الاکراه
cgietitle
1441/10/22 ۲۳:۴۴:۳۸
https://cgie.org.ir/ar/article/259538/الاکراه
1446/9/3 ۲۰:۴۵:۳۹
نشرت
اَلْإكْراه، مصطلح في الفقه والقانون ويقصد به إرغام شخص ما علی القیام بفعل لا يرتضیه في الظروف الاعتيادية.والمصطلح نفسه سارٍ عند الفقهاء دون اختلاف ملحوظ واستناداً إلى تعريف الجرجاني، فإن الإكراه هو عبارة عن الإلزام والإجبار علی ما یکره الإنسان طبعاً، أو شرعاً فیقدم علی عدم الرضا لیرفع ما هو أضر(ظ: ص 27). ثمة ارتباط وثیق بین الإکراه والتقیة (ن.ع)، حیث من الصعب جداً فصلهما عن البعض ضمن النطاق العام للثقافة الإسلامية بید أن مصطلح التقية لم یدخل في نطاق الفروع الفقهیة بشکل کبیر.أما بالنسبة للعلاقة بین الإکراه ومفهوم الاضطرار، فإن الفارق بینهما في البحوث الفقهیة والقانونیة یتمثل في وجود التهدید، إذ أن ما يلزم الإنسان في حال الاضطرار بالقیام بعمل محظور، أو مرفوض هو الظروف الخاصة التي یمر بها الإنسان (ظ: ن.د، الاضطرار)، بينما في الإكراه یصبح الإنسان مسلوب الإرادة والاختیار، وإن القیام بفعل محظور، أو مرفوض يتم بالتهديد وبطلب من مكرِه معيَّن.الإكراه في الكتاب والسنة: لقد تناول القرآن الکریم مراراً موضوع الإکراه بنفس التعبیر، دون الاقتراب من طابعه القانوني. علی السبیل المثال، فإن الإكراه في الكلام الذي ينمّ عن كفر والذي يحظى بعفو الله (ظ: النحل / 16 / 106)، يتعلق بوضوح بالظروف التي يُعرض فيها مسلم في دار الكفر لتفتيش معتقداته (لتأييد ذلك في أسباب النزول، الواحدي، 190). وحتى الآية التي حذرت الناس من إكراه الجواري على البغاء مع هذه النتيجة القائلة بأن الله غفور رحيم في حالة الإكراه (النور / 24 / 33)، تعود بشكل صريح إلی فترة من التاريخ الإسلامي، حیث لم تكن هناک ضمانات کافیة لمنع الجميع من القیام بمثل هذا الأمر. وفضلاً عن تلک الآيات فإن بعض علماء الإسلام یساوي بين عذر «المستضعفين» (النساء / 4 / 98) و«المكرَهين»، واستناداً إلى هذه الآية رأوا أنهم بمأمنٍ من العقاب في دار الآخرة (مثلاً ظ: البخاري، 8 / 55).أما في السنة النبویة فقد فتحت هذه المقولة القرآنیة طریقها عبر التفاسیر والشروح في بعض الأخبار والأحادیث . وعلی سبیل المثال، فإن البخاري قام في صحيحه بجمع طائفة من هذه الأخبار والاحادیث وتصنیفها (ظ: 8 / 55-59)، نذکر بالتحدید «حديث الرفع» الذي اشتهر في مصادر أهل السنة برواية أقصر مما هي عليه لدى الإمامية. فاستناداً إلى رواية ابن عباس وثوبان، فإن الله رفع التكليف عن أمة النبي (ص) في حالة الخطأ و النسيان والإكراه (ظ: ابن ماجة، 1 / 659؛ أيضاً السيوطي، 2 / 24). وفي الرواية المرویة عن أهل البيت (ع)، هناک ست حالات إضافیة أخری من رفع التكليف (ظ: ابن بابويه، 417).
یتناول علم الفقه أحکام أفعال المکلفین من العباد ومن هذا المنطق، فإنه یعطي أهمية كبرى من حيث الأحكام التكليفية والوضعية لقيام مكلف بعمل ما بالإكراه ودون إرادته. ولأن الإكراه يمكن أن ينطبق على الأفعال العبادية والمعاملات، أو أي فعل آخر، فلا یخلو أي باب من أبواب الفقه من مقولة الإكراه. ولذلک، فإن النصوص الفقهیة في مختلف المـذاهب قد تناولت مقولـة الإکراه في جمیع أبوابها، غیر أنهـا لم تتطرق إلیها باعتبارها مقولة مستقلة بمعزل عن باقي المقولات. هناك بعض المصادر في المذهب الحنفي، رأت في مقولة الإكراه موضوعاً مستقلاً منها كتاب الإكراه لمحمد بن الحسن الشيباني الذي أشار إلیه ابن النديم (ظ: ص 257). انتهج بعض الفقهاء في المذهب الحنفي نفس المنهج، بحيث اعتبر بعض المصادر، منها المبسوط للسرخسي (24 / 38 وما بعدها)، والهداية للمرغيناني (7 / 292 وما بعدها) «كتاب الإكراه» کأحد الكتب الفقهية.یتجزأ الإکراه في بعض المصادر الفقهية إلى جزئين هما: الإكراه بالحـق والإكراه بغير الحق، فالإكراه بالحق هو الـذي لم يقع فيه ظلم؛ فإكراه الزوج على دفع نفقة زوجته هو من هذا القبیل وبشکل العام، فإنما یراد بالإکراه في أغلب الأحيان، الإكراه بغير الحق، أو الإكراه بالظلم (مثلاً ظ: الآبي، 2 / 3). عند الحديث عن فروع الإكراه في المصادر الفقهية، فإن ظروف الإکراه وتداعیاته تشکلان المحورین الأساسیین في مختلف المذاهب الإسلامیة.شروط الإكراه: إن بعض المواصفات والأبعاد التي جاءت في التعريف عن الإكراه بما فيها الاضطرار، أو عدم الرضى، هي نسبیة ومع الأخذ بنظر الاعتبار الإکراه من أبعاد قانونیة، کان من الضروري تحديد شروط لتحقیق الإكراه. تتخذ تلك الشروط في مختلف المذاهب الفقهية، طابعاً تقليدياً، دون أن تستند إلى مصادر بعينها.الشرط الأول هو أن يكون المكرِه قادراً حقاً على تنفیذ تهديده، ذلك أن مجرد التهديد لن يعني الإكراه . أما الشرط الثاني، فهو أن يهاب المكرَه تنفيذ التهديد إذ أن التهديد بالعقوبة الآجلة لم يكن بمثابة الإكراه لدی بعض الفقهاء (مثلاً ظ: المحلي، 3 / 503).والشرط الثالث یتعلق بمدی الأضرار التي يتلقاها المهدَّد من وراء التهديد، فالعقوبة التي تمس الحياة وإتلاف أحد الأعضاء تمثل فعلیاً الإکراه لدی الفقهاء؛ بینما لاتدخل حالات یمکن التعویض عنها مثل الجوع، أو السجن، ضمن نطاق الإكراه، وما يقع بينهما هو موضع خلاف ونقاش بين الفقهاء. ما یتمیز به الفقه الحنفي هو تقسیم الإکراه إلى جزئين من حيث مدی العقوبة وشدتها وهما الإکراه الملجئ (کقتل النفس مثلاً) والإکراه غیر الملجئ (السجن الاحتياطي مثلاً). ويشترط الفقهاء عنصراً رابعاً في تحقيق الإكراه هو أن المكرَه علي القيام بعمل ما، يمتنع عن القيام بنفس العمل، لولا الإكراه؛ وقد يكون هذا الامتناع من أجل الحفاظ على حقوق الفرد نفسه، أو حقوق الآخرين، أو صیانة الحدود الشرعية والالتزام بها وبالإضافة إلى ما ذكرنا فهناك شروط أخرى أشار إليها بعض المصادر الفقهية (ظ: ابن قدامة، 8 / 261-262، مخ ؛ المحلي، 3 / 502-503، مخ ؛ المرداوي، 8 / 440-441؛ ابن عابدين، 5 / 81 وما بعدها؛ صاحب الجواهر، 22 / 265 وما بعدها؛ الموسوعة... ، 6 / 101وما بعدها).
بعد أن توفرت شروط الإكراه، فعلى المكرَه القيام بالعمل المكره عليه، تفادياً للأضرار التي قد تصيبه نتيجة الرفض والامتناع. وهذا الجانب من الإكراه هو الذي یدخل في صلب اهتمام الكتاب والسنة. وعلى هذا، فخلال دراسـة حکم تکلیفي لاشك فـي أنه ـــ وبالحكـم الثانـوي ــ إذا لم يكن حكم العمل بمقتضى الإكراه، وجوباً، فسيكون مباحاً. بید أن الأحکام الوضعیة قد ناقشت الفعل المکره علیه، قانونیاً ودنیویاً فضلاً عن تناوله من البعدین التکلیفي والأخروي، حيث لا يمكن الإجابة عليه بإصدار حكم واحد فقط. وفي الحقيقة فإن الجزء الأكبر من القضايا المتعلقة بالإكراه تدور حول الأحكام الوضعیة وما يترتب قانونياً على الفعل المكره عليه.وثمة فارق کبیر بین حق الله وحق الناس في الحالات التي يؤدي فيها العمل بمقتضى الإكراه، إلى تضييع الحقوق. ولاخلاف بین فقهاء شتى المذاهب في إلغاء إقامة الحد عن المکره علی القیام بعمل یستوجب الحد في الظروف الاعتیادیة. وفي الحقيقة فإن ما یتم رصده في ارتكاب الجرائم، سواء كانت جرائم جنس، أم جرائم تستوجب القصاص، هو تحقيق شروط الإكراه، فإننا لانلاحظ اختلافاً كبيراً عند الفقهاء بشأن الفعل الذي يقع عليه الإكراه رغم كل التحفظات. وفي الحالات التي يتسبب عمل المكرَه بإهدار المال، فإن معظم الفقهاء يتفق على تحميل المكرِه مسؤولية التعويض عن الخسائر، باعتباره السبب الرئيس وراء ذلك.تمثل مقولة الإکراه في العقود والتصرفات الشرعية، أكثر المقولات تعقيداً في موضوع الإكراه؛ ففي مثل هذه الحالات، یعتقد بعض المذاهـب ــ ولاسیما الحنابلة ــ ببطلان العقود التي تحصل نتيجة الإكراه، فيما یعتبرها العديد من الفقهاء فاسدة. وکنتیجة لهذا الخلاف في الأحكام والآراء ففي حال الحكم بفساد تلك العقود دون إبطالها تصدق علیها نفس الأحکام التي تصدق علی العقود الفاسدة. وبطبيعة الحال، فإن هناک حالات استثنائية كعقد النكاح وإيقاع الطلاق، وقد اقترب منها الفقهاء في الفروع بمزید من الدقة والاهتمام (علی سبیل المثال، ظ: المحلي، 2 / 92، 3 / 503-504؛ المرداوي، 8 / 441-444؛ الدردير، 2 / 548؛ ابن عابدين، ن.ص؛ صاحب الجواهر، 22 / 267 وما بعدها؛ الموسوعة، 6 / 104 وما بعدها).أما الفقهاء المتأخرون من الإمامیة، فقد استفاضوا في مقولة الرضى والقصد في الصفقة المكره عليها، باعتبارها إحدى القضايا الرئيسية ذات الصلة بالإكراه إذ رأى بعض الفقهاء أن الإكراه مانع من قصد الإنشاء أصلاً، وهكذا اعتبروا الصفقة المکره علیها فاقدة للقصد أصلاً. ومن هنا، فإن الشیخ الأنصاري وفي كتابه المكاسب يفصل القصد عن الرضى بعد دراسة أفكار بعض الفقهاء المتقدمين وتحلیلها. یبني هذا الفصل على أن ما يتم إلغائه في الصفقة المكره عليها هو رضى المكرَه وليس نية إنشائه، وعلى هذا، فإن المعاملة فاسدة دون أن تکون باطلة، وأن الأحكام التي تصدق عليها هي أحكام الصفقات من النوع الفضولي (ظ: صاحب الجواهر، 22 / 269؛ الشيخ الأنصاري، 2 / 267 وما بعدها؛ أيضاً جعفري، تأثير ... ، 100-101، 115).
الإكراه في القانون المدني الإيراني هو قيام شخص ما بعمل يهدد من خلاله شخصاً آخر من أجل تحقيق عمل قانوني يبغيه المكرِه. ووفقاً للمادة 202 من قانون مدني، فإن الإكراه يتمثل في أفعال من شأنها التأثير في شخص عاقل تهدده في نفسه، أو ماله، أو كرامته بصورة لایطیقها کما ینبغي في قضايا الإكراه الأخذ بالحسبان الفئة العمرية للمهدد وشخصيته وسلوکیاته وجنسه.وقد تناول قانون مدني في المادة 203 وحتی المادة 209 فروع الإكراه ولاسیما في مجال الصفقات؛ فینص علی الشروط التي يتحقق من خلالها الإكراه، كما يدرس في جزء آخر من تلك المواد الأحكام الوضعية المرتبطة بالإکراه فعلی سبیل المثال تفید المادة 203 صراحة بأن الإكراه يؤدي إلى عدم إنجاز الصفقة، وإن قام به طرف آخر غیر المتعاملین.یدرس علماء القانون في تفسيرهم المواد المتعلقة بالإكراه في قانون مدني، بعض القضایا فـي المصادر الفقهية، علی سبیل المثال فإن القضیة المعنونة بـ «شروط تحقق الإكراه»، ترتکز فعلیاً على ما جاء في المصادر الفقهية (مثلاً ظ: إمامي، 1 / 191 وما بعدها)؛ ولاننسي هنا أن المصادر القانونية قد استفاضت في شرح تلک الشروط أکثر مما هي علیه في المصادر الفقهية (مثلاً ظ: جعفري، ترمينولوژي ... ، 73-74؛ السنهوري، 338-341). أما من ضمن المقولات القانونیة التي خاض فيها الفقهاء قبل رجال القانون، فلابد هنا من الإشارة إلى الرضى والقصد في الصفقات المكره عليها. وقد استند القانونيون بشكل عام في هذا المجال إلى رؤية الفقهاء القائلين بالفصل بين القصد والرضى. وقد أشارت المؤلفات القانونية إلى أن الإكراه في المعاملات إذا ما لم يرتق إلى مستوى يسلب من المكرَه القدرة على قصد الإنشاء (الإرادة الحقيقية)، فستكون هذه الحالة موضوع بحث الإكراه قانونياً. وفي غير هذه الحالة ومع انعدام قصد الإنشاء ستكون المعاملة باطلة من الأساس (مثلاً ظ: إمامي، 1 / 196؛ بروجردي، 118 ومابعدها؛ جعفري، تأثير، 100 وما بعدها).وفي قانون مدني، فقد ورد موضوع الإكراه في «الشروط الأساسية لسلامة المعاملة» ضمن مقولة البحث في نیة المتعاملين ورضاهما،غیر أنه قد ورد في بعض الأحيان ضمن مقولات ومواضيع أخرى، ومنها في بحث السلام، المادة 763: حیث تقول: «إن السلام لایتحقق بالإکراه». كما أن موضوع الإكراه على النكاح أتی في سیاق المادة 1070 ضمن شروط سلامة النكاح، حیث تقول: یصبح العقد نافذاً وصالحاً للتنفیذ شریطة أن یجیزه المکره بعد إزالة الکره، اللهم إن کان الإکراه بمستوی یمنع العاقد من النیة والقصد وفي الحقيقة، فإن هذا الاستثناء الأخير يشير إلى قضیة معروفة لدى الفقهاء مفادها هو أن نیة الإنشاء لاتتحقق في بعض الأحيان ــ نتيجة قساوة الإكراه ــ وفي هذه الحالة، فالعقد باطل وليس فاسداً.نذکر فیما یلي أهم المقولات التي يتناولها القانونيون في التفاصيل القانونية لموضوع الإكراه:
ما يثير الاهتمام في هذا البحث هو أنه بموجب قانون مدني، لیس بالضرورة أن یکون المکرِه والمکرَه طرفي العقد في الحالات التي يكون فيها موضوع الإكراه عقداً (المادة 203). وتفسیراً للمادة تلک نقول إن الإکراه وإن صدر من شخص ثالث، حتی وإن لم یکن منتفعاً من وراء تلک الصفقة والتعاقد، فإنه وفي هذه الحالة أيضاً يتحقق الإكراه لأن المكره قد فقد قدرته في تمييز مصلحته عن ضرره وإن المكره قد منعه من العمل وفقاً لمصلحته (مثلاً ظ: إمامي، 1 / 193-194).إذا ما نظرنا برؤية مقارنة إلى النُظم القانونية، فلابد من الإشارة أولاً إلى «القانون المدني الفرنسي» باعتباره أحد نماذج القوانین المدنیة لدی الرومان والجرمان، حیث یتعامل مع مقولة الإکراه الصادر عن الشخص الثالث بنفس المنطق، فوفقاً للمادة 1111 من هذا القانون: فإن ممارسة الإكراه ضد شخص التزم بتعهد ما، يؤدي إلى بطلانه حتى وإن فرض شخص ثالث، غير الذي ينعقد العقد لصالحه، ذلك الإكراه.لكنما ثمة تردد في القوانين المدنیة لدى بعض الدول الإسلامية في هذا الصدد، فمثلاً تنص المادة 128 من القانون المدني المصري على أنه إذا صدر الإكراه من غير المتعاقدين، فليس للمتعاقد المكرَه أن يطلب إبطال العقد ما لم يثبت أن المتعاقد الآخر كان يعلم، أو كان من المفترض حتماً أن يعلم بهذا الإكراه (أيضاً ظ: السنهوري، 336، 351).
یتحقق الإکراه حسب دراسات القانون المقارن، من خلال تهدید المکرَه بالقتل، أو إلحاق الأذی به جسدیاً أما الإکراه عبر التهدید مالیاً في المعاملات، فإنه یمثل أحد أهم أنواع الإکراه الذي يتناوله رجال القانون. وفي المادة رقم 202 من القانون المدني الإيراني، تشير عبارة «تهديد الشخص بنفسه، أو بأمواله، أو عرضه...» إلى أن ممارسة تهديد لا يطاق تجاه أموال المهدد وممتلكاته تمثل إحدى العوامل الرئيسية في تحقق الإكراه والتثبت منه، غير أنه في المادة 204 وعند تناول موضوع ممارسة التهديد ضد أقرباء المکرَه قد جاءت عبارة «التهدید المتعامل المکرَه، بالنفس، أو الروح، أو عرض أقربائه ...» دون التطرق إلی التهدید مالیاً. وتفسيراً لهذه الازدواجية، فقد اعتبر بعض رجال القانون عبارة «النفس، أو الروح» في تلک المادة خطأً في تبيان «الروح، أو الأموال» وقضائیاً وانطلاقاً من اشتراک المعاییر بین المادتین فقد اعتبروا تهديد أحد المتعاقدين لأموال الأقارب، بأنه یمثل أحد حالات الإكراه (ظ: إمامي، 1 / 193)، لكن بطبيعة الحال لاينبغي اعتبار تفسير كهذا للمادة المذكورة، تفسيراً یتفق علیه القانونیون جمیعاً.وفي رؤية مقارنة، نشیر أولاً إلى القانون الفرنسي الذي لم يفرق من حیث التهدید المالي بين الشخص المتعامل وبين أقربائه فقد تنص المادة 1113 من «القانون المدني الفرنسي» على ما يلي: إن الإكراه یجعل العقد باطلاً ليس فقط عندما یمارس ضد أحد طرفي العقد، بل حتى إذا ما تم ممارسته ضد الزوجة والأولاد، أو الوالدین.
لقد تناول القانون الجنائي في مختلف الجرائم موضوع الإکراه. وتنص المادة 211 من قانون مجازات إسلامي (المصادق عليه في 1370ش) في موضوع القتل، على أن: «الإكراه ... لايسوِّغ القتل ...»، وفي حالة ارتكابه بذريعة الإكراه، يعاقَب المنفِّذ للقتل بالقصاص، ويحكم على المكرِه بالسجن مدى الحياة.وفي حدّ الزنى، فقد یعتبر اختيار المجرم من شروط تطبیق الحد (ن.م، المادة 64)، وعلى هذا الأساس، فإنه یمکن تصدیق المجـرم إذا ما ادعی الإکراه في ارتکاب الجریمة شرط أن لایکون هناک ما ینفي مزاعمه (ن.م، المادة 67). وفي المادة 198 مـن نفس القانون، فـإن أحد الشروط التـي توجب إقامة الحـد علـى اللص یتمثل فـي «أن لايكون مضطراً للسرقة نتيجة التهديد».كذلك المادة 54 من القانون المذكور، عندما تتطرق إلی الجرائم التي عقوبتها التعزير، تنص علی أنه لایجوز معاقبة من قام بجریمة ما، نتیجة الإلزام، أو الإکراه الذي لايطاق في كثير من الأحيان. وفي هذه الحالة، فإنه سيُحكم على المكِرِه ــ ضمن شروط معينة ــ بعقوبة تلك الجریمة. تشیر المادة 43 من نفس القانون إلی المستوی أقل من الإكراه، حیث لایدخل ضمن مصادیق الإکراه بمعناه السائد من حيث الموضوع وبموجب هذه المادة، فإن كل من يحرض، أو یحث، أو یهدد، أو یغری شخصاً ما من أجل ارتكاب جریمة ما، فإنه یعتبر شریکاً في ارتكاب الجریمة ويحكم علیه مع الأخذ في الحسبان ببعض الشروط. وقد تناول قانون مجازات إسلامي( التعزیرات، المصادق علیه في 1362ش) في بعض أجزائه موضوع معاقبة المکرِه حیث تنص المادة 112 من هذا القانون علی الحکم بالسجن من شهرین إلی عامین لکل من یلزم الآخرین، جبراً وقهراً، أو کرهاً وتهدیداً، بتقدیم، أو ختم کتاب، أو وثیقة ما، أو تسلیمه کتاباً، أو وثیقة من ملکه الشخصي، أو قد أُودعت لدیه (أیضاً ظ: ن.م،المادة 113).یتمحور موضوع المادة رقم 61 من نفس القانون علی الإکراه الذي یمارسه موظفو الدولة حیث وردت: «إن کل صاحب سلطة، أو مسؤول، أو موظف حكومي يستغل منصبه ووظيفته الحكومية من أجل شراء أموال منقولة لشخص ما بالقهر والإكراه، أو يستولي عليها من دون حق، أو يلزم صاحب المال ببيعه بالإكراه إلى شخص آخر يدان بالعقوبات المنصوص عليها في هذه المادة...» (لدراسات مقارنة في القانون الجنائي، ظ: بهنسي، 233 وما بعدها؛ عودة، 1 / 563 وما بعدها).
الآبي، صالح عبد السميع، جواهر الإكليل، بيروت، دار المعرفة؛ ابن بابويه، محمد، الخصال، تق : علي أكبر الغفاري، قم، 1362ش؛ ابن عابدين، محمد أمين، رد المحتار، القاهرة، 1272ه ؛ ابن قدامة، عبد الله، المغني، بيروت، 1404ه / 1984م؛ ابن ماجة، محمد، سنن، تق : محمد فؤاد عبد الباقي، القاهرة، 1952-1953م؛ ابن النديم، الفهرست؛ إمامي، حسن، حقوق مدني، طهران، 1353ش؛ البخاري، محمد، صحيح، إستانبول، 1315ه ؛ بروجردي عبده، محمد، حقوق مدني، طهران، 1329ش؛ بهنسي، أحمد فتحي، المسؤولية الجنائية، القاهرة، 1389ه / 1969م؛ الجرجاني، علي، التعريفات، القاهرة، 1357ه / 1938م؛ جعفري لنگرودي، محمد جعفر، تأثير إراده در حقوق مدني، طهران، 1340ش؛ م.ن، ترمينولوژي حقوق، طهران، 1370ش؛ الدردير، أحمد، الشرح الصغير، القاهرة، دار المعارف؛ السرخسي، محمد، المبسوط، القاهرة، مطبعة الاستقامة؛ السنهوري، عبد الرزاق أحمد، الوسيط، بيروت، دار إحياء التراث العربي؛ السيوطي، الجامع الصغير، القاهرة، 1373ه / 1954م؛ الشيخ الأنصاري، مرتضى، «المكاسب»، مع شرح غنية الطالب، قم، 1389ه ؛ صاحب الجواهر، محمد حسن، جواهر الكلام، تق : محمود قوچاني، طهران، 1394ه ؛ عودة، عبد القادر، التشريع الجنائي الإسلامي، [القاهرة]، 1388ه / 1968م؛ الفيومي، أحمد، المصباح المنير، القاهرة، 1347ه / 1929م؛ قانون مجازات إسلامي (المصادق عليه في 1362ش)؛ ن.م( المصادق عليه في 1370ش)؛ قانون مدني؛ القرآن الكريم؛ المحلي، جلال الدین محمد، «شرح منهاج الطالبين»، في هامش الحاشيتان للقليوبي وعميرة، بيروت، 1417ه / 1997م؛ المرداوي، علي، الإنصاف، تق : محمد حامد الفقي، بيروت، 1406ه / 1986م؛ المرغيناني، علي، «الهداية»، مع شرح فتح القدير، القاهرة، 1315ه ؛ الموسوعة الفقهية، الكويت، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية؛ الواحدي، علي، أسباب النزول، قم، 1362ش؛ وأيضاً:
قسم القانون / غ.
عزيزي المستخدم ، يرجى التسجيل لنشر التعليقات.
مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع
هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر
تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول
استبدال الرمز
الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:
هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول
الضغط علی زر التسجیل یفسر بأنک تقبل جمیع الضوابط و القوانین المختصة بموقع الویب
enterverifycode