الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الکلام و الفرق / الأسماء و الأحکام /

فهرس الموضوعات

الأسماء و الأحکام

الأسماء و الأحکام

المؤلف :
تاریخ آخر التحدیث : 1442/9/19 ۲۱:۱۹:۰۰ تاریخ تألیف المقالة

اَلْأَسْماءُ وَ الْأَحْكام، عنوان إحدى المسائل الكلامية التي قدم المتكلمون حولها بحوثاً مهمة و مفصلة فلاتخلو غالبية الكتب التي ألفت في مجال علم الكلام من هذا البحث. و المقصود من «الأسماء» البحث على أي مسمى و موصوف تدل صفات مثل الإيمان و الكفر و المعصية و الطاعة و الظلم و العدل و الجور والفسق و من الذي يمكن وصفه بهذه الأوصاف (ظ: ابن فورك، 149 و مابعدها). و بعبارة أخرى، من هو «المؤمن»؟ و من هو «الفاسق»؟ و ما هي حدود الإيمان و الكفر و أوصاف من هذا القبيل كي نعرف الأشخاص في داخل هذه الحدود و خارجها، ونصفهم بالإيمان و الكفر و غيرذلك. و إذا اتضحت حدود هذه الأوصاف و علمنا أي شخص يمكن أن يكون مؤمناً، أو كافراً، ففي هذه الحالة سوف يتضح حكمه أيضاً، ذلك لأن كل شخص يتصف بهذه الأوصاف، فسوف يتمتع بحقوق اجتماعية خاصة، أو يحرم منها في المجتمع المسلم، هذا بالإضافة إلى الأحكام الأخروية؛ و على سبيل المثال فإن المؤمن هو وحده الذي يحق له أن يحكم المسلمين كما أن تشريعات الزواج، أو الإرث تختلف من الكافر إلى المؤمن (ظ: الأشعري، مقالات...، 54). و بالطبع فإن هذه الأحكام كانت لها أيضاً تبعات سياسية خاصة، ذلك لأن الخلفاء و عمالهم أيضاً كانوا مشمولين بهذه الأحكام و بالطبع فإن كل حكم كان يواجه موقفاً خاصاً من قبل المسلمين.

لموضوع الأسماء والأحكام خلفية قديمة من الناحية التاريخية، حيث تعود جذور هذا البحث إلى حوالي سنة 40ه‍، عندما طرح الخوارج في معركة صفين شعاراً جديداً وكفّروا بعض المسلمين والمؤمنين (البلاذري، 2(1)/360؛ القاضي عبدالجبار، «فضل...»، 164). و قد تبنى الخوارج بعد فترة هذه الفكرة باعتبارها عقيدة كلامية و رأوا أن مرتكب الكبيرة كافر أساساً. علماً أن البعض منهم كان يفرق بين «كفر الشرك» و«كفر‌‌النعمة» (أبوالقاسم، 115؛ الأشعري، ن.م، 110؛ التفتازاني،141). ومع ظهور الخوارج، ظهرت فرقة أخرى باسم المرجئة؛ حيث كانوا يرون أن إيمان المؤمن لايضر معه أي ذنب ولايخرجه من جماعة المسلمين (الماتريدي، 2؛ القاضي عبدالجبار، ن.م، 156؛ الشهرستاني، 1/139).

و لاشك في أن عقيدة المرجئة كانت تناقض تماماً الخوارج. فكانت هاتان الفكرتان تحملان حالة الفعل و رد الفعل و كان مذهب المعتزلة هو الحالة الوسطية بينهما. و استناداً إلى بعض الرويات، فإن النقاش و الجدال بين الحسن البصري (تـ‍ 110ه‍( وبين بعض تلامذته حول الأسماء و الأحكام أديا إلى ظهور فرقة جديدة باسم المعتزلة. و قد كان الحسن البصري يصف مرتكب الكبيرة بالنفاق، في حين أن واصل بن عطاء و عمرو بن عبيد لم‌يكونا يعتبرانه، لاكافراً و لامؤمناً، خلافاً لرأي الأستاذ و كانا يريان أنه في «منزلة بين المنزلتين» (مانكديم، 137- 138؛ السمعاني، 12/ 338-339؛ ابن الأثير، 3/231-232). و قد أصبح هذا المبنى الحجـر الأساس في مذهـب المعتزلـة و أحـد أصوله الخمسـة (ظ: مانكديم، 697، مخ‍ (. و في هذا المجال، تقترب أراء الجهمية والإمامية والأشاعرة من المرجئة، و أفكار الزيدية من الخوارج (الأشعري، ن.م، 73-74، 132، اللمع، 75؛ المفيد، 10).

و من الواضح أن مثل هذا الاختلاف العميق في النظر بين المتكلمين يدل على أن مسألة الأسماء و الأحكام كانت من المسائل الأساسية و المهمة في علم الكلام. و الشاهد الآخر على اهتمام المتكلمين بهذه المسألة هو أن بعضهم قاموا بكتابة رسائل مستقلة في هذا لباب. و استناداً إلى تقرير ابن النديم، فقد كان واصل بن عطاء (ت‍ـ 131ه‍ ). و ضرار بن عمرو (تـ‍ 190ه‍ ) قد ألفا رسائل مستقلة تحت عنوان المنزلة بين المنزلتين. كما أشار ابن‌النديم إلى رسالتين بعنوان الأسماء و الأحكام كتبهما الحارث الورّاق و ابن الراوندي من متكلمي القرن 2ه‍ (ص 203، 215، 217، 219). و كما ذكر ابن عساكر (ص 129) كتاباً كبيراً للأشعري حول «اختلاف الناس في الأسماء و الأحكام».

و منـذ أواخـر القـرن 3ه‍ و مابعـده طـرح أبوعلي الجبائـي (تـ‍ 303ه‍(‍ و تلميذه أبوالحسن الأشعري (ت‍ـ 324 أو 330 ه‍ ( بحثاً يتميز بطابع علمي أكثر في دراسة مسألة الأسماء و الأحكام و قد طرح المتكلمون بعدهما هذا البحث بشكل أكثر عمقاً و اتساعاً. وقد بلغ هذا البحث من الأهمية بحيث أنه تجاوز نطاق علم الكلام ليدخل دائرة علم أصول الفقه أيضاً و خصص له فصل مستقل بعنوان ثبوت الحقيقة الشرعية، أو عدم ثبوتها، بحيث أننا لانجد منذ القرن 5ه‍ كتاباً أصولياً يخلو من هذا البحث (مثلاً ظ: أبوالحسن، 1/23-26؛ آخوند الخراساني، 35-37). يبدأ هذا البحث بالسؤال التالي و هو هل من الممكن الرجوع إلى عرف أهل اللغة فيما يتعلق بمعاني الأسماء و الأوصاف المذكورة ومسمياتها؟ وبعبارة أخرى هل يمكن بشكل عام اتخاذ عرف أهل اللغة ملاكاً في تعيين معاني الكلمات و المصطلحات التي استخدمت في الشريعة؛ و هل اتخذ الشارع من هذا العرف ملاكاً، أم أنه قصد معاني مستقلة للتعابير التي استعملها؟ و يرى أبوعلي الجبائي أن هذه التعابير لها معنى خاص في الشريعة هي لاتمثل بالضرورة معناها اللغوي. فهو يرى أن من الممكن دراسة كل اسم من جانبين: الجانب اللغوي و الجانب الديني فمن الممكن من الناحية اللغوية أن نصف شخصاً باسم، و لكن هذا لايعنى بالضرورة أن الدين يؤيد هذا الاسم. فللدين معايير خاصة لإطلاق هذه الأسماء. والفرق بين الاسم من ناحية اللغة و بين الاسم نفسه من ناحية الدين، هو أن الاسم اللغوي الذي اشتق من الأفعال طبعاً، ينقضي وينمحي بانقضاء ذلك الفعل و لكن الاسم الديني ليس كذلك فالإنسان يبقى موسوماً به حتى بعد انقضاء ذلك الفعل. و على هذا الأساس، فإن الفاسق الملي، أى مرتكب الكبيرة يمكن اعتباره من الناحية اللغوية مؤمناً في ذلك الوقت الذي يكون فيه مشغولاً بفعل الإيمان (كأن يصلي مثلاً)، و لكن اسم الفسق يمكن أن يطلق عليه في ذلك الوقت أيضاً من الناحية الدينية. و بعبارة أخرى فإنه يوسم بالفسق من الناحية الدينية حتى بعد انقضاء فعل الفسق. وعلى هذا الأساس فقد كان أبوعلي الجبائي يرى أن من الممكن اعتبار أهل الكتاب مسلمين و مؤمنين من الناحية اللغوية بسبب الإيمان الذي يحملونه (الأشعري، مقالات، 269).

و لأبي الحسن الأشعري مؤسس مذهب الأشاعرة في هذا الموضوع كما في المواضيع الأخرى موقف يخالف تماماً موقف أبي علي الجبائي. و يستند الأشعـري ــ كما هو حال فرقة من المرجئه (أبوالحسين، 1/23) ــ حول بيان النطاق الدلالي لأوصاف مثل الإيمان و الكفر إلى أن من الواجب الرجوع إلى عرف أهل اللغة العربية ذلك لأن اللغة مخلوقة و أن الله هو الذي علمها للناس و التعابير المستعملة في الدين هي نفسها التي استعملها أهل اللغة. فقد خاطب الله العرب بلغتهم وتحدث معهم بهذه اللغة. ولم‌تغير الشريعة وضع اللغة العربية، و لم‌تضع اسماً جديداً لم‌يكن في هذه اللغة سابقاً و يستشهد الأشعري لتأييد رأيه بالآيات 4 من سورة إبراهيم و195 من سورة الشعراء و 2 من سورة يوسف. فقد جاء التصريح في هذه الآيات بإن القرآن نزل باللغة العربية، أي باللغة التي كان العرب في ذلك العصر يفهمونها بسهولة (الأشعري، اللمع، 75-76؛ ابن فورك، 149-151؛ الشريف المرتضى، 538).

و قد تبنى القاضي عبدالجبار الهمداني (تـ‍ 415ه‍( الذي كان أكبر منظر للمعتزلة رأي أبي على الجبائي، و انهمك حسب العادة في نقد آراء الأشعري و الرد عليها (ظ: مانكديم، 709). و لاينكر القاضي أن الأسماء موضوع البحث لها معنى لغوي، و لكنه يقول: إن أهل الشريعة نقلوا هذه الأسماء من معناها اللغوي إلى المعنى الشرعي. و لذلك، فإنه ليس من الصحيح مراجعة عرف أهل اللغة لتعيين معاني هذه التعابير خلافاً لرأي الأشعري (م.ن، 704). وهو يقول: إن كلمة الصلاة تعني في اللغه الدعاء، و لكنها في عرف أهل الشريعة اسم لعبادة خاصة؛ و هكذا الحال بالنسبة للصوم والزكاة (م.ن، 704-705، 710) و هو يتخذ من ذلك دليلاً على أن هناك أسماء شرعية تغاير الأسماء العرفية و اللغوية. و قد نقل أبـوالحسيـن البصـري (تـ‍ 436ه‍( مقتبس آراء القاضي بتوضيح وتفصيل أكثر (1/23-26).

و قد أخذ الشريف المرتضى (تـ‍ 436ه‍( المتكلم الإمامي الذي تنسجم أسسه الكلامية في الغالب مع المعتزلة، برأي الأشعري، ودافع عنه بشدة (ص 536- 538). و بعد أن اعتبر اللغة معياراً، أجاب على الإشكال الذي أورده القاضي عبدالجبار على رأي الأشعري (ظ: مانكديم، 705؛ قا: الشريف المرتضى، 538-539).

 

المصادر

آخوند الخراساني، محمد كاظم، كفاية الأصول، قم، 1412ه‍؛ ابن الأثير، علي، اللباب، بيروت، دارصادر؛ ابن عساكر، علي، تبيين كذب المفتري، دمشق، 1347ه‍؛ ابن فورك، محمد، مجرد مقالات الشيخ أبي الحسن الأشعري، تق‍ : دانيل زيماره، بيروت، دار المشرق؛ ابن النديم، الفهرست؛ ابوالحسن البصري، محمد، المعتمد في أصول الفقه، تق‍ : محمد حميدالله وآخرون، دمشق، 1384ه‍/1964م؛ أبوالقاسـم البلخـي، «باب ذكــر المعتزلة»، فضـل الاعتـزال وطبقـات المعتزلــة، تق‍: فؤاد سيد، تونس، 1406ه‍/1986م؛ الأشعري، علي، اللمع، تق‍ : ريتشارد مكارتي، بيروت، 1953م؛ م.ن، مقالات الإسلاميين، تق‍ : هلموت ريتر، فيسبادن، 1400ه‍/1980م؛ البلاذري، أحمد، أنساب الأشراف، تق‍ : محمد باقر محمودي، بيروت، دارالتعارف؛ التفتازاني، سعد‌الدين، «شرح العقائد النسفية»، حاشية الكستلي على شرح العقائـد، إستانبول، 1973م؛ السمعانـي، عبدالكريم، الأنساب، حيدرآبـاد الدكن، 1401ه‍/1981م؛ الشريف المرتضى، علي، الذخيرة، تق‍ : احمد الحسينـي، قم، 1411ه‍؛ الشهـرستانـي، محمـد، الملل و النحـل، تق‍ : عبدالعزيز محمد الوكيل، القاهرة، 1387ه‍/ 1968م؛ القاضي عبدالجبار، «فضل الاعتـزال»، فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة، تق‍ : فؤاد سيد، تونس، 1406ه‍/1986م؛ القرآن الكريم؛ الماتريدي، محمد، «شرح الفقه الأكبر»، الرسائل السبعة في العقائد، حيدرآباد الدكن، 1400ه‍/ 1980م؛ مانكديم، أحمد، [تعليق] شرح الأصول الخمسة، تق‍ عبد‌الكريم عثمان، مكتبة وهبة؛ المفيد، محمد، أوائل المقالات، تق‍ : مهدي محقق، طهران، 1372ش.

 

ناصر‌ گذشته/خ.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: