التون تاش

أَلْتون تاش‌ (تـ‍ 423ه‍ / 1032م‌)،    ممـلوک تـرکي من أمراء الدولة الغزنوية كان في بداية أمره في خدمة سبكتكين حتى صار قائداً في جيشه ثم ارتقى منصبه وأصبح الحاجب‌ الكبير في عهده وفي سنة 387ه‍ / 997م أرسله سبكتكين رسولاً إلى إيلك‌خان‌ كي يستعين‌ به‌ لنصرة قابوس‌ بن‌ وشمگير (العتبي، 405)، غير أن السلطان الغزنوي ‌توفي في هذه‌ الأثناء والتحق ألتون تاش‌ بالسلطان‌ محمود وعين‌ حاكماً على‌ هراة قبل 391ه‍ / 1001م‌. وعندما شن‌ أبو إبراهيم‌ إسماعيل‌ بن‌ نوح‌ الساماني الهجوم على‌ خراسان‌ واحتل‌ نيسابور، سارع‌ ألتون تاش‌ لنصرة الأمير نصر بن‌ سبكتكين‌ (شوال‌ 391‍ / آب‌ 1001‌، ظ: العتبي، 364-365). کان ألتون تاش أحد قادة جیش محمود الغزنوي عندما فتح سيستان في 393ﻫ /  1003م وكذلك قاد جزءاً كبيراً من جيوشه خلال‌ الحرب الطاحنة التي نشبت‌ بين‌ محمود وإيلك ‌خان‌ وکان النصر حلیف السلطان الغزنوي في ربيع الثاني 398‍ / ‌کانون الأول 1007‌ (م‌.ن‌، 465-466؛ الگرديزي، 389)، إلا أن‌ ابن ‌الأثير اعتبر تاريخ‌ وقوع‌ هذه‌ الحرب‌ في 397ه‍ / 1006م‌ (9 / 191).
لقد شارك ألتون تاش‌ في معظم‌ الهجمات‌ التي شنها السلطان‌ محمود على‌ الهند كما كُلف‌ بأمره‌ بقيادة جيش‌ مع‌ أرسلان‌ الجاذب‌ للقضاء على‌ ملك غرجستان‌، حيث‌ استطاع‌ من‌ القبض‌ عليه‌ بعد عدة معارك (العتبي، 472، 492-493، 508-509، 514). کان ألتون تاش حاكماً على هراة سنة 401ﻫ حتى تولى قيادة مقدمة جيش السلطان محمود في اقتحامه منطقة غور في السنة نفسها مما أدى إلى هزيمة الغوريين وإلحاق أراضيهم بممتلكات السلطان الغزنوي (ابن ‌الأثير، 9 / 221؛ العتبي، 492-494).
في 407ه‍ / 1016م‌ حدثت‌ ثورة في خوارزم‌ قتل‌ خلالها أبوالعباس‌ مأمون‌ بن‌ مأمون‌ خوارزمشاه‌، صهر السلطان‌ محمود، فبعث‌ السلطان جيشاً لقمع‌ المتمردين‌ وولى‌ ألتون تاش‌ حاكماً علیها‌ ولقبه‌ خوارزمشاه‌ (الگرديزي، 396). وظل ألتون تاش حتى‌ نهاية حياته‌ يحكم‌ هذه‌ الولاية الحدودية المترامية الأطراف‌ كمملكة مستقلة، بحيث‌ خشي جانبه‌ محمود ثم‌ مسعود من‌ بعده‌، إلا أن‌ كفاءة ألتون تاش‌ ودرايته‌ حالت‌ دون‌ حدوث‌ صدام‌ جدي بينهم‌.
وبعد وفاة محمود في 421ه‍ / 1030م‌، نشبت الخلافات بين  
 أبنائه على السلطة حتى انتزع السلطان مسعود الملك من أخيه محمد وتولى العرش وبالرغم من أن ألتون تاش كان على جانب الحذر والتحفظ في خضم هذه الصراعات إلا أن مسعوداً أساء الظن به، فأسرع ألتون تاش نحو هراة وقدم تهنئة له وبذلك أنقذ نفسه من الهلاك (ابن الأثير، 9 / 399؛ الشبانكارئي، 78). ويرى البيهقي أن إنقاذه لم يتم إلا ببذل مساعي أبي نصر مشكان وعـدد من أصحـاب المناصب الرفيعـة فـي البـلاط (62-64،88).
توجه ألتون تاش نحو خوارزم بعد أن أذن له السلطـان، غير أن الـوشـاة والأعـداء ــ ومـن أبـرزهـم أبـوسـهـل الـزوزنـي ــ لم يكفوا عن سعايتـه عند السلطان حتى أرسل أحد قادته المسمى قائد منجوق للقبض عليه وعلى أبنائه، فبادر ألتون تاش إلى قتله ومع هذا لم يؤد ذلك إلى تمرد ألتون تاش وظل يداري الحكم الغزنوي حتى أرسل السلطان في 423ﻫ / 1032م رسالة إليه يستعطفه وولى أحد أبنائه المسمى «ستي» حاجباً (م‌.ن‌، 285، 316-332). وبعد فترة أمر مسعود ألتون تاش أن‌ يخرج‌ لمحاربة علي تكين‌ اختباراً لوفائه‌. وفي ربيع‌ 423ه‍ / 1032م زحف ألتون تاش‌ نحو ماوراء النهر لمحاربة علي تكين‌. في حين أرسل السلطان جيوشـاً من بلخ لدعمـه يناهـز عددهـم 000,15 جندي غيـر أنه لم يحقق‌ نصراً حاسماً وأصيب بجروح‌ بالغة أسفرت عن مقتله في جمادى الأولى‌ 423‍ / نيسان‌ 1032‌. وقد قدم‌ العقيلي (استناداً إلى‌ الأوراق المفقودة من‌ تاريخ‌ البيهقي)، شواهد على‌ العداء بين‌ ألتون تاش‌ وأحمد بن ‌الحسن‌ الميمندي وزير محمود ومسعود الغزنويين‌ (العقيلي، 153-157) وكما أشار نظام‌ الملك من خلال رواية إلى علاقاتهما غير الودية (287- 288).

المصادر: 

  ابن‌ الأثير، علي، الكامل‌، بيروت‌، 1402ه‍ ؛ بارتولد، ف.ف.، تركستان‌ نامه‌، تج‍ : كريـم‌ كشاورز، طهران‌، 1356ش‌؛ البيهقي، أبوالفضل‌، تاريـخ‌، تق‍ : قاسم‌ غنـي وعلى أكبر فياض‌، طهـران‌، 1324ش‌؛ الشبـانكـارئـي، محمـد، مجمـع‌ الأنسـاب‌، تق‍ : هاشم‌ محدث‌، طهران‌، 1363ش‌؛ العتبي، محمد، تاريخ‌ اليميني، تق‍ : یوسف الهادي، طهران، 1387ش؛ العقيلي، حاجي بن‌ نظام،‌ آثار الوزراء، تق‍ : جلال‌ ‌الدين‌ محـدث‌ الأرمـوي، طهـران‌، 1364ش‌؛ الگـرديـزي، عبـد الحـي، زيـن الأخبـار‌، تق‍ : عبد الحـي حبيبـي، طهـران‌، 1363ش‌؛ نظـام ‌المـلك، حسـن‌، سياست‌ نامـه‌، تق‍ : جعفر شعار، طهران‌، 1358ش‌.                          

     علي آل داود