الصفحة الرئیسیة / المقالات / الإسکندرونة، مدینة ساحلیة /

فهرس الموضوعات

الإسکندرونة، مدینة ساحلیة

الإسکندرونة، مدینة ساحلیة

تاریخ آخر التحدیث : 1442/9/16 ۰۹:۱۴:۵۴ تاریخ تألیف المقالة

اَلْإسْكَنْدَرونَة، مدينة ساحلية إلى‌ الشرق‌ من‌ خليج‌ يحمل‌ نفس‌ الاسم‌ في منطقة البحر المتوسط الشرقية، تقع‌ في محافظة خَتاي (أنطاكية سابقاً) في الجنوب‌ الشرقي من‌ تركيا، وهي حاضرة ناحية الإسكندرونة‌ و رابع‌ ميناء في البلاد.

تسميتها: كان‌ أقدم‌ اسم‌ لهذه‌ المدينة ــ التي ينسب‌ بناؤها إلى‌ الإسكنـدر المقدوني، أو قـائده آنتيغـون‌ (IA,V(2)/1090) ـ إلكساندريا (سترابن‌، VI/355-357). و من‌ أجل‌ تمييز هذه‌ المدينة عن‌ المدن‌ الأخرى‌ المنسوبة إلى‌ الإسكندر، فقد سميت‌ إسكندرية إيسوس‌، أو إيسوم‌ (آياش‌) (سامي، 2/930؛ البستاني، 13/ 189)، ألكساندرته‌ ( پاولي، I/245 )، و أَلكساندريتا (EI2,IV/138) بمعنى الإسكندرية الصغرى‌ (ابن‌ الشحنة، 187) والإسكندرونة بصيغة التصغير في اللغة الآرامية (EI2، ن‌.ص‌). ثم‌ استخدمت‌ في اللغة العربية بنفس‌ الشكل‌، أي الإسكندرونة (المقدسي، 136؛ ابن‌ حوقل‌، 153؛ ابن‌ الأثير، 11/53؛ ابن‌ الشحنة، ن‌.ص‌؛ ابن‌ شداد، 162) و باب‌ الإسكندرونة (اليعقوبي، 121؛ أبوالفداء، 255)، و أخيراً الإسكندرون.

 

موقعها الجغرافي

تقع الإسكندرونة على‌ خطي العرض‌ الشمالي 36°و36´ و الطول‌ الشرقي 33°و55´ (سامي، ن‌.ص‌؛ الخوري، 155). و يبلغ‌ بعدها عن‌ حاضرة المحافظة حوالـي 63كم‌ ( البستاني، ن‌.ص‌). تبلغ‌ مساحة ناحية الإسكندرونة 956 كم2 (ya,V/3380). و عدد سكانها حسب‌ إحصائية 1990م‌، يبلغ 475,259 نسمة. يعمل من هذا العدد 807،154 نسمات في حاضرة الناحية، أي مدينة الإسكندرونة و 668,104 نسمة في القرى‌ والمدن‌ التابعة لهذه‌ الناحية («إحصاء...»، 29). و استناداً إلى‌ إحصائية 1985م‌ التي تبين‌ أن‌ عدد سكان‌ الناحية يبلغ‌ 381,239 نسمة فقد كانت‌ نسبة زيادة السكان‌، 12/16٪ (ن‌.ص‌).

تمتد مدينة الإسكندرونة الحديثة، في سهل‌ ساحلي بعرض‌ 5كم‌ على‌ امتداد الساحل‌ و على‌ سفح‌ جبل‌ آمانوس‌، من‌ مدخل‌ وادي إبراهيم‌ باشا في الشرق‌ و حتى‌ المنارة البحرية في الغرب‌ (IA,V(2)/1090-1092) تشكل‌ وديان‌ كاپلان‌ في الشمال‌ وآق‌‌چاي في الجنوب‌ و كذلك سلسلة جبال‌ آمانوس‌ التي تتراكم‌ عليها ترسبات‌ الحقب الجيولوجي الثالث‌، ارتفاعات‌ و انخفاضات‌ ناحية الإسكندرونة («دائرة المعارف...‌»، XX/2150). كان‌ ممر بلن‌ ـ بيلان‌ الطبيعي الذي يقع‌ على‌ ارتفاع‌ 660‌متراً في قلب‌ جبال‌ آمانوس‌ و الطريق‌ الذي يمكن‌ الوصول‌ إلى‌ الإسكندرونة من‌ خلال‌ اجتيازه‌، يتمتع‌ بأهمية خاصة طيلة تاريخ‌ هذه‌ المنطقة (YA,V/3370-3371,3380). و مما يحفظ هذه‌ المدينة أمام‌ أمواج‌ البحر المتوسط و عواصفه‌ العاتية، وجود خليج‌ صغير متفرع‌ من‌ خليج‌ الإسكندرونة، كما يحيط بالجانب‌ الغربي من‌ الإسكندرونة تلال‌ ميسيس‌ و مدخل‌ نهر جيحان‌ المتقدم‌ باتجاه‌ البحر، (IA، ن‌.ص‌).

تسود ناحية الإسكندرونة ظروف‌ المناخ‌ المتوسطي؛ فالصيف‌ حار و جاف‌، و الشتاء دافئ و غزير الأمطار. يبلغ‌ معدل‌ درجة الحرارة السنوي 2/20° سانتي غراد، و معدل‌ الأمطار السنوية 4/785 مليمتراً (YA,V/3377). تبدأ حرارة الجو بالارتفاع‌ اعتباراً من‌ شهر نيسان‌ و تبلغ‌ ذروتها في شهر آب‌ بحيث‌ تبلغ‌ درجة الحرارة 2/43°. نسبة الرطوبة عالية، و تلبغ‌ حوالي 68-70٪ («دائرة المعارف‌»، ن‌.ص‌). و لأن‌ قسماً واسعاً من‌ مدينة الإسكندرونة يقع‌ في مستوى‌ أدنى‌ من‌ البحر، فإن‌ سيول‌ الشتاء من‌ جهة و أمواج‌ البحر من‌ جهة أخرى‌ تتجمع‌ في البرك لتكون‌ المستنقعات‌. و بسبب‌ هذه‌ المستنقعات‌ و الأمراض‌ العفنة الناجمة عنها، فقد كانت‌ هذه‌ المنطقة طيلة التاريخ‌ غير مناسبة للعيش. وقد تم‌ اليوم‌ تجفيف‌ هذه‌ المستنقعات‌، (IA، ص‌).

توجد حول‌ الإسكندرونة منتزهات‌ و مصايف‌ هي: إيسين‌ تپه وياريق‌‌قلعة و ساري مازي ونرجيسليك گل جهان‌ و بيلين‌. يقع‌ ساحل‌ الإسكندرونة على‌ بعد 3كم‌ و ساري إسكي علي‌ بعد 20 كم‌ من‌ هذه‌ المدينة (YA,V/3376-3377).

 

خلفيتها التاريخية

امتزج‌ تاريخ‌ مدينة الإسكندرونة أكبر نواحي محافظة ختاي، مع‌ تاريخ‌ هذه‌ المنطقة بسبب‌ قربها من‌ أنطاكية حاضرة المحافظة. كانت‌ الإسكندرونة و ما حولها من‌ أقدم‌ المناطق‌ التي عاش‌ الإنسان‌ فيها؛ بحيث‌ قُدر قدم تاريخها حتى‌ العصر الحجري القديم‌ (ن‌.م‌، V/3383). و من‌ بين‌ الأسباب‌ الرئيسة لعيش‌ الإنسان‌ في هذه‌ المنطقة خصوبة التربة، و وجود ميناء مناسب‌ للحركة من‌ بلاد مابين النهرين إلى‌ المتوسط، ووقوعها على‌ مفترق‌ الطرق‌ الموصل‌ بين‌ سورية‌ وفلسطين‌ (ن‌.ص‌). حكم‌ هذه‌ المنطقة في الألف‌ 3 ق‌.م الأكديون‌، والهوريون‌ في الألف 2 ق.م ثم الحثيون و الأشوريون‌ (ن‌.م‌، V/3411). و في القرن‌ 6 ق‌.م‌، انضمت‌ إلى‌ رقعة الإمبراطورية الأخمينية و إلى‌ ساترابية آسيا الصغرى‌ التي كانت‌ أكثر ولايات‌ الإمبراطورية سكاناً و ثروات‌ (پيرنيا، 117). و قد استمرت‌ هذه‌ السيادة حتى‌ حرب‌ الإسكندر المقدوني مع‌ داريوس‌ الثالث‌ في إيسوس‌ ــ وهي مدينة صغيرة في هذه‌ المنطقة (سترابن‌، VI/355-357) ــ وهزيمة داريوس‌ في 333 ق.م‌ (غيرشمن‌، 240؛ پيرنيا، 112) وانهيار الإمبراطورية الأخمينية.

كانت‌ النواة الأولية لمدينة الإسكندرونة التي بناها الفينيقيون‌، على‌ ارتفاع‌ أدنى‌ بقليل‌ من‌ الموقع‌ الحالي للإسكندرونة وكانت‌ تسمى‌ ميرياندوس‌ و قد كان‌ هذا الاسم‌ متداولاً حتى‌ زمان‌ الإسكندر IA)، ن‌.ص‌). ذكر أن‌ بناء المدينة الجديدة تم‌ في 333 ق‌.م‌ (سامي، 2/930)، أو في 302 ق.م YA)، ن‌.ص‌). و قد ذكر‌ سترابن‌ مع‌ مدن‌ مثل‌ روسوس‌ و ميريانوس‌ و نيكوبوليس‌ و التي كانت‌ تقع‌ إلى‌ جانب‌ خليج‌ إيسيك (إيسوس‌) عند الحدود بين كيليكلية و سورية، اسم‌ ألكساندرييا أيضاً (VI/357).

و بعد وفاة الإسكندر في 323 ق‌.م‌ و تقسيم‌ رقعة حكمه‌ بين‌ قادته‌، خضعت‌ هذه‌ المنطقة لحكم‌ أنتيغون‌ أولاً ثم‌ سلوقوس رئيس‌ الأسرة السلوقية (پيرنيا، 139؛ غير‌شمن‌، 253-254). استمر حكم‌ السلوقيين‌ حتى‌ القرن‌ 1 ق‌.م(YA,V/3392). و تولت‌ الدولة الأشكانية أيضاً إدارة المنطقة لفترة ثم‌ سيطر الروم‌ على‌ جميع‌ أرجاء آسيا الصغرى‌ و القسم‌ الشرقي من‌ البحر المتوسط، حيث‌ تقع‌ الإسكندرونة فيها أيضاً (دياكونف‌، 80). و بعد سقوط الدولة الأشكانية وتشكيل‌ الدولة الساسانية في 226م‌ (كريستن‌ سن‌، 137)، كانت‌ هذه‌ المناطق‌ مسرحاً لأكثر المعارك ضراوة بين‌ إيران‌ والروم‌، YA)، ن‌.ص‌)؛ بحيث‌ دمرت‌ قلعة الإسكندرونة بعد استيلاء الإيرانيين‌ عليها، ثم‌ تم تجديد بنائها فيما بعد، IA)، ن‌.ص‌؛ «دائرة المعارف‌»، XX/250). و بتقسيم‌ الإمبراطورية الرومية في 395م‌، انضمت‌ الإسكندرونة إلى‌ ممالك الإمبراطورية البيزنطية، YA)، ن‌.ص‌). و بعد ظهور الإسلام‌، اتجه‌ أبوعبيدة الجراح‌ بعد أن‌ فرغ‌ من‌ اليرموك، إلى‌ جانب‌ قِنّسرين‌ (البلاذري، 144) الواقعة على‌ طريق‌ حلب‌ إلى‌ العراق‌ و الشام‌ (الإصطخري، 64)، و بعد فتح‌ المنطقة‌ (البلاذري، ن‌.ص‌) أصبحت‌ منطقة الإسكندرونـة كلها جـزءاً من‌ «جُند» قنسرين‌ (المقدسي، 136؛ EI2,IV/138; IA، ن.ص)، و انضمت‌ إلى‌ البلاد الإسلامية. واستناداً إلى‌ ماذكرته‌ بعض‌ المصادر العربية، فقد بنت‌ زبيدة زوجة هارون‌‌الرشيد الإسكندرونة (ابن‌ شداد، 162؛ ابن‌ الشحنة، 187) وقام‌ أحمد بن‌ أبي دؤاد الإيادي بترميم‌ سورها في عهد خلافة الخليفة العباسي الواثق‌ بالله‌ (اليعقوبي، 121؛ أبوالفداء، 254-255).

كانت‌ الإسكندرونة و ماحولها في عهد حكم‌ آل‌ حمدان‌ (القرن‌ 4ه‍( مركزاً للاصطدام بين الدولة البيزنطية و المسلمين (YA,V/3393). كما كانت‌ طيلة الحروب‌ بين‌ الروم‌ و المسلمين‌ والتي كانت‌ تجري على‌ امتداد خط طرسوس‌ ـ ملطية ـ أرضروم‌، إحدى‌ أهم‌ قلاع‌ هذا الخط (سويم‌، 29). و بعد إقامة دولة سلاجقة الروم‌، هجم‌ سليمان‌ شاه‌ مؤسس‌ هذه‌ الأسرة على‌ أنطاكية وفتح‌ قلاع الإسكندرونة و بغراس‌ (م‌.ن‌، 105) و هكذا، خضعت‌ الإسكندرونة لحكم‌ السلاجقة. كما كانت‌ طيلة الحروب‌ الصليبية مسرحاً لبعض‌ هذه‌ الحروب‌ (رانسيمان‌، I/154). و في 531ه‍/1137م‌، عمل‌ إمبراطور روما على‌ إعمارها (ابن‌ الأثير، 1/53؛ ابن‌ القلانسي، 258).

سيطر مماليك مصر على‌ الإسكندرونة في القرن‌ 7ه‍/13م‌ وأصبحت‌ جزء من‌ ولاية حلب‌. كما انضمت‌ لفترة إلى‌ رقعة حكم‌ أمراء أسرة ذي القدر و في 923ه‍/1517م‌ ألحقت‌ بممتلكات‌ الإمبراطورية العثمانية (YA,V/3393-3394,3412). و خلال‌ حروب‌ الدولة العثمانية مع‌ البندقية، كان‌ ميناء الإسكندرونة يستخدم‌ بأشكال‌ مختلفة (أوزون‌ چارشيلي، II/213,576).

كانت‌ المنطقة طيلة القرن‌ 13ه‍/19م‌ مسرحاً لاضطرابات‌ كثيرة. فقد اتخذ إبراهيم‌ باشا المصري خلال‌ هجومه‌ على‌ الأراضي التركية في 1248ه‍/1832م‌ (ظ: ن‌.د، 2/112-117) من‌ ميناء الإسكندرونة موضعاً لاستقرار قواته‌ و مرسًى للسفن‌ و مخزناً لعتاد جيشه‌ (فريدبك، 450؛ الغزي، 296). و في القرن‌ نفسه‌ أثار المتمردون‌ المعارضون‌ للدولة العثمانية الاضطرابات‌ من‌ خلال‌ الهجوم‌ على‌ القوافل‌ التجارية و البريدية و حتى‌ العسكرية، إلا أن‌ هذه‌ الاضطرابات‌ انتهت‌ في 1282ه‍/1865م‌ بتدخل‌ عناصر تنظيمية تطلق‌ على‌ نفسها اسم‌ «الفرقة الإصلاحية» (YA,V/3395).

أصبحت‌ الإسكندرونة حسب‌ التقسيمات‌ الإدارية للدولة العثمانية في القرن‌ 13ه‍/19م‌، جزءاً من‌ ولاية حلب‌، و أحد الألوية الأربعة عشرة (=14 سنجقاً) لهذه‌ الولاية وكان‌ سكانها في أواخر القرن‌ 19م‌ يشملون‌ المسلمين‌ أتراكهم‌ و عربهم‌، و المسيحيين‌ وعدداً قليلاً من‌ اليهود، حيث‌ كانوا يعملون‌ في المجالات‌ الزراعية والإدارية و التجارية (YA,V/3396). و بعد معركة القرم (1269-1273ه‍/1853-1857م‌) بين‌ روسيا و الدولة العثمانية، طلب‌ الأوربيون‌ في إطار مطالبتهم‌ بامتيازات‌ مختلفة، من‌ الدولة العثمانية السماح‌ بمد خط سكك الحديد بين‌ الإسكندرونة‌ وبيره‌‌جيڪ. كانت‌ الدولة العثمانية و بصدورها مرسوم‌ التنظيمات‌ الخيرية، بصدد تنمية البلاد، فوافقت‌ على‌ منح‌ هذا الامتياز (كارال‌، VI/263). و كانت‌ الدولة الروسية بدورها تتطلع‌ إلى‌ بحار الإسكندرونة الدافئة و الحرة (م‌.ن‌، VIII/45) و كانت‌ تهدف‌ إلى‌ إخضاع‌ هذه‌ المنطقة لنفوذها بحجة حماية أرامنة شرق‌ الأناضول‌ كي تصل‌ إلى‌ بحار المتوسط و الخليج‌ الفارسي عن‌ طريق‌ الإسكندرونة من‌ جهة، و العراق‌ من‌ جهة أخرى‌ (م‌.ن‌، VIII/130). لقد أدى‌ موقع‌ الإسكندرونة الجغرافي و ارتباطه‌ بالمياه‌ الحرة إلى‌ أن‌ تنتبه‌ الدول‌ الأوروبية أيضاً و منها بريطانيا و فرنسا إلى‌ تلك المنطقة .(YA,V/3401) و كان‌ يقيم‌ فيها الممثلون‌ السياسيون‌ لهذه‌ البلدان‌ و كذلك ممثلو الحكومات الأميركية و المجرية والإيرانية (ن‌.م‌، V/3402).

و بعد الحرب‌ العالمية الأولى‌ التي تعرضت‌ فيها هذه‌ المدينة للقصف‌ 6 مرات‌ (IA,V(2)/1091)، خضعت البلدان‌ العربية التابعة للدولة العثمانية، لوصاية بريطانيا و فرنسا (حتي، 939). و احتُلت‌ مدينة الإسكندرونة أيضاً في 1334ه‍/1916م‌ من‌ قبل‌ الإنجليز، IA)، ن‌.ص‌). و بعد التوقيع‌ على‌ معاهدة موندروس‌ في 24 محرم‌ 1337ه‍/30 تشرين‌ الأول‌ 1918م‌ طلب‌ الفرنسيون‌ من‌ الدولة العثمانية أن‌ تسمح‌ لهم‌ بالاستفادة من‌ ميناء الإسكندرونة. و على‌ إثر ذلك استقر الفرنسيون‌ في ميناء الإسكندرونة و حولوه‌ إلى‌ قاعدة عسكرية لهم‌ من‌ خلال‌ احتلال‌ طريق‌ الإسكندرونة ـ حلب‌ (YA,V/3403). و طيلة احتلال‌ القوات‌ الأجنبية للمدينة، استمر النضال‌ بشدة ضد المحتلين‌ من‌ قبل‌ الأتراك، IA) ،ن‌.ص‌). وأخيراً، انعقدت‌ في 17 صفر 1340ه‍/20 تشرين‌ الأول‌ 1921م‌ اتفاقية في أنقرة بين‌ تركيا و فرنسا. و بموجب‌ هذه‌ الاتفاقية تشكلت‌ حكومة تتمتع بحكم‌ ذاتي تحت‌ إشراف‌ الحكومة الفرنسية و قد أطلق‌ عليها اسم‌ سنجق‌ الإسكندرونة (بروكلمان‌، 625؛ شاو، 2/626؛ IA، ن.ص‌؛ YA,V/3406). يشمل‌ سنجق الإسكندرونة مدن‌ الإسكندرونة و أنطاكية و قرن‌ خان‌ و ريحانلي و سامان‌‌داغ‌. وكانت‌ اللغة التركية تعتبر أيضاً إحدى‌ اللغات‌ الرسمية فيها و كان‌ الأتراك أحراراً في نشر ثقافتهم‌ القومية (بروكلمان‌، أيضاً YA، ن‌.صص‌).

و في 1340ه‍/1922م‌، انضمت‌ الإسكندرونة إلى‌ اتحاد دول‌ سورية، YA)، ن‌.ص‌). أدى‌ التمييز الطبقي و الضغوط التي كانت‌ تمارس‌ من‌ قبل‌ مديري الاتحاد الفرنسيين‌، إلى‌ تشكيل‌ منظمة مؤلفة من‌ الشباب‌ الأتراك و العرب‌ و اليونانيين‌ و الأرامنة كانت‌ تسمى‌ «سلامت‌ بلده‌». و بعد فترة تشكلت‌ منظمة أخرى‌ باسم‌ «جمعية أنطاكية ـ الإسكندرونة» كان‌ هدفها الانضمام‌ إلى‌ الأراضي التركية (ن‌.ص‌). و على‌ إثر هذه‌ الاضطرابات‌ اعترفت‌ حكومة فرنسا رسمياً في 1343ه‍/1925م‌ بالحكم‌ الذاتي للإسكندرونة و في 1926م‌ أعلن‌ المندوب‌ السامي للحكومة الفرنسية في سورية تشكيل‌ حكومة في محافظة الإسكندرونة حاضرتها مدينة الإسكندرونة. كانت‌ هذه‌ الحكومة تتمتع‌ بدستور ومجلس و رئيس‌ للحكومة ينتخبه‌ الشعب‌، و كانت‌ اللغتان‌ العربية و الفرنسية تتمتعان‌ بالرسمية كما هو الحال‌ بالنسبة إلى‌ التركية. و كان‌ لهذه‌ الحكومة 9 أشخاص‌ ممثلون‌ عنها في مجلس‌ سورية YA,IA)، ن‌.صص‌). و بإقامة الانتخابات‌ و كتابة الدستور، اكتسبت‌ حكومة الإسكندرونة الطابع‌ الرسمي، و اختير رئيس‌ لجنة ممثلية فرنسا رئيساً لها. كان‌ الفرنسيون‌ يديرون‌ بشكل‌ علني الانتخابات،‌ مما أدى‌ إلى‌ اعتراض‌ السوريين‌، و أعلن‌ ممثلو المجلس‌ إلحاق‌ الإسكندرونة بالحكومة السورية (IA، (ن‌.ص‌).

و في 1355ه‍/1936م منحت‌ الحكومة الفرنسية الاستقلال‌ لسورية، حيث‌ كانت‌ الإسكندرونة جزءاً منها. و من‌ جهة أخرى طالب‌ الأتراك باستقلال‌ الإسكندرونة و شكلوا «جمعية استقلال‌ ختاي» بدلاً من‌ «جمعيـة أنطاكية ـ الإسكندرونة» و كان‌ هدفها تنظيم‌ النضال‌ لتحرير الإسكندرونة (شاو، ن‌.ص‌). و قد غيروا اسم‌ المنطقة أيضاً إلى‌ ختاي (YA,V/3407). و في هذه‌ الفترة أوكلت‌ الحكومة التركية الموضوع‌ إلى‌ عصبة الأمم‌ و تم‌ الإعلان‌ عن‌ استقلال‌ الإسكندرونة حسب‌ اتفاقية في 1937م‌ و عينت‌ حدودها وأُمنت‌ حقوق‌ الأتراك أيضاً؛ و لكن‌ عندما أجريت‌ الانتخابات‌، وشكلت‌ حكومة الإسكندرونة، قلصت‌ الحكومة الفرنسية من‌ عدد الممثلين‌ بضغوط من‌ الحكومة السورية. و اعترضت‌ الحكومة التركية على‌ ذلك و قدمت‌ شكوى‌ إلى‌ عصبة الأمم‌. و انعقدت‌ بعد ذلك في 1357ه‍/1938م‌ اتفاقية مع‌ الحكومة الفرنسية و قسمت‌ ولاية ختاي بين‌ فرنسا و تركيا. و بعد إقامة الانتخابات‌، حصل‌ الأتراك على‌ الأغلبية متمثلة في 22 ممثلاً مقابل‌ 18 ممثلاً من‌ العرب‌ و قاموا بتشكيل‌ الحكومة و أطلقوا عليها اسم‌ حكومة ختاي. و طالبت‌ الحكومة الجديدة بإلحاقها بالحكومة التركية، ووافقت‌ الحكومة الفرنسية في 5 جمادى الأولى‌ 1358ه‍/23 حزيران‌ 1939م‌ على‌ ضم‌ الإسكندرونة و منطقة ختاي إلى‌ تركيا (بروكلمان‌، 705؛ شاو، 2/626-627؛ YA,V/3407-3408) وانضمت‌ الإسكندرونة التي كانت‌ قد فصلت‌ عن‌ تركيا منذ 1918م‌ إلى الأراضي التركية بعد مصادقة المجلس‌ التركي في الاجتماع‌ المؤرخ‌ في 6جمادى الآخرة 1358ه‍/24 تموز 1939م (ن.ص)، و أطلق عليها اسم محافظة ختاي.

 

الأوضاع‌ الاقتصادية و الاجتماعية

رغم‌ أن‌ الإسكندرونة كانت‌ رصيفاً مهماً نسبياً إلى‌ جوار البحر المتوسط، ولكنها لم‌‌تتوسع‌ كما ينبغي طيلة تاريخها و لم‌‌تتحول‌ إلى‌ ميناء فعال‌ نسبياً، إلا بعد إلحاقها بالإمبراطورية العثمانية في القرن‌ 10ه‍/16م‌. و يتحدث‌ أولياچلبي (3/47) و حاجي خليفة (ص‌ 592) رحالتا القرن‌ 11ه‍/17م‌، عن‌ تردد التجار الأوروبيين‌ و المسلمين‌ و سفنهم‌ وكذلك عن‌ دائرة الجمارك فيها، حيث‌ يعد ذلك دليلاً على‌ ازدهارها الاقتصادي. كما يتحدث‌ أوليا‌چلبي عن‌ المسافة القريبة بينها و بين‌ جزيرة قبرص‌، بحيث‌ أن‌ قمم‌ الجزيرة المغطاة بالثلوج‌ كانـت‌ ترى‌ بوضوح‌ فـي الجو الصافي من‌ على‌ بعد 260 ميـلاً وكذلك عن‌ تجديد بناء قلعتها من‌ قبل‌ نصوح‌ باشا الصدر الأعظم‌ للسلطان‌ أحمد، و يقول‌ إن‌ 7 دول‌ كان‌ لها ممثل‌ فيها و لم‌‌يكن‌ فيها مسجد بسبب‌ أن‌ غالبية سكانها كانوا من‌ المسيحيين‌ والأجانب‌ (3/46-47).

و مع‌ تقلص‌ التجارة في شرق‌ المتوسط من‌ جهة، و انخفاض‌ الحركة في الطرق‌ التجارية بسبب‌ استئناف‌ رأس‌ الرجاء الصالح‌ لنشاطه‌ من‌ جهة أخرى‌، فقد ميناء الإسكندرونة الذي كان‌ ذات‌ يوم‌ أول‌ رصيف‌ للتجار الهنود في تجارتهم‌ مع‌ المتوسط، أهميته‌ إلى‌ حدما، و لكنه‌ أخذ يتوسع‌ تدريجياً منذ أواخر القرن‌ 13ه‍/19م‌ وتحول‌ إلى‌ ميناء تصدير مهم‌ و الميناء المتقدم‌ لمدينة حلب‌ (هيد، 184,409)، بحيث‌ أقام‌ فيه‌ ممثلو الدول‌ الأوروبية و قنصلياتها (م‌.ن‌، 465) وكانت‌ القوافل‌ القادمة من‌ حلب‌ إلى‌ أنطاكية، تصل‌ إلى‌ نقطة النهاية في الإسكندرونة بعد اجتياز ممر بيلن‌ (م‌.ن‌، 409). و في هذه‌ الفترة طلب‌ التجار الأجانب‌ المقيمون‌ في حلب‌ وبسبب‌ ضغوط حكام‌ مدينة طرابلس‌، من‌ الدولة العثمانية أن‌ توسع‌ من‌ منشآت‌ ميناء الإسكندرونة، و من‌ أجل‌ ذلك تعهدوا بتقديم‌ مساعدات‌ مالية كثيرة. و بعد تسلط إبراهيم‌ باشا المصري، تحولت‌ الإسكندرونة إلى‌ مركز تجاري لولايت‌ حلب، و دياربكر، وبغداد و الموصل و الأناضول‌ (الغزي، 295-296). و في عهد حكم‌ السلطان‌ حميد الثاني، فقدت‌ الدولة العثمانية أهمية ترانزيت‌ البضائع‌، و على‌ إثر ذلك أهملت‌ أيضاً الطرق‌ التي كانت‌ تنتهي إلى‌ سورية و العراق‌ من‌ بيروت‌ و الإسكندرونة (كارال‌، VIII/435).

تعـد الإسكندرونة الحاليـة الناحية الوحيـدة في محافظـة ختاي التي نمت‌ من‌ الناحية الزراعية و الصناعية و التجارية. حيث‌ يزرع‌ في سهولها القمح‌ و الحمضيات‌ و الزيتون‌. و فضلاً عن‌ ذلك، تعتبر الإسكندرونة أكبر بوابة تجارية في جنوب‌ شرق‌ تركيا (YA,V/3447). و يعد مصنع‌ صهر الحديد في الإسكندرونة والمعروف‌ باسم‌ «إيسدمير»، ثالث‌ مصنع‌ لصهر الحديد في تركيا. يقع‌ هذا المصنع‌ على‌ بعد 18 كم‌ من‌ مدينة الإسكندرونة، و قد تم‌ تشييده‌ بالتعاون‌ مع‌ الحكومة الروسية وبدأ العمل‌ فيه‌ منذ 1975م‌ (ن‌.م‌، V/3434). ترتبط الإسكندرونة التي تعد اليوم‌ بمثابة جسر يصل‌ بين‌ بلدان‌ الشرق‌ الأوسط، بمناطق‌ تركيا المختلفة عبر سكك الحديد التي تؤمن‌ ارتباطها بالبحر ‌‌المتوسط (ن‌.م،‌ V/3450-3451).

تعد مدينة الإسكندرونة من‌ الناحية التاريخية فقيرة للغاية من‌ حيث‌ الآثار التاريخية، رغم‌ تاريخها القديم‌. فلم‌ يتبق‌ أثر من‌ المدينة القديمة. توجد في أطراف‌ ناحية الإسكندرونة قطع‌ البلاط، و مخازن‌ المياه‌، و المقابر القديمة، و تطالعنا في إيسن‌ بقايا المدينة التي بناها البنادقة على‌ الأرحج‌ (ن‌.م‌، V/3486).

 

المصادر

ابن‌ الأثير، الكامل؛ ابن‌ حوقل‌، محمد، صورة الأرض‌، بيروت، 1979م‌؛ ابن‌ الشحنة، أبوالفضل محمد، الدر المنتخب‌، تق‍ : يوسف‌ بن‌ إليان‌، بيروت‌، 1909م‌؛ ابن‌ شداد، محمد، الأعلاق‌ الخطيرة، تق‍ : يحيى‌ زكريا عبارة، دمشق‌، 1991م‌؛ ابن‌‌القلانسي، حمزة، ذيل‌ تاريخ‌ دمشق‌، تق‍ : آمدروز، بيروت‌، 1908م‌؛ أبوالفداء، تقويم‌ البلدان‌، تق‍ : رنو و دوسلان‌، باريس‌، 1840م‌؛ الإصطخري، إبراهيم‌، المسالك و الممالك، تق‍ : محمد جابر عبدالعال‌ الحسيني، دمشق‌، 1381ه‍/1961م‌؛ أولياچلبي، محمد، سياحت‌ نامه‌، إستانبول‌، 1314ه‍؛ بروكلمان‌، كارل‌، تاريخ‌ ملل‌ و دول‌ إسلامي، تج‍ : هادي جزايري، طهران‌، 1346ش‌؛ البستاني؛ البلاذري، أحمد، فتوح‌ البلدان‌، ليدن‌، 1865م‌؛ پيرنيا، حسن‌، إيران‌ قديم‌، طهران‌، 1308ش‌؛ حاجي خليفة، جهان‌ نما، إستانبول‌، 1145ه‍؛ حتي، فيليپ‌، تاريخ‌ عرب‌، تج‍ : أبوالقاسم‌ پاينده‌، طهران‌، 1366ش‌؛ الخوري، سليم‌، آثار الأدهار، بيروت‌، 1291ه‍/1875م‌؛ دياكونف‌، م‌.، أشكانيان‌، تج‍ : كريم‌ كشاورز، طهران‌، 1351ش‌؛ سامي، شمس‌ الدين‌، قاموس‌ الأعـلام‌، إستانبول‌، 1306ه‍؛ شاو، ج. و إ. ڪ. شاو، تاريخ‌ إمپراتوري عثماني وتركيۀ جديد، تج‍ : محمود رمضان‌‌زاده‌، مشهد، 1370ش‌؛ الغزي، كامل‌، نهرالذهب‌ في تاريخ‌ حلب‌، تق‍ : شوقي شعث‌ و محمود فاخوري، حلب‌، 1412ه‍/1991م‌؛ فريدبك، محمد، تاريخ‌ الدولة العلية العثمانية، تق‍ : إحسان‌ حقي، بيروت‌، 1403ه‍/1983م‌؛ كريستن‌ سن‌، آرتور، إيران‌ در زمان‌ ساسانيان‌، تج‍ : رشيد ياسمي، 1370ش‌؛ غيرشمن‌، رمان‌، إيران‌ أز آغاز تا إسلام‌، تج‍ : محمد معين‌، طهران‌، 1372ش‌؛ المقدسي، محمد، أحسن‌ التقاسيم‌، تق‍ : محمد مخزوم‌، بيروت‌، 1987م‌؛ اليعقوبي، أحمد، البلدان‌، النجف‌، 1337ه‍/1918م‌؛ و أيضاً:

 

Census of Population 1900, State Institute of Statistics, Ankara, 1991; EI2; Heyd, W., Yakın–doğu ticaret tarihi, tr. E. Z. Karal, Ankara, 1975; IA; Karal, E. Z., Osmanlı tarihi, Ankara, 1983; Pauly ; Runciman, S., Haçlı seferleri tarihi, tr. F. Iԫıltan, Ankara, 1986; Sevim, A. & Y. Yücel, Türkiye tarihi, Ankara, 1989; Strabo, The Geography, tr. H. L. Jones, London, 1970; Türk ansiklopedisi, Ankara, 1972; Uzunçarԫılı, İ. H., Osmanlı tarihi, Ankara, 1983; YA.

علي أكبر ديانت‌/خ‌.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: