اَلْإدْریسيّ، أبو عبدالله (أو أبوجعفر، أو أبوالقاسم) محمد بن عبدالعزیز بن عبدالرحیم الفاوي (568-649هـ/ 1173-1251م)، محدث و مؤرخ و نسابة. غادر أبوه الذي کان من أهل المغرب، إلی مصر و أقام في منطقة و فاویعیش شمالي مصر، و هناک وُلد محمد، ولذلک لقب بالفاوي (الأدفوي، 534-535؛ ابن حجر، 5/ 262؛ أیضاً ظ: الزرکلي، 6/ 208).

انبری الإدریسي لسماع الحدیث في الإسکندریة و بقیة المدن المصریة، ثم انهمک بالتدریس في المدرسة العمریة بالقاهر و مکث في هذه المدینة حتی نهایة حیاته (ابن حجر،ن.ص). وقد وردت أسماء العدید من مشایخه في أثره الوحید الذي خلفه أنوار علوّ الأجرام، یمکن أن نذکر من بینهم أبا طاهر أحمد بن محمد السلفي و أبا محمد عبداللطیف بن یوسف البغدادي و یوسف بن عبدالرحمان ابن الجوزي وأباعبدالله محمد بن الحسن الحسیني الأرموي و فاطمة بنت سعد الخیر الأندلسي (ظ: ص 9، 15، 42، 50، 66؛ أیضاً ظ: ابن حجر، ن.ص)، لکننه لم‌یُشَر إلی تلامیذه، سوی أبي صادق ابن رشیدالدین العطار والدمیاطي و أحمد بن یوسف الإربلي (الأدفوي، ابن حجر، ن.صص).

أولی الإدریسي الحدیثَ الاهتمامَ الأکبر و کان یعد من أبرز محدثي عصره (الأدفوي، 535)، إلا أنه لاتتوفر لدینا معلومات عن الآثار التي یحتمل أن یکون قد ألفها في هذا المضمار، ولما کان الأثر الوحید الذي خلفه هو عن تاریخ أهرام مصر، فقد حظي کونه مؤرخاً باهتمام أکبر فیما بعد، فکتابه المعنون أنوار علو الأجرام في الکشف عن أسرار الأهرام یتحدث إلی حدّما عن جغرافیة مصر فضلاً عن تاریخها، و قد ألفه بعد 623هـ/ 1226م بطلب من یوسف بن عبدالرحمان ابن الجوزي. وکان یوسف من مشاهیر عصره، قدم إلی القاهرة مع وفد من قبل الخلیفة الظاهر، فدُهش لمشاهدة الأهرام و حاول الحصول علی معلومات أکثر عن هذه الآثار، فوضع الإدریسي بوصفه أحد مشاهیر علماء ذلک العصر، مؤلفاته تحت تصرفه، إلا أن یوسف طلب إلیه أن یؤلف کتاباً قائماً بذاته بهذا الشأن (ظ: الإدریسي، 3-5). ویستشف من أقوال الإدریسي أنه ولأجل جمع المعلومات ساح في البلاد، فذهب برفقة أبیه إلی منطقة الأقصُر، وتفقد عین شمس في سفر آخر برفقة أستاذه محمد بن أبي القاسم الحلبي (ص 47-48).

ویستنبط من مضامین کتاب أنوار علو الأجرام أن المؤلف کان له نوع من النزوع القومي إلی تراث مصر القدیم و الفخر بآثار المصریین القدماء (ظ: EI2, S)، فقد أبدی في بدءالکتاب شعوراً بالفخر بعظمة بناء الأهرام و دقة هندستها و عجائبها و أورد أبیاتاً مما نظمه الشعراء المتقدمون في هذا المضمار، کما أشار إلی کبار الصحابة الذین کانوا قد زاروا الأهرام (ظ: ص 17-18، 23-25). وهو یعلن بوضوح آراءه القائمة علی ضرورة المحافظة علی هذه الآثار، و ربما کانت إشارته إلی زیارة الصحابة و کبار الشخصیات إلی هذه الآثار، تهدف إلی تسویغ رأیه هذا (EI2, S). وربما کان هذا الکتاب أحد أفضل الآثار التي تناولت وصف الأهرام بشکل دقیق و تاریخها و بقیة الأمور الخاصة بها، بل وتسویغ جانب القداسة لدی شتی الأمم تجاه هذه الآثار (ظ: ص 21-23، 30-31، 68-79). ویعتقد هارمان أنه یمکن اعتبار الإدریسي واحداً من العلماء المسلمین المستنیرین في القرنین 13 و 14م (ظ: EI2, S).

استفاد الإدریسي في تألیفه کتابه هذا من کثیر من المصادر المشهورة: المسالک و الممالک لمحمد بن الحسن المهلبي؛ الاستذکار و ذخائر العلوم والتنبیه والإشراف للمسعودي؛ رسالة أبي إسحاق الصابي؛ رسالة ابن ممّاتي التي کانت في 20 ورقة؛ تاریخ أمراء مصر لابن زولاق؛ صفة الأرض والأقالیم لأبي زید البلخي؛ رسالة أبي الصلت الأندلسي؛ المسالک و الممالک لأبي عبیدالبکري؛ کتاب الألوف لأبي معشر البلخي (الإدریسي، 22، 23، 29، 30، 34، 35، 60، 61، 76، 91، 93؛ سزگین، 7). طبع کتاب أنوار علو الأجرام طبعة تصویریة بتحقیق و تقدیم أورزولا سزگین في فرانکفورت (1408هـ/ 198م).

وفضلاً عن أنوار علوّ الأجرام فإن للإدریسي 3 کتب أخری في تاریخ مصر هي: الأدوار و الفترات، الجوهرة الیتیمة في أخبار مصر القدیمة، مطلع الطالع السعید في أخبار الصعید (ظ: الإدریسي، 4، 5) ولایوجد الیوم أثر لأي منها.

المصادر

ابن حجر العسقلاني، أحمد، لسان المیزان، حیدرآبادالدکن، 1329هـ/ 1911م؛ الإدریسي،محمود، أنوار علو الأجرام، تقـ: أورزولا سزگین، فرانکفورت، 1408هـ/ 1988م؛ الأدفوي، جعفر، الطالع السعید، تقـ: سعد محمدحسن، القاهرة، 1386هـ/ 1966م؛ الزرکلي، الأعلام؛ سزگین، أورزولا، مقدمة أنوار علو الأجرام (ظ: همـ، الإدریسي)؛ وأیضاً:

EI2, S.

مهدي سلماسي/ هـ