إسکندربیک المنشي
cgietitle
1442/9/16 ۰۸:۲۶:۱۴
https://cgie.org.ir/ar/article/236168
1446/9/4 ۱۰:۲۷:۳۶
نشرت
7
إسْكَنْدَرْبَيْكُ الْمُنْشي (968ـ بعــد 1043ه/1561 ـ بعد 1633م)، الكاتب و المؤرخ الشهير في العصر الصفوي و صاحب تاريخ عالم آراي عباسي.
رغم شهرة إسكندربيك، إلا أن معلوماتنا عن حياته قليلة، وتقتصر على إشارات قصيرة له هو نفسه في عالم آراي عباسي وذيله، و ما ذكره القاضي أحمد القمي، المؤرخ و مؤلف التراجم المعاصر لإسكندربيك في گلستان هنر حوله. لانعلم بالضبط منشأه ولكن بعض الباحثين (ظ: پيغولوسكايا، 2/531؛ IA، نقلاً عن روماسكويتش)، اعتبروه من قبيله التركمان في آذربايجان (أيضاً ظ: أفشار، مقدمة عالم آرا ...، يك). و بما أن إسكندر بيك صرح هو نفسه بأنه أنهى تأليف عالم آرا في 1038ه/ 1629م (بعد موت الشاه عباس و بداية حكم الشاه صفي)، في السبعين من عمره (ظ: مادة...، 5؛ سهيلي، مقدمة الذيل، «ج»)، فإن ولادته يجب أن تكون في 968ه/1561م. و قد ذكر أبوالحسن القزويني أيضاً هذا التاريخ في فوايد الصفوية (تأليف: 1211ه) (ظ: ستوري، I/309: لايوجد هذا الموضوع في ط 1367ش لفوايد الصفوية).
بعد أن تلقى إسكندربيك العلوم المتداولة آنذاك و كذلك «علم السياق» انشغل بالعمل الحكومي كما يذكر هو نفسه، ولكنه مالبث أن اعتزل هذا العمل الذي كان قد «أبعده مائة مرحلة عن نيل الفضل و الكمال» و اتجه إلى تعلم «علم الإنشاء» ( عالم آرا، 1). و على قول القاضي أحمد القمي (ص 54-55)، فقد عمل إسكندربيك لفترة في «مكتب الشرعيات» في الكتابة، و عندما أوكل استيفاء هذا المكتب إلى القاضي أحمد القمي في 988ه على عهد السلطان محمد خدابنده، أخذ إسكندربيك يعمل تحت إشرافه (أيضاً ظ: سهيل، مقدمة گلستان هنر، پنجاه وهشت).
و في 994ه/1586م عندما هاجم ولي العهد حمزة ميرزا عراق العجم لقمع ثورة التكلو، كان إسكندربيك يلازمه في منصب كاتب الديوان و انشغل هو نفسه أيضاً بمحاربة المتمردين (ظ: إسكندربيك، ن.م، 336، 339-340؛ أيضاً ظ: أردمن، 464). و في 1001ه/1593م، توجه إلى الشاه عباس في أصفهان و انخرط في سلك «الكتّاب العظام» و بدأ يعمل في «ديوان الإنشاء» (إسكندربيك، ن.م، 455). و كما ذكر إسكندربيك نفسه، و كما يبدو من الكتب الكثيرة التي استند إليها في تأليف عالم آراي عباسي، فقد كانت له مطالعات واسعة في مجالات التاريخ والأدب والجغرافيا و العلوم الآخرى بالإضافة إلى اشتغاله في الشؤون الديوانيـة (ظ: ن.م، 2، 1095، مخ ). كان حاتم بك اعتمادالدولـة و وزير الشاهعباس، يعد أحد أكبر داعمي إسكندربيك. و كان يرافق الوزير في مهمات عديدة و قد تمتع بعد موت حاتم بك (1019ه/1610م) و حتى نهاية عمره بدعم ابنه أبي طالب ميرزا الذي كان قد تولى الوزارة بعد أبيه (ن.م، 924-925). واصل إسكندربيك بعد موت الشاه عباس (1037ه/ 1628م) تسجيل وقائع سلطنة الشاه صفي خليفته حتى 1043ه/1633م (ظ: م.ن، ذيل، 146). ولذلك، يجب أن تكون وفاته قد حدثت بعد هذا التاريخ. ولاشك في أن رواية ستوري من مرآة العالم القائلة بأن إسكندربيك توفي في 1038ه (I/310) غير صحيحة.
1. عالم آراي عباسي. قسم إسكندربيك هذا الكتاب إلى مقدمة و صحيفتين، وخاتمة في 3 مجلدات. تدور المقدمة حول نسب الملوك الصفويين و أحوالهم و ظهور الشاه إسماعيل وأحداث حكمه. تشتمل الصحيفة الأولى التي انتهت في 1025ه/1616م، على 12 مقالة: خصصت المقالة الأولى لحكم خلفاء الشاه إسماعيل (الشاه طهماسب الأول و الشاه إسماعيل الثاني و السلطان محمد خدابنده) و جلوس الشاه عباس الأول على عرش الحكم، و11 مقالة أخرى في صفاته المعنوية والأخلاقية و الاجتماعية وعاداته (ص، 5-6، قا: مادة، 2-3؛ أيضاً ظ: ستوري، ن.ص؛ ريو، I/185). تتعلق الصحيفة الثانية التي تشكل القسم الأكبر من عالم آراي عباسي بسلطنة الشاه عباس. وقد قسمها المؤلف إلى «مقصدين» و«خاتمة»: يستوعب المقصد الأول (أو المجلد الثاني) جلوس الشاه عباس حتى نهاية السنة الثلاثين من سلطنته في 1025ه، ويضم المقصد الثاني (أو المجلد الثالث) 12 عاماً (لعل أساس هذا التقسيم كالمقالات الاثنتي عشرة في الصحيفة الأولى هو قدسية عدد الاثني عشر إماماً) (ظ: أردمن، 496). تشمل نهاية سلطنة الشاهعباس من 1026ه/1617م حتى وفاته في 1037ه/1628م. لميتبق أثر الآن من (خاتمة) الكتاب التي سماها المؤلف «حكايات غريبة و روايات عجيبة»، أو أن المؤلف لميكن قد بادر إلى تأليفها (ظ: ص 379، 919؛ أفشار، ن.م، چهارـ پنج).
يمكن تقسيم عالم آراي عباسي من حيث أهمية مواضيعه إلى قسمين: القسم الأول من بداية الكتاب و حتى حدود أحداث أواخر عهد السلطان محمد خدابنده، حيث استند المؤلف إلى المصادر المختلفة و الروايات الشفوية؛ و يتمتع القسم الثاني بأهمية أكبر، حيث كان إسكندربيك نفسه شاهداً للكثير من الأحداث في منصب كاتب الديوان. استند إسكندربيك كما قال هو نفسه (ظ: ص 7-9)، فيما يتعلق بنسب الملوك الصفويين و أحوال أجداد هذه الأسرة على صفوة الصفا لابن البزاز (ظ: ص 11 و مابعدها) كما كان حال معظم مصادر تلك الفترة، و قد ذكر «اتفاق جمهور علماء الأنساب» حيث انحدروا بنسب الشيخ صفيالدين الأردبيلي إلى الإمام موسى الكاظم (ع) (ظ: كسروي، 358، 360، 493-494، الذي هاجم إسكندربيك بشدة و اتهمة بالمبالغة). استند المؤلف بالإضافة إلى ذلك إلى الروايات الشفوية أيضاً، و أبدى أحكامه أحياناً بشأنها (مثلاً ظ: ص 16، رأيه حول الروايات المختلفه للقاءات السلطان صدرالدين موسى، أو السلطان الخواجه علي بالأمير تيمور الگوركاني).
و يعد حبيب السير لخواندمير و أحسن التواريخ لروملو من أهم مصادر إسكندربيك حول الشاه إسماعيل الصفوي، رغم أنه اختصر معلومات هذه المصادر و بسّطها قليلاً (ص 25: قا: خواندمير، 2/440، 442). و اذا ما رأى إسكندربيك اختلافاً بين هؤلاء المؤرخين، فإنه كان يفضل أن يكتفي بنقل رواياتهم. وعلى سبيل المثال ففيما يتعلق بمحاربة الشاه إسماعيل الأول لعلاءالدولة ذيالقدر، فقد نقل تفصيل الحدث من حبيب السير (م.ن، 4/485 مابعدها)، و كذلك نقد روملو (12/123-125) لخواندمير القائل بأن حرباً لمتحدث أساساً بينهما، دون أن يبدي رأيه هو نفسه (ص 31-32)؛ في حين أن البعض الآخر من مصادر تلك الفترة (مثلاً ظ: جهانگشاي...،245 و مابعدها، عالم آراي صفوي، 108 ومابعدها) شهدت بصحة أخبار حبيب السير. و من المصادر الأخرى التي استند إليها إسكندربيك بشأن حكم الشاه إسماعيل الأول و الشاه طهماسب، يمكننا الإشارة إلى تاريخ جهان آرا و لب التواريخ (ص 27، 54، 99).
لقد تغير أسلوب إسكندربيك تدريجياً في ذكر حوادث حكم الشاه إسماعيل الثاني، فاستند في الغالب إلى الروايات الشفوية ومزجها مع المصادر المكتوبة التي كانت تحت تصرفه. قدم إسكندربيك أحياناً معلومات انفرد بها عن هذه الفترة لايمكن العثور عليها في المصادر الأخرى إلا نادراً. و لذلك يرى هينتس (ص 115-116) أن إسكندربيك قدم بين مصادر العصر الصفوي أوضح التقارير و أكثرها تفصيلاً حول نمط التفكير الديني للشاه إسماعيل الثاني في عالم آراي عباسي (ص 154-155).
يعد القسم الثاني أهم أقسام تاريخ عالم آراي عباسي و يضم تفصيل الوقائع التي شهد إسكندربيك الكثير منها باقتضاء عمله. وفضلاً عن ذلك، فإن استناده إلى الوثائق الحكومية و اتصاله برجال الحكم و سفراء الدول الأجنبية أكسبا هذا القسم من أثره قيمة أكبر. تم تقسيم عالم آراي عباسي بشكل موضوعي إلى فصول منذ البداية و حتى تاريخ تولي الشاه عباس الكبير للحكم، ودون اعتباراً من ذلك على أساس السنين. يبدأ كل فصل بذكر السنة التركية و معادلها الهجري، و يستمر على هذا المنوال حسب ترتيب سنوات حكم الشاه عباس؛ رغم حدوث بعض الأخطاء في مطابقتها كان سببها التصحيف، أو سهو المؤلف نفسه (ظ: حصوري، 16 و مابعدها).
اضطر إسكندربيك في بعض المواضع إلى قطع ذكر الواقعة ليذكر تتمتها عند تفصيل أحداث السنة التالية. لقد أدى هذا الأسلوب و كذلك نقل تفاصيل الأحداث في عالم آراى عباسي إلى أن ينتقد إدوارد براون بشدة المؤلف. و يرى براون (IV/107) عدم وجود نظام و ترتيب في التصميم العام لتاريخ عالم آراي عباسي و الآثار المشابهة له و أن نقل تفاصيل الأحداث ممل للقارئ و أن الأوضاع الدينية و الاجتماعية في تلك الفترة لايمكن العثور عليها، إلا بشكل ضمني و على سبيل الصدفة بين تفصيل الحوادث. و لكن يجب القول إن إسكندربيك كان مضطراً ــ كمـا كان حال الكثير مـن المؤرخيـن المسلميـن ــ لأن يـذكر الحوادث في ذيل السنوات رعاية لأسلوب كتابة التاريخ القائم على أساس تسلسل السنين؛ رغم أنه يؤدي أحياناً إلى تخلخل نظام الموضوع، ومع ذلك فإن المؤلف يدعو القارئ بمهارة إلى تتبع الأحداث من خلال تقديم شرح مختصر للوقائع السابقة. و من جهة أخرى فإن تفاصيل الوقائع التي نقلها إسكندربيك ليست بالغة الأهمية كما جاء في إيرانيكا (I/746)، و لكن هذه التفاصيل تمكن مؤرخ العصر الحاضر الحديث من أن يطلع على التاريخ الحقيقي لتلك الفترة نظراً إلى فقر المصادر التاريخية في ذلك العصر، بحيث يمكن من خلال هذه التفاصيل الاطلاع على التركيبة الإدارية للدولة الصفوية والأوضاع الاجتماعية ـ السياسية في ذلك العصر. و قد اعتبر فالش هذا الكتاب أحد أهم آثار العصر الإسلامي، حيث يضم قرنين من تاريخ إيران (ص 200، ها8).
ومن بين الخصائص البارزة لكتاب عالم آراي عباسي الترجمة لرجال الحكم و رؤوساء الدواوين و العلماء و الشعراء والفنانين، حيث تم تنظيمه على قسمين: أحدهما في نهاية تفصيل و قائع حكم الشاه طهماسب (ص 138-191) و الآخر في نهاية بيان وقائع حكم الشاه عباس (ص 1084-1093)، كما ذكرت أيضاً تراجم المتوفين في نهاية كل سنة. وقد حظت هذه الفصول بالاهتمام الشديد من قبل لمتون (ص 148-147)، و هو يرى أن التراجم في عالم آراي عباسي تمثل الانعكاس الحقيقي لمجتمع العهد الصفوي، حيث يلاحظ فيه نوع من التوازن بين الطبقات العسكرية و الدينية و الديوانية. ركز إسكندربيك في هذه الفصول على بيان المكانة والدور السياسي للأشخاص الذين يحظون بالأهمية في الحكم. ولذلك يمكن اعتباره رائد أسلوب جديد في كتابة التاريخ في عصور إيران المتأخرة، حيث اتبعه فيما بعد مؤرخون مثل محمد يوسف واله الأصفهاني (ظ: «خلدبرين»، 257). و فضلاً عن ذلك فقد قدم إسكندربيك في نهاية شرح وقائع حكم الشاه طهماسب و الشاه عباس معلومات قيمة عن قبائل القزلباش المختلفة وتراجم مختصرة لأمرائها و أعمالهم في البلاط الصفوي، حيث يمكن من خلال ذلك الاطلاع بسهولة على منزلة كل من تلك القبائل في الدولة الصفوية. و يحتمل مينورسكي أن يكون إسكندربيك، قد أخذ فهرس الأمراء المذكورين في كتابه من «كاتب العسكر»، و وزير الحكومة «إيشيك آقاسي باشي» (للاطلاع على وظائف كل منهم، ظ: تذكرة الملوك، 8 -9، 40-41). الذي كان يسجل أرقام مناصب جميع أعضاء الدولة. و من جهة أخرى، يعتبر فهرس الأمراء وبيان منصابهم في عالم آراي عباسي، إلى جانب تذكرة الملوك أكثر الآثار قيمة فيما يتعلق بالنظام الديواني و شرح واجبات مؤسسات الدولة الصفوية.
إن الدقة في العبارات التي ذكر بها إسكندربيك مصادر أخباره تستحق الاهتمام الشديد. فغالبية مصادر تقريره تتلاءم مع مكان الأحداث و أجوائها. و على سبيل المثال فعندما يزيل النقاب عن التنافس بين پري خان خانم أخت السلطان محمد خدابنده، و مهد عليا زوجته، المرأتين الطالبتين للجاه في البلاط، فإنه يستند إلى أقوال «بعض خواجات القصر».
و عندما يستند إسكندربيك إلى المصادر الشفوية، نراه يستخدم عبارات مثل «صحيح القول» (ص 250، 748)، و«صحيح القول صادق» (ص 982) من أجل التأكيد أكثر أو «حاضري تلك المعركة» (ص 230) أو «المنهيين الصادقي القول» (ص 1038)، رغم أنه ذكر راويه بالاسم أيضاً؛ إلا أنه يبدو هو نفسه مقتنعاً بأن الجنود الصفويين كانوا أحياناً ينقلون أخبار الحرب بشكل مبالغ فيه ومتناقض (ص 572-574) من أجل إظهار بطولاتهم، ويتجلى لنا اقتناعه ذلك من خلال الشرح الذي قدمه عن إحدى معارك الشاه عباس مع الأوزبك. استند إسكندربيك في التقارير المرتبطة بالمناطق النائية مثل قندهار و زمين داور إلى أقوال التجار والمسافرين و أهالي تلك المناطق، و على الرغم من أنه اعتبر في بعض المواضع رواته ثقة، إلا أن ذكر عبارات مثل «العهدة على الرواة» (ص 487)، يدل على دقته و وسواسه في نقل الأخبار. وقد كان إسكندربيك يعمد إلى الاستدلال أحياناً لترجيح رواية على الروايات الأخرى في موضوع ما (مثلاً ظ: ص 330، عن ثورة أمـراء التكـلـو التركمـانييـن و اختطـاف الأميـر طهمـاسـب ميرزا).
كان إسكندربيك يطلع القارئ، فضلاً عن نقل الأحداث، على كفائة رجال الحكم، أو ضعفهم و مؤامراتهم و مكائدهم، حتى إنه يسمح للقارئ بأن يلقي نظرة سريعة إلى حرم البلاط. و من جهة أخرى فإنه يبين بوضوح أسباب الأحداث و تأثيرها على الأوضاع السياسية و الاجتماعية في العصر الصفوي. و على سبيل المثال، فإنه يرى أن تطاول الأوزبك على المناطق الشرقية، و العثمانيين على الولايات العربية من رقعة حكم الصفويين على عهد السلطان محمد خدابنده، هو نتيجة للنزاع بين رجال الحكم القزلباشيين ونساء الحرم (ص 228). وُصفت الأحداث في عالم آراي عباسي بشكل جذاب و آخذ للغاية. ومن جملة هذه الأحداث التفصيل المثير لحادثة قتل الملكة مهد عليا 987ه/ 1579م (ص 245-252؛ سيوري، I/25).
يعد إسكندربيك مؤرخاً واقعياً، و على سبيل المثال فعندما عزل الشاه عباس، ممدوحه و حاميه الأكبر أبا طالب ميرزا عن الوزارة، كان باستطاعة المؤرخ لإرضاء سيدة أن يعتبره محسوداً من قبل الحاسدين و المنافسين و ذلك على أسلوب الكثير من المؤرخين، ولكنه اعتبر بصراحة سقوطه نتيجة لجهل نفسه وغرورها و نشوة الشباب (ظ: ذيل، 143؛ أيضاً ظ: سيوري، I/26). اعترف إسكندربيك في عالم آراي عباسي بتواضع أنه خشي الحرب في معركة حمزة ميرزا مع أمراء التكلو المتمردين في عراق العجم ــ حيـث كـان هـو نـفسـه مشتركـاً فيهـا ــ (ص 337-339).
ومن جملة الخصائص البارزة لكتاب عالم آراي عباسي ذكر الخلفية السياسية للدول المجاورة مثل العثمانيين و الأوزبك والگوركانيين في الهند. و قبل أن يتطرق المؤرخ إلى علاقات الدولة الصفوية مع هذه الدول، يقدم أولاً شرحاً مختصراً عن الأوضاع السياسية لتلك الدول استناداً إلى بعض المصادر المعتبرة المتعلقة بها و الأخبار التي سمعها هو نفسه. و على سبيل المثال فقد ذكر إسكندربيك (ظ: ص 429-430) خلاصة عن تاريخ أسرة الگوركان منذ البدء وحتى عصره من خلال الاستناد إلى تاريخ أكبري و ذلك بمناسبة إرسال سفير من قبل الشاه عباس إلى الهند 999ه/1591م؛ أو بمناسبة هجوم الأوزبك على خراسان في 1002ه/1594م فإن الشرح الذي يقدمه المؤرخ عن عشائر الأوزبك المختلفة و نزاعاتهم الداخلية، يعد قيماً و يستحق الاهتمام (ص 463-464) كما يحوي كتابه معلومات قيمة حول الجغرافيا والجغرافيا التاريخية للمدن و الولايات المرتبطة بالأحداث؛ ويمكننا الإشارة من جملة ذلك الى تقريره عن جزيرة هرمز وتاريخ تواجد البرتغاليين فيها (ص 979-982)، ولرستان وأتابكة لرستان الصغرى (ص 469)، و البحرين (ص 614)، وأرضروم (ص 742) و دربند، أو بابالأبواب (ص 736).
و قد يجيز إسكندربيك لنفسه أن ينتقد أهالي بعض الولايات مثل جيلان و داغستان. و لعل ذلك له علاقة بثوراتهم المتوالية ضدالدولة الصفوية (ظ: ص 492-493، 738، 952). و قد يمزج تفصيل الأحداث بالفكاهة؛ و على سبيل المثال فعندما تبادل كتّاب ومستوفيو بلاط الشاه عباس الاتهامات بشأن التدخل و التصرف بالأموال الديوانية، و انشغلوا بالنزاع، فقد عزا المؤرخ ذلك إلى «تأثيرات أفلاك الأنجم و احتراق عطارد [رمز مهنة الكتابة] ورجعة المشتري» (ص 953؛ لنموذج آخر من استخدام الدعابة والفكاهة في هذا الكتاب، ظ: ص 750؛ أيضاً ظ: سيوري، I/2؛ النماذج التي عرضها).
يعد نثر عالم آرا سهل و سلس و يندر أن نجد فيه التصنع والتلكف اللذين كانا شائعين على نطاق واسع في كتب ذلك العصر؛ ولكنه على الرغم من محاولته اجتناب «المقتبسات والعبارات المغلقة غير المأنوسة التي تثير ملل الطبائع»، لكنه كان ينشد «فقد كان بين الحين و الآخر يصدح كالعندليب بين أحضان الطبيعة لينطلق بالعبارات البليغة» (ص 4). كان إسكندربيك ينظم الشعر أيضاً. فقد ذكر في الكثير من المواضع، كما فعل المتقدمون، شعره، أو شعر الشعراء الآخرين في مطاوي الكلام (ظ: ص 26، 50، أيضاً ذيل، 29، 12، 92، مخ ).
و بالإضافة إلى الجانب التاريخي لعالم آراي عباسي فإنه يعتبر موسوعة تطلع القارئ على جغرافيا المدن، و الاحتفالات و الأعياد الوطنية و الدينة و عادات الإيرانيين و غير الإيرانيين و تقاليدهم و الضيافات ومراسم الحداد و غير ذلك. و مالبث هذا الكتاب أن بلغ حداً من الشهرة بحيث أن غالبية المؤرخين بعد إسكندربيك، أخذوا أخبار الصفويين منه و منهم محمد يوسف واله (ظ: خلدبرين، 400 ومابعدها؛ قا: إسكندربيك، عالم آرا، 125 ومابعدها) و رضاقلي هدايت في روضة الصفاي ناصري. و قد كان هذا المؤرخ يحرف أحياناً معلومات عالم آراي عباسي (ظ: ص 863؛ قا: هدايت، 8/413).
ترجم عالم آراي عباسي إلى التركية بعد تأليفه بحوالي 100 سنة في 1142ه/ 1729م بأمر إبراهيم باشا نوشهرلي (ن.ع) الصدر الأعظم العثماني، من قبل محمد نبي (ظ: IA,V(2)/1082). و قد نشر دورن للمرة الأولى مختارات من عالم آراي عباسي كانت تتعلق بأحداث مازندران، في كتاب باسم «المصادر الإسلامية حول تاريخ المناطق الجنوبية من بحر الخزر» في بطرسبورغ (1850م) (ظ: أفشار، مقدمة عالم آرا، شش). و قد طبع النص الكامل لكتاب عالم آراي عباسي طبعة حجرية في 1313-1314ه/1895-1896م بطهران. ثم نشره إيرج أفشار بظهران على أساس هذه الطبعة في مجلدين في 1334-1335ش مع فهارس كاملة و أضاف إليه 11 مقالة من الصحيفة الأولى كانت الطبعة الحجرية تفتقر إليها، و ذلك على أساس مخطوطتي مكتبة مجلس الشورى (ظ: إسكندربيك، ن.م، 1099 و مابعدها؛ أفشار، ن.م، 1097). وكما ذكر أفشار (ن.م، دوازده)، فإنه لميحقق هذا النص تحقيقاً نقدياً، بل إن الأخطاء المطبعية للطبعة الحجرية بقيت على حالها في الطبعة الجديدة و لمتصحح، إلا في الفهارس. ترجم سيوري الكتاب كله إلى الإنجليزية و نشره باسم «تاريخ الشاه عباس الكبير» بمجلدين في 1978-1979م في بولدر كلرادو. كانت طبعة أفشار هي أساس ترجمة سيوري كما ذكر هو نفسه (I/28)، و لكن المترجم أزال نواقصه من خلال مراجعة مخطوطة كاملة من عالم آراي عباسي في جامعة كامبردج (رقم: H13,H14)، كما أضاف القسم الأكبر من قصيدة أبي طالب ميرزا في المديح والتي كانت تخلومنها الكثير من المخطوطات وكذلك طبعة أفشار إلى ترجمة الكتاب، و ذلك استناداً إلى المخطوطة رقم 17927 في متحف بريطانيا (م.ن، I/27). كما نشرت أجزاء من هذا الكتاب ترتبط بتاريخ جورجيا، باسم معلومات حول جورجيا من كتاب عالم آراي عباسي، مع ترجمة جورجية و مقدمة فيلاديمير بوتوريدزه، في 1969م بتفليس.
2. ذيل عالم آراي عباسي. عمد إسكندربيك بعد موت الشاه عباس و تزامناً مع بداية حكم الشاه صفي في 1038ه، بتشجيع من بعض أصدقائه، إلى تدوين أحداث حكم هذا الملك، و استمر فيها حتى قسم من سنة 1043ه/1633م و ذلك بعد أن انتهى تأليف عالم آراي عباسي (ظ: ذيل، 5، 146).
كان ستوري يرى أن تاريخ شاه صفي لمحمد معصوم بن خواجكي هو نفسه كتاب خلاصة السير الذي شرحه دورن، و ظنه ذيل عالم آراي عباسي (I/313-314). ثم أيد مينورسكي ملاحظات روماسكويتش القائلة بأن أحداث السنوات الأربع الأولى من حكم الشاهصفي (1038-1052ه/1629-1642م) في هذا الأثر كتبها إسكندربيك (ص 541-540)؛ و لكن أفشار (مقدمة خلاصة السير، 16- 18) اكتشف من خلال مقارنة أخبار السنوات الأربع [الصحيح 5 سنوات ونيف] في ذيل عالم آراي عباسي، مع مخطوطات خلاصة السير، أن الكتاب كله ألفه محمد معصوم ابنخواجكي، و أن ماهو موجود باسم ذيل عالم آراي عباسي، هو كتاب مستقل آخر.
طبع ذيل عالم آراي عباسي على يد أحمد سهيلي خوانساري في 1317ش بطهران. و لايوجد في هذا الكتاب لإسكندربيك سوى شرح أحداث 5 سنوات ونيف من السنوات الأولى لحكم الشاه صفي (ظ: ص 1-146) و من أجل إكمال تاريخ حكم هذا الملك أضاف المحقق بقية وقائع عصره إلى ذيل عالم آرا من كتاب خلدبرين لمحمد يوسف واله الأصفهاني.
3. منشآت، مجموعة مكاتيب و رسائل كتبها إسكندربيك باعتباره كاتب الديوان إلى ملوك الممالك المجاورة و ولاة الولايات. توجد مجموعة من هذه الرسائل في مكتبة ليدن بعنوان «كتاب الترسل من منشآت خواجه إسكندربيك المنشي» (ظ: ستوري، I/309 الهامش). كما تلاحظ ضمن مجموعة المنشآت التي أعدها محمد صالح ابن أخي إسكندربيك و التي توجد في مكتبة مجلس الشورى (رقم 2901)، بعض من رسائله (مثلاً الأرقام 23، 25، 47، 91). (ظ: المركزية، 233-240). نسب محسن الأمين في أعيان الشيعة آثاراً أخرى إلى إسكندربيك المنشي (3/302) تعود جميعها إلى أحد علماء شيعة الهند و يدعى نجمالدين إسكندر (قا: آقابزرگ، 20/262، 267، 284-285، 25/224).
آقا بزرگ، الذريعة؛ ابن البزاز، صفوة الصفا، بومباي، 1329ه/1911م؛ إسكندربيك المنشي، ذيل عالم آراي عباسي، تق : أحمد سهيلي خوانساري، طهران، 1317ش؛ م.ن، عالم آراي عباسي، تق : إيرج أفشار، طهران، 1350ش؛ أفشار، إيرج، مقدمة و حاشية عالم آراي عباسي (ظ: هم، إسكندربيك المنشي)؛ م.ن، مقدمة خلاصة السير لمحمد معصوم الأصفهاني، طهران، 1368ش؛ الأمين، محسن، أعيان الشيعة، تق : حسن الأمين، بيروت، 1403ه/1983م؛ پيغولوسكايا وآخرون، تاريخ إيران أز دوران باستان تاپايان سدۀ هيجدهم، تج : كريم كشاورز، طهران، 1346ش؛ تذكرة الملوك، تق : محمد دبيرسياقي، طهران، 1322ش؛ جهانگشاي خاقان، تق : الله دتا مضطر، إسلام آباد، 1406ه/1986م؛ حصوري، علي، «سانهاي عالم آرا»، نامۀ مؤسسۀ آسيائي، شيراز، 1353ش، عد 1؛ خواندمير، غياث الدين، حبيب السيـر، تق : محمد دبيرسياقي، طهـران، 1342ش؛ روملو، حسن، أحسن التواريـخ، تق : عبدالحسين نوائي، طهران، 1357ش؛ سهيلي خوانساري، أحمد، مقدمة گلستان هنر (ظ: هم، القاضي أحمد القمي)؛ م.ن، مقدمة و حاشية ذيل عالم آراي عباسي (ظ: إسكندربيك المنشي)؛ عالم آراي صفوي، تق : يدالله شكري، طهران، 1350ش؛ القاضي أحمد القمي، گلستان هنر، تق : أحمد سهيلي خوانساري، طهران، 1352ش؛ كسروي، أحمد، «نژاد وتبار صفوية»، آينده، طهران، 1356ش؛ المركزيه، المكروفلم؛ واله، محمد يوسف، خلدبرين، تق : هاشم محـدث، طهران، 1372ش؛ م.ن، «خلدبريـن» مـع ذيـل عالـم آراي عباسـي (ظ: هم، إسكندربيك المنشي)؛ هدايت، رضاقلي، روضة الصفاي ناصري، طهران، 1339ش؛ هينتس، فالتر، شاه إسماعيل دوم صفوي، تج : كيكاووس جهانداري، طهران، 1371ش؛ و أيضاً:
Browne, E. G., A Literary History of Persia, Cambridge, 1969; Erdmann, F., «Iskender Munschi und sein Werk», ZDMG, 1861, vol. XV;IA; Iranica; Lambton, A. K. S., «Persian Biographical Literature», Historians of the Middle East, eds. B. Lewis et al., London, 1962; Minorsky, V., «Reviews of Books», Bulletin of the School of Oriental and African Studies, 1939-1942, vol. X; Rieu, Ch., Catalogue of the Persian Manuscripts in the British Museum, Oxford, 1979; Savory, R. M., introd. History of Shah ʿAbbas the Great, Boulder, 1978; Storey, C. A., Persian Literature, London, 1970; Walsh, J. R., «The Histori-ography of Ottoman- Safavid Relations in the Sixteenth and Seventeenth Centuries », Historians of the Middle East , eds. B. Lewis et al., London, 1962.
أبوالفضل خطيبي/خ.
عزيزي المستخدم ، يرجى التسجيل لنشر التعليقات.
مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع
هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر
تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول
استبدال الرمز
الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:
هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول
الضغط علی زر التسجیل یفسر بأنک تقبل جمیع الضوابط و القوانین المختصة بموقع الویب
enterverifycode