الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الادب العربی / أبو المطرف /

فهرس الموضوعات

أبو المطرف

أبو المطرف

تاریخ آخر التحدیث : 1443/1/12 ۱۸:۲۲:۰۵ تاریخ تألیف المقالة

أَبوالْمُطَرِّف، أحمد بن عبدالله بن عَمیرة المخزومي (582-658هـ/ 1186-1260م)، أدیب و کاتب و فقیه وشاعر عصر الموحدین في الأندلس والمغرب. و من دواعي حظوته بمکانة مرموقة – بغض النظر عن القیمة الأدبیة لآثاره التي لاتختلف کثیراً عن آثار کبار کتّاب الأندلس – هي المعلومات التاریخیة المفیدة التي انطوت علیها رسائله الدیوانیة و غیر الدیوانیة حول الجوانب المختلفة للحیاة السیاسیة والاجتماعیة في الأندلس في عصر الانحطاط و انهیار الأندلس، وهکذا المغرب؛ خاصة و إن بعضاً من رسائله تتعلق بفترة حکم الملوک الذین ظهروا بعد سقوط دولة الموحدین في الأندلس (العصر الثالث لملوک الطوائف)، والتي لانجد في کتب التاریخ معلومات کثیرة عن حکمهم فیها.

ذکر البعض أن اسم جده هو عُمیرة [بضم الأول]، ولکنه لایبدو صحیحاً (ظ: بن شریفة، 33). ویصل نسبه إلی بني مخزوم، بطن من قریش. وعلی الرغم من أن بعض معاصریه قد شککوا في أصله – ربما بسب الحسد و سوء النیة – إلی درجة أنهم نسبوه احتقاراً لأسرة یهودیة (ابن عبدالملک، 1(1)/150-151؛ ابن الخطیب، الإحاطة ...، 1/179)، إلا أن شهرة نسبه المخزومي و کثرة الروایات في هذا المجال، تدلان علی الأقل علی أن معاصریه کانوا یعدونه مخزومیاً وقرشیاً (ظ: ابن الأبار، 163؛ ابن خلیل، 49؛ المقري، أزهار...، 3/218، نفح...، 6/290؛ بن شریفة؛ 35-39). وقد کان أبوالمطرف وأسرته من أهالي شقر بجنوب بالنسیة (ابن الأبار، ن.ص؛ البلفیقي، 197؛ ابن سعید، 2/363؛ ابن خلیل، 42)، ولکن هناک اختلاف بین بعض المصادر فیما إذا کان قد ولد في شقر أو بلنسیة (ظ: ابن عبدالملک، 1(1)/180؛ الغبریني، 298-300، 301؛ ابن حجر، 1/203؛ المقري، ن.م، 1/297، 299)، حتی إن البعض خلط بین شقر و شقورة من توابع جیّان، واعتبروا أبا المطرف شقوريّ الأصل (ظ: ابن الخطیب، ن.ص؛ ابن القاضي، 145؛ قا: السیوطي، 1/319؛ بن شریفة، 43-46).

ویبدو أن أباه کان في عداد العلماء، وکانت له شهرة في شرق الأندلس (م.ن، 51-52). ویؤید ذلک إشارة ابن الأبار إلی شهرة بني عمیرة في شقر (ن.ص). و مع ذلک فإن ابن الخطیب – ویبدو في الظاهر أنه کان آخذاً بنظر الاعتبار روایة ابن عبدالملک عما أحاطت بنسبه من شکوک – قد عدّ أسرته غیر عریقة (ن.ص). وعلی أیة حال، فقد تلقی أبوالمطرف مقدمات العلوم في شقر، ثم توجه إلی بلنسیة لیواصل دراسته لدی أساتذة هذه المدینة (بن شریفة، 66-67). وقد ذکر هو نفسه في الإجازة التي منحها في أواخرعمره إلی أحد تلامذته في إفریقیة، بعضاً من مشایخه الکبار والمؤلفات التي قرأها علیهم، وذکر أیضاً دقائق أمور عن حیاتهم و أحوالهم. و یُعدّ أبوالربیع الکلاعي أولهم و أشهرهم، حیث کانت تجمعه به صداقة و صحبة منذ أمد بعید، و علّمه الأدب و الحدیث (م.ن، 67-68؛ ابن عبدالملک، 1(1)/151؛ ابن الخطیب، ن.م، 1/180). ولم تکن لأبي المطرف علاقة علمیة وأدبیة مع أبي الربیع فحسب، بل کان من رفاق جهاده أیضاً، ذلک لأن الحروب آنذاک مع المسیحیین الذین کانوا في حالة تقدم و توسع مستمر لرقعة حکمهم في الأندلس، کانت في حالة اتساع متواصل. وقد فصّل أبوالمطرف الذي یبدو أنه هو نفسه کان قد اشتراک في هذه الحروب ضد المسیحیین لمرات عدیدة مع أبي الربیع، کیفیة مقتل أستاذه الشهیر في معرکة أنیشة الشهیرة (634هـ) (بن شریفة، 68-70؛ ابن عبدالمنعم، 41-42). ومن مشایخه الآخرین في بلنسیة أبوالحسن أحمد بن واجب القیسي وأبوالخطاب أحمد بن واجب وأبوعبدالله محمد بن نوح الغافقي، حیث درس لدیهم في أوقات مختلفة الفقه و الحدیث ونال منهم إجازة الروایة (بن شریفة، 70-71، 73-74؛ ابن عبدالملک، ن.ص).

وقد سافر أبوالمطرف أیضاً إلی مدن الأندلس الأخری: فدرس في الشاطبة لدی أبي عمر أحمد ابن عات (ن.ع) مجامیع الحدیث الکبیرة. وقد قُتل ابن عات کأبي الربیع الکلاعي – رغم أنه قُتل قبله بسنین – في معرکة العقاب الشهیرة التي وقعت بین المسلمین و المسیحیین (609هـ)، وقد ذکر أبوالمطرف في إجازته المذکورة شجاعة أستاذه هذا في مواجهة العدو (بن شریفة، 71-72؛ ابن عبدالملک، ابن الخطیب، ن.ص). وفي دانیة درس عدداً من الکتب الشهیرة في الفقه والحدیث و الأدب لدی أبي محمد عبدالله ابن حوط الله (ن.ع) (بن شریفة، 72-73؛ ابن عبدالملک، ابن الخطیب، ن.صص). کما نراه مرة واحدة فقط في إشبیلیة في حلقة درس أبي علي الشلوبیني الذي کان من کبار نحاة الأندلس (بن شریفة، 74-75؛ البلفیقي، 197؛ ابن عبدالملک، ابن الخطیب، ن.صص). ویُعتبر أبوالفتوح نصر بن أبي الفرج الحصري من أساتذته الآخرین، حیث منحه الإجازة في الروایة (ابن عبدالملک، ن.ص؛ ابن الخطیب، الإحاطة، 1/181).

ویبدو من الدروس التي تلقاها أبوالمطرف، کما أشار إلی ذلک ابن عبدالملک (1(1)/152)، ومن تخصص أساتذته العلمي، أنه کان في البدء یخوض في الغالب في مجال العلوم النقلیة، إلا أنه تبحر أیضاً فیما بعد وخاصة بعد سفره إلی مرسیة و ملازمته الممتدة لأبي بکر عزیز بن خطاب والي مرسیة و عالمها الشهیر، في علوم مثل أصول الفقه و الکلام والمنطق والفلسفة والطب (بن شریفة، 75-80؛ ابن عبدالملک، 1(1)/151؛ ابن الخطیب، ن.ص). و یمکن تصور علمه الواسع أیضاً من خلال الکتب المختلفة التي کان یطالعها و یدرّسها، وکذا العدد الکبیر لتلامذته و رواته (ظ: بن شریفة، 170-173). ورغم أن التاریخ الدقیق لأسفاره و مدة إقامته و تلقیه العلم في المدن المذکورة، لیس معلوماً، إلا أنه یبدو من القرائن أن عقدین من عمره علی الأقل قد انقضیا في هذا المضمار، إلا أن هذه السنین لم تنقض کلها في تلقي العلم. فقد کان أبوالمطرف الذي تفید إحدی الروایات أنه کان ولوعاً للغایة بالجاه والمال، یفکر منذ البدء في النفوذ إلی بلاط الأمراء و الکبار (ابن عبدالملک، 1(1)/178-179؛ بن شریفة، 85)؛ ولهذا، فقد انخرط مبکراً جداً في سلک الکتاب، وانقضت جمیع سنوات حیاته منذ ذلک الحین – کما سنری – في مجال الکتابة و القضاء في مدن الأندلس و المغرب.

وقد ذکر بن شریفة أن بدایة عمله في الکتابة – مع الأخذ بنظر الاعتبار بعض القرائن – کانت بین 607 و 608هـ (ص 85-87). فقد أصبح أولاً کاتب بلاط الأمیر أبي عبدالله بن أبي حفص في بلنسیة (ابن خلیل، 42). ثم ذهب إلی إشبیلیة. وقد أشار ابن الأبار (ن.ع) صدیقة و تلمیذه، إلی حضوره في أحد منتزهات إشبیلیة في 617هـ، کما نقل عنه أیضاً أشعاراً في الإشادة بهذه المدینة (ظ: البلفیقي، 197-199). ومما لاشک فیه أن صحبته لأبي علي الشلوبیني الذي سبقت الإشارة إلیه کانت في هذه الفترة، فهو – علی حد علمنا – لم یسافر مرة أخری إلی إشبیلیة. ثم عاد إلی بلنسیة. وفي 620هـ نراه في المدینة الأخیرة في بلاط أبي زید ابن أبي عبدالله بن أبي حفص (ابن خلیل، ن.ص؛ بن شریفة، 90).

وقد وصلتنا من مدونات أبي المطرف في تلک الفترة 3 رسائل کتبها من جانب أبي زید في مخاطبة المستنصر و المأمون الخلیفتین الموحدیین. و من خلال هذه الرسائل التي تنطوي علی موضوعات مثل الصراع مع المسیحیین و مبایعة أبي زید و أهالي بلنسیة للمأمون، یمکننا التعرف علی جوانی من أحوال ذلک العصر السیاسیة، و خاصة وضع الدول المسیحیة و المسلمة في الأندلس و العلاقات بینها (م.ن، 90-94). وفي 626هـ، وبعد خروج المأمون من الأندلس، ثار زیان بن مَردَنیش علی أبي زید وأخرجه من بلنسیة، فانخرة أبوالمطرف أیضاً في خدمة زیّان وبادر إلی کتابة رسائله و ثبت فتوحه (ابن سعید، 2/363؛ ابن خلیل، ابن الخطیب، ن.صص؛ بن شریفة، 94-95). وقد وصلتنا من مدوناته في هذه الفترة أیضاً 3 رسائل و عقد صلح، وموضوعها کلها عن علاقات زبان مع الحکومات المسیحیة في الأندلس (م.ن،95). ولکن یبدو أن الأمیر الجدید لم یکن یهثم کثیراً بالشعر و الأدب، وأن أبا المطرف لمی یلمس منه رعایة علی الأقل (مثلاً ظ: ابن سعید، 2/363-364)، إذ نراه في قصیدة له یشکو من تزمت الأمیر، ویتهمه بعدم الاکثراث بأحوال العساکر والکتّاب (الصفدي، 7/134؛ المقري، نفح، 1/300). وفي نهایة المطاف، ولهذا السبب، أو ربما لأسباب سیاسیة، غادر أبوالمطرف بلنسیة في 628هـ (الصفدي، 7/134-135؛ المقري، ن.م، 1/300-301؛ بن شریفة، 96-97)، وتوجه إلی مسقط رأسه شقر. وانقضت فترة إقامته القصیرة في شقر بالکتابة أیضاً في بلاط أبي عبدالله ابن مردنیش. وقد وصلنا نص البیعة التي کتبها في 629هـ من جانب أمیر شقر و أهلها في مخاطبة أبي عبدالله محمد بن هود (ظ: ن.د، هود، بنو) في تأیید ولایة عهد ابنه أبي بکر محمد (بن شریفة، 97-98). وبعدها بقلیل نراه في الشاطبة، وفيمنصب القضاء (ظ: المقري، أزهار، 3/218-219). ولانمتلک معلومات عن کیفیة تولیه هذا المنصب، إلاأن تاریخه لابد أن یعود إلی مابین 629 و 631هـ (قا: بن شریفة، 99).

ولدینا من فترة إقامته في الشاطبة بعض الرسائل والوثائق یمکننا أن نذکر من بینها مبایعة أهالة الشاطبة للمستنصر الخلیفة العباسي و حلفائه الأندلسیین: ابن هود و ابنه، وقد کتبت بأمر ابن هود. و کذلک الرسائل التي کتبها خطاباً لأستاذه ابن خطاب والي ابن هود علی مرسیة. وفیها أیضاً نجد الحرب و النزاع مع المسیحیین یمثلان أحد المواضیع التي تطق إلیها في رسائله، و خاصة في خطابه لابن خطاب (القلقشندي، 7/94-99، 9/301-308؛ بن شریفة، 103-104).

وفي 633هـ انتهت فترة إقامته في الشاطبة التي یذکرها بنفسه مشیداً بها (ن.ص)، وذهب إلی مرسیة (ن.ص). وقد مضت سنوات إقامته في مرسیة و التي تزامنت أیضاً مع هزائم الأول الإسلامیة و سقوطها المتوالي في الأندلس، بالکتابة و القیام بمهام سیاسیة في مناطق شرق الأندلس. وتعکس لنا رسائله في هذه التفرة، فضلاً عن طبیعة نشاطه، مظاهراً من الأوضاع السیاسیة ولااجتماعیة المتدهورة في الأندلس آنذاک. وقد تفرقت أنشطته الواسعة في هذه السنین بین کتابة مبایعات الأمراء و بین أسفاره السیاسیة و حتی متابعة شکاوی الناس في شتی مدن شرق الأندلس (ظ: م.ن، 104-113). وحتی سنة 635هـ، حیث توفي ابن هود، کان أبوالمطرف في خدمة ابن هود و ابن خطاب أیضاً (ظ: م.ن، 105-110)، ولکن مع وفاة ابن هود، ثار ابن خطاب علی ابنه وخلیفته، وأعلن استقلاله بمرسیة (636هـ). وفي هذه المرة أیضاً کان ابوالمطرف هو الکاتب لنص بیعته (ابن خلیل، 42، 146؛ ابن الخطیب، أعمال ...، 274-275؛ بن شریفة، 110-111)، إلا أن إمارة ابن خطاب لم تدم طویلاً هي الأخری، فقد ددی عجزه عن إدارة الدمور إلی سیطرة زیان بن مردنیش علی مرسیة، وأسره ثم قتله (ابن خلیل، 146). وها نحن نری أبا المطرف و هو یتحدث عن أخطاء أستاذه بعد أن کتب له من قبل ذلک بقلیل نص بیعته، معتبرا عاقبته الوخیمة ناجمة عن استبداده وسوء فعاله (ابن خلیل، 45).

وانخرط أبوالمطرف ثانیة في خدمة زیان بن مردنیش، وکتب نص بیعة أهالي مرسیة و نواحي شرق الأندلس لزیان الذي کان یحکم باسم أبي زکریا الحفصي حاکم تونس (بن شریفة، 112). ولم تدم فترة خدمة أبي المطرف في بلاطه کثیراً، فاتخذ طریقه إلی غرناطة بعد أن یئس- علی مایبدو – من تحسن الأوضاع في شرق الأندلس. وقد جاء تفصیل هذا السفر في الرسالة التي کتبها في مخاطبة أحد أصدقائه، وذکر فیها مراحل سفره و المدن التي توقف فیها و المخاطر التي واجهها (م.ن، 113-115). وإن مانعرفه عن الفترة القصیرة لإقامته في غرناطة هو علاقاته و مراسلاته الودیة مع بعض المشایخ و کبار الکتّاّ في تلک المدینة (م.ن، 115). ولانعلم بالضبط إذا ماکانت غرناطة هي مقصده في الأصل، أم هي محطة موقتة السف رأطول عمد إلیه بحثاً عن مکان أکثر هدوءاً و بلاط أکثر ازدهاراً، فعثر علیه و استرم فیه حتی نهایة حیاته.

وقد بدأ سفر أبي المطرف بعبور البحر، ودخول المغرب. وفي بدایة سنة 637هـ نجده في سبتة التي کانت قد تحولت آنذاک إلی ملجاً للمهاجرین و اللاجئین الأندلسیین. وقد أشارت المصادر إلی اثنین من تلامذته في سبتة (ابن الخطیب، الإحاطة، 1/335؛ بن شریفة، 119). ثم إنه توجه بعد ذلک إلی رباط الفتح عن طریق البحر للالتحاق فیها بالرشید الخلیفة الموحدي، للعثور – کما یبدو – علی ملجأ لحشود والمهاجرین الأندلسیین في المغرب (م.ن، 119-120)، ثم ذهب إلی مراکش عاصمة الخلافة بمعیة ملتزمي الخلیفة (ابن عبدالملک، 1(1)/ 156-177). وقد جاء في الرسالة التة کتبها بأمر الخلیفة حول هذا السفر، وصف کامل لموکب الخلیفة و استعراض جیش الموحدین وکیفیة لاسفر، و من جملة ذلک استقبال أهالي العاصمة للخلیفة (ابن عبدالملک، 1(1)/156-157؛ بن شریفة، 120-121).

وقد أدت شهرة أبي المطرف الأدبیة وکتابته الرسائل ذات الطابع الأدبي التي أشار ابن عبدالملک إلی نموذج آخر منها (1(1)/176)، إلی أن یحظی بمنزلة لدی الخلیفة، فیعین في منصب کاتب بلاطه (ابن خلیل، 42؛ ابن عبدالملک، 1(1)/177؛ ابن الخطیب، 1/181؛ بن شریفة، ن.ص). وقد تحدث أبوالمطرف في إحدی رسائله المهمة في هذه الفترة والتي تحظی بقیمة تاریخیة کبیرة، عن تأسیس مجتمع المهاجرین الأندلسیین الذین کانو قد لجأوا إلی المغرب بعد سقوط مدنهم في شرق الأندلس. وحسب هذه الرسالة، فإن المهجر المذکور الذي یبدو أنه کان أول مجتمع للاجئین الأندلسیین في المغرب تم تأسیسه في رباط الفتح في 637هـ بمساعي أبي علي الحسن بن خلاص والي سبتة، وبأمر من الرشید، حیث أصبح جمیع سکانه یتمتعون بجمیع حقوقهم المدنیة والسیاسیة شأنهم في ذلک شأن أهل المغرب (م.ن، 122-123). ولم یدم عمل أبي المطرف الدیواني في بلاط الخلیفة کثیراً، فقد عزله الخلیفة من منصبه الدیواني لسخطه علیه کما یبدو، و عینه في منصب القضاء في هیلانة (ابن عبدالملک، ن.ص؛ قا: ابن الخطیب، الإحاطة، ن.ص، وقد ورد اسم هذه المدینة علی شکل ملیانة، وهو تصحیف دون شک). ویبدو من الرسائل التي تبودلت في هذه الأثناء بین أبي المطرف و بعض أصدقائه، أن عزله کان مرتبطاً بتنافس بعض رجال الحاشیة و عدائهم له (ظ: ابن عبدالملک، 5(1)/361-364؛ المقري، نفح، 1/295؛ بن شریفة، 123-125). وعلی أیة حال، فقد عُین أبوالمطرف في حوالي سنة 639هـ في قضاء الرباط و سلا، وقد کان منصباً مهماً، بفضل وساطة بعض أصدقائه من مقربي الخلیفة (ابن خلیل، ن.ص؛ ابن عبدالملک، 1(1)/177؛ الغبریني، 298؛ ابن الخطیب، ن.ص؛ بن شریفة، 125). وقد مرت هذه الفترة من نشاطات أبي المطرف، رغم قلقه من أوضاع الأندلس، بهدوء و ارتیاح إلی درجة أنه کان یشجع في بعض رسائله أصدقاءه و معارفه الأندلسیین علی الهجرة إلی المغرب (م.ن، 125-1279. کما ازداد في هذه الفترة عمله في الکتابة و تدوین الرسائل إلی الحد الذي نفدت فیه – علی حد قوله – أوراقه التي کان قد جمعها للکتابة، فاستعان بصدیق له في الشاطبة لتوفیرها (م.ن، 128). وفیما عدا رسائله الإخوانیة، فله أیضاً رسالة دیوانیة تعود إلی هذه الفترة، وتتعلق بمبایعة أمیر تلمسان للرشید (م.ن، 128-129).

وعندما توفي الرشید في 640هـ/ 1242م و استلم أخوه المعتضد زمام الخلافة، أبقی أبا المطرف في منصبه رغم بعض الاعتراضات (ابن عبدالملک، ابن الخطیب، ن.صص؛ بن شریف، 130). وقد أشار أبوالمطرف نفسه إلی هذه الاعتراضات، وأثنی علی أبي زکریا ابن عطوش وزیر المعتضد الذي کان حامیه (ظ: ن.ص). ویبدو بوضوح عدم ارتیاحه لوشایات الدعداء و حسد بعض الکتّاب، في طائفة من رسائله. وفضلاً عن ذلک فیبدو من هذه الرسائل نفسها أن تمرد و عصیان أهالي سلا و سلوکهم العدائي مع المهاجرین الأندلسیین الذین کانوا یُعدون أجانب في تلک المنطقة، کان مما یحز في نفسه، وقدکان هو نفسه قاضیاً وأندلسیاً أیضاً (م.ن، 130-132). ویبدو أن تخوفاته لم تکن عدیمة الأساس، ذلک لأن مهامه قلت – لأسباب لانعرفها – فیما بعد وانحصرت في القضاء بمکناس (ابن خلیل، ابن عبدالملک، الغبریني، ابن الخطیب، ن.صص؛ بن شریفة، 132). و تتضح لنا آثار استیائه من هذا الوضع في بعض رسائله (م.ن، 132-133). ولذلک نراه حینما ثار أحد أشراف مکناسة ویدعی أبا الحسن علي بن عافیة في 643هـ علی حکم الموحدین و أعلن انصیاعه لدبي زکریا الحفصي حاکم تونس، یکتب له نص بیعته و بیعة أهل نکناسة باعتبارة قاضیها إلی الأمیر الحفصي و ولي عهده أبي یحیی (ابن عذاري، 3/373-378؛ ابن خلدون، 7(2)/ 353؛ بن شریفة، 123-134). وعندما باءت الثورة بالفشل تحدث في بعض رسائله عن الهلع الذي سببته هذه الحادثة، وانهال علی الخلیفة الموحدي وجیشه الذي کان قد حاصر مکناسة بتعابیر لاذعة و وبخهم علی محاصرتها (م.ن، 135).

ویبدو أنه بقي لفترة بعد تلک الحادثة في مکناسة، رغم أنه لیس معلوماً إذا ماکان قد بقي في المنصب الدیواني بعد تلک المبایعة، أم لا. وقد کان خلا لمدة إقامته في مکناسة یسافر أحیاناً إلی فاس أیضاً، ویدرّس فیها لیستریح – علی حد قوله – بذلک قلیلاً و یخفف من وطأة معاناته (ابن القاضي، 145؛ بن شریفة، 136-137).

إن أبا المطرف الذي یبدو أنه کان یفکر في لاسفر إلی تونس منذ خروجه من الأندلس (ابن عبدالملک، 1(1)/179)، وکان قد مدح في مجموعة من أشعاره أمراءها الحفصیین (ابن خلیل، 49؛ بن شریفة، 135-136، 141-142)، أصبح الان یتحین الفرصة للانفصال عن الموحدین والانضمام إلی الحفصیین. وتهیأت هذه الفرصة عند مقتل المعتضد في 646هـ، فغادر مکناسة باتجاه سبتة لینطلق منها إلی تونس (ابن عبدالملک، ابن الخطیب، ن.صص). وقد تحدث في بعض رسائله عن مخاطر سفره إلی سبتة و کذلک عنایة ابن خلاص والي تلک المدینة و رعایته له (ابن عبدالملک، ن.ص؛ ابن الخطیب، الإحاطة، 1/181-182، 185؛ بن شریفة، 137-138).

الصفحة 1 من2

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: