أبوسعد التستري
cgietitle
1442/12/29 ۲۰:۱۲:۳۲
https://cgie.org.ir/ar/article/235072
1446/9/3 ۲۰:۳۲:۵۸
نشرت
4
أَبوسَعْدٍ الْتُّسْتَريّ، إبراهیم بن سهل (مقت 439هـ/1047م)، تاجر وخبیر بالجواهر و سیاسي یهودي إیراني الأصل من تُستَر. کانت أسرته یهودیة من فرقة الأقلیة القرائیم أو القرائیم أو القرائیین (غویتین، «رسائل...»، 74، «المجتمع ...»، II/73)، الفرقة التي تتمسک حرفیاً بنص التوراة وترفض التفایر والروایات التلمودیة – الربانیة (جودائیکا، ER, VIII/254; X/761).
وقبل أن تهاجر أسرة أبي سعد إلی مصر کانت تقطن الأهواز ولها فیها أملاک ظلت المحافظة علیها وإلی سنوات تلت تشغل بالهم وهم في مصر أیضاً (ظ: غویتین، «رسائل»، 35-37). ولایعرف علی وجه الدقة متی ذهب أسرة أبي سعد إلی مصر، لکن یستنتج من شهرة أبي سعد و شقیقه أبي نصر هارون خلال سني عهد الحاکم الفاطمي بمصر (المقریزي، 1/424) أنه ینبغي أن یکونوا قد نالوا نفوذاً و مکانة في مصر قبل نهایة القرن 4هـ/10م.
وتدل دراسات غویتین القائمة علی الوثائق التي عثر علیها في الجنیزة بالقاهرة التي لم یطبع أغلبها بعد، أنه کانت لأفراد أسرته أنشطة واسعة في التجارة والصیرفة تمتد من الأهواز في إیران إلی القیروان في تونس (ظ: «رسائل»، 34-39,73-79، «المجتمع»، I/244؛ إیرانیکا، I/368؛ قا: المقریزي، ن.ص). ذاعت سمعتهم الحسنة بسبب حسن سلوکهم في التجارة فضلاً عن أمانتهم في الودائع السریة التي کانت تودع لدیهم مما زاد في عائداتهم وثروتهم (ناصر خسرو، 72؛ المقریزي، ن.ص؛ قا: متز، 1/118، الذي یبدو أن هویة أبي سعد هذا کانت مجهولة لدیه)، إلی الحد الذي أوصی معه شاعرٌ – علی سبیل التعریض – الناسَ أن یتهوّدوا من خلال إشارته إلی أبي سعد و إقبال الحفظ علی الیهود، لاکتساب العزة و الثروتة و السیادة في عهد الدولة الفاطمیة (ابن میسر، 2/2).
شق أبوسعد الذي کان خبیراً بالجواهر و بائعاً لها، طریقه تدریجیاً إلی البلاط و تقرّب من الخلیفة الظاهر (حکـ 411-427هـ/1020-1036م) بالشکل الذي أصبح معه الجمیع یثقون به في شراء الجواهر (ناصر خسرو، 71؛ أیضاً ظ: المقریزي، ن.ص). و مارس نفس المهنة لدی الخلیفة المستنصر أیضاً، ویذکر ابن الزبیر (ص 257) خمسة آلاف سرج مرصّع ثمین في خزانة الخلیفة تولی أبوسعد صیاغتها و ترصیعها، بینما کان شقیقاه أبونصر و أبومنصور – اتّباعاً منهما لأبیهما – منهمکین في الدغلب بتجارظ القماش و الملابس خاصة التمینة منها (ظ: غویتین، «رسائل»، 35, 74-79؛ إیرانیکا، ن.ص). وکان لهم فضلاً عن ذلک ید في الصیرفة، واتسع نطاق نشاطهم في شتی المدن ومنها بغداد و دمشق وبیت المقدس و کان لهم وکلاء فیها یدفعون أثمان سفاتجهم (غویتین، «المجتمع»، ن.ص). ویبدو أن هذا لانوع من الأنشطة کان في الغالب یدار بإشراف من أبي سعد (ظ: المقریزي، ن.ص).
وقد مهد إهداء أبي سعد جاریةً سوداء إلی الخلیفة، الأرضیةَ لنشاطه السیاسي (ن.ص؛ ابن میسر، 2/1، 13). ولما ولد المستنصر من هذه المرأة (ابن میسر، المقریزي،ن.صص)، ترسخت مکانة أبي سعد في البلاط بطبیعة الحال، ذلک أن المستنصر عندما تسنم بعد 7 سنوات الخلافة و هو طفل في سنة 427هـ (ابن تغري بردي، 5/1) ازدادت مکانة أبي سعد رفعة أیضاً، إلا أنه وبسبب وجود الوزیر الجرجرائي لم یکن یجرؤ علی الإعلان عما یعتلج في صدره (ابن میسر، 2/1). وقد بلغ نفوذأبي سعد السیاسي ذروته بوفاة الوزیر في 436هـ و هیمنة أم الخلیفة علی مقالید الأمور بشکل تام (ظ: م.ن، 2/14) بحیث عُزل بتحریض منه الوزیر الجدید الحسن بن علي ابن الأنباري (المقریزي، ن.ص). وبعدها رغّب أم المستنصر التي کانت تمیل لاستیزار أبي سعد و هو مالم یحظ بموافقة المستنصر (ظ: ابن میسر، ن.ص) في استیزار أبي نصر الفلاحي الذي کان یهودیاً حدیث الإسلام (ابن الصیرفي، 37) ووُفق لذلک (المقریزي، ن.ص). ولمانال الفلاحي الوزارة أطلقت ید أبي سعد في الأمور إلی الحد الذي لم یبق معه للوزیر سوی الاسم (ابن میسر، 2/1). وفي الحقیقة فإن المستنصر هو الذي کان قد أوکل إلی أبي سعد مهمة الإشراف علی الفلاحي (المقریزي، ن.ص). وفضلاً عن أن أباسعد کان متولیاً لدیوان أم الخلیفة (ابن میسر، ن.ص)، فقد کان مشرفاً علی جمیع أمور الدولة بحیث لم یکن أي أمر ینفذ خارج الحدود التي کان یرسمها (ابن الصیرفي، 38).
أما الفلاحي الذي لم یکن راضیاً عن عدم أهمیته إلی جانب أبي سعد، فقد تقرب إلی الجند الأتراک واهتم برعایتهم (ابن میسر، 2/14) لیستفید منهم في الوقت المناسب، وقد سنحت الفرصة لتحریک الجیش عندما توفي عزیز الدولة ریحان الخادم إثر مرض ألمّ به خلال نزاع مسلّح بین المغاربة والأتراک في باب زویلة (م.ن، 2/2)، فاتُهم أبوسعد بأنه دس السم لریحان، ولاشک في أن تحریض الوزیر کان له کل الأثر في هذا الأمر (م.ن، 2/1-2). وعلی هذا اتفق هؤلاء الجند علی قتل أبي سعد. وفي 3 جمادی الأولی 439 ورغم أنه کان متجهاً من بیته إلی القصر وسط حشد کبیر، هجم علیه ثلاثة من الأتراک فقتلوه ثم مثلوا به وأحرقوا جسده أیضاً (م.ن، 2/2).
وبعد استعراض العضلات هذا خشي الجند غضب الخلیفة ودعوا أنفسهم بالمطیعین لأمره، فأعطاهم الخلیفة بدوره الأمان وعادوا جمیعاً. وخلال تلک المعمعة أراد أبونصر شقیق أبي سعد و خوفاً علی حیاته أن یدفع مبلغاً ضخماً للخزانة، لکن الخلیفة رفض ذلک (ناصر خسرو، 72). وفي الحقیقة فإن أبانصر وبعد ذلک أیضاً لم یکن یواجه صعوبة في مواصلة نشاطه التجاري (ظ: غویتین، «رسائل»، 149)، کما أن الخلیفة وباتباعه سیاسة المصالحة ظل بکرم التستریین بحیث أوکل أمور الخزانة الخاصة إلی أبي نصر و منح ابن أبي سعد أیضاً حکم الإشراف علی أحد الدواوین (ابن میسر، ن.ص). وقد أشار غویتنین («المجتمع»، I/149) إلی إسلام هذا الولد وتسنمه منصب الوزارة. وأخیراً ومع کل هذا و بتحریض من الوزیر الحسن بن محمد الجرجرائي و بتهمة النشاط المعادي للحکومة ألقي القبض علی أبي نصر و صودرت أمواله و توفي هو أیضاً إثر التعذیب (ابن میسر، 2/3)، ولم تکن ثروة أبي نصر الصخمة لتجدي نفعاً في هذا الأمر (غویتین، «رسائل»، 148).
ابن تغري بردي، النجوم؛ ابن الزبیر، الرشید، الذخائر و التحف، تقـ: محمد حمیدالله، الکویت، 1959م؛ ابن الصیرفي، علي، الإشارة إلی من نال الوزارة، تقـ: عبدالله مخلص، القاهرة، 1924م؛ ابن میسر، محمد، أخبار مصر، تقـ: هنري ماسیه، القاهرة، 1919م؛ متز، آدم، الحضارة الإسلامیة في القرن الرابع الهجري، تجـ: محمد عبدالهادي أبوریدة، بیروت، دار الکتاب العربي؛ المقریزي، أحمد، الخطط، بولاق، 1270هـ؛ ناصرخسرو، سفرنامه، تقـ: محمد دبیرسیاقي، طهران، 1335ش؛ وأیضاً:
ER; Goitein, S. D., Letters of Medieval Jewish Traders; Princetion, 1973; id, A Mediterranean Society, Berkeley/ Los Angeles, 1967-1971; Iranica; Judaica; Mann, Jacob, The Jews in Egypt and Palestine under the Fātimid Caliphs, Oxford, 1959.
محمدمهدي مؤذن جامي/ هـ.
عزيزي المستخدم ، يرجى التسجيل لنشر التعليقات.
مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع
هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر
تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول
استبدال الرمز
الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:
هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول
الضغط علی زر التسجیل یفسر بأنک تقبل جمیع الضوابط و القوانین المختصة بموقع الویب
enterverifycode