الامینیه

اَلْأَمينيَّة،   هو عنوان لأربع مدارس في دمشق وبعلبك وبصرى والقدس الشریف، وتستمد عنوانها في الأساس من ألقاب من بنوها كـ «أمين الدين أو أمين الدولة».

أمينية دمشق

 هي أقدم تلك المدارس وقد شيدها أمين  الدين أو أمين الدولة ربيع الإسلام كمشتكين بن عبد الله الطغتكيني (تـ 541ه‍ / 1146م) أحد الأمراء والأتابكة البارزين في البلاط السلجوقي في الشام، حيث كان حاكماً على مدن تلك البلاد، وقد بنى المدرسة عام 514ه‍ / 1120م خصيصاً لتعليم أصحاب المذهب الشافعي في دمشق (ابن شداد،231؛ النعيمي، 1 / 177-179؛ الحصني،3 / 944).
من خلال تاريخ ظهور تلك المدارس في الشام، يتبين لنا أن الأمينية هي أولى تلك المدارس، حيث أنشئت في الشام. وعن كيفية إنشاء المدرسة، قد جاء: أن القاضي ابن موسى محمد بن عبد الله البلامشي الحنفي (تـ 506ه‍ ) قد عزم علی نصب إمام حنفي بالجامع. فامتنع أهل دمشق من الصلاة خلفه وأقاموا الصلاة في دار الخيل، حیث بنیت المدرسة الأمينية هناك (النعيمي،1 / 178). هذا يدفعنا نحو القول بأن الأمينية كانت نقطة الانطلاق في حركة إنشاء مدارس على غرار المدارس النظامية في خراسان والجبال والعراق بعد نحو 6 عقود من إنشاء المدرسة النظامية في بغداد. وكان يتم تمويل تلك المدارس عبر الوقف، كما كان يوجد فيها من يتولى شؤونها ويشرف على الموقوفات، بالإضافة إلى معيدين ومقيمين فيها من الصلحاء والزهاد وكان يتدخل الحكام وكبار السلطة في إدارتها وإقالة مدرسيها ومراقبيها أو تنصيبهم (ابن شداد، ن.ص؛ ابن كثير، 13 / 144؛ النعيمي، 1 / 194؛ ابن قاضي شهبة، 3 / 160، 187- 188).
وقد تم تشييد أمينية دمشق أمام باب الزيادة أحد أبواب الجامع الأموي والمشهور بباب الساعات وكانت تقع إلى جوار المدرسة المجاهدية وقيسارية القواسين والسوق المعروفة بسوق السلاح. وكانت تلك الأماكن كلها تقع في حي قباب الشهير القديم، حيث كان يقع منزل مسلمة بن عبد الملك الأموي فيه أيضاً (النعيمي، 1 / 177-179؛ الحصني، ن.ص). وقد تضررت الأمينية عام 740ه‍ / 1339م بعد ما قام النصارى بحرق دمشق (ابن كثير، 14 /  198). نستخلص من السير الذاتية لبعض أساتذة ومعيدي المدرسة أن الأمينية ظلت تقوم بنشاطها العلمي حتى أواخر القرن 8 ومطلع القرن 9ه‍. وكان يتم تسديد نفقاتها ونفقات معيشـة المدرسيـن والطلاب فيهـا عبـر موقـوفـات المدرسـة (ظ: النعيمي، 1 / 179-201). أما المواد الدراسية التي كان يتناولها الطلاب هناك، فهي عبارة عن أصول الدين وفروعه حسب القراءة الشافعية والقرآن والحديث والتفسير والصرف والنحو واللغة والأدب العربي، فضلاً عن تعليم الخط. ومنذ القرن 10ه‍ / 16م فصاعداً، فلا معلومات عن النشاط التعليمي أو المدرسين والطلاب في المدرسة. وفي القرن الأخير، تم إعمار المدرسة بعد أن كانت منهارة وتحولت إلى كتّاب لتعليم الأطفال وتقع حالياً في السوق التي تشتهر بسوق الحرير في دمشق (الحصني، ن.ص؛ كرد علي، 5 / 76).
وأحد المدرسين الكبار في الأمينية كان جمال الإسلام علي بن مسلـم السلمي الشافعي الدمشقـي المعروف بابن الشهـرزوري (تـ 533ه‍ / 1139م) مفتي الشام في عصره ومفسر وفقيه وعالم في علم الأصول وأستاذ في فن الخط. وكان ابن الشهرزوري أول فقيه شافعي عمل مدرساً في الأمينية. ویخلو من الصحة ما ورد فـي الطبقات الشافعية للأسنوي بـأن: أبـا حامد محمـد الغزالـي (تـ 505ه‍ ) كان يحضر حلقات درس أستاذ في المدرسة كان يكرر عبارة «قال الغزالي» (همائي، 155)، نظراً لتاريخ إنشاء الأمينية في 514ه‍ أي نحـو 10 سنـوات بعـد رحيـل الغزالي (ظ: الأسنـوي، 2 /  428؛ الذهبي، العبر، 2 / 445؛ النعيمي، 1 / 180-181).
وبعد جمال الإسلام، نال نجله أبو بكر محمد (تـ 564ه‍ ) ومن ثـم حفيـده شـرف الدين أبـو الحسـن علي (تـ 602ه‍ ) وهو أحد المتخرجين من الأمينية، مرتبة التدريس في المدرسة (الأسنوي، 2 / 429-430؛ الذهبي، السير... ، 21 / 423-424؛ النعيمي، 1 / 181-182). بالإضافة إلى هؤلاء، فإن کثیراً من كبار العلماء ورجال الدين عملوا مدرسين في تلك المدرسة منهم خطيب الجامع الأموي في دمشق نجم الدين أبو البركات عبد الرحمن بن أبي عصـرون الحارثي الدمشقي (تـ 562ه‍ )، وأحد كبار الفقهاء الشافعيين قطب الديـن أبو المعالـي مسعود بـن محمد النيسابـوري الطـريثيثـي (تـ  578ه‍ ) (النعیمي، 1 / 180، 186-187، وصفحات متعددة؛ ابن کثیر، 13 /  48، 235، 14 / 12، 14؛ الذهبي، ن.م، 22 / 257؛ ابن تغري بردي، المنهل ...، 1 / 337، 338، النجوم، 11 /  108-109؛ الأسنوي، 2 / 13؛ ابن شاکر، 1 / 111). 

الأمینیة في بعلبک  

مدرسة شافعیة أسسها أمین الدین (أمین الدولة) أبو الحسن ابن غزال السامري (ظ: ن.د) من أطباء بلاط الملک الصالح إسماعیل الأیوبي وحاکم بعلبک قبل أن یستوزره الملک الصالح (الذهبي، ن.م؛ ابن کثیر، 13 / 164-165). کان القاضي رفیـع الدین أبـو حامـد الجیلي (تـ 641 أو 642ه‍ ) من أشهر مدرسیها وهو عالم اشتهر في الطب والفلسفة والکلام وعلوم الأوائل. لقد تهدمت المدرسة إثر سیل جارف اقتحم المدینة سنة 717ه‍ / 1317م ومنذ ذلک الحین لاتتوفر لدینا معلـومـات عنها (م.ن، 14 / 84؛ الأسنـوي، 1 / 592-593؛ النعیمـي، 1 /  188، 2 / 282، 285-286). 

الأمینیة في بُصری

 مدرسة حنفیة في مدینة بصری من أعمال دمشق ومن أشهر مشایخها صفي الدین أبو القاسم بن محمد بن عثمان بن محمد التمیمي (تـ 680ه‍ / 1281م) حیث کانت أسرته تتولی شؤون المدرسة ما یقارب 100 عام (ابن کثیر، 13 / 316-317، 14 / 326). 

الأمینیة في بیت المقدس

 تنسب إلی أمین الدین عبد الله في 730ه‍ / 1330م حیث وقفها في عهد الملک ناصر الدین محمد بن قلاوون (693-741ه‍ ‍( من ممالیک مصر والشام لتعلیم المذهب  الشافعي ومن أشهر مشایخها القاضي برهان الدین إبراهیم بن أبي بکر الموصلي الشافعي (تـ 816ه‍ / 1413م) وزین الدین عبد الرحمن ابن محمد القلقشندي الشافعـي (تـ 826ه‍( وظلت المدرسة تقوم بدورها في القدس الشریف حتی أوائل القرن 14ه‍ / 20م (القلقشندي، 12 /  298، 422؛ عبد المهدي، 2 / 44-47). 

المصادر

  ابن تغري بـردي، یوسف، المنهل الصافـي، تق‍ : محمد أمیـن، بیروت، 1984م؛ م.ن، النجوم؛ ابن شاکر الکتبي، محمد، فوات الوفیات، تق‍ : إحسان عباس، بیروت، دار الثقافة؛ ابن شداد، محمد، الأعلاق الخطیرة، تق‍ : سامي الدهان، دمشق، 1375ه‍ / 1956م؛ ابـن قاضي شهبة، أبو بکر، تاریـخ، تق‍ : عدنان درویش، دمشـق، 1977م؛ ابن کثیر، البدایة والنهایة، تق‍ : أبو ملحم وآخرون، بیروت، 1407ه‍ / 1987م؛ الأسنوي، عبد الرحیم، طبقات الشافعیة، تق‍ : عبد الرحمن الجبوري، بغداد، 1390ه‍ /  1970م؛ الحصني، محمد أدیب، منتخب التواریخ لدمشق، دمشق، 1353ه‍ ؛ الذهبي، محمد، سیر أعلام النبلاء، تق‍ : بشار عواد معروف ومحیي هلال السرحان، بیروت، 1405ه‍ / 1985م؛ م.ن، العبر، تق‍ : محمد السعید بن بسیوني زغلول، بیروت، 1405ه‍ /  1985م؛ عبد المهدي، عبد الجلیل حسن، المدارس في بیت المقدس، عمان، 1981م؛ القلقشندي، أحمد، صبح الأعشی، بیروت، 1407ه‍ / 1987م؛ کرد علي، محمد، خطط الشام، دمشق، 1403ه‍ ؛ کسائي، نور الله، مدارس نظامیه وتأثیرات علمي واجتماعي آن، طهران، 1363ش؛ النعیمي، عبد القادر، الدارس في تاریخ المدارس، تق‍ : جعفر الحسني، دمشق، 1367ه‍ /  1948م؛ همائي، جلال الدین، غزالي نامه، طهران، 1342ش.                                          

           نور الله کسائي / غ.