الأنفال
cgietitle
1442/4/14 ۰۸:۴۷:۵۱
https://cgie.org.ir/ar/article/262677/الأنفال
1446/9/3 ۰۰:۳۰:۱۷
نشرت
9
اَلْأَنْفال، اسم للسورة الثامنة من سور القرآن الكريم حسب تسلسل التلاوة، والثامنة والثمانین حسب تسلسل النزول. والأنفال سورة مدنیة ذات 75 آية و095,1 كلمة و080‚5 حرفاً وقد كان افتتاحها بعد افتتاح سورة البقرة (راميار، 584؛ قطب، 3 / 1431). وتعتبر بعض الروايات الآيات 30 حتى 36 من السورة مكية (الطبرسي، 2 / 794؛ أيضاً راميار، ن.ص)، ولكن الطباطبائي يرى أن هذا الرأي يتعارض مع سياق الآيات (3 / 76؛ عن مرتبة السورة في الروایات المختلفة الخاصة بتسلسل النزول، ظ: ابن الندیم، 28- 29). وقد دفع عدم وجود البسملة في بداية سورة التوبة التي تأتي بعد سورة الأنفال، البعض إلي أن يعتبر هاتين السورتين سورة واحدة (مثلاً ظ: العیاشي، 2 / 73). ورأی آخرون أنّ توالي هاتین السورتین هو نتیجة اجتهاد عثمان، معتبرین ذلك أمراً توقيفياً. وقد اعتبروا سورة يونس التي تأتي بعد التوبة في التسلسل الحالي للمصحف، السورة السابعة من «السور الطوال»، وعدوا الأنفال من «المثاني» و البراءة من «المئين» (السیوطي، تناسق ... ، 55). وعلی أيّ حال، اشتهرت السورتان معاً بـ «القرینتین» (رامیار، 597).أخذ اسم السورة من كلمة «الأنفال» في الآية الأولى ومصداقها الأول الغنائم التي غنمها المسلمون في معركة بدر (الزمخشري، 2 / 194؛ الطبرسي، 2 / 795؛ الطباطبائي، 3 / 14).يبلغ تركيز السورة على غزوة بدر الکبری درجة من الأهمیة، بحيث أن ابن عباس سماها سورة «بدر» (السیوطي، الدر ... ، 3 / 158). من الطبيعي أن واقعة مهمة مثل غزوة بدر التي هي الجهاد الأول للمسلمين، تستحق التبیین، كما أن تساؤل المسلمين حول الأنفال ماهو إلاتبیین، هذه الغزوة والکشف عن الحقائق التـي تضمنتها (عن ارتباط نزولها بمعرکة بـدر، مثلاً ظ: الواقدي، 1 / 131؛ الواحدي، 155).يفتح بيان هذه الحقائق آفاقاً معرفیة جدیدة أمام مخاطبي القرآن، ویحوّل معركة بدر إلى دافع للنمو والتكامل المعنوي والهداية من جهة؛ و یمهد الطریق من جهة أخرى لمعرفة الجو السائد في المجتمع الإسلامي بعد المعركة وتقسيم الغنائم وکذلک وجوه التمییز بین هذه الغزوة والغزوات الأخری فهي تزيل الطابع المادي عنها من خلال بيان مالكية الله سبحانه وتعالی والرسول للأنفال ووجوب إنفاقها وأخذ الفقراء والمحتاجين بنظر الاعتبار (الآيتان 1، 41) وتزيل قبائح الحرص والطمع عبر دعوة المسلمين إلى الامتثال للأحكام الإلٰهیة والوصول إلى حقيقة الإيمان (الآیتان 1،2).ويتجلى هذا الغرض من سیـاق الآيات ــ في 42 آيـة ــ التي تخاطب المسلمين في الغالب وتبدو وكأنها حلقة دراسية يجري فيها التعليم. وتترابط هذه السلسلة من التعاليم عبر أوامر مثل «أَطيعوا» (الآيات 1، 20، 46)، «اعلَموا» (الآيات 24، 25، 28، 40، 41)، «اتَّقوا» (الآيات 1، 25، 69) و«اذكروا» (الآيتان 26، 45). وإن المواساة وتطييب النفس للنبي (ص) من خلال خطاب «يأ أیها النبي» (الآيات 64، 65، 70) والمسلمين بخطاب «یا أيها الذين آمنوا» (الآيات 15، 20، 24، 27، 29، 45) من شأنه أن يرفع معنويات المسلمين، بحيث یدفع من حركتهم باتجاه الآفاق الأسمي (قطب، 3 / 1472).والمحور الموضوعي للسورة هو «التوحيد الأفعالي» حيث يتجلى بوضوح في الآية 17 أكثر من المحاور الأخرى والمراد منه سلب أي نوع من الاستقلال من الإنسان و دفعه إلى التسليم المطلق للأمر الإلٰهي (البقاعي، 8 / 214) وإیجاد الاعتقاد بأنّ واجب الإنسان الطاعة والتسليم وأنه لاسبيل له سوى الرضی بالأوامر والأحكام الإلٰهية وأوامر النبي (ص)، ذلك لأن كل شئ ملك لله سبحانه وتعالی وجميع الصلاحيات له. و بالطبع فإن الشيء الذي يؤدي إلى هذه الطاعة والتسليم، هو تحقق حقيقة الإيمان الذي ذكرت أماراته في الآیتین 2و3 مقروناً بالتأكيد من خلال عبارة «أولئك هم المؤمنون حقاً» (الآية 14) والأهم من ذلك التقوى التي هي الدافع إلى الطاعة وبل إنها تخلق الوعي وتشحذ قوة الإدارک وتهب «الفرقان» (الآية 29). ومن خلال «الفرقان» يحصل التمييز بين الحق والباطل و الخير والشر؛ وعلى هذا، فإن الإنسان معترض للحكم ما لم يصل إلى حقيقة الإيمان وعندما يصبح مؤمناً حقيقياً فإنه يسلّم نفسه لأمر الله سبحانه وتعالی (الآية 1)، ولكنه لايعرف صلاح أمره، وعندما يصبح متقياً فإنه يبلغ درجة التسليم، كما أنه يحيط علماً بصلاح أمره. و على هذا فإن السورة تهدف بنوع ما إلی ترقیة رشد المسلمین وهدايتهم إلى حقيقة الإيمان ومنها إلى التقوى.يتمثل مسار هذه التوعية في أنها تعمد إلى التذكير بقضايا مشابهة فیما یثیر تساؤل المسلمين بسبب عدم معرفتهم بالخير الكائن في الأحكام الإلٰهية ومصالح أوامره، وهذه القضايا لم يكن المسلمون يحتملونها في البدء ثم انكشفت لهم المصلحة والخير في تلك الأمور، وعلى سبيل المثال فإنهم لم يكونوا يشعرون بالرضى في الخروج من المدينة، في حين أن نتيجته كانت الفتح والانتصار وبالتالي فإنهم شعروا بالرضى منه (الآية 5). ثم، تذكرهم بالمواضع التي نصرهم فيها الله سبحانه وتعالی وأن الله لم يخذلهم أبداً، وأنه أنجز وعده، وكان معهم في جمیع الأحوال مثل إمدادهم بالملائكة والاستجابة لاستغاثة المسلمين (الآية 9)؛ ونزول المطر علیهم لیطهرهم به ویذهب عنهم رجز الشيطان ولیربط علی قلوبهم ویثبت به أقدامهم (الآية 11)؛ ویبلغ ذکر إمداد الله للمسلمین ذروته في الآية 24.ويبدو سياق الآيات و كأنه يخاطب المسلمين قائلاً: بعد أن رأيتم حضور الله سبحانه وتعالی وآمنتم بتحقق وعده وأدركتم مصالح النبي (ص) وأوامره وقراراته، فإن عليكم أن تخضعوا لما سيحدث بعد ذلك و ترضوا لرضاه.وبعد حصول هذه المعرفة، سيكون العمل بمقتضاه واجباً على المسلمين؛ والأوامر التي ورد التأكيد عليها في جميع آیات السورة، أو التي أُمر النبي (ص) بإبلاغها، أو القيام بها، هي من قبيل: الثبات في مقابل الكفار عند الحرب (الآيات 15، 16، 45)، عدم خيانة الله والرسول (الآية 27)، مقاتلة الكفار حتى القضاء على الفتنة (الآية 39)، التحذير من النزاع الذي لانتيجة له سوى الضعف و الفشل (الآية 46)، إخلاص النية وأخذ رضا الله بنظر الاعتبار (الآية 47)، حث المؤمنين على القتال (الآية 65) و قبول الأحكام الإلٰهية بشأن الأنفال (الآية 1)، والغنائم (الآية 41) والأسرى (الآية 67).ويجب اعتبار عدم إدراك هذه المعرفة وعدم العمل بمقتضاها تحولاً إلى «شر الدواب عند الله الصم البکم الذين لايعقلون» (الآية 22، 23) وهم أنفسهم الذين یکفرون ولايؤمنون بسبب هذا الجهل (الأية 55) وهم لايرون الآيات الإلٰهية الواضحة. وهناك في مقابلهم فئة تؤمن به وتهاجر وتجاهد في سبيله (الآية 74)، وهم المؤمنون حقاً الذين استطاعوا أن يقطفوا ثمار هذه المعرفة بالتعقل والإيمان والعمل الصالح ويتسابقوا في مضمار التكامل والنمو وهم الذين يطيعون الأوامر الإلٰهية ویمتثلون لها؛ وعلى هذا فإن لهم مكانة رفيعة عند ربهم ولهم مغفرة ورزق واسع (الآية 4)؛ وهكذا تصل فاتحة السورة بخاتمتها.
ابن الندیم، الفهرست؛ البقاعي، إبراهیم، نظم الدرر، حیدرآباد الدکن، 1394ه / 1974م؛ رامیار، محمود،تاریخ قرآن کریم، طهران، 1362ش؛ الزمخشري، محمود، الکشاف، القاهرة، 1366ه / 1947م؛ السیوطي، تناسق، تق : عبد الله محمد درویش، سوریة، 1404ه / 1983م؛ م.ن، الدر المنثور، القاهرة، 1314ه ؛ الطباطبائي، محمد حسین، المیزان، بیروت، 1393ه / 1973م؛ الطبرسي، الفضل، مجمع البیان، بیروت، 1408ه / 1988م؛ العیاشي، محمد، تفسیر، قم، 1380-1381ه ؛ القرآن الکریم؛ قطب، سید، في ظلال القرآن، القاهرة، 1395ه / 1975م؛ الواحدي، علي، أسباب النزول، بیروت، دار الکتب العلمیة؛ الواقدي، محمد، المغازي، تق : مارسدن جونز، لندن، 1966م.
مهدي مطیع / خ.
عزيزي المستخدم ، يرجى التسجيل لنشر التعليقات.
مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع
هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر
تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول
استبدال الرمز
الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:
هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول
الضغط علی زر التسجیل یفسر بأنک تقبل جمیع الضوابط و القوانین المختصة بموقع الویب
enterverifycode