الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الادب العربی / ابن بسام /

فهرس الموضوعات

ابن بسام


تاریخ آخر التحدیث : 1443/4/29 ۱۱:۴۵:۳۶ تاریخ تألیف المقالة

اِبنُ بَسّام، أبوالحسن علی بن محمد بن نصر بن منصور بسّام العبرتائي (تـ 302 أو 303هـ/914 أو 915م)، الشاعر والکاتب البغدادي، وبسّام اسم جده الأکبر (ابن الأثیر، 1/150؛ المسعودي، 4/204) وعَبَرتا قریة في العراق. وذکر البعض اسم جده الأکبر منصور بن نصر (الطبري، 10/14؛الخطیب، 12/63). ولاتتوفر معلومات کثیرة حول حیاته، سوی أننا نعلم أن أمه هي أمامة بنت حمدون الندیم و أخت أحم بن حمدون بن إسماعیل (ابن الندیم، 214؛ المرزباني، 154). کان جده نصر یتولّی دیوان الخاتم و النفقات و الأزمّة في أیام المعتصم (یاقوت، 14/140) و تولّی هو أیضاً فترة، رئاسة دیوان البرید في جُندقِنَّسرین و عواصم الشام (المسعودي، 4/214).
کان ابن بسّام حسن القریحة (المرزباني، 154؛ یاقوت، 14/140) وروی الصولي عنه في الأدب (الخطیب، 12/63). و شعره مفهوم و ذومهارة، إلّا أن عدداً من الکتاب المتأخرین، انتقدوه بسبب تغلب الهجاء علی شعره (الذهبي، 14/133؛ ابن تغري بردي، 3/189). وکان ماهراً في سرعة البدیهة وتعتبر القطعة التي أنشدها بمناسبة موت ابن عبید الله بن سلیمان الوزیر شاخصاً علی هذه المهارة، فاستاء الوزیر، من سماع هذه القطعة و أمر بإحضار الشاعر، ولکن الشاعر غیّر الشعر بحضور الوزیر بشکل أسکن به غضبه دفعة واحدة (یاقوت، 14/142).
اشتهر ابن بسّام بأشعاره الهجائیة التي أنشدها في الزعماء والوزراء وأظهر فیها معایبهم. ولم یسلم علی الظاهر أحد من الرؤساء من طعن لسانه. ولم یترک حتی هجاء أبیه و بقیة أفراد أسرته (المسعودي، 4/206؛ یاقوت، 14/140) و رغم أن الأدب العربي یتضمن أیضاً نماذج أخری من هذا النوع من الهجاء، إلا أن هناک مایثیر الدهشة في خصوص ابن بسّام لمروءة أبیه و ثروته، کما جاء في وصف المسعودي له بشکل مسهب (4/211-213). وعلی کل حال فقد اعتبر في عداد العققة بسبب هذا السلوک. و من أعماله المدهشة الأخری هو أنه کان أحیاناً ینشد أشعاراً و ینسبها إلی ابن الرومي (تـ 283هـ/896م) (یاقوت، ن. ص).
وکان أصحاب السلطة یخشون قسوة لسانه و تسبب هذا الأمر في أن یدفعوا له ضریبة بدل الجائزة لیأمنوا أذی لسانه، ولکن هذه الحیلة لم تجدي نفعاً یذکر (م. ن، 14/145)، لأن دافعه لقول الشعر، سواء في المدیح أو الهجاء لم یکن نیل المکافأة و جمع المال، کما أنه یعتبر عطاءات الرؤساء نفسها دافعاً للهجو (ظ: م. ن، 14/146). والحکایة التي نقلها المسعودي (4/213)، ونقلها یاقوت بالتفصیل (14/144-145) حول قطع لسانه توضح معاملة أصحاب السلطة له: کان المعتضد العباسي ذات وقت یلعب الشطرنج مع ندیمه الأکبر احمد بن حمدون خال ابن بسّام و ینشد شعر ابن بسّام الهجائي فيحق عبیدالله بن سلیمان، اذ دخل علیه القاسم بن عبید الله وزیره فاستحیا منه الخلیفة، وأجازه أن یقطع لسان الشاعر بلا رویة. و عندما رأی خشیة أحمد بن حمدون من هذا الأمر، أرسل إلیه مرة ثانیة و قال له أن یقطع لسانه بالهدیة والصلة، و تبدو مرونة المعتضد هذه مع ابن بسّام مدهشة. و یمکن أن یکون سبب ذلک قرابته من ندیمه. علی أنه کان هناک دائماً نوع من الصداقة و التعاطف بین ابن بسّام و بین الخلیفة، و قد أبدی ابن بسّام أسفه علی موت الخلیفة في القصیدة الهجائیة التي نظمها حول القاسم بن عبید الله الوزیر بعد موت المعتضد علی الظاهر (م. ن، 14/145-146). ومع ذلک و حتی لوقبلنا بوجود هذه الصداقة فإن ابن بسّام لم یترکه، و عندما أمر المعتضد ببناء عمارة في موضع یدعی البحیرة لیلهو فیها مع «دریرة» و بقیة الجواري، نظم ابن بسّام قطعة قاسیة جداً و بذیئة في الخلیفة و تلک الجاریة و عندما بلغت مسامع الخلیفة أمر سرّاً بتخریب تلک العمارة التي کان قد صرف عی بنائها کما یقول یاقوت 60 ألف دینار (14/143-144). وذکر في قصیدة أسماء جمیع الذین هجاهم، و منهم الموفق بالله و أبوالصقر إسماعیل بن بلبل  حامد بن عباس وزیر المقتدر بالله. وقد انتشر کثیراً هذا الشعر الذي یندر جداً وجود مضامینه في أدب الهجاء حتی أخبر المسعودي عنه من أنطاکیة (4/207-208).
وکان جعفر بن الفرات حاکم مصر یخشاه حدّ طلب الخلاص من لسانه بکل وسیلة و أمر حاجبه أن لایمنع دخول ابن بسّام علیه في أي وقت، حتی لو کان في خلوته. و مع کل ذلک لم یمتنع ابن بسّام من الاستهزاء به (یاقوت، 14/147-148)، إلّا أنه امتدح أحیاناً بعض رجال السلطة (الصولي، 91)، رغم أنه مزج مدحه بالهجاء فقد امتدح وهجا مثلاً أبا العباس أحمد ابن الفرات و أبا الحسن علي ابن الفرات (الصابي، 86)، أ عندما أشار ابن مقلة نقلاً عن أبي الحسن ابن الفرات، إلی تخلّیه عن الهجاء، بالإستناد إلی هذه المدائح علی الظاهر، طلب ابن بسّام في تلک اللحظة قلماً و کتب بیتین نفی فیهما ذلک، واعتبر أن سبب قلة مدائحه هو قلة عدد الأحرار (م. ن، 77). و تعکس هذه القصة نهجه التحرّري و عدم اکتراثه لرجال السلطة. و یحظی ابن بسّام من جهة باحترام أعظم و أقوی وزراء مثل ابن الفرات (یاقوت، 14/147-148) ویتعرض من جهة أخری أحیاناً بسبب تصرّفاته إلی انتقاد خاله أحمد بن حمدون الندیم (ظ: م. ن، 14/149-150).
وباستثناء الهجاء فإن مضامین أشعاره هي في النصح و المواعظ الحکیمة الجمیلة جداً (م. ن، 14/150؛ التنوخي، 5/53) و یعتبر الخنوع مقابل الأقویاء بمثابة السجود للقردة التي استولت علی الدنیا، ولایری أیضاً جزاء الخانع إلّا الذل (المسعودي، 4/210). و نظراً لهذه الأقوال، ربما تعتبر قصة حب الغلمان التي نسبها إلیه الصولي مختلقة (یاقوت، 14/149) و ربما أن القصة أصقت به لإظهاره بمظهر المهادن لأهل المجون طبقاً لعادة الزمان. في حین لاتدل مجموعة آثاره علی کونه في عداد أهل المجون. و تمتاز قصائده حتی أشدها لهجة بعفة و طهر مدهش؛ و لهذا السبب فقد کان ابن بسّام ظاهرة استثنائیة بین هذا النوع من الشعراء.
وأنشد ابن بسّام قصیدة في مدیح النحو ذکرها یاقوت (14/151) وإن مدیح النحو الذي یعتبر حافظ اللغة و القومیة العربیتین، و قبل أن یکون انعکاساً لمعنویات العرب في القرنین 3 و 4 هـ فإنه یشیر أیضاً إلی أن ابن بسّام نفسه هو من نجباء العرب و یتمتّع بنزعة قومیة و عرقیة شدیدة. إلّا أنه إذا أخذنا بنظر الإعتبار استیاءه من الأمراء غیر العرب الذین أصبحوا هدفاً لاستهزائه و تحقیره بجرأة (ظ: المسعودي، 4/208)، أوهجائه لابن عمرویه الخراساني أمیر بغداد آنذاک، و کذلک تعبیره للکتاب واستهزائه بأسلوب هؤلاء في الکتابة والذین کانوا جمیعاً من الموالي الإیرانیین (یاقوت، 14/151-152)، تتضح هذه النقطة أکثر. ولعل تعاظم نفوذ الإیرانیین المستمر في جهاز الخلافة کان قد بلغ حدّاً أحس معه نجباء العرب أمثال ابن بسّام بالهلع و اضطرهم إلی ردود أفعال قاسیة. إن نهج ابن بسّام التحرري کان قد بلغ حدّاً لم یأخذ إزاءه أي شيء حتی المسؤولیة و المنصب مأخذ الجد. فمثلاً نعلم أنه تقلّد أمر برید صیمرة، بإشارة من الخلیفة المعتضد علی الظاهر. إلّا أن غروره و میله إلی التحرر جعلاه في أواخر خلافة المعتضد (تـ 289هـ/902م) ینظم قصیدة في جعفر ابن الفرات و یترک منصبه و یهرب من المدینة (م. ن، 14/147-148). و یبدو أن أشعار ابن بسّام کانت متداولة علی الألسن لفترة طویلة بعده و تقرأ في مجالس الرؤساء. و تتحدت عن هذا المعنی القصة التي ذکرها صاحب الذخیرة عن أول لقائه بالوزیر أبي محمد عبدالمجید ابن عبدون (ابن بسّام، 1(1)/120).
اعتبره البعض شیعیاً و قال المرزباني (ص 154) إنه نظم قصائد في رثاء أهل البیت تکشف عن مذهبه، إلّا أنه لایذکر أیّاً من تلک القصائد دلیلاً علی هذا القول. و یشیر ابن خلّکان (3/365، 6/400) إلی قطعة له ویقول: إن ابن بسّام نظمها حینما هدم المتوکل قبر الحسین بن علي (ع)، إلّا أنه یجب التشکیک في نسبة هذه القطعة لابن بسّام لأنه إذا ما قبلنا بقول یاقوت القائم علی أساس أنه کان قد عمّر بضعاً و سبعین سنة حین وفاته (14/140) فإنه لم یکن أکثر من طفل أثناء فعلة المتوکل (236هـ/850م). مضافاً إلی ذلک إن هذه القصیدة لم ترد في مصدر قدیم، و إنما جاءت في مصادر متأخرة جداً (ابن الوردي، 1/380؛ ابن کثیر، 6/134).
آثاره: نسب إلی ابن بسّام خمسة آثار لایوجد أي منها: 1. کتاب أخبار عمربن أبي ربیعة، حیث یقول ابن الندیم (ص 214) إنه لم یشاهد في هذا الباب کتاباً أفضل منه. و یقول یاقوت الذي شاهد هذا الکتاب أیضاً أنه روی فیه عن الزبیر بن البکار و عمر بن شَبّة و غیرهما، و یکرّر هذا القول (14/141)؛ 2. کتاب المعاقرین أو کتاب الزنجبیین؛ 3. دیوان الرسائل؛ 4. مناقضات الشعراء؛ 5. أخبار الأحوص (ابن الندیم، 214؛ یاقوت، 14/141-142). قال البعض إن کتاب الرسائل یمکن أن یکون مجموعة مکاتباته الدیوانیة (EI2)، إلّا أنه و بلحاظ شخصیة ابن بسّام یمکن الإحتمال بأن یکون الکتاب مجموعة الرسائل التي کتبها إلی رؤساء الحکومة، مضافاً إلی ذلک، ینسب حاجي خلیفة إلیه کتاباً آخر باسم أخبار إسحاق بن إبراهیم الندیم (1/25) والذي لایشاهد في المصادر القدیمة. وقد جاء جمیع أشعاره البالغة حوالي 180 بیتاً في هذه  المصادر: المسعودي (4/206-211)؛ یاقوت (14/142-152)؛ التنوخي (5/53)؛ الصابي (77، 86، 123)؛ ابن خلّکان (6/429، 3/363)؛ المرزباني (ص 154).

المصادر

ابن الأثیر، علي، اللباب، القاهرة، 1358هـ/1939م؛ ابن بسّام، علي، الذخیرة في محاسن أهل الجزیرة، القاهرة، 1358هـ/1939م؛ ابن تغري بردي، النجوم؛ ابن خلّکان، وفیات، ابن کثیر، البدایة؛ ابن الندیم، الفهرست؛ ابن الوردي، عمر، تتمة المختصر في أخبار البشر، تقـ: أحمد رفعت بدراوي، بیروت، 1389هـ/1970م؛ التنوخي، محسن، الفرج بعد الشدة، تقـ: عبود الشالجي، 1398هـ/1978م؛ حاجي خلیفة، کشف؛ الخطیب البغدادي، أحمد، تاریخ بغداد، القاهرة، 1349هـ/1930م؛ الذهبي، محمد، سیر أعلام النبلاء، تقـ: شعیب الأرنؤوط و أکرم البوشي، بیروت، 1404هـ/1984م؛ الصابي، هلال، الوزراء، تقـ: عبدالستار أحمد فراج، القاهرة، 1958م؛ الصولي، محمد، أخبار الراضي باللهو المتقي لله، تقـ: ج، هیورث دن، القاهرة، 1935م؛ الطبري، تاریخ؛ المرزباني، محمد، معجم الشعراء، تقـ: عبدالستار أحمد فراج، القاهرة، 1379هـ/1960م؛ المسعودي، علي، مروج الذهب، 1385هـ/1966م؛ یاقوت، الأدباء؛ وأیضاً. EI2.

محمد سیدي
 

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: