الامالی الادبیه

الأمالي الأدبیة:   منذ أواسط القرن 3ه‍‍ /  9م وما تلاه وبعد أن نشأت علوم القرآن والحديث، وقواعد اللغة وفقه اللغة وازداد نطاقها اتساعاً، وکذلک تم تدوين أشهر كتب الأدب على أیدي أبرز ممثليه أمثال الجاحظ وابن قتيبة والمبرد، ظهر نوع جديد من الأمالي لم يكن يختص بالحديث والفقه فحسب، بل كان شأنه في ذلک شأن بقیة کتب الأدب حیث يضم معظم علوم ذلك العصر، مثل التفسير والحديث والنحو واللغة والشعر والتاريخ، باعتبارها المقومات الأساسية للأدب ولم يكن للأدباء والمثقفين مناص من تعلمها. ويمثل هذا النوع من الأمالي التي لم يصلنا منها سوى عدد قليل، مجموعات مختارة من الروايات الدينية والأدبية المختلفة علی وجه العموم تم تدوینها علی غیر نظام ويمكن اعتبارها امتداداً لكتب الأدب، إذ وقعت الجوانب اللغویة فیها موقع اهتمام أکثر وتقوم على شرح الألفاظ الشاذة وغیر المألوفة وإيضاحها (ظ: ن. د، الأدب).
تعتبر مجالس (= أمالـي) ثـعلب (تـ‍‍‍‍‍ 291ه‍) من أبرز الأمالي الأدبـیة الأولی، حیث تضم بعض الأحداث التاريخية فضلاً عن المباحث النحوية واللغوية والشعرية. وقد أملاها ثعلب على تلامذته في 7 مجالس ورواها کثیر من العلماء منهم ابن الأنباري وأبو عبد الله اليزيدي وابن مقسم وابن درستويه (ابن النديم، 81). وتتّفق غالبية الموضوعات النحوية في الكتاب مع آراء نحاة الكوفة، ذلك لأن ثعلب كان علی رأس مدرسة الكوفة النحوية.
ویمثل کـتاب أمالي اليزيدي (تـ 310 أو 312ه‍ / 922 أو 924م) مقتطفات من أشعار بعض الشعراء العرب منذ العصر الجاهلي حـتى أوائل العصر العباسي یکون معظمها في الرثاء وأما أغراض أخری کالمدیح والهجاء والخـمر، فإنها تحتل المرتبة الثانية من الأهمية. ینقل الیزیدي معظم روایاته عن عمه، أبي جعفر الفضل‌ بن محمد ومحمد بن حبیب ويستعين أحياناً في شرح الأشعار وتبیینها بآيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية ویورد في ثناياها إشارات إلى الأدب والأخلاق (ظ: ص 26، 31، 34، 79، 80، مخ‍ ).
یعتبر کتاب الأمالي للقالي(تـ‍ 356ه‍ / 967م) من أشهر الکتب في نوعها وهو أول کتاب یحمل هذا الإسم صراحة ویتضمن مجموعة ضخمة من شرح آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية والأخبار والطرائف الأدبية ومختارات شعرية والأمثال والحكم مع شروح وإيضاحات لغوية أملاها المؤلف على تلاميذه حفظاً في أيام الخميس من كل أسبوع في جامع قرطبة (1 / 3). ورغم أن الكتاب أملي في الأندلس، إلا أن کل ما یحوي من أخبار وأشعار یمثل آداب المشارقة وهو يشبه كثيراً الكامل للمبرد؛ سوى أن الكامل يتطرق في الغالب إلى النحو والأخبار في حين أن الأمالي يتناول الشعر واللغة غالباً. وقد يستند القالي في شرح المفردات إلى أقوال اللغويين البارزين، خاصة الأصمعي وابن دريد وابن الأنباري، بحيث لانکاد نجد صفحة من الكتاب، إلا وذكر فيها اسم أحد هؤلاء العـلماء (ظ: 1 / 4، 5، 8 ومخ‍‍ ؛ الشـکعة، 362-363). وقد أملی القـالي بعد کـتابه هـذا مـجالس أخرى علی نـفس النسق أطلق علی أحدها اسم ذیل الأمالي وعلی الآخر اسم النوادر وقد طبع کل منهما.
ویعتبر کتاب أمالي الزجاجي (تـ‍ 339ه‍ / 950م) المعروف باسم الأمالي في المشكلات  القرآنية والحكم والأحاديث النبوية من الأمالي الأخری المعروفة في القرن 4ه‍ وخلافاً لما یوحي به عنوانه، فإنه موسوعة أدبية يشتمل على أدب الغرام وخاصة مختارات من أشعار العشاق العرب المعروفين وأخبارهم أمثال عمر‌بن أبي ربيعة والأحوص ونصيب .کما یشمل مناظرات للنحويين واللغويين وقلیلاً من الأحاديث النبوية وأخبار الخلفاء وأقوالاً لمشاهير الأخلاق والأدب. ویصل إسناد روايات الكتاب في الغالب إلى أبي إسحاق الزجاج وابن الأنباري وابن دريد والأخفش (ظ: ص7، 9، 13، مخ‍ ).
یمثـل أمالي الشريـف المرتضـى (تـ 436ه‍ / 1044م) أو غـرر الفرائد ودرر القلائد، مجموعة من شرح بعض الآيات القرآنية وتفسیرها والأحاديث النبوية امتزجت بشواهد كثيرة من الأشعار وحشد من الملاحظات الأخلاقية والتاريخية، وورد في ثناياها أحياناً  ما یشیر إلى بعض المباحث الكلامية المثيرة للجدل، حيث يمكن أن يكون مصدراً غنياً للبحوث الكلامية.
وما یمیّز کتاب الأمالي الشجریة لأبي السعادات هبة الله بن علي، المعروف بابن الشجري (تـ‍ 542ه‍ / 1147م) عن غیره مما ألف سابقاً أن الجوانب الأدبیة فیه أخذ یضیق نطاقها وركز المؤلف اهتمامه على علم النحو معرضاً عن التاريخ والأخبار والأخلاق وغیرها من العلوم. ولذلك فقد خصص القسم الأكبر من الكتاب للمسائل النحوية وآراء النحويين مع الشواهد المختلفة الشعرية. وأملی ابن الشجري هذا الكتاب في 84 مجلساً، حيث تم تسجيل تاریخ إملاء کل مجلس من المجالس بشكل دقيق في کثیر من الأحیان. ويبدو أن ابن الشجري استند إلى مصادر عديدة في إملاء الكتاب منها الأزهية للهروي، حيث نقل فصلین کاملین منه (مع شیء من التغيير) دون ذكر المصادر (ظ: 2 / 343-351 ؛ قا: الهروي، 148-157؛ ابن الشجري، ما لم ينشر... ،30 -31؛ قا: الهروي، 54-55، مخ‍ ).
وقد خصص المؤلـف قسماً مـن کتابـه بذکر سقطـات مكي ابن أبي طالب المغربي في كتاب مشكل إعراب القرآن. ویری بعض المعاصرين (الضامن، 6-7) أن ابن الشجري طرح هذه الانتقادات دفاعاً عن المعتزلة لأن مكي بن أبي طالب وصمهم  بالإلحاد في كتابه (ظ: ن.د، ابن الشجري).
و خصص کـتـاب الأمـالـي النحويـة لابن الحاجب (تـ 646ه‍ /  1248م) کالأمالي الشجریة لعلم النحو، وهي مجموعة من المسائل النحوية المختلفة أملاها ابن الحاجب خلال سنوات 609-626ه‍ في دمشق والقاهرة وبيت المقدس. وقد قسم المؤلف کتابه إلى 4 أقسام: 1. الآراء النحوية للمؤلف حول بعض آيات القرآن الكريم؛ 2. شرح نصوص من كتاب المـفصل للزمخشري؛ 3. المسائل النحوية التي اختلف عليها النحاة القدامى أمثال الخليل بن أحمد وسيبويه والأخفش والمبرد مع شرح مباحث من الكافية؛ 4. مجموعة من المسائل النحوية المختلفة وآراء النحويين مثل الأخفش والزجاجي وأبي علي الفارسي وابن جني مزودة بأشعار متفرقة منها أشعار أبي الطیب المتنبي.

المصادر:   ابن الشجري، هبة الله، الأمالي الشجرية، حيدرآباد الدكن، 1349ه‍ ؛ م.ن، ما لم ينشر من الأمالي الشجرية، تق‍ : حاتم صالح الضامن، بيروت، 1405ه‍ / 1984م؛ ابن النديم، الفهرست؛ الزجاجي، عبد الرحمن، الأمالي، بيروت، 1403ه‍ / 1983م؛ الشکعة، مصطفی، مناهج التألیف عند العلماء العرب، بیروت، 1982م؛ الضامن، حاتم صالح، مقدمة ما‌ لم ينشر (ظ: هم‍ ، ابن الشجري)؛ القالي، إسماعيل، الأمالي، تق‍ : محمد عبد الجواد الأصمعي، القاهرة، 1373ه‍ / 1953م؛ الهروي، علي، الأزهية، تق‍‌ : عبد المعين الملّوحي، دمشق، 1391ه‍ / 1971م؛ اليزيدي، محمد، الأمالي، بيروت، 1404ه‍ / 1984م.             

    عنایت الله فاتحي نژاد / د.