الاقمر
cgietitle
1441/10/23 ۰۰:۰۰:۱۴
https://cgie.org.ir/ar/article/259319/الاقمر
1446/9/3 ۱۲:۵۵:۱۸
نشرت
9
اَلْأَقْمَر، مسجد من عصر الفاطميين في القاهرة، بني في 519ه / 1125م بأمر من المأمون البطائحي وزير الخليفة الفاطمي الآمر بأحكام الله (المقريزي، الخطط، 2 / 290). وفي رجب 799 / نيسان 1397 قام يَلبُغا بن عبد الله السالمي، أحد أمراء برقوق المملوكي، بترميم الأقمر الذي كان بادئ الأمر جزءاً من الأبنية الملكية. وهذا المسجد الذي يُعدّ حصيلة تطور تكامل العمارة في مصر خلال العصر الفاطمي، شُيد عندما كان الاهتمام ينصب بشكل أكبر على إنشاء المساجد الفخمة (ظ: القلقشندي، 3 / 361؛ المقريزي، ن.ص؛ بلوم، «الفن ... »، 174,175؛ برنس أبوسيف، 29-32). وبحسب السنة الحسنة التي يتم بموجبها التعليم في المساجد، أُقيمت الحلقات الدراسية في الأقمر، وبادر العلماء لتدريس شتى العلوم فيه (ظ: ابن العراقي، 1 / 205؛ السيوطي، 1 / 410-411، 412، 422).
يتحدث المقريزي عن بناء دکاکین ومستودعات في الضلع الشمالـي للمسجد، ويذكـر بيبـرس المملوكـي (حك 658- 678ه) أيضاً في عداد مجددي بناء المسجد، واستناداً إلى روايته، فإن يلبغا بنى في 799ه في صحن المسجد بركة للوضوء تزود بالماء عن طريق أنابیـب نحاسیة. وقـد أقيمت فیه صلاة الجمعـة في شهر رمضان من تلك السنة (ن.ص، السلوك، 3(2) / 879؛ بلوم، ن.ص). وبعد سنتين شيدت في الجانب الأيمن من المحراب مئذنة وتم تبييض جدران المسجد وتزيينها باللازورد والذهب. ونظراً لكثرة المصلين فيما يبدو، أزيلت البركة من الوسط وقد أنشئت ميضأة بجوار بابه، وأنشىٔ خلف البناء أيضاً حوض لشرب الدواب. ويعود تاريخ بئر المسجد إلى عصر ما قبل الإسلام وكانت تختص بدير في ذلك الموضع. وعند وصول جوهر، قائد جيش المعز الفاطمي، أصبح الدير في 358ه / 969م جزءاً من القصر، وخصصت بئره التي كانت تعرف ببئر العظام لانتفاع سكان القصر. وقد عُد اسم البئر مرتبطاً بنقل بقايا عظام بعض الحواريين من الدير على يد جوهر. وفي 815ه وبفتوى من بعض الفقهاء تمّ هدم الجزء الأعلى من المئذنة الذي كان آيلاً للسقوط (المقريزي، الخطط، ن.ص؛ ابن ظهيرة، 180؛ عبد الوهاب، 1 / 70؛ مساجد ... ، 1 / 28).
يحظى الأقمر بالاهتمام بشكل أكبر بسبب الإبداع في زينته وتصميم مظهره الأصلي. وقد استقي التصميم العام لهذا البناء من أول مساجد الفاطميين في المهدية (تونس). وخلافاً للجزء الرئيس من البناء المشيد بالآجر، فإن الواجهة المطلة على الشارع مكسوة بالحجر. وقد اندثر الجناح الأيمن منه، إلا أن تزيين مدخل المسجد وقوس العتبة المصمتة في الجانب الأيسر والذي هو «شمسة» نُحتت من الحجر مع خطوط شعاع، يمتاز بجمال آسر (كرسويل، 361؛ عبدالوهـاب، ن.ص؛ مساجد، 1 / 28-29؛ برنس أبوسيف، 29,37؛ پيترسن، 20,22؛ بلوم، ن.م، 174-175,176). والعناصر الملفتة للنظر في تزيين البناء ومنها حنايا المدخل المتعرجة والعقود المقرنصة مقتبسة بشكل عام من الفن الإيراني وتضاهي إلى حدّ ما الآثار الرومانیسکیة أيضاً، التي أصبحت سائدة فيما بعد في فن العمارة للقاهرة (ظ: كرسويل، عبد الوهاب، ن.صص؛ حسن، فنون ... ، 64؛ كونل، 59؛ إتينغهاوزن، 65؛ م.ن وغرابار، 186؛ پاپادوپولو، 284,492). وتشتمل نقوش الواجهة، على آيات قرآنية ونصوص تاريخية وغيرها بالخط الكوفي: ومنها آية التطهير، الآية 128 من سورة النحل، الآيتان 36-37 من سورة النور، كلمتا «محمد» و«علي»، عبارات «لا إلٰه إلا الله وحده لاشريك له»، «لا إلٰه إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله» (ظ: عبد الوهاب، 1 / 70، 100، 137؛ محمد، 1 / 324؛ بلوم، «منارة ... »، 142؛ «فهرست ... »، VIII / 146-147). وذُكر في نقش الإفريز، إلى جانب اسمي الآمر والمأمون، اسم شخص آخر يدعى أبا عبد الله محمد الآمري (ن.م، VIII / 148).
وفي الجانب الأيسر من المدخل، منارة تعرض علوها للهدم ولم يبق سوى الجزء السفلي منها وكانت تحمل تزیينات مقرنصة (عبد الوهاب، 1 / 70؛ بلوم، ن.صص). والميزة الأخرى الملفتة للنظر في المسجد هي كيفية انحناء دهليزه التي تجعل إيوان الدخول من جهة وباحة المسجد من جهة أخرى يتطابقان مع اتجاه القبلة: الشارع المقابل للمسجد شمالي ـ جنوبي تقريباً. وتقع القبلة على امتداد جنوب شرقي القاهرة، وينحرف بناء المسجد عن البوابة بمقدار 21°. ومن هذه الناحية، فإن الأقمر هو أقدم أنموذج متوفر (مساجد، أيضاً كرسويل، پيترسن، ن.صص؛ محمد، 1 / 323؛ برنس أبوسيف، 29,30؛ بلوم، «الفن»، 175,176).
وكانت تزين حواشي الحنايا المستخدمة في أروقة الأقمر، نقوش بالخط الكوفي ماتزال بقايا الآيـة 35 من سورة النور موجودة منها اليوم. وأقدم أنموذج لهذا النوع من الحنايـا يعود إلى أواخـر العصر الفاطمـي (عبد الوهاب، 1 / 73؛ مساجد، ن.ص).
وقد شيّدت الحنیة المدببة للمحراب من الرخام بشكل جميل، ویعلوها نقش تاريخ البناء وتاريخ الترميم على يد يلبغا. ويعدّ المنبر الخشبي للآمر الذي تمّ ترميمه على عهد يلبغا، وكذلك باب مخزن الماء من بين الآثار الملفتة للنظر في المسجد (ظ: المقريزي، الخطط، 2 / 290؛ عبد الوهاب، 1 / 72-73، 2 / 29؛ حسن، ن.م، 459). وفي الجوانب الداخلية للمنبر توجد حشوات خشبیة بنقوش للبهائـم يبـدو أنهـا نقلـت مـن مكـان آخـر. ويـلاحـظ علـى الـمنبـر ــ وخصـوصـاً علـى مسنـد الخـطيـب ــ قسـم آخر من الزخارف على الطراز الفاطمي. کما أن السقف الخشبي لدهليز البوابة الرئيسة المطعّمة بأشكال هندسية ونباتية مازال قائماً (عبد الوهاب، 1 / 73، 2 / 29؛ مساجد، ن.ص؛ حسن، فنون، 166، ها 1، أطلس ... ، 444).
وفضـلاً عما ذُكر، فإن بنـاء المسجـد تـمّ ترميمـه في 1236ه (العصر العثماني) وكذلك منذ سنة 1320ه / 1902م وما تلاها. ومن الخصائص التي تمّيز مسجد الأقمر عن غيره من آثار العصر الفاطمي: إن المسجد بني بمستوى أعلى من الشارع، وكانت الدکاکین التابعة للمسجد ذات العقود المخوَّصة ملحقة بالحيطان الخارجية للبناء في مستوى أوطأ. وكانت الأموال التي تؤخذ لقاء تأجير الدکاکین وكذلك مداخل دار النحاسین والحمّام القريب من المسجد، تُنفق جميعها على مصاريف المسجد (ظ: المقريزي، ن.ص؛ الجبرتي، 7 / 438؛ عبد الوهاب، 1 / 73؛ برنس أبو سيف، 29؛ پيترسن، 22). واستناداً إلى بلوم (ن.م، 175سیف)، فإن هذه هي الحالة الأولى المعروفة التي يتناسق فيها بناء ديني مع الموضع المخصص للكسب، مما أصبح متداولاً منذ هذا التاريخ وماتلاه في عمائر القاهرة وبقية الأماكن.
ابـن ظهيرة، الفضائل الباهـرة، تق : مصطفى السقـا وكامل المهندس، القاهرة، 1969م؛ ابـن العراقي، أحمد، الذيل على العبـر، تق : صالح مهدي عباس، بيروت، 1409ه / 1989م؛ الجبرتي، عبـد الرحمـن، عجائب الآثـار، تق : حسن محمد جوهر وآخرون، القاهرة، 1386ه / 1967م؛ حسن، زكي محمد، أطلس الفنون الزخرفية والتصاوير الإسلاميـة، بيروت، 1401ه؛ م.ن، فنون الإسلام، بيروت، 1401ه؛ زكـي، عبد الرحمن، القاهرة تاريخها وآثارها، القاهرة، 1386ه / 1966م؛ السيوطي، حسن المحاضرة، تق : محمد أبو الفضل إبراهيم، القاهرة، 1387ه / 1968م؛ عبد الوهاب، حسن، تاريخ المساجد الأثرية، القاهرة، 1946م؛ القرآن الكريم؛ القلقشندي، أحمد، صبح الأعشى، القاهرة، 1383ه / 1963م؛ محمد، سعاد ماهر، مساجد مصر وأولياؤها الصالحون، القاهرة، 1971م؛ مساجد مصر، الجيزة، 1948م؛ المقريزي، أحمد، الخطط، القاهرة، 1270ه؛ م.ن، السلوك، تق : محمد مصطفى زيادة، القاهرة، 1956م؛ وأيضاً:
Behrens-Abouseif, D., »The façade of the Aqmar Mosque in the Context of Fatimid Ceremonial«, Muqarnas, Leiden, 1992, vol. IX; Bloom, J.M., »Islamic Art-Architecture, c.AD900-c. 1250: Egypt«, The Dictionary of Art, ed. J. Turner, London / New York, 1996, vol. XVI; id, Minaret, Symbol of Islam, Oxford, 1989; Creswell, K. A. C., »Fatimid Art«, EWA, vol. V; Ettinghausen, R., »The Man-Made Setting«, The World of Islam, ed. B. Lewis, London, 1976; id and O. Grabar, The Art and Architecture of Islam: 650-1250, Harmondsworth, 1987; Hillen- brand, R., Islamic Art and Architecture, London, 1999; Kühnel, E., Die Kunst des Islam, Stuttgart, 1962; Papadopoulo, A., L’Islam et l’art musulman, Paris, 1976; Petersen, A., Dictionary of Islamic Architecture, London / New York, 1996; Répertoire chronologique d’épigraphie arabe, ed. E. Combe et al., Cairo, 1937.
يد الله غلامي / ه.
عزيزي المستخدم ، يرجى التسجيل لنشر التعليقات.
مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع
هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر
تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول
استبدال الرمز
الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:
هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول
الضغط علی زر التسجیل یفسر بأنک تقبل جمیع الضوابط و القوانین المختصة بموقع الویب
enterverifycode