الانصار
cgietitle
1442/4/13 ۱۳:۴۹:۲۹
https://cgie.org.ir/ar/article/262664/الانصار
1446/9/3 ۰۰:۳۱:۲۱
نشرت
9
اَلأَنْصار، أو أنصار النبي (ص) مصطلح أطلق علی جماعة من أهل المدينة من قبليتي الأوس والخزرج (ن.ع) الذين آمنوا بالنبي (ص) قبل الهجرة ووقفوا إلی جانبه بعدها مؤازرین له وللمهاجرین من مکة.كلمة الأنصار جمع نصير وناصر من مادة «نَصَرَ» واستعملت أولاً بمعناها اللغوي ثم أطلقت کمصطلح علی مسلمي المدينة من الأوس والخزرج ولانعلم بالضبط تاريخ إطلاق هذا اللقب علیهم إلی أنه استعمل لأول مرة في القرآن الكريم (أیضاً ظ: البخاري، 4 / 221) مصحوباً في آيتين بمصطلح المهاجرین: «والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار ... » (التوبة / 9 / 100) و«لقد تاب اللّه علی النبي والمهاجرین والأنصار ... » (التوبة / 9 / 117). وتصرح رواية ابن الأثير (1 / 655) بأن النبي (ص) نفسه هو الذي لقبهم بهذا اللقب. ولقد أطلق لفظ الأنصار في الآية 14 من سورة الصف (61) على أصحاب عيسى بن مريم (ع).کان اول من اعتنق الإسلام من الأوس والخزرج سوید بن صامت الذي قتل في غزوة بٌعاث علی أیدي رهط الخزرج وذلک بعد عودته إلی یثرب. ثم أسلم من الأنصار إیاس بن معاذ وفي حوالي سنة 10 من البعثة / 619 خرج 6 رجال من الخزرج من یثرب والتقوا الرسول الأعظم (ص) في موسم الحج واعتنقوا الإسلام (ابن هشام، 2 / 292-293؛ ابن الأثیر، 2 / 94-96). وفي العام المقبل وافی الموسم 12 شخصاً من الأنصار ووفدوا علی النبي (ص) وبایعوه فیما عرف ببیعة العقبة الأولی وواعدوه علی ترک المعاصي والنهب والزنی وقتل الأولاد والإفتراء. ثم أرسل الرسول (ص) معهم مصعب بن عمیر إلی یثرب، لنشر الإسلام (البلاذري، الانساب، 1 / 239؛ ابن الأثیر، 2 / 96- 98). وبعد ذلک أخذ عدد المسلمین فیها في الازدیاد واعتنق الإسلام رئیس الأوس، سعد بن معاذ، وفي السنة التالیة انطلق 73 شخصاً من الأوس والخزرج نحو مکة المکرمة وافدین علی الرسول الأعظم (ص) وبایعوه في العقبة الثانیة وتعاقـدوا علـی شدّ أزر النبـي (ص) (ابن هشـام، 2 / 302-303؛ ابن عبد البر، 76-79). وأخیراً ألفی رسول الله (ص) الظروف مواتیة فهاجـر إلـی یثرب، حیـث استقبلـه أهالیهـا بکل حفـاوة وترحیـب (ابن هشام، 2 / 333-334؛ الطبري، تاریخ، 2 / 368-383). دخل النبي (ص) إلی یثرب وبدخوله فیها اعتنق الإسلام أکثر القبائل وسکان المدینة وبایعوه ومن ثم سمیت یثرب مدینة النبي (ص). ومنذ ذلک الحین تقسّم المسلمون في المدینة إلی قسمین متمایزین: المهاجرین وهم المسلمون الذین هاجاروا من مکة المکرمة إلی المدینة المنورة والأنصار وهم الذین استقبلوا الرسول الأعظم (ص) وأصحابه في المدینة. ولم یلبث حتی برم النبي (ص) عقد الأخوة بین المهاجرین والأنصار وواعده الأنصار علی أن یحکموا بینهم وبین المهاجرین بالعدل والأخوة والمساواة وأن یتآزروا في جمیع الأحوال (ابن هشام، 2 / 351-353؛ أیضاً ظ؛ البخاري، 2 / 222-223). تزامناً مع هجرة النبي (ص) إلی المدینة ونشر الإسلام فیها وتکوین المجتمع الإسلامي إنکمشت الخلافات الجذریة بین الأوس والخزرج.لقد مثلّ الأنصار دوراً کبیراً في المجتمع الإسلامي والتطورات التي طرأت علیه في الأعوام العشرة بعد الهجرة النبویة. وبما أنهم کانوا أکثر عدداً من المهاجرین فکانت مساهمتهم في الغزوات أکثر ملحوظاً منهم (ظ: ابن هشام، 3 / 635- 639؛ خلیفة، 1 / 32- 38، 52، 63). ولذلک أظهر رسول الله (ص) رضاه مراراً عن الأنصار. وقد وردت أحادیثه بشأنهم في المسانید والمجامیع في أبواب تحمل عنوان مناقب الأنصار (البخاري، 4 / 221 ومابعدها؛ سلم، 1 / 85-86، 2 / 1948-1952؛ ابن ماجه، 57- 58؛ الترمذي، 5 / 712-717). وخیر دلیل علی منزلة الأنصار السامیة لدی رسول الله (ص) هو أنه وبعد انتصار المسلمین في غزوة حنین سنة 9ه عندما وزّع الغنائم کلها علی قریش والقبائل الأخری دون الأنصار فأبدی نفر من الأنصار استغرابهم بهذا الشأن إلا أن رسول الله (ص) ذکّرهم بصراحة أنّ حضوره بینهم هو الأسمی، فأعرب الأنصار عن سعادتهم ورضاهم ودعا لهم النبي (ص) (ابن هشام، 4 / 933-935؛ البخاري، 4 / 221؛ مسلم، 1 / 733-734). ثمة روایة تشیر إلی أن رسـول الله (ص) جعل بني هاشـم والأنصار فـي فئـة متعاقدة (ابو الفرج، 4 / 76) وذلک یدل علی علاقة ودّیة عمیقة بینه وبین الأنصار. وقد وردت أحادیث یدعو فیها رسول الله (ص) الأنصار إلی تحمل مصائب الدهر (أحمد بن حنبل، 4 / 292). منذ عصر الرسول الأعظم (ص) فصاعدا أخذت کل فئة من الأنصار والمهاجرین تتمسک بمفاخرها ومآثرها (الجاحظ، 2 / 219). کما تحول کل منهما إلی تیارین مختلفین ومتنافسین تاریخیاً وسیاسیاً وخاصة بعد وفاة رسول الله. قد تمثل التنافس بینهما في قضیة السقیفة إذ إجتمع الأنصار فیها قبل غیرهم ورشحوا للخلافة سعد بن عبادة الأنصاری الذي کان من أصحاب النبي (ص) ورئیساً للخزرج إلا أن بعض المهاجرین أعلنوا معارضتهم قائلین بأن الخلافة والرئاسة لهم. وأخذ کل منهما في السقیفة یذکر مناقبه وخدماته وتقربه إلی الرسول (ص) لیثبت أحقیقته في الخلافة. ولما أخفقت آمال الأنصار في السیطرة علی السلطة دون غیرهم عرضـوا علی المهاجرین تقسیم السلطة بینهما. إلا أن هذا الـرأی لم یحظ بالتوفیـق. ولما رأی سعـد بن عبـادة تغلب المهاجریـن لم یخضع لهم وهددهم بالحرب. رغم ذلک فبادر الأنصار بمبایعة أبي بکر (ابن سعد، 3(1) / 136، 151؛ أحمد بن حنبل، 1 / 55-56؛ أیضاً ظ: المسعودي، 2 / 223-224). وأخیراً قام الأنصار بشد أزر الخلیفة للحیلولة دون تفرق الأمة (المقدسي، 5 / 156-157). ولما عزم الخلیفة أبو بکر علی أداء الحج في 12ه سلّم شؤون المدینة إلی قتادة بن نعمان الأنصاري (خلیفة، 1 / 108). واستمر دعم الأنصار من الخلافة في عهد عمر بن الخطاب وحیث شارک الأنصار في الفتوحات الإسلامیة (المقدسي، 5 / 169) وکان الخلیفة قد یراعي جانب الأنصار ویستشیرهم في الأمور کما استشارهم في تحدید مبدأ تاریخ الإسلام (خلیفة، 1 / 8؛ أیضاً ظ: المقدسي، 5 / 180). وکذلک أمر بإشرافهم علی إختیار الخلیفة بعده، بید أنه لم یختر أحداً من الأنصار للمشارکة في الشوری (م.ن، 5 / 190-191). وجاء في روایة أن الأنصار تطوعوا للدفاع عن عثمان بعد محاصرة بیته إلا أنهم واجهوا مخالفة الخلیفة (خلیفة، 1 / 187).وظل الأنصار یدعمون أمیر المؤمنین علی (ع) في عهد خلافته جادین متحمسین. ولعبوا دوراً هاماً في معظم الأحداث السیاسیة والعسکریة. کما کتب الإمام علی (ع) في رسالة إلی معاویة أنّ المهاجرین والأنصار کانوا في مبایعتهم متفقین في الرأي (الطبري، تاریخ، 4 / 561). وشارک في معرکة صفین شخصیات بارزة من الأنصار أمثال براء بن عازب وعبد الرحمن بن أبي لیلی وخزیمة بن ثابت وزید بن الأرقم وأثار هذا الأمر غضـب معاویة فأخـذ یعاتب الأنصـار (ابن سعـد، 6 / 33؛ أیضـاً ظ: الأمیني 2 / 79-82). کان علی (ع) یدعم الأنصار دوماً اتباعاً للرسول الأعظم (ص) وشهدت جماعة منهم علی صحة حدیث الولایة ووقعة الغدیر (القلقشندي، 1 / 202؛ الأمیني، 1 / 184-185). ولکن بات التنافس بین الأنصار والمهاجرین المعروفین بالمکیین یستمر، حیث کان المهاجرون یعتبرون أنفسهم أقرباء النبي (ص) ومن أوائل المسلمین ویفاخرون الأنصار ویسمونهم الیثربیین (علي، 1 / 484). کما کان الأنصار یفتخرون بکونهم یمانیین قحطانیین فضلاً عن مفاخرهم في العصر الإسلامي (م.ن، 1 / 503-505). وتمثل هذا التفاخر في أشعار شعراء الأنصار منهم حسان بن ثابت الأنصاري شاعر النبي (ص) المعروف الذي نظم کثیراً من القصائد ذاکراً فیها مناقب الأنصار ومثالب المکیین (ابن هشام، 4 / 63 ومابعدها؛ ابن کثیر، 2 / 454؛ علی، 1 / 384، 483). وفي المقابل کان المکیون یفضلون أنفسهم علی الأنصار بسبب التفوق السیاسي والسلطة الاجتماعیة. کما أن الخلیفة عمر بن الخطاب کان یتخذ من الفضائل العائلیة والسبق في الإسلام أساساً لتعیین المخصصات للمسلمین من بیت المال ویفضل المهاجرین علی الأنصار (ابن سعد، 3(1) / 213، 226) وبالنسبة إلی الأنصار قرر حصة أکبر لقبیلة الأوس التي کانت قد أحرزت قصب السبق من الخزرج في مبایعة أبي بکر (البلاذري، فتوح، 437).وکذلک فضّل الخلیفة المهاجرین علی الأنصار حسب قرائته الخاصة للآیة 100 من سورة التوبة (9) مما أثار اعتراض أبي بن کعب الأنصاري المقرئ المعروف کما استند إلی آیات أخری من القرآن (الجمعة / 62 / 3؛ الحشر / 59 / 10؛ الأنفال / 8 / 75) لإثبات المساواة بین الأنصار والمهاجرین وذکر فضائلهم (ابن شبه، 1 / 707؛ الطبري، تفسیر، 11 / 7؛ أبو الفتوح، 6 / 94-95). وقیل إنّ عدداً من کبار القراء وأکثرهم من الأنصار عرضوا علی الخلیفة عمر أن یجمعوا القرآن الکریم إلا أنه لم یخضع لهم (ابن شبه، 1 / 706).وقد اشتدّ طعن الأنصار في أیام معاویة ولما اقتحم الحجاز بسر ابن أبي أرطاة العامري قائد الجیش الأموي فإنه ازدری بالأنصار ولقبهّم في خطاب له «أبناء العبید» و«معشر الیهود» (ابن أبي الحدید، 2 / 9-10).ولقد بلغت عداوة معاویة لهم منتهاها عندما قررّ القضاء علی لقب الأنصار رسمیاً وبتدبیر من عمرو بن العاص إلا أنه أخفق في ذلک (ابو الفرج، 14 / 125، 127- 128). وحذا یزید حذو أبیه معاویـة، حیث أمر الشاعر کعب بـن جعیل بأن یهجو الأنصـار (ابن قتیبة، 152). وفي سنة 63ه أیام خلافة یزید لقي عدد کبیر من أهالي المدینة مصرعهم في مابینهم 173 شخصاً من الأنصار (خلیفة، 1 / 313-314). ولما بلغه خبر انتصار جیوش الشام أخذ یزید یتردد أبیاتاً لإبن الزبعري کان قد نظمها یوم الأحد، وکأنّ الخلیفة بذلک انتقم من الخزرجیین ثأراً لقتلی البدر (البلاذري، الأنساب، 4(2) / 42؛ الدینوري، 267).لقد زعزت هذه الأحداث والوقائع ومنها قمع ثورة ابن الزبیر قـوة الأنصار وبأسهم وعلـی أثرها انطلق الکثیـر منهم إلـی میادیـن الحرب في شمـال افریقیا والاندلس متفرقیـن أیدي سبا (حتي، 251).
ابن أبي الحدید، عبد الحمید، شرح نهج البلاغة، تق : محمد أبو الفضل إبراهیم، القاهرة، 1378ه / 1959م؛ ابن الأثیر، الکامل؛ ابن سعد، محمد، کتاب الطبقات الکبیر، تق : زاخاو وآخرون، لیدن، 1330ه ؛ ابن شبه، عمر، تاریخ المدینة المنورة، تق : محمد فهیم شلتوت، قم، دار الفکر؛ ابن عبد البر، یوسف، الدرر في اختصار المغازي والسیر، تق : شوقي ضیف، القاهرة، 1386ه / 1966م؛ ابن قتیبة، عبد الله، الشعر والشعراء، بیروت، 1404ه / 1986م؛ ابن کثیر، السیرة النبـویة، تق : مصطفـی عبـد الواحد، بیروت، 1386ه / 1966م؛ ابن ماجـة، محمد، سنن، تق : محمد فـؤاد عبـد الباقي، القاهرة، 1954م؛ ابن هشام، عبد الملک، السیرة النبویة، تق : محمد محي الدین عبد الحمید، القاهرة، 1391ه / 1971م؛ أبو الفتوح الرازي، روح الجنان، تق : أبو الحسن الشعراني، طهران، 1384ه ؛ أبو الفرج الإصفهاني، الأغانـي، بـولاق، 1970م؛ أحمـد بـن حنبل، مسنـد، القاهـرة، 1313ه ؛ الأمینـي، عبد الحسین، الغدیر، بیروت، 1403ه / 1983م؛ البخاري، محمد، صحیح، إستانبول، 1402ه / 1982م؛ البلاذري، أحمد، أنساب الأشراف، ج 1، تق : محمد حمید الله، القاهرة، 1959م؛ ج 4(2)، تق : ماکس شلونسغر، بیت المقدس، 1938م؛ م.ن، فتوح البلدان، تق : دخویة، 1965م؛ الترمذي، محمد، سنن، تق : إبراهیم عطوه عوض، إستانبول، 1401ه / 1981م؛ الجاحظ، عمرو، البیـان والتبیین، تق : حسن السندوبـي، القاهرة، 1351ه / 1931م؛ حتی، فیلیب، تاریخ عرب، تج : أبو القاسم پاینده، طهران، 1366ش؛ خلیفة بن الخیاط، تاریـخ، تق : سهیـل زکـار، دمشـق، 1967م؛ الدینـوري، أحمـد، الأخبـار الطوال، تق : عبد المنعم عامر، القاهرة، 1960م؛ الطبري، تاریخ؛ م.ن، تفسیر؛ علي، جواد، المفصل في تاریخ العرب قبل الإسلام، بیروت / بغداد، 1976م؛ القرآن الکریم؛ القلقشندي، أحمد، صبح الأعشي، القاهرة، 1383ه / 1963م؛ المسعودي، علي، مروج الذهب، بیروت، 1385ه / 1966م؛ مسلـم بـن الحجاج، صحیح، تق : محمـد فؤاد عبد الباقـي، إستانبول، 1401ه / 1981م؛ المقدسي، المطهر، البدء والتاریخ، تق : کلمان هوار، باریس، 1899م.
حسن یوسفي أشکوري / ف.
عزيزي المستخدم ، يرجى التسجيل لنشر التعليقات.
مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع
هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر
تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول
استبدال الرمز
الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:
هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول
الضغط علی زر التسجیل یفسر بأنک تقبل جمیع الضوابط و القوانین المختصة بموقع الویب
enterverifycode