الإسکندر
cgietitle
1442/9/15 ۲۲:۵۷:۰۹
https://cgie.org.ir/ar/article/236164
1446/9/4 ۱۳:۳۲:۰۵
نشرت
7
و على أي حال، فإن سلطنة الإسكندر كانت متزامنة مع عهد دارا بن دارا. و مع الأخذ بعين الاعتبار أن الإسكندر كان ابن دارا (ب) أو دارا الأكبر حسب الروايات المذكورة، فقد كان في الحقيقة أخاً ثانياً لدارا (ابن الأثير، 1/283) من أم أخرى. و قد ذكر أبوالريحان هذا الاختلاق للنسب باعتباره قصة يختلقها العدو لعدوه ( آثار، 60-61). لميكن الإسكندر يفكر في شيء سوى استرداد بلاد أبيه دارا الأول (الدينوري، 54-55). كان الملوك اليونانيون قبل الإسكندر يدفعون الخراج لبلاط إيران (اليعقوبي، 1/115)، و لكن الإسكندر كان يتملص من دفع الخراج المرسوم، وعندما لمتجد المراسلات و التهديدات الكلامية بين دارا و بينه نفعاً، اشتعلت نار الحرب بينهما. و خلال الحرب، طعن بالخنجر من الخلف دارا اثنان من حراسه الهمدانيين (الطبري، 1/574). وعندما استولى الإسكندر على إيران، بدأ بارتكاب الفظائع و أسر من وجهاء إيران 7 آلاف نسمة وكان يقتل منهم 21 فرداً يومياً (حمزة، 39)، و قتـل أناساً من الأسرة المالكـة و الموابذة و وجهاء إيـران ( بندهش، 140) و ألقى الكتب الدينية في البحر («شهرستانها»، الفقرة 5). و قد ذكر الطبري أن موضع تلاقي هذين الملكين كان في أرض الجزيرة (شمال العراق) على رواية، أو في خراسان في ماوراء الخزر (1/573، 576). و يتطابق الموضع الأول إلى حدما مع موضع وقوع حروب إيسوس و غوغمل، و ينطبق الثاني تقريباً على الموضع الذي قتل فيه داريوس الثالث على يد قادته الخونة. و على حد قول الدينوري فبعد أن هجم الإسكندر على العراق. تآمر في الحروب التي خاضها مع دارا، مع رجلين من أهالي همدان بأن يخونا داريوس؛ فما كان منهما إلا أن هاجما الملك من الخلف في معمعة الحرب، و أردياه قتيلاً (ص 57) وبعثار رأسه إلى الإسكندر على رواية الطبري (1/573).
و قد رويت الأحداث في بعض التقارير على مايلي: كان الإسكندر ينوي أسر دارا حياً، و لكنه لميصل إليه، إلا بعد أن سقط إثر ضربة قاتلة وكان يلفظ أنفاسه الأخيرة. فاحتضن الإسكندر رأسه و قد غلبه الحزن، و أوصاه دارا بامرأته و أولاده وطلب منه أن يتزوج من ابنته روشنك (م.ن، 1/574؛ الدينوري، 57، 58؛ حمدالله، 96). عاقب الإسكندر، ماهيار و جانوسيار قاتلي دارا (الفردوسي، 7/1812) على عملهما الخياني ثم طلب من أمه التي كانت تعيش في الإسكندرية أن تذهب إلى بابل عند روشنك وتبعثها بأفضل جهاز إلى فارس لدى الإسكندر، ففعلت ذلك (الدينوري، 58).
و فيما يتعلق بمعارك الإسكندر بعد التغلب على دارا، فقد قدمت التواريخ الفارسية و العربية القديمة أخباراً مختصرة للغاية و أحياناً دون ترتيب خاص و هي بالطبع تتطابق في الكليات مع ماذكر بالتفصيل في التواريخ الأوروبية. و قد قيل إن الإسكندر سلك طريق الهند بعد فتح إيران و توجه بعد قتل فور ملك الهند إلى السودان، و منها إلى ساحل عدن، و من عدن إلى مكة، ثم إلى المغرب، و منها إلى بلاد الروم، و حينئذ قصد بلاد المشرق. واجتاز أرض الصقالبة و الخزر، و اجتاح ديار الأتراك. و قطع من هناك الصحراء بين تركستان و الصين و أخضع ملك الصين لأمـره، و حينئذ جاء دور فرغانـة و سمرقند و بخارى و آمويـه (= آمل) ومرو. و بعد أن أخضع الإسكندر هذه المناطق لسيطرته سار إلى الجبل و حلوان و أخيراً بلغ العراق و أقام في طيسفون. وبعد سنة، توجه إلى الشام ثم ذهب إلى بيتالمقدس (الدينوري، 58-63؛ اليعقوبي، 1/115-116؛ المسعودي، 1/319-320؛ ابن الجوزي، 1/425).
ذكر أن الإسكندر دمر خلال هذه الاجتياحات مدناً و شيد أخرى. و من جملة ذلك أنه بنى 12 مدينة تحمل اسمه، أي الإسكندرية في مناطق مثل أصفهان، و خراسان و بابل (الطبري، 1/ 578؛ المسعودي، 1/ 319؛ ابنالأثير، 1/ 288؛ حمزة، 40). و مع كل ذلك، فإن الأخبار المتعلقة ببناء الإسكندر للمدن غير صحيحة على مايرى حمزة الأصفهاني، ذلك لأنه كان هادماً لامعمراً. فقد تحولت بابل بأمره إلى تل من التراب (ن.ص) و دمر المدينة التي كان قد بناها طهمورث (م.ن، 47؛ أيضاً ظ: مجمل، 40، 55). وقتل الكثير من الإيرانيين، و دمر الأماكن و الأسوار و معابد النار (الگرديزي، 58؛ فصيح، 1/16). و أحرق الكتب (ابنالجوزي، ن.ص، ابن الأثير، 1/285). و تطالعنا في المصادر الإسلامية بالإضافة إلى سفكه للدماء، روايات عديدة عن مكائده، و نقضه للعهود (مثلاً ظ: الدينوري، 57، 58؛ ابن الأثير، 1/290، حمدالله، ن.ص؛ ابن الجوزي، 1/424). و تلاحظ في التواريخ التي كتبت بقلم اليونانيين و الروم، نماذج من نقض الإسكندر للعهود وحيله.
و مع كل ذلك فإن هناك روايات تشير إلى أن الإسكندر كان يأمر في إيران بترجمة كل كتاب يحصل عليه في الفلسفة و الطب والفلك و الزراعة و الفروع العلمية الأخرى إلى اليونانية وإرسالها إلى بلاد الروم، عدا الكتب الدينية للزرادشتيين والموابذة، فيما كانت الكتب المتبقية تلهمها النار (الطبري، 1/577؛ حمزة، 41، 43؛ الگرديزي، 59؛ ابن الأثير، 1/284؛ مجمل، 61؛ المستوفي، 97). كتب الگرديزي قائلاً: كان في إصطخر بفارس موضع باسم دژنبشت (دارالكتب) ملىء بالكتب الدينية و الفلسفية و الحساب والهندسة و العلوم الأخرى فأمر الإسكندر بترجمتها كلها وإرسالها إلى روما و وضعها في مقدونيا، ثم أمر بحرق دارالكتب تلك بكل مافيها من كتب، حتى لميبق عندالعجم من كتاب، سوى القليل مما كان قد بقي في يد المجهولين... (ن.ص).
يبدو أن اشتهار الإسكندر بكسب العلم و حبه له أدت إلى أن يصبح في الكثير من كتب التاريخ و الأخلاق محور عدد من حكايات وعظية، و لطائف حكمية و فلسفية و جمل قصار. إن نسبة الكثير من هذه اللطائف التي حكيت على لسان الإسكندر إلى شخصه يشك فيها إلى حد كبير. يبدو لنا الإسكندر في عدد من الحكايات التي يلعب فيها دوراً، كملك حكيم عاقل و ثاقب النظرة، و يظهر في مواضع أخرى رجلاً تقياً، عارفاً بالله، وكاتماً للأسرار (لنموذج، ظ: المسعودي، 1/320، 322؛ ابن بابويه، 372؛ الشهرستاني، 2/ 138-139؛ ابن الجوزي، 1/425، 426؛ العياشي، 2/ 348؛ ابنالأثير، 1/ 288-289؛ حمدالله، ن.ص). و من المحتمل أن صانعي ورواة هذه الحكايات و العبارات الحكمية و الفلسفية أرادوا من خلال وضع الإسكندر في محور كلامهم أن يضفوا عليها ميزة و بقاء.
و نحن نطالع في الآثار الأدبية الفارسية عادة و في كل موضع اسم الاسكندر، لاذي القرنين. إلا أن ما جاء في الأخبار من فتوحات و نزعة توسعية و مصاحبة للخضر، و بحث عن ماء الحيوان و غير ذلك نسب كله إلى الإسكندر. و من الواضح أن الشعراء و الأدباء اعتبروا هذين الاسمين شخصاً واحداً، أو أنهم لميعيروا أهمية لكونهما شخصاً واحداً، أو شخصين. و أما سبب عدم استخدام لفظ ذي القرنين على نطاق واسع و خاصة في الشعر، فيمكن أن يعود إلى كون استخدام هذا اللفظ في الشعرمحدوداً. وعلى أي حال، فإن تأثير قصة الإسكندر في الأدب الفارسي كان على شكلين: الأول، على شكل كتابة مجموعات منثورة و منظومة يكون فيها الإسكندر البطل، أو الشخصية الرئيسة؛ و الآخر، على شكل خلق مضامين و ملاحظات حكمية وفلسفية، أو أدبية وشاعرية يكون فيها الإسكندر رمزاً لبعض الخصال و المبادئ و وجهات النظر.
و تعد القصص المفصلة التي لها عنوان إسكندرنامه أشهر مجموعة كتبت بالنثر الفارسي في ضوء أخبار الإسكندر مثل إسكندرنامه التي تبقت منذ القرن 5 و إسكندرنامه أخرى وصلتنا من العهد الصفوي وكلاهما بنثر حسن (صفا، 198؛ بهار، 3/262، 263، ها 1). و قد بلغت الحواشي و التعليقات على أصل أخبار الإسكندر في هذين الكتابين حداً بحيث فقدت تقريباً أي نوع من القيمة والنظام و المنطق التاريخي. و تعتبر أخبار الإسكندر مادة عدد من كتب الإسكندرنامه بالشعر الفارسي أيضاً أشهرها للفردوسي، والأخرى من نتاج قريحة النظامي الگنجوي (لتوضيحات أكثر، ظ: ن.د، إسكندرنامه).
و بالإضافة إلى المجموعات و المنظومات الفارسية التي تتضمن قصة الإسكندر بشكل كامل، فإن ما شاع عن هذا الملك
شبه التاريخي و شبه الأسطوري منذ القدم بين الإيرانيين، جاء بشكل متناثر في كتب النظم و النثر. فقد صنع الأدباء و الشعراء الفرس مضامين بديعة اعتماداً على أخبار الإسكندر دون أن ينتظروا إثبات هذه الأخبار المتناقضة و المبالغ فيها، أو إبطالها، أو يعيروا أساساً أهمية إلى صحتها وسقمها. فلميكن هؤلاء الشعراء والكتاب يهمهم أن يميزوا في الأخبار بين الإسكندر الصحيح وغير الصحيح. و لذلك، فإن الإسكندر في أثارهم هو ذو القرنين، و ذا القرنين هو الإسكندر. فنحن نرى الخضر و هو يصاحب الإسكندر يتجه إلى الظلمات بحثاً عن ماء الحيوان، ونرى سد الإسكندر ماثلاً في الصين بسهولة، و يصبح الإسكندر السفاك للدماء نموذجاً و رمزاً للمروءة و السماحة و العدالة و الرحمة. ويتعامل الشاعر مع عين ماء الحيوان و مرآة الإسكندر و كأنهما حيقيقتان. و قد تجاوز الشعراء المتصوفة، و متصوفة الشعراء حد التشبيهات و الاستعارات المتداولة، فنهلوا الكثير مما قرؤوا عن الإسكندر و عبروا عنه بلغة التصوف الرمزية، و بذلك زادوا من غنى الأدب الصوفي الفارسي. إن الشهرة الأسطورية للإسكندر وبروزه الواسع إلى حد بعيد من جهة، و ضرورة كون المشبه به هو الأعرف و الأجلى في التشبية، أو الأعرف و الأجلى في أحد طرفي صنعة التمثيل من جهة أخرى، كل ذلك أدى إلى أن تتم الاستفادة من الإسكندر و الأحداث و الأشياء و الأشخاص المرتبطيـن بتاريخ حياته، أو أسطورتها، فـي الصناعات البديعية ــ التشبيه، و المبالغـة، و إرسـال المثـل و غيـر ذلك ــ بوضعها أركاناً أصلية لكل من هذه الصناعات، و أن يستفيد الشعراء من قصة الإسكندر في وصف الممدوحين، و تنبيه المخاطبين، و بيان الأفكار الشعرية، و تجسيم ملاحظاتهم الأخلاقية و الفلسفية العميقة بشكل أفضل (لنموذج، ظ: ناصرخسرو، 246، 338؛ الخاقاني، 22، 232، 248، 280، 309؛ حافظ، 4، 117، 147؛ صائب، 118، 121، 823).
آزاد، أبوالكلام، ذوالقرنين يا كورش كبير، تج : باستاني پاريزي، طهـران، 1342ش؛ ابنالأثيـر، الكامـل؛ ابن بابويـه، كمال الديـن و تمـام النعمـة، تق : حسين الأعلمـي، بيروت، 1412ه/1991م؛ ابن الجوزي، عبدالرحمان، المنتظـم، تق : محمد عبدالقادر عطا و مصطفى عبدالقادر عطا، بيروت، 1400ه؛ ابنكثير، إسماعيل، تفسير القرآن العظيم، بيروت، دارالفكر؛ أبوالفتوح الرازي، الحسين، روح الجنان، قم، 1404ه؛ أبوالفداء، المختصر في أخبار البشر، بيروت، 1375ه؛ أرداويراف نامه، تج : ژاله آموزگار، طهران، 1372ش؛ أفشار، إيرج، «حديث إسكنـدر»، يغمـا، طهـران، 1343ش، س17، عـد 4؛ أفستا؛ البلعمـي، محمـد، تاريـخ، تق : محمد تقي بهار، طهران، 1341ش؛ البناكتي، داود، تاريخ، تق : جعفر شعار، طهران، 1348ش؛ بندهش، تق : مهرداد بهار، طهران، 1369ش؛ بهار، محمد تقي، سبك شناسي، طهران، 1337ش؛ البيروني، أبوالريحان، آثار الباقية، تج : أكبر داناسرشت، طهران، 1352ش؛ م.ن، تحقيق ماللهند، بيروت، 1403ه؛ پيرنيا، حسن، إيران باستان، طهران، 1313ش؛ تاريخ إيران باستان، برواية ابن العبري، تق : يوسف بنيان و محمد جواد مشكور، طهران، 1326ش؛ الثعلبي، أحمد، قصص الأنبياء، بيروت، 1401ه/1981م؛ حافظ، ديوان، تق : پرويزناتلخانلري، طهران، 1362ش؛ حمدالله المستوفي، تاريخ گزيده، تق : عبدالحسين نوائي، طهران، 1362ش؛ حمزة الأصفهاني، تاريخ پيامبران وشاهان، تج : جعفر شعار، طهران، 1367ش؛ الخاقاني، ديوان، تق : ضياءالدين سجادي، طهران، 1357ش؛ خواندمير، غياث الدين، حبيب السير، طهران، 1363ش؛ الدينوري، أحمد، الأخبار الطوال، تج : محمود مهدوي الدامغاني، طهران، 1364ش؛ «شهرستانهاي إيران» مع مجموعة نوشتههاي پراكنـدۀ صادق هدايت، طهـران، 1334ش؛ الشهرستانـي، محمد، الملل و النحـل، تق : محمد سيد كيلاني، القاهرة؛ صائب التبريزي، كليات، طهران، خيام؛ صفا، ذبيحالله، حماسه سرائي درإيران، طهران، 1352ش؛ الطبري، تاريخ؛ العهد القديم؛ العياشي، محمد، التفسير، تق : هاشم الرسولي المحلاتي، طهران، مكتبة العلمية الإسلامية؛ فخرالدين الـرازي، التفسير الكبير، بيـروت، دارإحياء التـراث العربي؛ الفردوسـي، الشاهنامه، تق : سعيـد نفيسي، طهـران، 1314ش؛ فصيح الخوافـي، أحمـد، مجمـل فصيحـي، تق : محمود فرخ، مشهد، 1341ش؛ القرآن الكريم؛ القرطبي، محمد، الجامع لأحكام القرآن، بيروت، 1965-1966م؛ كارنامۀ أردشير بابكـان، تق : بهرام فرهوشي، طهـران، 1354ش؛ كـريسن سن، آرتـور، كيانيـان، تج : ذبيـح الله صفا، طهـران، 1336ش؛ الگـرديـزي، عبـدالحـي، زيـنالأخبــار، تق : عبدالحيحبيبـي، طهران، 1363ش؛ مجمل التواريـخ و القصص، تق : محمد تقي بهار، طهران، 1318ش؛ المسعودي، علي، مروج الذهب، تق : يوسف أسعد داغر، بيروت، 1385ه؛ ناصرخسرو، ديوان، تق : مجتبى مينوي و مهدي محقق، طهران، 1353ش؛ النظامي الگنجوي، شرف نامه، تق : وحيد دستگردي، طهران، 1316ش؛ اليعقوبي، أحمد، تاريخ، النجف، 1358ه؛ و أيضاً:
Budge, E. A. W., The History of Alexander the Great, Cambridge, 1889; Chambers's Encyclopaedia, London, 1968; Dinkard, tr. E. W. West, Oxford, 1892; EI2; West, E. W., introd. & tr. Pahlavi Texts, Oxford, 1897, vol. V.
مجدالدين كيواني/خ.
عزيزي المستخدم ، يرجى التسجيل لنشر التعليقات.
مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع
هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر
تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول
استبدال الرمز
الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:
هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول
الضغط علی زر التسجیل یفسر بأنک تقبل جمیع الضوابط و القوانین المختصة بموقع الویب
enterverifycode