الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / التاریخ / أخبار الدولة العباسیة /

فهرس الموضوعات

أخبار الدولة العباسیة

أخبار الدولة العباسیة

تاریخ آخر التحدیث : 1443/2/19 ۱۷:۵۵:۲۴ تاریخ تألیف المقالة

أَخْبارُ الْدَّولَةِ الْعَبّاسیَّة، عنوان أثر تاریخي مجهول المؤلف یحتمل أن یعود تاریخه إلی النصف الأول من القرن 4 هـ، و الذي یحظی بأهمیة فأئقة بسبب ما ورد فیه من أخبار عن الدعوة العباسیة. ولا شک في أن هذا الکتاب الذي طبع في بغداد سنة 1971 م بتحقیق عبدالعزیز الدوري و عبدالجبار المطلبي، هو واحد من أهم المؤلفات الباقیة من القرون الهجریة الأولی عن العباسیین و خاصة الأخبار المتعلقة بالدعوة العباسیة. و یمکن القول إنه منذ نشر هذا الکتاب فقد وضح الکثیر من الزوایا المعتمة لتلک الفترة، و درس الباحثون تفاصیل أخباره. لکن لا یُشاهد في المخطوطة الفریدة التي عثر علیها في مکتبة الإمام الأعظم أو المدرسة الأعظمیة ببغداد، اسم لمؤلفها و تاریخ تألیفها و کتابتها. لذا فمن العسیر جداً تحدید عصر المؤلف و مصادر الکتاب.

تناول عبدالعزیز الدوري هذا الکتاب بالبحث في المقالة التي کتبها قبل طبعه و کذلک في مقدمته له، إلا أن هذه المخطوطة کانت في متناول محقق آخر و هو عبدالرحمان السرنجاوي، تزامناً مع طبع المقالة الأولی للدوري و قبل طبع الکتاب بعشرین سنة، و قد تحدث في مقالة مثیرة عن «مخطوطة فریدة» و «کشف جدید» في تاریخ الدعوة العباسیة. و الموضوعات التي أوردها بهذا الشأن و کذلک الکتاب نفسه، تضمنت أحیاناً أموراً لم یشر إلیها الدوري. و العنوان الموجود علی هذه المخطوطة هو: کتاب فیه أخبار العباس و فضائله و مناقبه و فضائل ولده و مناقبهم و مآثرهم رضي الله عنهم أجمعین. و قد عرف الکتاب في أوساط الکتّاب المعاصرین بـ «أخبار العباس» أیضاً (مثلاً ظ: دانیل، 62–63)، لکن بالنظر إلی موضوعاته فقد أصاب محققا الکتاب حقاً في اختیار هم العنوان الحالي له (الدوري، المقدمة، 7، 18)، و جعلوا «أخبار العباس و ولده» عنوانه الفرعي، و السر نجاوي (ص 116) هو الوحید الذي استطاع أن یقرأ و بصعوبة من علی حافة الصفحة الأولی للمخطوطة الموجودة هذا العنوان الذي ظل له أثر ضئیل علی ما یبدو: «المراتع الإنسیة في أخبار الدولة العباسیة». و المخطوطة باحتمال کبیر کتبت في القرن 8هـ، ذلک أنه یوجد في الأوراق الثلاثة الأخیرة منها فهرس بخلفاء بني‌أمیة و بني‌العباس تحت عنوان «تواریخ الخلفاء» (ظ: ص 411–414)، بدأ بالمستعصم بالله آخر خلفاء بغداد، ثم جاءت بعد ذلک أسماء الخلفاء العباسیین في مصر، وانتهی بالمتوکل علی الله في 763هـ. و تدل العبارة الأخیرة «فسح‌الله في أجله، و هو الخلیفة القوّام بعصرنا هذا، أدام الله أیامه» (ص 414)، علی أن یکون من المحتمل کثیراً بأن کتابة المخطوطة تمت خلال السنوات 763–779هـ/ 1362–1377م تقریباً و علی عهد هذا الخلیفة. و قد سقطت عدة أوراق من أول المخطوطة، لکن صفحة عنوان الکتاب ذُهّبت، ولذا لا یستبعد أن تکون قد کتبت لأحد العباسیین، أو أمرائهم. و تبدأ المخطوطة الموجودة بهذا العنوان: «موت العباس بن عبدالمطلب» (ص 21).

و الکتاب في الأصل علی قسمین: تناول الأول منهما العباس و أبناءه، و خُصص الثاني الذي هو منفصل إلی حد کبیر عن الأول من حیث سیاق التألیف، لکیفیة بدء الدعوة العباسیة و استمرارها حتی القضاء علی الأمویین. و یلاحظ في القسم الأول تنسیق أکبر في التبویب. فبعد ذکر وفاة العباس بن عبدالمطلبف انبری أولاً للتعریف بولده بشکل مجمل، ثم شرح علی أساس المصادر و الأقوال المختلفة، حیاتهم و مناقبهم بشکل غیر منظم. و بعد ترجمته لحیاة محمد ب علي، انبری لروایات «النتقال الوصایة». و من هنا یبدأ القسم الثاني من الکتاب. وفي الحقیقة، فإنه یتراءی أن المؤلف، جمع القسم الأول من مصادر شتی و أضافه إلی القسم الثاني – الذي کان هدفه بشکل أکبر إیراد تلک الأخبار – لیکون قد أعدّ کتاباً في أخبار العباسیین. لذا فإن روایات القسم الأول لاتحظی بأهمیة تفوق ما في القسم الثاني. و هي نافعة فقط من حیث أسانیدها (ظ: تتمة المقالة).

و کتاب أخبار الدولة هو من حیث المصادر و الأسانید مجموعة مضطربة لم یتبع مؤلفه - کما یلاحظ في المخطوطة الموجودة علی الأقل – نسقاً معیناً في الإحالة علی المصادر و ذکرها، ولم یورد الأسانید کاملة في صدور الأخبار. ویبدو أن هذا الأمر لم یکن ذا أهمیة للمؤلف. و قد استقی الکاتب حیناً، روایة من کتابٍ و اکتفی بذکر سلسلة سند الروایة، دون الإشارة إلي اسم الکتاب و أحیاناً مؤلفه. ولذا فإن الکتاب حافل بأسانید یرجع رواتها أحیاناً إلی القرن الأول و أحیاناً إلی الثاني، أو الثالث، و بطبیعة الحال فإن أیاً منها لا یتجاوز القرن الرابع الهجري. فمثلاً سلسلة سنده في صدر أحد الأخبار هو: «سفیان بن عیَینة عن عبدالله بن یزید» (ص 25)، أو «سلیمان بن حرب عن حَمّاد بن سلمة» (ص 26). وفي بعض الحالات اکتفي بذکر اسم مؤلف المصدر الذي اعتمد علیه: مثلاً «الغنزي قال...» (ص 29، 31)، «أحمد بن یحیی بن جابر [البلاذري] قال...» (ص 142، 145، مخـ،) «عمر بن شَبَّة قال...» (ص 169، 171). و یدل اضطراب الأسانید في صدور الأخبار و الذي یستبعد أن یکون من عمل الناسخ، علی أن مؤلف الکتاب لم یکن محدّثاً، أو حتی أخباریاً محترفاً، و یمکن أن یکون هذا الأمر إلی حدّما أحد الطرق لمعرفة المؤلف (ظ: تتمة المقالة). و مع ذلک، ولما کانت أسانید الکتاب تنتهي أحیاناً بمؤلفین و محدثین و أخباریین کبار من القرن 3هـ، و أحیاناً قبله، مثل ابن شبة (ن.ع) و العباس بن محمد الدوري و أحمد بن یحیی البلاذري و العباس بن هشام الکلبي و محمدبن الهیثم بن عدي، فقد خمّن الدوري أن یکون الکتاب ألف في النصف الثاني من القرن 3هـ، و یمکن أن یکون للمؤلف المعروف الوحید في هذه الفترة – کما یظن الدوري – و الذي نُسب إلیه مؤلِّف یشبه موضوع هذا الکتاب، أي، محمد بن صالح ابن مهران، الشهیر بابن النطاح مؤلف أثرٍ بعنوان کتاب (أو أخبار) الدولة العباسیة (ظ: ن.د، ابن النطاح). و قد نبّه الدوري نفسه إلی أن کتاب ابن النطاح غیر موجود حالیاً، کما أن النقول عنه في الآثار التي خلّفها الآخرون أیضاً لیست بالکثیرة لیتسنی القیام بمقارنة بینها و بین المخطوطة الموجودة (ظ: «ضوء...»، 65). و رغم أن أدلته علی نسبة هذه المخطوطة لابن النطاح غیر کافیة، مع کل هذا فقد کرر رأیه بشأن المؤلف مرة أخری في مقدمة کتاب أخبار الدولة العباسیة (ظ: ص 15–17).

و ینبغي الاعتراف بأن معرفة المؤلف من خلال الأسانید الموجودة في الکتاب، أمر عسیر، لکن بإضافة بعض المعلومات المتناثرة، یمکن تحقیق نتائج بهذا الشأن. ففي بدایات الکتاب (ص 32) یلاحظ في صدر سند أحد الأخبار، اسم علي بن إبراهیم بن هاشم القمي الذي نقل روایة عن أبیه، و أوصل المؤلف سنده بعلي بن إبراهیم نفسه بقوله: «أخبرنا».

و رغم أن تاریخ وفاة علي بن إبراهیم هذا الذي یعد من مشاهیر شیوخ رواة الشیعة، غیر معروف علی وجه الدقة، لکن لدینا روایة تدل علی أنه کان حیاً حتی سنة 307هـ علی الأقل (ابن‌بابویه، 59)، فإذا کان قائل: «أخبرنا» الوارد في صدر الروایة هو مؤلف الکتاب، یمکن بحذر اعتباره من رجال أوائل القرن 4هـ، کما أن أدلة أخری تؤید هذا التقدیر (ظ: تتمة المقالة). و بطبیعة الحال فإن هناک أمراً یحظی بأهمیة أیضاً و هو أن کلمة «أخبرنا» وردت في صدور أغلب الأسانید في المخطوطة الموجودة، و مما لاشک فیه، فإنه یلاحظ أن الفاصل في أغلبها بین السند الأول للروایة و مؤلف الکتاب – مع الأخذ بنظر الاعتبار ما ذکر آنفاً – یزید علی 100 سنة. و یتضح هذا الأمر جلیاً عندما یوصل المؤلف سنده بکبار رجال الدعوة العباسیة مثل سالم الأعجمي عن طریق ابنه محمد (ص 192) أو مهاجرین بن عثمان عن طریق مالک بن الهیثم (ص 202) خاصة في القسم الثاني. ولذا لایمکن الرکون إلی مثل هذه الأسانید لتقدیر زمان حیاة المؤلف، غیر أن وجود اسم علي بن إبراهیم القمي في هذا الکتاب، یجعل اعتبار المؤلف ممن عاشوا في القرنین 1–3هـ أمراً عسراً. ولهذا السبب لاتبدو نسبة الکتاب إلی ابن النطاح صحیحة.

إن جمع عدة روایات من مصادر أخری، یمکنه أن یعین إلی حدّما في معرفة مؤلف الکتاب. فاستناداً إلی خبر أورده السهمي (تـ 427هـ) في تاریخ جرجان (ص 259) فإن شخصاً یدعی أبا محمد الکوفي الذي کان خطیباً بجرجان ألف في 315هـ/ 927م لأبي نصر المطرّفي، وزیر أسفار ابن شیرویه (ن.ع) کتاباً في «أخبار وُلد العباس»، أورد فیه حکایة سعید و علي، ابني جعفر بن سلیمان العباسي اللذین کاا یهربان من الخلیفة المهدي برفقه الهادي العباسي. و إن إنعام النظر بتفاصیل هذه الروایة القیمة، یمکنه أن یوضح أموراً کثیرة: الأول أن مؤلف کتاب أخبارالدولة کان یولي اهتماماً خاصاً بدور جرجان في أمر الدعوة العباسیة بحیث اعتقد بعض المؤلفین أن مؤلف هذا الکتاب کان من أهل جرجان (ظ: دانیل، 63، ها 33). و الثاني أنه ینبغي الانتباه إلی کثرة الرجال الجرجانیین الذین کانوا من مصادر المؤلف في جمیع أرجاء الکتاب. و فضلاً عن ذلک، یجدر القول إن المؤلف کان بشکل ما، علی صلة بالمصادر القریبة من رجال الدعوة الذین کان کثیر منهم یسکن جرجان (ظ: تتمة المقالة).

وفي هذه المرحلة من البحث، سیکون مفیداً إلقاء نظرة علی الأوضاع السیاسیة في عصر أسفار و وزیره أبي نصر المطرفي: أسفار بن شیرویه (تـ 319هـ/ 931م) القائد الدیلمي القدیر الذي رفع رایة العصیان في الجبال و طبرستان خلال السنوات الأولی من القرن 4هـ، أظهر نفسه في البدء بمظهر المطیع للخلیفة العباسي، لکن بعد تحقیقه عدة انتصارات، أعلن عن تمرده إلی الحد الذي أرسل المقتدر العباسي في 317هـ/ 929م جیشاً لقمعه (المسعودي، 5/ 262؛ ابن الأثیر، 8/ 190- 192). کما کان أبو نصر المطرفي من أسرة معروفة، اشتهر أغلب أعضائها في جرجان و إستراباد (ظ: السمعاني، 12/ 309 و ما بعدها) و کان و هو الملقب بالرئیس (المسعودي، 5/ 263) مشهوراً بوصفه وزیراً و مستشاراً لأسفار (ابن إسفندیار، 290؛ ابن الأثیر، 8/ 192). فمع الأخذ بنظر الاعتبار هذه الأمور و کذلک إطاعة أسفار المبدئیة للخلیفة، یمکن أن تکون مبادرة أبي محمد الکوفي المذکورة في تاریخ جرجان علی تألیف کتاب عن العباسیین، قد تمت – إلی حدّما – بهدف إسداء خدمة للعباسیین و توطید عری الصداقة بینه و بینهم ؛ خاصة و أن تاریخ تألیف الکتاب هو 315هـ، أي قبل سنتین من تدهور العلاقات بین أسفار و الخلیفة.

و کذلک، یستشف من أخبار هذا الکتاب أن الدعوة العباسیة قد تعزّز موقعها في جرجان بشکل ملحوظ، وفي هذه المدینة أخذت أول بیعةٍ علی مواجهة الأمویین، و ظهر منها کبار رجال الدعوة (للاطلاع علی التفاصیل، ظ: ن.د، أبوعون). و فیما عدا ذلک، فإن بعض المصادر التي أشیر إلیها في هذا الکتاب تُظهر أن مؤلفه کانت في متناول یده مصادر خاصة. و فیما یتعلق بفتوحات جیش أبي مسلم، اکتفی المؤلف في إشارته إلی المصادر بلفظ «قال» بشکل غامض، و ذکر تفاصیل لایمکن العثور علیها في أي مصدر آخر بهذا الشکل من السعة. وفي هذا، و من خلال إشارة واحدة منه، یمکن أن ندرک ماذا کان مصدره: ذکر المؤلف عند حدیثه عن «وقعة جابَلَق» شخصاً، یدعی القاسم بن الولید و نقل عنه موضوعاً (ص 344). و بعد صفحة أو صفحتین یتضح أن القاسم هذا، کان کاتب عامر بن إسماعیل من کبار رجال الدعوة (ص 345). ولا شک في أن إشارات المؤلف الغامضة إلی تصرفات جند خراسان التي وردت في الصفحات التالیة – التي تضمنت تقریراً عن أدق تفاصیل وقائع الحرب – باستخدام ضمائر جمع المتکلم – مما یشمل الراوي أیضاً – تعود جمیعها علی القاسم (ظ: ص 359). و کان لعامر بن إسماعیل هذا الذي کان من موالي بني مُسلیة (عن بني مسلیة، ظ: ن. د، السفاح، أیضاً أبو مسلم الخراساني، القسم 1)، علاقة نسب بأسرة «نهبدان» العریقة من الملوک المحلیین خلال العصر الساساني في منطقة جرجان (ظ: ن.د، أبوعون). ولذا فمن الممکن احتمال أن یکون أخلاف مثل هذه الأسر، قد وضعوا وثائقهم المدونة عن حوادث تلک الفترة في ظروف استثنائیة، تحت تصرف مؤلف أخبار الدولة، لیؤلف منها و من مجموعة الروایات الأخری التي کان مصدرها بشکل من الأشکال لدی أخلاف رجال الدعوة في جرجان، کتاباً في أخبار الدعوة و دورهم البارز فیها. ولا تقتصر النقول عن المصادر القریبة جداً من رجال الدعوة علی هذا، فالقسم الثاني في حقیقته، قد أُعد من أمثال هذه الوثائق التي نقلت عن أخلاف کبار رجال الدعوة: مثلاً عن عمر و بن شبیب (ص 240، 247)، أو عن أحد مرافقي بُکیر بن ماهان لدی عودته من إبراهیم الإمام (ص 241)، أو عن أبي سلمة الخلال نفسه (ص 242)، و نماذج متعددة أخری. و مهما یکن، فلایمکن الشک في أن مؤلف أخبارالدولة، کان بإمکانه الوصل إلی هذه الوثائق المکتوبة عن ألسن رجال الدعوة، و قد أثار هذا الأمر انتباه الدوري أیضاً (ظ: «ضوء»، 66). لهذا، فإن احتمال أن یکون أخبار الدولة هو نفس «أخبار ولد العباس» لأبي محمد الکوفي، لیس مستبعداً.

و بطبیعة الحال، فإنه لا یشاهد في المخطوطة الموجودة من أخبار الدولة، أثر للخبر الذي نقله السهمي عن شخص آخر یُدعی أبا محمد عبدالرحمان بن محمد السعیدي، عن کتاب أبي محمد الکوفي (ص 259)، و رغم أن ینبغي الأخذ بنظر الاعتبار أن الخبر المذکور یعود إلی فترة حکم المهدي العباسي و حتی بعد ذلک إلی عصر المأمون، و أن المخطوطة الموجودة من أخبار الدولة لاتشمل حتی فترة خلافة أبي العباس السفاح بشکل کامل. ولذا، فإن احتمال أن تکون المخطوطة الموجودة نسخة ناقصة من الأقسام الأولی للکتاب، لیس ضعیفاً. و یحتمل جداً – و کما قال الدوري – أن یکون الفهرست الوارد في آخر الکتاب بأسماء الخلفاء، قد أضیف فیما بعد إلی المخطوطة الموجودة (المقدمة، 7).

کما أن البحث بشأن شخصیة أبي محمد الکوفي، یعزّز دعائم هذا الاستدلال: إن السهمي الذي یقول (ن.ص) إن أبا محمد الکوفي أقدم علی تألیف الکتاب في 315هـ، ذکر في القسم الأول من تاریخه «أبا محمد أحمد بن أعثم بن نذیر.. الأزدي الکوفي» (ص 81)، و هو لیس سوی ابن أعثم صاحب کتاب الفتوح الشهیر، و هو بطبیعة الحال، لم‌یکن واسع الشهرة في الماضي، ولم‌یکن المحدثون و المؤرخون یولونه کثیر اهتمام، لکنه اشتهر الیوم. و ابن أعثم الذي ورد اسمه و نسبه و کنیته و لقبه بشکل کامل و هو ما لم یلتفت إلیه أحد حتی الآن في ترجمته لحیاته، یمکن أن یتطابق مع أبي محمد الکوفي، کما أن عصر ابن أعثم یتطابق تماماً مع 315 هـ التي لدینا عن عصر أبي محمد الکوفي (السهمي، 259)، أما سنة 314هـ التي وردت في المصادر المتأخرة (مثلاً ظ: آقابزرگ، 16/ 119) تاریخاً لوفاة ابن أعثم، فهي مغلوطة بلاشک، ذلک أنه کان قد أوصل تاریخه إلی نهایة عصر المقدر العباسي، أي 320هـ/ 932م (یاقوت، 2/ 230). و علی هذا، فإنه لم‌یکن حیاً حتی ذلک التاریخ فحسب، بل لا یستبعد أن یکون قد عاش بعد ذلک بسنوات أیضاً (لمزید من الاطلاع، ظ: ن.د، ابن أعثم الکوفي). کما أنه استناداً إلی مانقله المؤلف، وردت في الکتاب روایة عن علي بن إبرهیم بن هاشم القمي، و احتمل أن یکون مؤلف أخبارالدولة من رجال القرن 4هـ (ظ: السطور السابقة). و إن دراسة أسلوب کتابات ابن أعثم التاریخیة و مقارنتها بما ورد في أخبارالدولة، یعزز تصور أن یکون المؤلف هو ابن أعثم الکوفي نفسه. و أوضح الدلائل هو مقارنة أسلوب الروایة عن المصادر في کتاب الفتوح لابن أعثم، بما في مخطوطة أخبار الدولة. و إن إحدی المعضلات في کتاب ابن أعثم هو أنه ذکر في عدة مواضع مجموعة من مصادره مع بعضها، و اکتفی في نهایة الموضوع بذکر کلمة «قال» مراراً، مما لایعرف معه في أغلب الأحیان مرجع الضمیر (مثلاً ظ: 1/ 13، 16، 21، 43، مخـ)؛ و یلاحظ مثل هذا الأمر تماماً في أخبار الدولة أیضاً، فقد اکتفی مؤلف الکتاب في مواضع عدیدة بذکر «قال» فقط دون أن یکون مرجع الضمیر محدداً (مثلاً ظ: ص 28، 34، 66، 83، 140، 144). کما یلاحظ في الأقسام الأولی من أخبارالدولة، شبه کبیر جداً بین بعض الأخبار و ماورد في الفتوح بحیث یکون نصّ الخبر أحیاناً واحداً ولایوجد سوی اختلاف بسیط في بعض الکلمات (مثلاً ظ: أخبارالدولة، 100–106؛ أیضاً ظ: ابن أعثم، 6/ 131 و ما بعدها؛ الدوري، ها 100 و ما بعده). لذا لا یبدو مستبعداً أن یکون أخبارالدولة هو نفس «کتاب أخبار ولد العباس» لأبي محمد الکوفي، و أن یکون هو نفس ابن أعثم الکوفي الشهیر.

و یشترک کتاب أخبار الدولة مع مصادر القرون الهجریة الأولی، خاصة في الأقسام الأولی منه، و قد أورد المؤلف أسماء بعضها بشکل صریح، و أشار محققا الکتاب و کذلک الذین تناولوا بالبحث الموضوعات الواردة فیه إلی البعض الآخر. لکن ماله صلة وثیقة بکتاب أخبار الدولة هما کتابا تارخی الخلفاء و العیون و الحدائق المجهولا المؤلف. و المخطوطة الفریدة من الکتاب الأول ناقصة الأول و الآخر، أما عنوان تاریخ الخلفاء فقد وضعه الناشر علیها (غریازنیفیج، 16). ویبدو أن هذا الکتاب کان یضم أخبار عصور الخلفاء منذ البدء حتی عصر المؤلف، لکن في النسخة التي بین أیدینا، انبری المؤلف بعد نهایة الحکم الأموي لذکر تاریخ بني‌العباس إثر خطبة افتتح بها الموضوع، و استنسخ في هذا القسم، القسمَ الثانيَ من کتاب أخبار الدولة الحالي کل ما یتعلق بالدعوة العباسیة تقریباً مع قلیل من الزیادة و النقصان أحیاناً، إلی الحد الذي اعتمده الدوري بشکل کامل في تحقیق کثیر من الأمور الغامضة في مخطوطة أخبار الدولة. و خلال نقله روایة عن الشریف أبي یعلی الأقساسي، ذکر مؤلف تاریخ الخلفاء في موضعٍ سنةَ 480هـ تاریخاً لسماعه منه (ص 126). و مع الأخذ بنظر الاعتبار تحریف تاریخ 408هـ إلی 480هـ - الذي لا ینسجم مع تاریخ وفاة أبي یعلی الأقساسي کما یری کراتشکوفسکي – خمّن بلیاییف أیضاً أن یکون تألیف الکتاب قد تمّ بین 408- 422هـ (غریاز نیفیج، ن.ص). وفي هذا الأمر یشبه العیون و الحدائق، کتاب أخبار الدولة أیضاً في الخطوط العامة، إلا أن هذا الشبه لیس کالموجود في تاریخ الخلفاء حین اقتبس المؤلف من أخبار بشکل متواصل.

کما أن کتاب أخبار الدولة جدیر بالاهتمام و الدراسة من حیث أسماء الأشخاص و الأماکن و بعض العبارات الفارسیة (مثلاً ص 374: «تو أبوسلمة دیدي؟») [أرایتَ أباسلمة؟].

 

المصادر

آقابزرگ، الذریعة؛ ابن الأثیر، الکامل؛ ابن إسفندر، محمد، تاریخ طبرستان، تقـ: عباس إقبال آشتیاني، طهران، 1320ش؛ ابن أعثم الکوفي، أحمد، الفتوح، حیدرآباد الدکن، 1392هـ/ 1972م؛ ابن بابویه، محمد أمالي، بیروت، 1400هـ/ 1980م؛ أخبار الدولة العباسیة، تقـ: عبدالعزیز الدوري و عبدالجبار المطلبي، بغداد، 1971م؛ تاریخ الخلفاء (ظ: ماء غریازنیفیج)؛ الدوري، عبدالعزیز، «ضوء جدید علی الدعوة العباسیة»، مجلة کلیة الآداب و العلوم، بغداد، 1957م، عد2؛ م.ن، مقدمة و حواش علی أخبار الدولة العباسیة (همـ)؛ السرنجاوي، عبدالرحمان، «کشف جدید في تاریخ الدعوة العباسیة»، الأزهر، القاهرة، 1372هـ/ 1952م، عد24 (1)؛ السمعاني، عبدالکریم، الأنساب، حیدرآباد الدکن، 1399هـ/ 1979م؛ السهمي، حمزة، تاریخ جرجان، حیدرآبادالدکن، 1387هـ/ 1967م؛ المسعودي، علي، مروج الذهب، تقـ: شارل پلا، بیروت، 1974م؛ یاقوت، الأدباء؛ و أیضاً:

Daniel, E., The Political and Social History of Khurasan under Abbasid Rule, Chicago, 1979, Gryaznevich, P. A., introd. And es. Istoriya Khalifov, Moscow, 1967.

علي بهرامیان/ هـ.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: