الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الکلام و الفرق / أحمد بن حائط /

فهرس الموضوعات

أحمد بن حائط

أحمد بن حائط

تاریخ آخر التحدیث : 1443/2/13 ۱۱:۳۲:۱۷ تاریخ تألیف المقالة

أَحْمَدُبْنُ حائط (تـ 232ه/ 846م)، متکلم معتزلي طردته المعتزلة، من أهالي البصرة، و مؤسس الفرقة الحائطیة، و قد اعتبرت أراؤه الخاصة بدعة. ذکر أن اسم أبیه خابط، و حابط و حافظ أیضاً، ولکن یبدو أنها تصحیف لاسمه، و أن ضبط الجاحظ (4/ 288) الأکثر تقدماً هو الأصح(أیضاً ظ: البغدادي، الفرق...، 80؛ ابن حزم، 2/ 267؛ الإیجي، 417؛ همائي، 56).

معلوماتنا عن حیاة ابن حائط قلیلة. و استناداً إلی قول البغدادي، فقد کان من تلامذة النظّام، و من المعتزلة المعروفین علی قول ابن الراوندي، حیث هب لمعارضة بعض آراء النظام (البغدادي، ن ص، الملل...، 115؛ الخیاط، 148؛ ابن حزم، 3/ 157)، ولکن الخیاط اعتبر المعتزلة من معارضیه اللدودین، فهو یقول في هذا المجال: عندما علم الواثق (حکـ 227–232 هـ) بإلحاد أحمدبن حائط، کلف القاضي أحمدبن أبي دؤاد النظر في آرائه، و تنفیذ الحکم الإلهي بشأنه ولکن أحمدبن حائط توفي قبل محاکمة (ص 149).

و بعد أن یذکر البغدادي اتفاق المعزلة علی تکفیر النظام، یعتبر الفرقة الحائطیة إحدی الفرقتین القدریتین اللتین انتسبتا إلی الإسلام، ولکنهما لا تعدان من الفرق الإسلامیة (الفرق، 20، 80)، و هو یری في موضع أخر أن أتباعهما من المشبهة لتشبیههم عیسی (ع) بالرب (ن م، 20، 80، 140)، و قد تجاوز ابن حزم ذلک فقال: إن هذه الفرقة کافرة بإجماع الأمة (1/ 166، 2/ 267).

و من تلامذته في مذهب التناسخ أحمدبن بانوش (باسوس) الذي کان یدعي النبوة (م ن 5/ 65؛ أیضاً ظ: البغدادي، ن م، 163؛ الإسفراییني، 137؛ الشهرستاني، 1/ 62).

معتقداته: کان للمسیحیة و الثنویة تأثیر کبیر علی آراء ابن حائط و معتقداته. و استناداً إلی ابن الراوندي فقد کان یعتبر المسیح أفضل من نبي الإسلام (ص) (ظ: اخیاط، ن ص)، و قد نسب أفعال اخیر إلیه (البغدادي، ن م، 166)، و کان یری أن للعالم خالقین أحدهما «الله» والآخر «کلمة الله عیسی بن مریم» الذي خلق العالم بواسطته. و تعني مقولته هذه بشکل سافر، أنه اعتبر کلام یوحنا حول العالم: «کل شيء به کان» (إنجیل یوحنا، 3:1) متعلقاً بالمسیح، و بذلک فقد فسر لفظة«الکلمة» بمعنی «المسیح الأزلي» الذي خلق الله العالم من خلاله. و قد استند من أجل تأیید خالقیة المسیح إلی آیة من القرآن تشیر إلی خلق المسیح للطیور: «...و إذ تخلق من الطین کهیئة الطیر بأذني فتنفخ فیها فتکون طیراً بإذني...» (المائدة/ 5/ 110). ویری ابن حائط أنه من بین هذین الخالقین، فقد وُصف الله بـ «القدیم» و الکلمة بـ «الحادث» و «المحدث» و المخلوق، و هذا یعتبر بحد ذاته انعکاساً للمسیحیة التي تفرق بین الله و الکلمة في نفس الوقت الذي تعتبر فیه الله و الکلمة قدیمین (الخیاط، 148، 152؛ البغدادي، ن م، 140، 166، الملل، ن ص؛ ابن حزم، 5/ 64؛ الإسفراییني، 138–139؛ ولفسن 317؛ سویتمن، II/ 111). و في الحقیقة، فإن رؤیة ابن حائط هذه هي مزیج من الثنویة و المسیحیة. ویبدو أن جذور هذا المعتقد تعود إلی میل أستاذه النظام إلی الثنویة. فقد قیل حول النظام: إنه کان في شبابه یخالط الثنویین، و قد دارالحدیث في ثلاثة مواضع أیضاً عن التأثیر العمیق للثویین علی آراء النظام (البغدادي، الفرق، 79، 82، 83، 85). و استناداً إلی البغدادي، فإن للنظام کتاباً أیضاً عن الثنویة نقد فیه بعض آراء المانویین (ن م، 81، 83؛ أیضاً ظ: و لفسن، 66).

و یری ابن حائط أن المسیح ابن الله ولکن بالتبنیي و لیس بالولادة، و هذه هي عقیدة النساطرة التي بتزعمها ثیودور الموبسوئستي الذي یقول حول ولادة المسیح: لقد أصبح من حق المسیح و نتیجة للاتحاد مع «کلمة الله»، أو المسیح الأزلي – الذي هو الابن الحقیقي الله- أن یسمی ابن الله عن طریق التبني (البغدادي، الملل، 115؛ الإسفراییني، 139؛ و لفسن، 318؛ سویتمن، II/ 110). ویؤید ابن حائط التجسد کما جاء في إنجیل یوحنا: «والکلمة صار جسداً» (1:14)، و یعتبر المسیحَ الکلمة القدیمة المتجسدة التي کانت قبل تجسد «العقل»، ثم اکتسبت الجسمانیة (البغدادي، الفرق، 166، الملل، 166؛ الشهرستاني، 1/ 60). و قد تأثر في هذه العقیدة بشکل عمیق بأوریغن (185–235 م) المتکلم المسیحي في المدرسة الإسکندریة، الذي تأثر هو بدوره بالمذهب الغنوصي، والأفلاطوني، والرواقي، و تعلیمات أمونیوس ساکاس مؤسس المدرسة الأفلاطونیة الحدیثة. و بعد أن یقول أوریغن في کتابه «الرد علی کلسوس»: إن ابن الله هو العقل و المصلحة، نراه یبحث في «العقل المتمکن في نفس عیسی» («دائرة‌المعارف للفلسفة»، v/ 551,552؛ «تاریخ المفاهیم»، II/ 157؛ سیل، 75). و یقول ابن حائط المقصود من العقل في الحدیث النبوي «إن الله تعالی خلق العقل فقال له: أقبل فأقبل، و قال له: أدبر فأدبر...» هو المسیح (ع). و قد أول جمیع الآیات و الروایات المتعلقة برؤیة الله تعالی في القیامة برؤیة العقل، و تجلي عیسی في الآخرة (الخیاط، 148؛ البغدادي، الفرق، ن ص، الملل، 115–116؛ الإسفرایینی، ن ص؛ الشهرستاني، 1/ 63؛ سیل، ن ص؛ نادر، 117).

و قد تجاوز ابن حائط التنبیه القرآني بأن المسیح یشهد الأعمال یوم القیامة، و اعتبره قسیم الآخر، و رأی ورأی أن الآیتین: «هل ینظرون إلّا أن یأتیهم اللّه في ظلل من الغمام و الملائکة و قضي الأمر و إلی اللّه ترجع الأمور» (البقرة/ 2/ 210)، و «وجاء ربّک و الملک صفّاً صفّاً» (الفجر / 89/ 22) إشارة إلی المسیح. و قال حول روایة «إن الله خلق آدم علی صورته»: أن الله خلق آدم علی أساس صورة نفس المسیح (الخیاط، ن ص؛ البغدادي، الفرق، 140، 166؛ ابن حزم، 5/ 64؛ الإسفراییني، ن ص؛ الشهرستاني، 1/ 60؛ السمعاني، 5/ 2). ویری ابن حائط أن حواریي المسیح کلهم أنبیاء مستنداً إلی الآیة: «و إذ أوحیت إلی الحواریّین» (المائدة / 5/ 111؛ ظ: الجاحظ، 5/ 424).

و من آراء ابن حائط الأخری طرح فکرة خلق الإنسان في العالم الأزلي و التي یطرح من خلالها اعتقاده بالتناسخ. و هو یعتقد في نظریته حول الوجود بخمسة منازل: الأول أن المخلوقات خلقت هناک قبل أن تظهر في الدنیا؛ و المنزل الثاني أن الدنیا هي بمثابة وادي الامتحان، و المنزلان الآخران اللذان هما منزلا الثواب: فأحدهما دار الأکل و الشرب و المنزل الجسماني؛ والآخر منزل الروح و الریحان و هو غیر جسمانی، و المنزل الخامس العقاب المحض و نار الجحیم (ابن حزم، 5/ 65؛ الشهرستاني، 1/ 62).

و علی قول البغدادي (ن م، 164)، فإن ابن حائط یری أن الله خلق أرواح جمیع الناس و هي حقیقة الإنسان، و هي أیضاً المکلف الحقیقي، في عالم قبل هذه الدنیا هو الجنة الأولی الفاقدة لخصائص العالم المادي، علی صورة موجودات سالمة و عاقلة و بالغة، و أنعم علیها بالمعرفة بربها. و قد کانت الأرواح في ذلک العالم مکلفة، و متعرضة لأمر الله و نهیه، و قد انضوت کل منها في عداد واحدة من هذه المجموعات الثلاث: فالجموعة الأولی تمثل أولئک الذین أطاعوا جمیع الأوامر الإلهیة، و استقروا في ذلک الموضع، أي الجنة الأولی؛ و المجموعة الثانیة هي الطائفة التي عصت جمیع الأوامر الإلهیة و ابتلیت بالعقاب الأبدي التمثل في النار؛ و المجموعة الثالثة هي الأشخاص الذین امتثلوا لبعض الأوامر، و عصوا بعض الأوامر الأخری، فطردهم الله من الفردوس، و ساقهم إلی الدنیا، و ألبسهم القوالب المادیة، و ابتلاهم بالعذاب والألم واللذة و الراحة. و قد تحولت هذه الأرواح إلی صور أنسانیة و حیوانیة مختلفة، بحیث أ صورهم تتناسب تناسباً تاماً مع أفعالهم في تلک الدار الأولی. فمن کانت معصیته هناک أکثر من طاعته، یکون قالبه في الدنیا أقبح، والذي تکون طاعته أکثر من معصیته یکون قالبه في الدنیا أحسن. و بذلک فإن الأرواح تتحول دائماً من قالب إلی آخر حتی تتطهر من الذنوب، و هي مبتلاة بهذه الصیرورات المتوالیة حتی یتعین مصیرها النهائي، و أخیراً فإن الروح التي تکون مفعمة بالخیر، و مطهرة من الشر تنتقل في الفور إلی الجنة، فیما یبتلی المذنب الذي تحول إلی شر محض بنار جهنم الخالدة في الفور (أیضاً ظ: ابن حزم، 3/ 157، 5/ 65؛ الإسفراییني، 137–138؛ الشهرستاني، 1/ 61–62؛ قا: سیل، 76–78). یقول ابن حزم: إن ما دفع ابن حائط إلی الاعتقاد بـ «نظریة الأزل» هو مسألة العدل من وجهة نظر المعتزلة (5/ 65 ؛سیل، 77). و من نتائج النظریة المذکورة أن الحیوانات، سواء الإنسان، أم غیره تمتلک کلها جنساً واحداً، و روحاً. و في الحقیقة، فإن ابن حائط یهدف من خلال تمهید هذه المقدمة إلی إثبات التکلیف بالنسبة إلی الحیوانات. و هو یعتبر کل نوع من الحیوانات أمة کي یجد من خلال التمسک بظاهر آیات من القرآن المجال لإثبات وجود أنبیاء من الحیوانات، و یکمل بذلک نظریته في التناسخ و تبدل الصور.

و قد استند ابن حائط لتأیید أفکاره إلی آیات من القران و بعض الأحادیث . و علی سبیل المثال فقد استند لإثبات التناسخ إلی آیات مثل: یا أیّها الإنسان ما غرّک بربک الکریم، الّذي خلقک فسوّاک فعدلک، في أيّ صورة ماشاء رکّبک (الانفطار / 82/ 6 7) و کذلک ... جعل لکم من أنفسکم أزواجاً یذرؤکم فیه (الشوری / 42/ 11). کما استند لإثبات أن کل مجموعة من الحیوانات هي أمة، و أن لها نبیاً إلی آیة: و ما من دابّة في الأرض ولا طائر یطیر بجناحیه إلّا أمم أمثالکم (الأنعام / 6/ 38)، و الحدیث المنسوب إلی النبي (ص): «لولا أن الکلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها» (الجاحظ، 4/ 288–293، 5/ 424؛ (البغدادي، الفرق، 163؛ الإسفراییني، 136–137) کما أن مما یجدر ذکره حول نظریته في التناسخ أن فرقة الحماریة الذین کانوا من معتزلة عسکر مکرم، آمنوا بهذه النظریة (البغدادي، ن م، 167؛ الإسفراییني، ن ص).

 

المصادر

ابن حزم، علي، الفصل، تقـ: محمد إبراهیم نصر و عبدالرحمان عمیرة، جدة، 1402هـ/ 1982م؛ الإسفراییني، شهفور، التبصیر في‌الدین، تقـ: کمال یوسف الحوت، بیروت، 1403هـ/ 1983م؛ الإیجي، عبدالرحمان، المواقف، بیروت، عالم الکتب؛ البغدادي، عبدالقاهر، الفرق بین الفرق، تقـ: محمد زاهد الکوثري، القاهرة، 1367هـ/ 1948م؛ م ن، الملل و النحل، تقـ: ألبیر نصري نادر، بیروت، 1986م؛ الجاحظ، عمرو، الحیوان، تقـ: عبدالسلام محمد هارون، القاهرة، 1385هـ/ 1965م؛ الخیاط، عبدالرحیم، الانتصار، تقـ: نیبرغ، القاهرة، 1344هـ/ 1925م؛ السمعاني، عبدالکریم، الأنساب، تقـ: عبدالرحمان بن یحیی المعلمي الیماني، حیدرآبادالدکن، 1385هـ/ 1966م؛ الشهرستاني، محمد، الملل و النحل، تقـ: محمد سید کیلاني، بیروت، دار المعرفة؛ العهد الجدید؛ القرآن الکریم؛ المقریزي، أحمد، الخطط، القاهرة، 1270هـ/ 1853م؛ همایي، جلال‌الدین، غزالي‌نامه، طهران، 1342ش؛ و أیضاً:

Dictionary of the History of Ideas, ed. Philip P. Wiener, NewYork 1973; The Encyclopedia of Philosophy, ed. Paul Edwards, NewYork/ London, 1972; Nader, A. N., Le Système philosophique des Mu’tazila, Beirut, 1956; Seale, M. S., Muslim Theology, London, 1964; Swectman, J. W., Islam and Christian Theology, London, 1955; Wolfson, H. A., The Philosophy of the Kalam, London, 1976.

فریبا جایدرپور/ خ.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: