الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الفقه و علوم القرآن و الحدیث / أبوعمرو ابن العلاء /

فهرس الموضوعات

أبوعمرو ابن العلاء

أبوعمرو ابن العلاء

تاریخ آخر التحدیث : 1443/1/8 ۲۱:۳۸:۴۵ تاریخ تألیف المقالة

أَبوعَمرِ ابْنُ الْعَلاء، زبّان بن العلاء بن عمار بن عریان (68-154هـ/ 687-771م)، من القراء السبعة وأدیب وأخباري بصري. ددی اختلاف الروایات و أحیاناً التصحیف إلی أن یکتب اسمه بما یزید علی 20 شکلاً (ظ: الأندرابي، 84؛ السیوطي، 2/418). ویصل نسبه – کما في المصادر الموثوق بها – إلی قبیلة مازن (مثلاً ابن مجاهد، 80، 81)، وقیل: إنه لایوجد بین القراء السبعة من هو عربي النسب سوی أبي عمرو وابن عامر (أبو عمرو الداني، 6). ومارآه وکیع بن الجراح مکتوباً علی شاهدة ضریحه یدل علی أنه کان ینتبس بإلی قبیلة بني حنیفة بالولاء (ابن مجاهد، 85، قا: 81)، وماورد في روایة من أن أصل أسرته کان من کازرون بفارس، لایمکن أن یُرکن إلیه کثیراً (ظ: ابن الجزري، غایة...، 1/289). ویبدو أن أبا عمرو ولد في البصرة وبدأ دراسته فیها منذ طفولته (ظ: الأندرابي، 83؛ الزبیدي، 37؛ للاطلاع علی الروایات المختلفة في السنة التي ولد فیها، ظ: ابن خلکان، 3/469). ومن أوائل أساتذته البصریین یمکن أن یذکر نصر بن عاصم اللیثي (تـ 89هـ/ 708م) الذي درس أبوعمرو لدیه القراءة والنحو (ابن مجاهد، 84؛ ابن الأنباري، 15).

ترعرع أبوعمرو لفترة في بیئة البصرة التي کانت تعدّ آنذاک من أهم المراکز العلمیة، إلی أن سخط أمیر العراق الحجاج بن یوسف الثقفي – لأسباب – علي أبیه مما اضطره إلی مغادرة البصرة و الاتجاه صوب الحجاز. وقد هیّأ مکوثه في مکة و المدینة الفرصة لأبي عمر و لینتفع منعلم کبار علماء الحرمین. ولاشک في أنه کان لهذه المرحلة من دراسة أبي عمرو، دور مهم في تکوین شخصیته العلمیة (ظ: ابن مهران، 37؛ الأندرابي، ابن الجزري، ن.صص). وبعد فترة، اضطر والد أبي عمرو إلی مغادرة الحجاز أیضاً متجهاً صوب الیمن حیث أمضی مدة مخنفیاً في صنعاء إلی أن وصل إلی الیمن نبد موت الحجاج سنة 95هـ (النهشلي، 283)، فاتجه أبوعمرو إلی وطنه وآثر الإقامة في البصرة.

وإن ماورد في إحدی الروایات من أن أبا عمرو ولد في مکة وترعرع في البصرة، لاینسجم کثیراً ومجریات حیاته (ظ: الأندرابي، ن.ص؛ یاقوت، 11/159). ومهما یکن، تلقی أبوعمرو العلم لدی کثیر من المشایخ في البصرة و الکوفة و مکة و المدینة (ن.ص). وکان لهذا التعدد والتنوع في أساتذته دور فاعل في نجاحه، و هو أمر یؤیده أیضاً بعض من ترجم لحیاته. فقد أشار ابن الجزري (ن.ص) إلی أنه لم یکن أي من القراء السبعة له کل هؤلاء الأساتذة. ومن أساتذته: مجاهد بن جبر وسعید بن جبیر و عکرمة بن خالد و عطاء بن أبي ریاح وابن کثیر و ابن محیصن و حمید بن قیس من قراء مکة، و أبوجعفر یزید بن القعقاع وابن رومان و شیبة بن نصاح من قراء المدینة، والحسن البصري ویحیی بن یعمر من قراء البصرة (ابوعمرو الداني، 8؛ للاطلاع علی مشایخه الآخرین، ظ: ابن الندیم، 33؛ ابن الجزري، ن.ص).

نال أبوعمرو سریعاً احترام قراء البصرة، فعرف بوصفه زعیماً للقراء، وجلس للإقرارء في مسجد البصرة خلال حیاة أستاذه الشهیر الحسن البصري (تـ 110هـ/ 728م) (ابن مجاهد، 80؛ الزبیدي، 35). وقد أصبح الفرزدق الشاعر الشهیر آنذاک خلال لقاء تمّ بینهما، مفتوناً بالشخصیة العلمیة لأبي عمرو، فنظم قصیدة في مدحه (ظ: سیبویه، 3/506). وخلال السنوات 105-115هـ سافر أبوعمرو مع جریر الشاعر الشهیر الآخر لذلک العصر، إلی الشام للقاء الخلیفة الأموي هشام بن عبدالملک (ظ: الیغموري، 32).

تعدّ المصادر أباعمرو من أهل السنة و تشیر إلی أنه کان ینزع إلی عقائد المرجئة (ظ: أبوالطیب، 17؛ ابن الأنباري، 17). وفي مرحلة من حیاته تخلی عن کتبه و دفاتر روایاته واتجه إلی النسک و العبادة (ظ: یاقوت، 11/160؛ ابن خلکان، 3/466).

کان أبوعمرو قد شهد خلال عمره الطویل عهد اقتدار بني مروان و حکم الحجاج للعراق و تدهور الخلافة الأمویة و انتقال السلطة من بني أمیة إلی بني العباس و أوائل الخلافة العباسیة. وقد روي أنه اتجه إلی بلاد الشام في أواخر حیاته للقاء عبدالوهاب بن إبراهیم العباسي والي الشام، وخلال عودته وافته منیته. وقد اعتبرت بعض المصادر أن وفاته حدثت في الکوفة، بل وقیل: إن قبره کان معروفاً في الکوفة (ابن مجاهد، 85؛ أبوالطیب، 20؛ الزجاجي، 80)، غیر أن ابن درید (ص 205) یری أن وفاته حدثت في البصرة (للاطلاع علی الروایات المتعلقة بتاریخ وفاته، ظ: ابن خلکان، 3/469).

وقد جری التأکید في المصادر عند الحدیث عن محاسن قراءة أبي عمرو، علی ثباته علی السنة و قراءة المتقدمین (ابن مجاهد، 82)؛ ومع ذلک فإنه اتخذ من قراءة أهل الحجاز أساساٌ لعمله، ورغم أن أول دراسته کان في مدرسة البصرة، إلا أنه لم یکن لیهتم کثیراً بقراءة البصریین الذین سبقوه (ظ: م.ن، 82-84).

ولاشک في أن أبا عمرو في قراءته قد اقتبس من مصحف البصرة الذي کان قریباً جداً من مصحف مکة، وفي جمیع حالات اختلاف المساحف کان یأخذ بما في مصحف البصرة (ظ: ابن أبي داود، 39-41، 47-48؛ الرهني، 51-53؛ قا: أبوعمرو الداني، الآیات ذات العلاقة). والحالة الوحیدة التي لم تتفق فیها القراءة المنقولة عن أبي عمرو مع الرسم المنقول عن مصحف البصرة هي الآیة 26 من سورة غافر، حیث قرأ أبوعمرو «أو أن یُظْهِرَ» بشکل «وَأن یُظْهِرَ» (ظ: ابن أبي داود، 40؛ الرهني، 52؛ قا: أبوعمرو الداني، 181). واتّباعه هذا لمصحف البصرة، أدی إلی تدعیم السمة البصریة في قراءته.

کان أبوعمرو في قراءته ینزع نحو التسهیل و التخفیف في اللفظ قدر الإمکان ولم یکن یتوخی التکلف (ابن مجاهد، 84). وکمثال علی ذلک فیما یتعلق بالهمزة الساکنة، یؤثر تخفیفها، ولایتخلی عن ذلک إلا في الحالات الخاصة التي یوجد فیها دلیل نحوي أو لغوي خاص، أو أن یکون ترک تخفیف الهمزة في تلک الحالات أکثر سلاسة علی اللسان (ظ: أبوعمرو الداني، 36-37). والسمة البارزة الأخری في قراءة أبي عمرو نزوعه الشدید إی إدغام المتقاربین، مثل إدغام الدال في الصاد في قوله تعالی «مَقْعَد صِّدْقٍ)، والکاف في القاف في «ربُّک قَّدیراً» (ظ: م.ن، 22 و مابعدها). کما یلاحظ ترجیحه یاء المضارعة علی التاء غالباً في قراءته (ظ: م.ن، 175، 222، مخـ؛ للاطلاع علی موضوع الخلاف، ظ: م.ن، 179).

وخلال المقارنة بین قراءة أبي عمرو وبقیة القراء السبعة، تلاحظ صلة قریبة جداً بین قراءته وقراءة أستاذه ابن کثیر المکي. کما تتفق في حالات کثیرة قراءة أبي عمرو مع الکوفیین، وتلاحظ علی نطاق أضیق مواضع یتفق فیها مع نافع وابن عامر أیضاً (ظ: م.ن، مخـ؛ الشاطبي، 18-19، مخـ)، إلا أنه في الحالات التي ینفرد فیها أبو عمرو عن القراء الستة الآخرین، غالباً مایکون رأیه ذا منحیً نحوي (ظ: أبوعمرو الداني، 80، 123، 177، مخـ)، وأحیاناً ذا منحیً لغوي (مثلاً رُشداً بدلاً من رَشَداً: م.ن، 144).

حظیت قراءة أبي عمرو خلال حیاته بقبول علماء القراءة فأیده أمثال شعبة وسعید بن جبیر من مشایخ البصرة ومکة الکبار (ابن مجاهد، 82-84؛ أبوالطیب، 15). ومن بین تلامیذه کان أبومحمد یحیی بن المبارک الیزیدي الذي هو نفسه أحد القراء الأربعة عشر، العامل الرئیس لنقل قراءته إلی الأجیال اللاحقة؛ وکان اثنان من الرواة الرئیسین لقراءة أبي عمرو: أبوعمر حفص بن عمر الدوري و أبوشعیب صالح بن زیاد السوسي من تلامیذ الیزیدي (أبوعمرو الداني، 5).

ومن بین تلامذة الیزیدي الذین کان لهم بشکل عام دور في روایة قراءة أبي عمرو یمکن ذکر أسماء إبراهیم بن حماد، المعروف بغلام سجادة و عامر بن عمر، المعروف بأوقیة وأبي أیوب سلیمان بن أیوب وأبي حمدون الفصاص (ابن مهران، 28-35؛ الأندرابي، 84-88). لقد جنّدت مجموعة أخری من تلامیذ أبي عمرو أیضاً سوی الیزیدي نفسها لروایة قراءته، حیث تلاحظ أحیاناً روایتهم مدونة في کتب القراءة، ومن هؤلاء شجاع بن أبي نصر البلخي و عباس بن الفضل الأنصاري وعبدالوارث بن سعید التنوري وأبوزید الأنصاري و عبدالملک بن قریب الأصمعي ویونس بن حبیب (ابن مجاهد، 99-101؛ ابن خالویه، 205-206، فهرست الأعلام؛ ابن مهران، 35-37؛ الأندرابي، 88-92؛ ابن الجزري، ن.م، 1/289-290). کما درس حمزة بن حبیب الکوفي الذي یعد من القراء السبعة، القراءة علی أبي عمرو في الکوفة (للاطلاع علی فهرست بأسماء تلامیذ أبي عمرو، ظ: ابن مجاهد، 85؛ الأندرابي، 93؛ ابن الجزري، ن.ص).

کانت قراءة أبي عمرو قد سادت سائر القراءات في عصره بالبصرة (ابن مجاهد، 84-85)، إلا أن زعامة قراء البصرة من بعده أصبحت بید یعقوب بن إسحاق الحضرمي الذي کان هو نفسه تلمیذاً لأبي عمرو بالواسطة، بل کان – علی قول غیر مقبول تماماً – قد تلقی القراءة أیضاً علی أبي عمرو (ظ: ابن الجزري، النشر...، 1/185 -186). وقد غطت قراءة یعقوب في البصرة علی قراءة أبي عمرو، واستمر الأمر علی هذا المنوال لفترة طویلة، واستناداً إلی روایات ابن غلبون وابن أشته الأصفهاني و المقدسي فإ« التقلید الذي کان مازیال معمولاً به في القرن 4 هـ هو دن یصلي إمام جامع البصرة بقراءة یعقوب (ابن الجزري، ن.م، 1/43، 186؛ المقدسي، 128). ولذا ینبغبي إنعام النظر في روایة الأندرابي (ص 83) التي یقول فیها إن أهل البصرة ظلوا بعد وفاة التابعین وإلی عصره، أي القرن 5هـ متمسکین بقراة أبي عمرو و مقتدین بها.

حظیت قراءة أبي عمرو أیضاً في غیر البصرة التي کانت المکان الذي ولد فیه، بالاهتمام خلال القرنین 3 و 4 هـ في بغداد و بقیة الحواضر العلمیة، وقد دوّن أمثال أبي عبیدالقاسم بن سلام و أبي حاتم السجستاني وأحمدابن جبیر الأنطاکي وإسماعیل بن إسحاق المالکي ومحمد بن جریر الطبري و محمد بن أحمد الداجوني هذه القراءة في مؤلفاتهم، واعتبروا أباعمرو أحیاناً بوصفه الممثل الوحید لقراءة البصرة (ابن الجزري، ن.م، 1/34، 37). کما انبری البعض الآخر مثل أحمد بن زید الحلواني (تـ ح 250هـ) لتدوین هذه القراءة في مؤلَّف قائم بذاته (بشأن تألیف هذا الأثر وأثرین آخرین شبیه ینبه، ظ: ابن الندیم، 31). ومنذ الوقت الذي طرح فیه ابن مجاهد (تـ 324هـ) نظریة القراءات السبع، ثُبّتت قراءة أبي عمرو بوصفها الوحیدة التي تمثل قراءة البصرة بین القراءات السبع، و حظیت بالاهتمام في أغلب الآثار التي ألّفت في القراءة.

وفي القرن 4هـ أصبحت قراءة أبي عمرو القراءة المتعارف علیها في الشام، أي أنها غطت علی قراءة ابن عامر، ولقیت لها رواجاً (المقدسي، 180). إلا أن هذه القراءة لم تزدهر کثیراً في بلاد الجزیرة (ظ: م.ن، 142)، ومع کل ذلک فقد کانت الرَّقّة المدینة المهمة في تلک البلاد، أحد مراکز تعلیم قراءة أبي عمرو، کما أشار أبوعمرو الداني أحیاناً إلی الخلاف بین أهل الرقة والعراقیین بشأن الروایة عن أبي عمرو (ص 48، 73). کما تلاحظ في إیران شواهد علی رواج هذه القراءة، وقد تحدث المقدسي (ص 395) عن رواج أسلوب الإدغام لدی أبي عمرو في إقلیم الجبال.

وفي القرن 5هـ شکل قراء البصرة ببغداد جمعیة خاصة بهم (ظ: ابن العربي، 4/1596)، ومع التزاید المستمر لتداول قراءة أبي عمرو البصریة في الشام حوالي 500هـ انطمست آثار قراءة ابن عامر. وطوال القرون اللاحقة سادت تدریجیاً قراءة أبي عمرو لیس في الشام فحسب، بل في أرجاء الحجاز و الیمن و مصر أیضاً، و بطبیعة الحال فإنها لقیت بشکل عام رواجاً في سائر البقاع أیضاً (ظ: ابن الجزري، غایة، 1/292، 424).

کان أبوعمرو طوال فترةدراسته قد سمع الحدیث أیضاً من بعض تابعي العراق و الحجاز، و یلاحظ من بین مشایخه اسم الصحابي أنس بن مالک أیضاً. ومن بین الذین روی عنهم: الإمام جعفر الصادق (ع) والحسن البصري و عطاء بن أبي رباح و محمد بن سیرین و محمد بن عبدالرحمان بن أبي لیلی و محمد بن شهاب الزهري ونافع مولی عمر وأبوالزبیر المکي. کما تلاحظ من بین الرواة عنه أسماء حماد بن زید وشریک النخعي و شعبة بن الحجاج و معمر بن راشد ووکیع بن الجراح (للاطلاع علی فهرست مشایخه و الرواة عنه، ظ: المزي، 21/376-377).

ومن وجهة نظر الرجالیین فقد وثقه یحیی بن معین، وعبّؤ عنه أبوحاتم و أبوخیثمة بشأن و ثاقته بقولهما: لابأس به (م.ن، 21/378). ومهما یکن فإنه یبدو أن أبا عمرو لم یکن قد عرف کثیراً في مجال الحدیث، إلا أنه خلافاً للحدیث فقد اعتب رفي الروایات الأدبیة شخصیة مهمة. وإن اهتمامه بجمع المعلومات اللغویة و النحویة من شتی القبائل العربیة، وتلقّیه أشعار المتقدمین و روایاتهم عن أساتذة هذا الفن، صنع منه شخصیة لها مکانتها البارزة في اللغة والنحو و معرفة الشعر و الأخبار الأدبیة. وبلغت سعة معلوماته في اللغة حداً أن بولغ معه في عدم وقوعه في الغلط في هذا المضمار (ظ: أبوالطیب، 19). وعدّه الأزهري في تهذیب اللغة (1/8) واحداً ممن اعتمد علی أقوالهم و اتخذهم مصادر في عمله. کما یمکن العثور علی آراء أبي عمرو في شتی المواضع من کتب اللغة.

وکما أشیر آنفاً فإنه تلقی العلم علی أوائل نحویي مدرسة البصرة أمثال نصر بن عاصم و یحیی بن یعمر، و کان هو نفسه في طبقه علماء من أمثال الأخفش الکبیر و عیسی بن عمر الثقفي. ویوجد من بین تلامیذه حشد من نحویي مدرسة البصرة المعروفین و منهم مشاهیر أمثال الخلیل ابن أحمد و یونس بن حبیب و سیبویه إمام نحاة البصرة و الأصمعي و أبي عبیدة و أبي زید الأنصاري (ظ: ابن الأنباري، 15؛ یاقوت، 11/160؛ ابن الجزري، ن.م، 1/289- 290). ورغم أن آراء أبي عمرو النحویة لم تدوّن في کتاب، لکن یمکن العثور علیها بشکل متناثر في مواضع شتی من الکتاب لسیبویه (1/286، 2/96)، والمجاز لأبي عبیدة (ص 391، فهرست الدعلام؛ ظ: GAS, IX/ 40-41).

کان أبوعمرو علی معرفة بلغات و لهجات القبائل و الأرهاط العربیة المختلفة کتمیم و قضاعة وربیعة وأهل مکة و أهل نجران و انبری لنقلها والمقارنة بینها (مثلاً ظ: الزجاجي، 1-4؛ ابن خالویه، 74، 93، 183، 205). ویقوم رأیه علی أن لغة القبائل التقدمین في جنوب الجزیرة العربیة هي لغة أخری إذا ماقورنت بالعربیة المتداولة في عصره، وأن بناءها مختلف (ظ: ابن سلام، 1/11)، مما یبدو حتی في ضوء بحوث علم اللغة الحدیث أیضاً رأیاً علمیاً. وکان یعتمد في الإعلان عن آرائه في حالات الاختلاف بین لهجات القبائل بأن یلتزم باللهجة الأکثر استعمالاً، أما الحالات الأخری فینظر إلیها بوصفها لهجةخاصة (ظ: الزبیدي، 39).

ویعتبر أبوعمر العلم بدقائق الأدب في الاستفادة من المصادر الدینیة شرطاً مهماً، کما هو واضح من مناظرته للمتکلم المعتزلي عمرو ابن عبید في مسألة الوعید، حیث عدّ فهمه للوعید غیرصحیح وانتقد أسلوبه في استنتاجه بشأن استخدام هذه الکلمة في النصوص الدینیة. فهو من خلال رؤیته استناداً إلی سنن العرب و ثقافتهم التي تری أن عدم تنفیذ الوعید لیس عملاً محبذاً فحسب، بل هو دال علی کرم النفس، انبری في الحقیقة لتدعیم رأي المرجئة (للاطلاع علی تفاصیل هذه المناظرة، ظ: أبوالطیب، 17-18؛ الزجاجي، 78-79). وکان أبوعمرو بعتقد أن سبب ظلال کثیر من الذین اتجهوا إلی الزندقة یعود إلی عدم علمهم بدقائق اللغة العربیة (ابن الدنباري، ن.ص). وهو – و من غیر أن یظهر رغبة کثیرة في تعلم الفقه – ینبري أحیاناً معتمداً علی معنی لغوي لنقد الفقهاء علی استنتاجهم دلیلاً فقهیاً (مثلاً فیما یتعلق بدیة الجنین، ظ: الزبیدي، 36؛ ابن الأثیر، 3/353).

وفي نفس الوقت الذي کان فیه أبوعمرو علی اطلاع واسع بغریب اللغة العربیة ووحشیها، کان یتکلم بلغة بسیطة جداً وسلسة خلافاً لمعاصره البصري عیسی بن عمر الثقفي. و کان یمتنع عن إظهار علمه وقول العویص من الکلام بنفس القدر الذي کان یتجنب فیه الوقوع في اللحن (ظ: الزبیدي.، 37). وکما ذکر الجاحظ («البغال»، 226) فإن أباعمرو کان یعد واحداً من الرواة البارزین في روایة الشعر والأخبار الأدبیة و التاریخیة. ولم تنقل روایاته فحسب في الکتب الأدبیة المختلفة مثل طبقات فحول الشعراء لابن سلام (1/9، 131) والبیان والتبیین للجاحظ (1/121، 168، مخـ) والموشح للمرزباني (ص 25، 36، مخـ)، بل استفید منها أیضاً في الآثار التاریخیة مثل تاریخ الطبري (2/212، 3/281، مخـ) وأنساب الأشراف للبلاذري (1/16، 234، 421، مخـ). وقد عرّض بعض النقاد مثل حمزة الأصفهاني (ص 68 وما بعدها) وأبوأحمد العسکري (1/89، 139، مخـ)، للنقد بعض الحالات التي اعتقدوا فیها أن أباعمرو أخطأ فیها عند روایته الشعر.

وخلال روایته الأخبار والأشعار لم یمتنع أبوعمرو عن إعلان وجهات نظره بشأنها، فقد نقل عنه في کثیر من المواضع منمصادر الأدب کلام في نقد و تفسیر الشعر و تقییم الشعراء (مثلاً ظ: ابن قتیبة، 1/39، 81، مخـ؛ أبوالفرج، 8/76- 77، 78، 9/3، مخـ؛ المرزباني، 54، 65، مخـ). کما أبدی مراراً بوصفه شخصاً واعیاً رأیه في الوقائع التاریخیة (مثلاً ظ: الجاحظ، ن.م، 1/204، 3/272؛ المبرد، 2/538؛ ابن عبدربه، 1/80). وکان أبوبکر الصولي مؤلف القرن 4 هـ قد جمع بعض الروایات المتعلقة بأبي عمرو في کتاب سماه أخبار أبي عمرو بن العلاء لایوجد له أثر الیوم (ظ: ابن خلکان، 4/356).

 

المصادر

ابن أبي داود، عبدالله، المصاحف، القاهرة، 1355هـ؛ ابن الأثیر، المبارک، النهایة، تقـ: طاهر أحمد الزاوي و محمود محمد الطناحي، القاهرة، 1383هـ/ 1963م؛ ابن الدنباري، عبدالرحمان، نزهة الدلباء، تقـ: إبراهیم السامرائي، بغداد، 1959م؛ ابن الجزري، محمد، غایة النهایة، تقـ: ج. برجستراسر، القاهرة، 1351هـ/ 1932م؛ م.ن، النشر في القراءات العشر، تقـ: علي محمد الضباع، القاهرة، مکتبة مصطفی محمد؛ ابن خالویه، الحسین، مختصر في شواذ القرآن، تقـ: ج. برجستراسر، القاهرة، 1934م؛ ابن خلکان، وفیات؛ ابن درید، محمد، الاشتقاق، تقـ: عبداللام محمد هارون، القاهرة، 1378هـ/ 1958م؛ ابن سلام الجمحي، محمد، طبقات فحول الشعراء، تقـ: محمود محمد شاکر، القاهرة، 1394هـ/ 1974م؛ ابن عبدربه، أحمد، العقد الفرید، تقـ: أحمد أمین و آخرون، بیروت، 1402هـ/ 1982م؛ ابن العربي، محمد، أحکام القرآن، تقـ: علي محمد البجاوي، بیروت، 1392هـ/ 1972م؛ ابن قتیبة، عبدالله، الشعر و الشعراء، تقـ: محمد یوسف نجم و إحسان عباس، بیروت، 1964م؛ ابن مجاهد، أحمد، کتاب السبعة في القراءات، تقـ: شوقي ضیف، القاهرة، 1972م؛ ابن مهران، أحمد، المبسوط، تقـ: سبیع حمزة الحاکمي، دمشق، 1407هـ/ 1986م؛ ابن الندیم، الفهرست؛ أبو أحمد العسکري، الحسن، شرح مایقع فیه التصحیف و التحریف، تقـ: محمدیوسف، دمشق، 1981م؛ أبوالطیب اللغوي، عبدالواحد، مراتب النحویین، تقـ: محمد أبوالفضل إبراهیم، القاهرة، مکتبة نهضة مصر؛ أبوعبیدة، معمر، مجاز القرآن، تقـ: محمد فؤاد سزگین، بیروت، 1401هـ/1981م؛ أبوعمروالداني، عثمان، التیسیر، تقـ: أوتوپرتسل، إستانبول، 1369هـ؛ أبوالفرج الأصفهاني، الأغاني، بولاق، 1285هـ؛ الأزهري، محمد، تهذیب اللغة، تقـ: عبدالسلام محمد هارون، القاهرة، 1384هـ/ 1964م؛ الأندرابي، أحمد، قراءات القراء المعروفی، تقـ: أحمد نصیف الجنابي، بیروت، 1405هـ/ 1985م؛ البلاذري، أحمد، أنساب الأشراف، تقـ: محمد حمیدالله، القاهرة، 1959م، الجاحظ، عمرو، «البغال»، مع ج 2 من رسائل الجاحظ، تقـ: عبدالسلام محمد هارون، القاهرة، 1384هـ/ 1965م؛ م.ن، البیان والتبیین، تقـ: حسن السندوبي، القاهرة، 1351هـ/ 1932م؛ حمزة الأصفهاني، التنبیه علی حدوث التصحیف، تقـ: محمد أسعد طلس، دمشق، 1388هـ/ 1968م؛ الرهني، محمد، مقدمات علم القرآن (قسم الابقي منه)، تقـ: أحمد پاکتچي، معد للطبع؛ الزبیدي، محمد، طبقات النحویین واللغویین، تقـ: محمد أبوالفضل إبراهیم، القاهرة، 1973م؛ الزجاجي، عبدالرحمان، مجالس العلماء، تقـ: عبدالسلام محمدهارون، الکویت، 1962م؛ سیبویه، الکتاب، تقـ: عبدالسلام محمد هارون، القاهرة، 1385هـ/ 1966م؛ السیوطي، المزهر، تقـ: علي محمد البجاوي و آخرون، بیروت، 1406هـ/ 1986م؛ الشاطبي، القاسم، الشاطبیة، تقـ: علي محمد الضباع، القاهرة، مکتبة محمدعلي صبیح وأولاده؛ الطبري، تاریخ؛ المبرد، محمد، الکامل، تقـ: محمد أحمد الدالي، بیروت، 1406هـ/ 1986م؛ المرزباني، محمد، الموشح، تقـ: محب‌الدین الخطیب، القاهرة، 1385هـ؛ المزي، یوسف، تهذیب الکمال، مخطوطة مکتبة أحمد الثالث رقم 2848؛ المقدسي، محمد، أحسن التقاسیم، تقـ: دي خویه، لیدن، 1906م؛ النهشلي القیرواني، عبدالکریم، الممتع في صنعة الشعر، تقـ: عباس عبدالسائر، بیروت، دارالکتب العلمیة؛ یاقوت، الأدباء؛ الیغمري، یوسف، نورالقیس، المختصر من المقتبس للمرزباني، تقـ: رودلف زلهایم، بیروت، 1384هـ/ 1964م؛ وأیضاً:

GAS.

أحمد پاکتچي/ هـ.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: