الإسم
cgietitle
1442/9/19 ۲۰:۳۷:۰۵
https://cgie.org.ir/ar/article/236186
1446/9/4 ۱۰:۰۰:۳۵
نشرت
7
اَلاِسْم، أحد أقسام الكلمة الثلاثة في النحو العربي (الاسم والفعل و الحرف). و قد اهتم علماء الصرف و النحو بدراسة الاسم و تعريفه أكثر من القسمين الآخرين للكلمة، و الإشارة الأولى للاسم، هي نفسها التي وردت في رواية أبي الأسود الدؤلي (ن.ع) في القرن 1ه/7م (ظ: ن.د، 4/342). و بعد أبي الأسود بعدة عقود توسع كل مـن ابن أبي إسحاق (تـ 117ه/735م) و تلميذه عيسى بن عمـر (تـ 149ه/766م) قليلاً في الإشارة البدائية المنسوبة إلى أبي الأسود من خلال الاهتمام بـ «العلة و القياس» (ظ: فليش، I/26-28).
لـميكتسب الاسـم تعريفـاً واضحـاً بعـد فـي عصـر سيبويـه (تـ 180ه(، فقد اكتفى في إيضاحه بذكر بضعة أمثلة (مثل رَجُل، فَرَس) (1/9). و في تلك الفترة عرف الكسائي (ت 183ه( الاسم كالتالي: «الاسم ماوصف» (ظ: ابن فارس، 90)؛ و في نفس الفترة أيضاً اهتم الفراء (ت 207ه( بالخصائص النحوية الظاهرية للكلمة وقدم تعريفاً آخر هو: «الاسم ما احتمل التنوين، أو الإضافة، أو الألف و اللام»، و يرى هشام الضرير (ت 209ه) أن دخول حرف الخفض على الكلمة و وقوعها منادىً كافيان لتعريف الاسم (ظ: ن.ص) و يعتبر الأخفش الذي كان صديق سيبويه و أعلم الناس بالكتاب، أن الميزتين النحوية و الصرفية ــ كليهما ــ هما ملاك تعريف الاسم و يقول: «إذا وجدت شيئاً يحسن له الفعل و الصفة نحو زيد قام و زيد قائم، ثم وجدته يثنى و يجمع و يمتنع من التصريف، فاعلم أنه اسم» (ظ: ن.ص). و بعد حوالي نصف قرن، ضمّن المبرد (تـ 285ه) الذي كان الشارح الكبير لأثر سيبويه، تعريفه الوصف النحوي و المعنوي للكلمة، فقال: الاسم هو ماوقع على معنى، مثل رجل و فرس و زيد؛ كما أن الاسم هو الكلمة التي تقبل حرف الخفض (1/3؛ أيضاً ظ: الزجاجي، الإيضاح، 51؛ ابن فارس، 91). وقد اقتبس تلميذه ابن السراج هذا التعريف نفسه (ظ: الزجاجي، ن.ص).
استمر هذا البحث بين النحويين في القرنين 3و4ه أيضاً، مع اختلاف واحد و هو إن تأثير المنطق الأرسطي بدأ يظهر شيئاً فشيئاً على النحو العربي. صحيح أن ابن السراج يعتبر الاسم كلمة تدل على معنى واحد (1/36) كما فعل المتقدمون، و أن الزجاجي يضمن تعريفه صلاحية الاسم لأن يكون فاعلاً، أو مفعولاً به و أن يقبل حرف الخفض ( الجمل...، 1)؛ و لكننا نلاحظ أن الزجاجي قدم تعريفه في إطار منطقي، فيقول: هذا الحد داخل في مقاييس النحو، ولايمكن للاسم أن يخرج من هذا التعريف كما أن الاسم لايدخل فيه ( الإيضاح، 48). كما يقول نقلاً عن المنطقيين: الاسم صوت موضوع دال باتفاق على معنى، غير مقرون بزمان؛ و لكنه لايعتبر هذا التعريف المنطقي صحيحاً من الناحية النحوية. فبمقتضاه تدخل فيه الكثير من الحروف (ن.ص). و نحن لانعلم بالضبط لماذا ينسب ابن فارس هذا التعريف إلى الزجاجي نفسه مع قليل من التغيير نقلاً عن أبيبكر محمد بن أحمد البصير و أبي محمد سلْم بن الحسن و يثيـر نفس الإشكال على هذا التعريف (ص 92). كما نسب فليش أيضاً هذا التعريف إلى الزجاجي نقلاً عن ابن فارس، واعتبره متأثراً بالمنطق الأرسطي (EI2,IV/182).
يقول السيرافي في تعريف الاسم: الاسم كلمة تدل في نفسها على معنى مفرد و لاتقترن بزمان محصَّل (ظ: ابن يعيش، 1/22). ويقدم ابن جني أيضاً تعريفاً على غرار النحويين قبله ( اللمع...، 45-46)؛ و من بين علماء النحو في القرن 5ه، يقدم أبوحيان التوحيدي (ت 414ه( تعريفاً مقتبساً من أراء نحويين مثل الفراء والمبرد و هشام الضرير و الأخفش الأوسط و ابن السراج والسيرافي (1/207- 208). و في القرن 6ه اعتبر الزمخشري الاسم كلمة «تدل في نفسها على معنى و دلالتها مجردة من الاقتران» (ص 4). و بذلك، فقد حذف قيد «المحصّل» من تعريف السيرافي و أبي حيان. و في القرن 8ه، كرر علي الجرجاني تعريف السيرافي و الزمخشري مع التأكيد على عدم الاقتران بالأزمنة الثلاثة (ص 10). كما قدم السيوطي تعريفاً جامعاً و مانعاً للاسم فقال: الاسم مادل على مسمى به دلالة الوضع (4/355-356). ولاشك في أن السيوطي يقصد من خلال التأكيد على الدلالة الوضعية إخراج مصادر مثل «مقدم الحاج» و «خفوق النجم» من تعريفه، حيث تدل على الزمان دلالة اشتقاقية. و قد ذكر أكثر من 30 علامة للاسم (2/8-9).
و منذ القرن 4ه و ما بعده، بدأ تعريف الاسم يخضع لتأثير المنطق اليوناني، و في القرنين 5 و 6ه اكتسب هذا التعريف العمومية: «الاسم هو مادل في نفسه على معنى غير مقترن بأحد الأزمنة الثلاثة» و قد أضيف إليه أحياناً عبارة «المحصَّل» أو عبارة «الأزمنة الثلاثة» (ظ: ابن هشام، 18).
وقد أدى نفوذ المناقشات المنطقية في النحو العربي إلى ظهور تعاريف مختلفة للاسم. يقول ابن الأنباري: قدم للاسم حوالي 70 تعريفاً (ظ: الصقر، 92). كما أدى وجود ألفاظ مثل كيف و إذا ويوم... إلى أن تخدش شمولية تعاريف الاسم و يتم نقدها (ظ: ابنالسراج، 1/36-37؛ الزجاجي، الإيضاح، 49، 51-52؛ ابن فارس، 91). و لكن هذه الانتقادات لمتكتسب بعد الجانب المنطقي بشكل كامل؛ فقد أشار الزجاجي إلى الاختلاف بين مقاييس علماء النحو و علماء المنطق، فهو يرفض التعريف المنطقي في النحو (ن.ص، 48). و لكن تأثير المنطق اليوناني في النحو العربي بلغ تدريجياً من الشدة بحيث أن جميع الانتقادات التي وجهت إلى الاسم اكتسبت جميعها الطابع المنطقي و ذلك في القرن 7ه . و قد كان الناقدون في هذا القرن يبحثون دوماً في انتقاداتهم عن الجنس والفصل في كل تعريف و يؤكدون على ضـرورة أن يكـون جامعـاً و مانعـاً (ظ: أبوالبقـاء العكبـري، 123-124؛ ابن يعيـش، ن.ص؛ ابن أبـي ربيـع، 160؛ القـرشي، 69).
و أما ميزات الاسم التي تكررت في جميع المصادر و يمكن لكل منها أن يثبت كون الكلمة اسماً فهي: 1. إذا كان بإمكان جعله المسند إليه في الجملة و الإخبار عنه. 2. إذا استطعنا أن نجعله معرفة بإضافة حرف التعريف «ال» إليه، أو بإضافـته إلى اسم معرفة. 3. إذا قبل التنوين و حرف الخفض 4. إذا وقع موصوفاً ومنادى وغير ذلك (ظ: ابنالسراج، 1/37- 38؛ الزمخشري، ن.ص؛ ابنالحاجـب، 4؛ ابن عقيل، 1/16-21). و قـد ذكر السيوطي ــ كما ذكرنا ــ أكثر من 30 خصوصية حول الاسم (ن.ص). كما أثار موضـوع «مرتبة الاسم» بيـن أنواع الكلمة الثلاثـة مناقشات كثيـرة ولكنه وضع عموماً في المرتبة الأولى (الزجاجـي، ن.م، 83).
كانت هناك اختلافات في الآراء منذ القدم بين علماء النحو في الكوفة والبصرة حول أصل هذه الكلمة. فيرى البصريون أن الاسم مشتق من سما، يَسْمو، سُمُوّاً بمعنى العلوّ، لعلو الاسم على المسمى وكذلك على الفعل و الحرف (ابن الأنباري، 1/6، 7). و رأى أبوإسحاق الزجاج تلميذ المبرد أيضاً أنه مشتق من السُّمُوّ (ظ: ابن فارس، 99)، و كما قد أيد ابن فارس رأيه (ص 100). و لكن علماء النحو من مدرسة الكوفة اعتبروا الاسم مشتقاً من وَسَمَ، يَسِمُ، وَسْماً بمعنى العلامة و السمة و يرون أن الاسم علامة لمسماه يعرف بها ذلك المسمى (ظ: ابن الأنباري، 1/6).
و يرى البصريون أن رأي الكوفييين حول أصل الاسم صحيح من ناحية المعنى فقط، لامن ناحية اللفظ، و لأن بحث الاشتقاق هو بحث لفظي فقد اضطروا إلى تخطئة الكوفيين، و قدموا إيضاحات لإثبـات أن الاسم مشتق من «سمو» و هي إجمالاً كالتالي: ألف ــ من سِمْو، حيث حذفت الواو و وضعت بدلاً منها همزة في بداية الكلمة؛ ب ـ صيغة «أَسْمَيْتُ» حيث كانت في الأصل أَسْمَوْتُ وهي بدورها مشتقة من سمـو؛ ج ـ تدل كلمة سُمَيّ (مصغر اسم) و كلمة سُمًي و كذلك الجمع «أسماء» على وجود واو في آخر الكلمـة، لا أولها؛ د ـ إذا قسنا كلمة الاسم مع كلمة «ابـن» (بنو ابن) نلاحظ أن فيها تحولاً يشبه تحولها (ظ: ابنالأنباري، 1/ 8-16).
و لكن الإشكال في رأى البصرييين هو أنهم لميستطيعوا أن يضعوا «الاسم» في نطاق معنى «سما» «يسمو» فيقنعوا لكوفيين. ومع كل ذلك، فإن رأيهم حظي بقبول أكثر و ذكر الخطيب التبريزي للاسم أربعة أشكال مختلفة: اِسْمٌ و أُسْمٌ و سِمٌ و سُمٌ. وقد ذكر شواهد من شعر العرب لتأييد كلامه (1/350-351). ويضيف ابن الأنباري شكل سُمًى إلى هذه الصور الأَربع (1/15؛ أيضاً ظ: ابن يعيش، 1/23-24). و الآن ربما نستطيع أن نأخذ بألراي القائل بثنائية أصل هذه الكلمة إذا أخذنا بنظر الاعتبار الأشكال المنسية التي لايمكن أن نجدها في النصوص العربية القديمة. و لاشك أن الاسم مشتق من الجذر السامي القديم SM؛
و هو في الأكدية شُمو، و في الأرامية شْما و في العبرية شِمْ، وفي الحبشية سِم (عبدالتواب، 56؛ أيضاً ظ: البستاني، 13/ 279). وبناء على ذلك، فإن «الاسم» كان يضم حرفين كما هو حال أكثر الكلمات الأم في اللغة العربية، و لكن في مسيرة التطور، فإن الميل إلى توسيع الكلمات، أو جعلها تتكون من ثلاثة حروف، أدى إلى إضافة حرف صوتي عديم الدلالة في بداية الكلمة. ويمكننا أن نجد هذه الظاهرة أيضاً في عدد من الكلمات الأخرى المؤلفـة من حرفين (ظ: ن.د، ابن). إن الخصوصية الصوتيـة العديمة الدلالة للهمزة في أول الكلمة التي تحذف عند إضافة كلمة أخرى إلى كلمة الاسم في التلفظ، بل وحتى في الكتابة أحيـانــاً، جعـل علمـاء النـحـو العـرب يسمونهـا «همـزة الوصل».
و بالطبع فإن العلماء المسلمين لميغفلوا الجانب الدلالي عند البحث حول الاسم. فقد بحثوا الانطباق، أو عدم الانطباق بين الاسم و المسمى (مثلاً ظ: الأزهري، 13/117) كما فعل الأصوليون، وأشاروا إلى موضوع وضع الكلمة للمفاهيم و بالتالي سبق الدلالة على الاسم (ابن جني، الخصائص، 1/51؛ الجرجاني، عبدالقاهر، 320 و مابعدها).
ابن أبي الربيع، عبدالله، البسيط في شرح جمل الزجاجي، تق : عياد بن عيد الثبيتي، بيروت، 1407ه/1986م؛ ابن الأنباري، عبدالرحمان، الإنصاف في مسائل الخلاف، القاهرة، 1961م؛ ابن جني، عثمان، الخصائص، تق : محمد علي النجار، القاهرة، 1371ه/1952م؛ م.ن، اللمع في العربية، تق : حامد المؤمن، بيروت، 1405ه/1985م؛ ابن الحاجب، عثمان، الكافية، شرح رضيالدين الإسترابادي، بيروت، 1405ه/1985م؛ ابن السراج، محمد، الأصول في النحو، تق : عبدالحسين الفتلي، بيروت، 1408ه/ 1988م؛ ابن عقيل، عبدالله، شرح على الألفية، تق : محمد محييالدين عبدالحميد، القاهرة، 1350ه؛ ابن فارس، أحمد، الصاحبي، تق : أحمد الصقر، القاهرة، 1977م؛ ابن هشام، عبدالله، شرح شذور الذهب، تق : عبدالغني الدقر، دمشق، 1404ه/1984م؛ ابن يعيش، شرح المفصّل، بيروت، عالم الكتب؛ أبو اسحاق الشيرازي، إبراهيم، شرح اللمع، تق : عبدالمجيد التركي، بيروت، 1408ه/ 1988م؛ أبوالبقاء العكبري، عبدالله، التبيين، تق : عبدالرحمان العثيمين، بيروت، 1406ه/1986م؛ أبوحيان التوحيدي، علي، البصائر والذخائر، تق : إبراهيم كيلاني، دمشق، 1964م؛ أبوزيد الأنصاري، سعيد، النوادر في اللغة، بيروت، 1387ه/1967م؛ الأزهري، محمد، تهذيب اللغة، تق : أحمد عبدالعليم البردوني، القاهرة، 1966م؛ البستاني؛ الجرجاني، عبدالقاهر، دلائل الإعجاز، تق : محمد رشيد رضا، القاهرة، 1366ه؛ الجرجاني، علي، التعريفات، القاهرة، 1306ه؛ الخطيب التبريزي، يحيى، تهذيب إصلاح المنطق، تق : فوزي عبدالعزيز مسعود، القاهرة، 1986م؛ الزجاجي، عبدالرحمان، الإيضاح في علل النحو، تق : مازن المبارك، بيروت، 1986م؛ م.ن، الجمل في النحو، تق : علي توفيق حمد، 1407ه/1986م؛ الزمخشري، المفصّل في النحو، تق : بروخ، لندن، 1879م؛ سيبويه، الكتاب، بيروت، 1387ه/1967م؛ السيوطي، الأشباه و النظائر، تق : إبراهيم محمد عبدالله، دمشق، 1407ه/1986م؛ الصقر، أحمد، تعليقات على الصاحبي (ظ: هم، ابن فارس)؛ عبدالتواب، رمضان، مباحثي در فقه اللغة و زبانشناسي عربي، تج : حميد رضا شيخي، طهران، 1367ش؛ القرشي الكيشي، محمد، الإرشاد إلى علم الإعراب، تق : عبدالله علي الحسيني البركاتي ومحسن سالم العميري، مكة، 1410ه/1989م؛ المبرد، محمد، المقتضب، تق : محمد عبدالخالق عضيمة، القاهرة، 1382ه/1963م؛ و أيضاً:
EI2; Fleisch, H., Traité de philologie arabe, Beirut, 1990.
زهرا خسروي/خ.
عزيزي المستخدم ، يرجى التسجيل لنشر التعليقات.
مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع
هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر
تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول
استبدال الرمز
الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:
هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول
الضغط علی زر التسجیل یفسر بأنک تقبل جمیع الضوابط و القوانین المختصة بموقع الویب
enterverifycode