فعرفت باللغة «الجریة» (الکوجریة) (ظ: شیراني، 1/ 260-261، 281-284؛ یوسف حسین، 92). وقد نظم الشیخ بهاءالدین باجن الچشتي من متصوفة کجرات (القرن 9هـ) أشعاراً و مقطعات في المناجاة بهذه اللغة. وکان کل من القاضي محمود الدریائي (أواخر القرن 9هـ) ناظم «الجکریات» (الأذکار) المعروفة، وشاهعلي محمد جیف گام الدهني (تـ 973هـ) ناظم جواهر أسرار الله، ومیان خوبمحمد الچشتي (1023هـ) مؤلف خوبترنگ،من أهل کجرات وکانوا ینظمون القصائد الدینیة و الصوفیة باللغة الهندوسیة، أو الکجریة (ظ: شیراني، 1/ 264-300). وبرغم قلة الکلمات الفارسیة في هذه الآثار واقتصارها علی المصطلحات الدینیة والصوفیة، ولکنها اقتفت آثار المنظومات الفارسیة من حیث الأوزان العروضیة ومراعاة التقفیة والأشکال والقوالب الشعریة.
وفي أواخر القرن 7هـ قام علاءالدین محمد الخلجي بمهاجمة الدکن وفتح بعض مدنها، ومن بعده ألحق محمد تغلق (حکـ 725-752هـ) الدکنَ بمملکة دلهي وجعل دولت آباد مرکزاً لحکمه في الجنوب. و منذ ذلک الحین تبودلت الزیارات وأقیمت العلاقات السیاسیة والتجاریة ولاثقافیة بین مقر الحکومة الإسلامیة في دلهي والمناطق الوسطی لشبه القارة الهندیة، و وجدت اللغة التي کانت قد راجت في دلهي وکجرات، طریقها إلی تلک المناطق. و منذ بدء حکم البهمنیین في أواسط القنر 8هـ، اتسع تدریجیاً استخدام هذه اللغة التي کانت بادئ الأمر متداولة في البلاط وفي أوساط الأمراء و الجند و موظفي الدولة، لیتجاوز هذه المساحة، وشاع استخدامها في المدن و مراکز التجارة و الأعمال إلی جانب اللغة المراتهیة واللغات الدرافیدیة مثل التامیلیة والتیلیغویة. وقد بدأ عصر تطور و تکامل هذه اللغة بشکل لغة للشعر والنثر خلال عهد البهمنیین (ظ: شیراني، 1/ 301-302). وبرغم أن الفارسیة کانت لغة العلم والأدب ولغة البلاط والدیوان في هذه المنطقة أیضاً کما هو الحال في دلهي وأکرا، فإن السلاطین البهمنیة و من ثم القطب شاهیة کانوا یسعون إلی نشر وترسیخ هذه اللغة التي کانت قد عرفت بالدکنیة (ظ: مسعود حسین، 19)، وکان محمد قلي قطبشاه (حکـ 988-1020هـ) نفسه ینظم الشعر بهذه اللغة (ظ: شیراني، ن.ص). وأول کتاب ألف بالنثر الأردي هو معراج العاشقین لمحمد گیسودراز، المعروف بخواجه بندهنواز (تـ 825هـ) (ظ: یوسف حسین، 90). وقد أدی قرب لغة هذا الکتار من اللغة الأردیة في الفترات اللاحقة إلی أن یُشکک في صحة نسبته (ظ: سیدیونس، 1/ 127)، إلا أنوجود مخطوطة له دونت في 911هـ/ 1505م یدعم قدمه (ظ: مسعود حسین،20). وخلال شیخوخته قدم محمد گیسودراز من دلهي إلی الدکن، و بطبیعة الحال، فإنه ینبغي أن تکون لغة کتاباته قریبة من الأردیة المتداولة في دلهي والتي أصبحت منذ القرن 12هـ/ 18م و ماتلاه لغة شعر و أدب مسلمي شبه القارة. و مع أن ظهور هذه اللغة الجدیدة کان في المناطق الشمالیة من الهند، خاصة دلهي، و کانت أول النماذج البدائیة بشکلیها الشعري والنثري أیضاً في هذه المنطقة، لکن – و کما أشیر فیما مضی – فإن آدابها الخاصة بها و الواسعة في الشعر و النثر تبلورت في الدکن. و فضلاً عن القصائد الدینیة و الصوفیة وقصص الحب المنظومة، فقد دُونت بالنثر مؤلفات في الموضوعات العلمیة مثل الفلک والموسیقی و تُرجمت بعض کتب الهنود من السنسکریتیة إلی هذه اللغة (ظ: م.ن، 20-26؛ یوسف حسین، 91-92). وکان من خصائص اللغة الأردیة الدکنیة میلها نحو استخدام الألفاظ و التعابیر الهندیة و الاستفادة من المضامین و الموضعات المحلیة في الشعر و النثر. و قد دعا إبراهیم عادلشاه الثاني (حکـ 988-1035هـ) الأدباء و الشعراء الکجراتیین إلی بیجاپور و جعل اللغة الدکنیة، اللغة الرسمیة في البلاط و دوائر الدولة بدلاً من الفارسیة (م.ن، 92؛ أحمد، 248).
وفي الشمال و علی عهد حکم البابریین، کانت لغة البلاط و الدیوان الرسمیة هي الفارسیة و کان الشعراء و الکتّاب و المؤلفون یکتبون بهذه اللغة، لکن اللغة المتداولة في أوساط الهندوس و المسلمین کانت اللغة «الهندوسیة»، أو «الدهلویة» التي کانت قد راجت في أوساط المسلمین منذ القرنین 7 و 8 هـ کما أسلفنا، و کانت تشاهد أیضاً بشکلها المکتوب في الأقوال المدونة و الأناشید الصوفیة (ظ: شیراني، 1/ 136-150؛ یوسف حسین، 86-90). وفي الفترات اللاحقة حین ازداد امتزاج هذه اللغة بالفارسیة کان یطلق علیها أحیاناً اسم «ریخته» أیضاً. واستناداً إلی مؤلف معجم بهار عجم فإن کل کلام خلیط من لغتین یسمی ریخته. ویری آزاد الدهلوي أن «ریخته» هي اللغة المرکبة من ألفاظ عدة لغات (ظ: ص 27-30)، لکن یبدو أن هذا اللفظ کان في الأصل من مصطلحات الموسیقی الهندیة وکان یطلق علی النغمات التي ترکب من ألحان هندیة وإیرانیة، أو الأناشید و الأغاني المکونة من أشعار و کلمات فارسیة (شیراني، 1/ 103-104). وفیما أعقب ذلک، کان کل شعر تستخدم فیه الألفاظ الهندیة و الفارسیة معاً، یدعی بهذا الاسم. وأخیراً و في القرن 12 هـ أصبح نریخته» اسم اللغة التي تدعی الیوم بالأأردیة (م.ن، 1/ 108-109)؛ لکن إطلاق اسم الأردیة علی هذه اللغة کان قد سبق ذلک.
وإن «أُردو» (أوردا، أورده، أُرده)، کلمة ترکیة تعني المعسکر ومستلزماته و ملحقاته. و علی عهد حکم البابریین کان یطلق علی مقر إقامة السلاطین و سرادقهم و المنشآت الخاصة به و الجیش و معداته والمخازن والدکاکین و السوق و المسجد و الحمام، مما یحیط بهذه المجموعة، اسم أردو. وفي المراسلات و الکتب الرسمیة کانت تستخدم أحیاناً تعابیر مثل «أردوي همایون» و «أردوي ظفر قرین» و «أردوي معلّا»، وإن اللغة التي کانت قد ظهرت من اختلاط الأشخاص والمجامیع المختلفة من الناطقین بالفارسیة والأتراک و الهنود في هذه المجموعة – و خاصة في الأسواق ومایحیط بها – عرفت في القرن 11هـ/ 17م علی عهد السلطانین شاه جهان و أورنک زیب بلغة «أردوي معلّا» و لغة «الأردو» (آزاد، 26-27؛ شیراني، 1/ 134-144؛ أحمد، 244).
وخلال هذه الفترة و بسبب رواج اللغة الفارسیة و آدابها و الأهمیة التي کانت قد حظیا بها في جمیع شؤون الحیاة الثقافیة لسکان الهند (الهندوس و المسلمین)، کانت اللغة الأردیة تزداد اقتراباً من اللغة الفارسیة و امتزاجاً بها من حیث المفردات و کذلک من حیث أسالیب البیان و التعبیر. وقد أدت حملة أورنک زیب علی الدکن وضمها إلی المناطق الخاضعة لحکمه، إلی أن تتأثر الأردیة الدکنیة هي الأخری بتلک الأوضاع و تتقلص المسافة بین اللهجتین الشمالیة و الجنوبیة لهذه اللغة إلی أأنی حد. ویتضح هذا التأثیر في الأشعار الغزلیة لاثنین من شعراء الدکن المعروفین في هذه الفترة، وهما شمسالدین ولي (1079-1159هـ) الذي یعد أبا الشعر الأردي، و معاصره سراجالدین علي خان آرزو (ظ: یوسف حسین، 98-96؛ أحمد، 251).
ومن جهة أخری ففي الأردیة الدهلویة أیضاً وبأسلوب الکتّاب الدکنیین بدأت و راجت کتابة النثر و تألیف الکتب في الموضوعات الدینیة و الأدبیة و الصوفیة، و بظهور شعراء مثل بیدل و حاتم و سودا ودرد، وضعت أسس الشعر الأردي بشکل تیار واسع و دائم. وأحد أوائل نماذج النثر الأردي في هذه الفتر، هو الترجمة الأردیة لروضة الشهداء للکاشفي تحت عنوان کریل کتها (قصة کربلاء) التي أنجزها فضلي علی عهد السلطان محمدشاه أواسط القرن 12 هـ وقد أدی کساد الشعر و الأدب الفارسیین علی عهد أورنک زیب و ماتلاه، إلی تطور الأردیة و ازدهارها وانتشارها في جمیع المناطق الوسطی والشمالیة من الهند. وعندما استولی الإنجلیز علی المناطق الشرقیة والشمالیة من الهند، اضطروا إلی جعل هذه اللغة – التي کانت لغة الحوار في قسم کبیر جداً من هذه البلاد المترامیة الأطراف في أوساط شتی الطبقات والفرق، وکانت لها أیضاً قابلیة الاستخدام في الشؤون الرسمیة والدیوانیة والتي قد أخذت من الفارسیة جمیع المصطلحات الضروریة لمثل هذه الأغراض والشؤون – اللغة الرسمیة في المعاملات العامة، وسعوا إلی دعمها و ترسیخها. وفي 1215هـ/ 1800م و بتأسیس کلیة فورت ولیم في کلکتا لتخریج موظفي شرکة الهند الشرقیة و اتیار مجموعة أساتذة لتدریس اللغة الأردیة، بدأ تعلیم هذه اللغة و تدریسها بشکل منهجي، وألفت باللغة الأردیة عدة کتب في مختلف المجالات التاریخیة و الأدبیة، وتمت ترجمة عدد من آثار الکتّاب الإیرانیین و الهنود من الفارسیة إلی هذه اللغة (ظ: غورکر، 13-15).
عزيزي المستخدم ، يرجى التسجيل لنشر التعليقات.
مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع
هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر
تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول
استبدال الرمز
الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:
هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول
الضغط علی زر التسجیل یفسر بأنک تقبل جمیع الضوابط و القوانین المختصة بموقع الویب
enterverifycode