الأسباط
cgietitle
1442/9/12 ۱۸:۳۵:۴۴
https://cgie.org.ir/ar/article/236021
1446/9/4 ۰۲:۰۸:۰۴
نشرت
7
اَلْأَسْباط، لفظ قرآني رأی أهل التفسير أن المراد منه أولاد يعقوب، أو قبائل بني إسرائيل. ذكرت هذه الكلمة 5 مرات في القرآن الكريم و يلاحظ أنها وردت في 4 مواضع، أي في السور المدنية: البقرة (2/136، 140)، و آل عمران (3/84)، و النساء (4/163)، و بغض النظر عن مفهوم الآيات إلی جانب أسماء الأنبياء و علی شكل «إبراهيم و إسماعيل و إسحاق و يعقوب والأسباط» و وردت الإشارة في سورة الأعراف المكية (7/160) إلى تقسيم الأسباط إلی 12 أمة (قبيلة).
و الأسباط جمع سِبْط، و لميرد لها ذكر في الأشعار الجاهلية، و اعتبر السيوطي في كتاب المتوكلي (ص 125-127) هذه الكلمة من «معرّبات» القرآن و مستقاة من العبرية، و اعتبرها في الإتقان (4/95-96) من مبهمات القرآن. و يری الباحثون فيما يتعلق بأصل هذه الكلمة أن كلمات «شبَط» (الضرب) في الآرامية، و «س ب ط م» (العصا، الضرب) في السبئية، و«شِبطو» (العصا)، و «شَباطو» (الضرب، الهزم) في الأشورية، ونماذج من هذا القبيل في اللغـات الساميـة ـ الحاميـة الأخری، وأخيراً «شبَط» و «شباط»، (العصا، الضرب) في العبرية هي علی الأقل قريبة جداً من حيث المادة إلى الأسباط و مفردها سبط (ظ: نولدكه، 736؛ جفري، 57-58؛ أيضاً غزنيوس، 986-987).
و جاءت «سبط» في المصادر التفسيرية و المعاجم العربية بمعنی الأحفاد و القبائل أيضاً (الطوسي، 1/481-482؛ ابن دريد، 1/336؛ ابن منظور، مادة سبط). و رأی أكثر المفسرين واللغويين أن المقصود من الأسباط أبناء يعقوب الاثناعشر (مثلاً ظ: الطوسي، 1/482؛ ابن دريد، 3/1328؛ الزمخشري، الكشاف، 1/195). كما قيل إن الأسباط هم القبائل التي نشأت من أبناء يعقوب الاثني عشر، و هذه الكلمة تعني لدی بني إسرائيل القبائل لدی العرب، و قد سموهم بهذا الاسم لتمييزهم عن قبائل العرب، وتمييز أبناء إسماعيل و إسحاق عن بعضهم (الطبري، تفسير، 1/442-443؛ الطوسي، ن.ص؛ الطبرسي، 7/43-44؛ البغوي، 1/163؛ الزمخشري، أساس...، مادة سبط).
و في أسفار العهد القديم العبرانية استعملت كلمة «شبَط» بالإضافة إلی ماذكر، بمعنی القبيلة أيضاً (ظ: غزنيوس، ن.ص). ورغم أن الاستعمال الأخير يحمل معنی عاماً، إلا أنه يستعمل بشكل خاص لقبائل بني إسرائيل الاثنتي عشرة متمثلة في أبناء يعقوب و قبائلهم.
إن مجيء هذه الكلمة إلی جانب أسماء الأنبياء في القرآن الكريم (البقرة، آل عمران، النساء، نفس الآيات)، و التصريح بنزول الوحي عليهم و خاصة في سورة النساء، كان يدفع أحياناً إلی الظن بكون «الأسباط» أنبياء. و رغم أن الإشارة قد وردت في المصادر الإسلامية إلی نبوة أبناء يعقوب الاثني عشر نقلاً عن أهل الكتاب أحياناً، أو حتی دون النقل عنهم (ظ: ابن الجوزي، 1/309؛ النيسابوري، 149؛ أيضاً ظ: الطوسي، ن.ص)، إلا أنهم يرون في الغالب أن بعض الأشخاص فقط اختيروا أنبياء من بين أسباط بني إسرائيل مثل يوسف و داود و سليمان و موسی وعيسی (ع) (ظ: الطبري، ن.م، 1/442؛ الطوسي، 3/393) وأن أولاد يعقوب الاثني عشر كانوا أبناء الأنبياء فحسب (كليني، 1/336-337). و يری الطوسي (ن.ص) و من بعده الطبرسي (1/489) أن إخوة يوسف ارتكبوا الذنب بسبب الظلم الذي اقترفوه بحقه و لذلك لايمكن أن يُختاروا للرسالة، لأن النبي معصوم عن فعل القبيح. و مما يستحق الاهتمام في هذا الموضوع، أن «الأسباط» ذكروا في كتب التفسير باعتبارهم قبائل بني إسرائيل، بعث من بينهم بعض الأنبياء من جهة، و دارالحديث من جهة أخری عن أبناء يعقوب الاثني عشر باعتبارهم «أسباطاً» وذلك من خلال طرح قضية ارتكاب إخوة يوسف للذنب.
و لابن حبيب (ص 26) رأي آخر حول الأسباط، فقد ذكر في معرض سرده أسماء الأنبياء التسعة و العشرين الذين جاء ذكرهم في القرآن، الأسباط في عداد أنبياء مثل يوسف و موسی و داود و سليمان و يحيی و عيسی و غيرهم، و اعتبر الأسباط اسم علم لشخص، و لعل هذا هو السبب الذي دفع المسلمين بعد أن عرفوا هذه الكلمة التي من المحتمل أن تكون معربة، و المستعملة في القرآن، إلی استخدامها علماً للأشخاص، فكانوا يطلقون علی أبنائهم اسم الأسباط أحياناً (كنماذج، مثلاً ظ: ابن حجر، 98).
و أما قصة أبناء يعقوب و قبائلهم و الذين اشتهروا بالأسباط الاثني عشر، فهي كالتالي استناداً إلی ما جاء في العهد القديم، وتكرر في الروايات الإسلامية إلی حدما: خدم يعقوب لابان والد راحيل 7 سنوات من أجل الزواج بها، و لكنه اضطر بحيلة من لابان إلی الزواج من «ليئَة» أخت راحيل الكبری. و ولدت له ستة أبناء هم رأوبين و شمعون و لاوي و يهوذا ويَسّاكار و زَبولون. ومن جهة أخری، خدم يعقوب لابان 7 سنوات أخری، و تزوج من راحيل أيضاً، و لكن راحيل بسبب عقمها زوجت جاريتها بِلْهة من زوجها لتنجب له الأولاد. فولدت ليعقوب دان و نَفتالي. و زوجت الأخت الكبری ليئة جاريتها زِلْفة من يعقوب كي لاتقل مكانتها لدی زوجها، و ولدت زلفة ليعقوب ابنين هما جاد و أَشير. و لكن راحيل شفيت من العقم، و أنجبت لزوجها بنيامين و يوسف (سفر التكوين، الأصحاح 29؛ أيضاً 30: 1-24؛35: 16-18، 23-26؛ أيضاً ظ: اليعقوبي، 1/31؛ الطبري، تاريخ، 1/317؛ المسعودي، 1/59). و شكل من بين أولاد الإخوة، كل من ابني يوسف وهما مَنَسّى وأَفرايم، قبيلة لنفسه (ظ: سفر العدد، 26: 28؛ أيضاً ظ: ن.د، يوسف). و بذلك انقسم بنويوسف بدورهم إلی سبطين هما بنومنسى و بنو أفرايم، و خلف هذان السبطان مامجموعه 13 سبطاً إلی جانب أسباط يعقوب الأحد عشر. و بمرور الزمان وتوالي الأجيال ظهرت من كل واحد منهم قبائل، و عرفوا بأسباط بني إسرائيل، أو بني إسرائيل مطلقاً. و استناداً إلی العهد القديم، فعندما كان أسباط بني إسرائيل حاضرين مع موسی (ع) و ألعازار في موآب مقابل أريحا، تم إحصاء كل قبيلة و قسمت أرض كنعان بأمر من الله بين كل القبائل من أكبرها و حتی أصغرها. وفي أثناء ذلك تولی بنو لاوي الخدمات المقدسة في الهيكل، ولذلك لم يصلهم نصيب من الأراضي (سفر العدد، الأصحاح 26؛ سفر التثنية، 10: 8-9؛ أيضاً ظ: ابن كثير، 1/299). و لعل الطبري (تفسير، 2/379) اعتبر سبط لاوي سبط النبوة لهذا السبب. و علی أي حال، فإن الأسباط الاثني عشر الآخرين الذين تملكوا الأراضي كانوا يعيشون متجاورين، و كان لكل منهم زعيم و رقعة أرض مستقلة (سفر أخبار الأيام الثاني، 5: 2)، و كانوا يتعاونون عندما تقتضي الظروف (مثلاً ظ: سفر القضاة، 1: 3). وبعد موت سليمان (ع) انقسم هؤلاء الأسباط الاثني عشر إلی قسمين علی إثر بعض النزاعات؛ فأصبح أعقاب يهوذا و بنيامين في الجنوب، والأسباط العشرة في الشمال، يتمتعون بمملكة وملوك مستقلين سفر الملوك الأول، 12: 20-24؛ لمزيد من التفصيل، ظ: ن.د، بنو و إسرائيل).
و ذكر أسباط بني إسرائيل في العهد الجديد أيضاً، و وضع في مقابلهم في الغالب حواريو عيسی (ع) الاثنا عشر؛ حيث إن الحكم بين أسباط بني إسرائيل الاثني عشر سيكون استناداً إلی وعد عيسی (ع) في يوم القيامة، علی عاتق الحواريين الاثني عشر (إنجيل متی، 19: 28؛ أيضاً ظ: كلارك، V/194)، في حين أن المسيح (ع) نفسه عُد من سبط يهوذا (الرسالة إلى العبرانيين، 7: 14). و مما يلفت النظر أن قبائل بني إسرائيل الاثنتي عشرة المذكورة في العهد الجديد تختلف قليلاً عما ذكر عنها في العهد القديم؛ فقد ذكر في العهد الجديد بنو لاوي بدلاً من بني دان، وبنو يوسف بدلاً من بني أفرايم. و في الحقيقة فقد ذكر بنو منسى الذين انقسموا هم أنفسهم عن بني يوسف، في عداد الأسباط كقسماء لبني يوسف (رؤيا يوحنا، 7: 4- 8؛ أيضاً ظ: ديفيدسن، 1186). و قد ذكر الأسباط في «رؤيا يوحنا» بشكل رمزي تماماً. و حسب هذه الرؤيا، فقد صور مَلَك مدينة أورشليم الجديدة ليوحنا بعد أن عرض له «الموت الثاني» و مايحدث في هذا الموت للأطهار و غير الأطهار. و قد رأی يوحنا في هذه الرؤيا سوراً عظيماً و عالياً حول المدينة تنفتح منه 12 باباً كتب عليها أسماء أسباط بني إسرائيل الاثني عشر (21: 1-12؛ أيضاً ظ: ديفيدسن، 1196؛ قا: ابن عبدربه، 7/292، الذي تحدث عن الأبواب الستة لأسباط بني إسرائيل في بيتالمقدس؛ أيضاً ياقوت، مادة «المقدس»، الذي سمی أحد أبواب المسجد الأقصی بباب الأسباط). كما ذكر في الآثار المسيحية القديمة اسم يوسف في فهرس بأسماء الأنبياء و ذلك من خلال الاستناد إلی تعاليم العهدين، و ذكر إخوته باعتبارهم مذنبين (مثلاً ظ: «كتاب...»، 143). و مما يجدر ذكره أنه توجد صحيفة أبوكريفا بعنوان «معاهدة البطاركة الاثني عشر» باليونانية و الأرمنية و الإسلافية و هي معاهدة رمزية لأبناء يعقوب الاثني عشر. و قد نشر تشارلز و آخرون التحريرات المختلفة لهذه الصحيفة (لمزيد من الاطلاع ظ: ويسر، 442-445).
ابن الجوزي، عبدالرحمان، المنتظم، تق : محمد عبدالقادر عطا ومصطفی عبدالقادر عطا، بيروت، 1358ه؛ ابن حبيب، عبدالملك، التاريخ، تق : أغوادي، مدريد، 1991م؛ ابن حجر العسقلاني، أحمد، تقريب التهذيب، تق : محمد عوامة، حلب، 1408ه/1988م؛ ابن دريد، محمد، جمهرة اللغة، تق : رمزي منير البعلبكي، بيروت، 1407ه/1987م؛ ابن عبدربه، أحمد، العقد الفريد، تق : مفيد محمد قميحة، بيروت، دارالكتب العلمية؛ ابن كثير، البداية و النهاية، تق : أحمد أبوملحم و آخرون، بيروت، 1408ه/1988م؛ ابن منظور، لسان؛ البغوي، الحسين، معالم التنزيل، بيروت، دارالفكر؛ الزمخشري، محمود، أساس البلاغة، بيروت، 1399ه/1979م؛ م.ن، الكشاف، القاهرة، 1366ه/1947م؛ السيوطي، الإتقان، تق : محمد أبوالفضل إبراهيم، القاهرة، 1387ه/1967م؛ م.ن، المتوكلي، تق : عبدالكريم الزبيدي، بيروت، 1408ه/1988م؛ الطبرسي، الفضل، مجمع البيان، بيروت، دارمكتبة الحياة؛ الطبري، تاريخ؛ م.ن، تفسير؛ الطوسي، محمد، التبيان، النجف، 1389ه/1969م؛ العهد الجديد؛ العهد القديم؛ القرآن الكريم؛ الكليني، محمد، الكافي، تق : علي أكبر الغفاري، بيروت، 1401ه؛ المسعودي، علي، مروج الذهب، تق : يوسف أسعد داغر، بيروت، 1385ه/1965م؛ النيسابوري، إبراهيم، قصص الأنبياء، تق : حبيب يغمائي، طهران، 1340ش؛ ياقوت، البلدان؛ اليعقوبي، أحمد، تاريخ، بيروت، 1379ه/1960م؛ وأيضاً:
The Book of the Himyarites, ed. and tr. Moberg, Leipzig, 1924; Clarke, A., The New Testament of Our Lord, New York, Abingdon -Cokesbury Press; Davidson, F., The New Bible Commentary, Michigan, 1953; Gesenius, W., A Hebrew and English Lexicon of the Old Testament, New York/Boston, 1906; Jeffery, A., The Foreign Vocabulary of the Qurʾān, Baroda, 1938; Nöldeke, Th., «Anzeigen», ZDMG, 1886, vol. XL; Weiser, A., Introduction to the Old Testament, London, 1975.
فرامرز حاج منوچهري/خ.
عزيزي المستخدم ، يرجى التسجيل لنشر التعليقات.
مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع
هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر
تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول
استبدال الرمز
الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:
هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول
الضغط علی زر التسجیل یفسر بأنک تقبل جمیع الضوابط و القوانین المختصة بموقع الویب
enterverifycode